|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الأسس العلمية اللغوية لتعليم اللغة البشرية من منظور اللسانيات يتبععبدالكريم بن مسعود جيدور حاولنا في هذا البحث أن نجمع معلومات من ميادين مختلفة يناقش كل منها مشكلة تعليم اللغة البشرية من زاوية اختصاصه، والغرض المعقود على هذا العمل هو المساهمة في الجهود التي تبذل حاليا حول العالم لترسيخ الاتجاه المتعدد والمتداخل الاختصاصات كحل للمضي بالنظرية العامة حول تعليم اللغة وتعليمها قدما. وحاولنا أيضا أن ننقل طرفا من المفاهيم والاجتهادات التي تتبناها المدرسة الخليلية الحديثة في هذا الميدان. 1- طبيعة البحث في ميدان تعليم اللغات والتوجهات العلمية المعاصرة في هذا الميدان: لقد لاحظ الباحثون أن تعليم اللغات يتطلب معارف دقيقة و متنوعة تنتمي إلى تخصصات علمية أصبحت في حياتنا المعاصرة مستقلة استقلالا تاما بموضوعها و مناهجها في البحث[1]، و من المستحيل أن يتمكن الباحث الواحد في تعليم اللغات من الجمع بين هذه الاختصاصات، وكان الاقتراح الأنسب المعمول به حتى يومنا هذا هو التعاون بين الاختصاصات بحيث يكمل بعضها بعضا من أجل الوصول إلى أقصى الحدود الممكنة في فهم ظاهرتي اللغة و التعليم وما تتطلبه هذه العملية الحيوية من شروط وموارد. بالنسبة للعلماء والباحثين فإن فهم الظواهر واستكشاف قوانينها هو هدفهم الأساسي، ومع ذلك يجب القول إن الداعم الرئيسي لهذا الاتجاه (المتعدد التخصصات) هو الهيئات الرسمية والمؤسسات الاقتصادية التي ترغب جميعها في استثمار عملية التعليم والتكوين إلى حدودها القصوى بعد الظفر بنجاح كبير للمشاريع الأولى في هذا الميدان. 2- أهم التخصصات المساهمة في ظاهرة التعليم والتعلم: 2-1- علوم اللسان: اللسان والعلوم المرتبطة به هو (أب التخصصات) والمنشط الرئيسي لكل بحث جاد وطموح في ميدان تعليم اللغات، وقد ارتبطت التطورات الكبيرة التي حدثت في هذا الميدان بالتطورات المماثلة التي حدثت في ميدان العلوم اللسانية، ومن الممكن القول قياسا على ذلك بأن تطورا جديدا ومؤثرا في معرفتنا باللسان البشري وأسراره سوف يقود إلى فتح جديد ذي منافع كبيرة في طرق تعليم اللغات وطرق اكتسابها؛ لقد حدث ذلك بالفعل مع البواكير الأولى للسانيات في مطلع القرن العشرين وفي النصف الثاني منه أيضا مستفيدا من الحقائق الجديدة والعميقة التي توصل إليها أتباع النظرية التوليدية ويحدث في مطلع هذا القرن (الحادي و العشرين) مثل ذلك التأثير بفضل الفتوحات العلمية المتميزة في ميدان العلوم العصبية والعلوم الحاسوبية. وفيما يخص العالم العربي نتوقع أن تحدث استفادة كبيرة من جهود المدرسة الخليلية الحديثة التي تركز الكثير من اهتماماتها على هذا الميدان بالذات. 2-2- علوم التربية: إذا كانت علوم اللسان هي التخصص (الأب) فيما يتعلق بظاهرة اللغة، فإن التخصص الأهم فيما يتعلق بظاهرة التعليم هو علوم التربية[2]، وكما تحول علم اللسان إلى علوم لسانية فقد تحول علم التربية[3] إلى علوم تربوية، وقد وضع ميلاري تصنيفا شاملا لهذه العلوم يقسم العلوم التربوية إلى ثلاثة اتجاهات كبرى وداخل كل اتجاه أربعة تخصصات رئيسية نوضحه كما يلي: تصنيف ميلاري لعلوم التربية 2-3- العلوم الطبية والعصبية: تنفق الدول الكبرى موارد طائلة على هذا الميدان وخاصة على البحوث الخاصة بالعقل والدماغ البشري وعلوم الأعصاب، فقد أثبتت البحوث التجريبية على الدماغ البشري أن معرفتنا بهذا العالم المعقد ضعيفة جدا ومليئة بالأخطاء، وتؤكد الدراسات المستقلة حول العالم أن إمكانيات العقل البشري هي أكبر بكثير مما نعرفه حتى الآن. وقد ظهرت اتجاهات جد معاصرة لدى علماء الأعصاب تؤكد بالأدلة التجريبية التي لا غبار عليها أن مركز الجملة العصبية عند الإنسان هو القلب وليس الدماغ، ومثل هذه المعلومات إذا تم لها القبول والاعتراف عند جمهور العلماء فسوف تحدث تغييرات عميقة في ميدان التعليم عموما وتعليم اللغات خصوصا. 2-4- العلوم التكنولوجية: لقد فرضت العلوم التكنولوجية الحديثة نفسها كوسيط لا بد منه في كل ميادين التواصل البشري، وحتى في الميادين النفعية العامة غير التواصلية كما هو معروف وقد يذهب بعض خبراء الحاسوبيات بعيدا في تصور التغييرات الجذرية التي سيحدثها الاستثمار الواسع للوسائط التكنولوجية العالية الجودة والدقة في قلب المفاهيم السائدة حول التعليم و التعلم [4]، ومن الممكن اعتبار هذا الاتجاه معقولا لأن هذا الاستثمار حاصل بالفعل في أيامنا وله آثار واضحة أغلبها نافعة و إيجابية، أما أن يقود هذا الأمر إلى تغيير مفهوم التعليم و التعلم تغييرا عميقا وجوهريا فهذا أمر بعيد الحدوث في الأفق القريب، لكنه غير بعيد أبدا في الآفاق البعيدة، وخاصة إذا وصلت الوسائط التكنولوجية نفسها إلى مستوى من التطور يمكنها من تعويض البشر تعويضا كاملا. و على كل حال فإن الاستفادة النافعة من العلوم والتكنولوجيا الحديثة هو شيء مختلف عن تطوير التعليم وتحسينه، لأن هذا الأخير لا يتعلق بمردودية المتعلم وكفاءته التقنية فقط بل فيه جوانب أخرى أكثر أهمية مثل الكفاءة التواصلية وحسن الاختيار في المواقف الصعبة و كذلك فهم الحياة و إدراك الوجود البشري وأهدافه و طموحاته وكل هذه الجوانب الهامة حظ الآلة في إبلاغها ضعيف جدا مهما كان تطورها، ومن العيوب العميقة لهذا الاتجاه المتحمس للآلة (الروبوت) أنه يتجاهل أو يستخف بصورة فيها الكثير من التبسيط والمبالغة بالتواصل البشري المباشر، أي الاحتكاك والارتباط العاطفي والفكري الذي يتكون بين البشر من خلال التواصل والاندماج في فكرة أو مشروع مشترك، وهذا هو جوهر الوجود الاجتماعي لبني البشر، وهو أكبر حافز للعمران والبناء على وجه الأرض. 2-5- العلوم الإدارية و التنظيمية: التعليم والتعلم في عالمنا المعاصر ليس نشاطا ترفيهيا أو تحقيقا لمجموعة من القيم الأخلاقية والدينية السامية بل هو قبل ذلك ميدان من الميادين الاسترايجية بالنسبة للدول والمؤسسات الكبرى، فمن الممكن الارتياح لنجاح خطة تنموية معينة إذا كانت قد ارتكزت على بنية تعليمية قوية ومرتبطة ارتباطا عضويا بكل المؤشرات الجيدة والمنتجة، وهذا يعني أن التعليم هو في نفسه استثمار ومؤشر رئيسي من مؤشرات التنمية، ومن الخطأ الجسيم أن تبنى كل خطط التنمية على الثروات المادية أو الميادين القادرة على التنافس في السوق العالمية و نهمل أو نستخف بالثروة الأغلى والأهم وهي ثروة الإنسان، وقد بدأت الدول تنتبه إلى خطورة هذا القصور وأصبحت تولي الاهتمام اللازم للموارد البشرية، وأدت النقاشات والأبحاث العلمية الجادة إلى أن يستقل هذا الميدان بعلم خاص يعرف بالتنمية البشرية. وفيما يخص اللغات وتعليمها فهناك مفهوم السياسة اللغوية الذي يتحدث عنه الخبراء باستمرار وهو يمثل في نفس الوقت وجهة النظر الوطنية الشاملة للتعليم كميدان إنتاجي أو كوصاية و واجب أخلاقي، وكذلك الموقع الذي يحتله هذا الميدان في الخطط الاستراتيجية للتطوير و التنمية. بالنسبة للدول العربية ما زال المفهوم السائد للتعليم في الإدارات العليا هو مفهوم الوصاية و الواجب الأخلاقي، وبالتالي فإن الهدف الأول للدولة أن توفر التعليم لجميع المواطنين أو لأكبر عدد ممكن منهم على الأقل، فالمؤشر هو دائما و أبدا نسبة المتعلمين في مقابل نسبة الأميين، و هذا شيء لا غبار عليه لأنه من البديهيات بالنسبة لكل دول العالم، وحتى بالنسبة لليونسكو، ولكن هل هذا هو حقا هدف استراتيجي يحق للمسؤولين أن يطمئنوا إليه و يعقدوا عليه طموحات التنمية ومشاريع التطوير والإعمار؟ 3- الأسس اللغوية لتعليم اللغات: 3-1- حقيقة اللسان البشري: يمكن القول إن اللسان البشري هو آلة أو جهاز وظيفته التبليغ و التواصل، وهو ليس المصدر الوحيد للتبليغ، لكنه باتفاق جمهور علماء اللسان المعاصرين أهم وأقدر جهاز يمكنه أن يؤدي هذه الوظيفة الحيوية بفعالية كبيرة فيما يخص التواصل بين بني البشر. وبناء على هذا التصور فإن اللسان هو شيء مختلف عن الإنتاج الذي ينتجه شأنه في ذلك شأن أي آلة أو جهاز؛ أما التبليغ فإنه يتشكل في أشكال كثيرة أقربها وأدناها هو الخطاب بين شخصين وأعلاها هو منظومة الثقافة والإبداع اللغوي والأدبي الذي يكون اللسان في صورته الشفوية أو المكتوبة أساسا له، وكان الناس لا يميزون بين اللسان كجهاز أو نظام مستقل للتبليغ وما يتم إنتاجه و إبداعه بهذا الجهاز فنسبوا إليه أشياء ليست من لوازمه؛ كالقول بأن اللغة لها دورة حياة كدورة حياة الكائنات الحية وأن اللغة تتأثر بمستوى رقي المجتمع وحضارته، و أن اللغات تتفاضل من حيث القداسة والصلاحية للعلم والأدب، و كل هذه الأوصاف قد يهتم بها الاختصاصيون في فقه اللغة وعلوم الإنسان ولكنها لا تخص اللسان في ذاته ولا تدخل في اعتبار الباحث الذي يدرسه دراسة علمية بحتة. وبالنسبة لمفهوم الآلة أو الجهاز فإنه يعني أن اللسان هو مجموعة من العناصر لكل واحد منها وظيفته الخاصة وتربطه في الوقت نفسه علاقات مع كل واحد من العناصر الأخرى وكل هذه العناصر تتعاضل وتتشابك وتتعاون مع بعضها لهدف واحد وهو هذا التبليغ والبيان، ولولا هذا التعاضل والتعاون بين هذه العناصر والدواليب الكثيرة المعقدة لما كان في وسع الإنسان أن يتكلم بكلام مفيد ولا أن يبلغ أي حاجة من حاجاته العادية فضلا عن الحاجات المعقدة والكبيرة. يفضل علماء اللسان المعاصرين أن يسموا ظاهرة التعاضل والترابط العميق بين عناصر اللسان نظاما وقد يسميها بعضهم بنية إذا اعتبرنا فيها البناء والتأليف، وفي ضوء هذه المفاهيم يكون اللسان بالنسبة للباحث صورة تتحقق في الذهن أو في صياغته الشكلية لعناصرها، وأما مادته (الصوتية في الأساس) فهي شيء زائد بالنسبة إليه. وعليه فإن محط اهتمام اللساني وجل بحثه مسلط على الصورة الأدائية التي يستنبطها من مجاري اللسان وأبنيته المتعاضلة أثناء استعمالها وإجرائها في الخطاب والتداول الحقيقي والواقعي، فتكون هذه الصورة التي يستنبطها بمنزلة التمثيل أو المحاكاة الصورية للسان كجهاز تظهر فيه عناصره مرتبة كل في موضعه، وكذلك تظهر فيه كيفيات الأداء الإفرادية و التركيبية، أي وظائف هذه العناصر في كل مستوى من مستويات اللسان، وهكذا يكون اللسان نظاما فخما متناسقا من العناصر و البنى والمستويات المتداخلة المتعاضلة، ويستطيع الباحث في هذا المستوى من التحليل أن يجري كافة عمليات التطوير والتحوير والتعليل التي يراها أو يحتاجها، وهي محاولة علمية موضوعية لاستثمار هذه المعطيات الدقيقة في ميادين أخرى من ميادين التواصل. 3-2- مستويات الكفاءة الأدائية ومستويات الاستعمال اللغوي: من خلال تتبع كلام الناس في مخاطباتهم ومعاملاتهم لاحظ الباحثون أن هناك مستويات من الأداء تختلف في كل منها العناصر اللغوية المستعملة من حيث الكم و النوع، وقد عبر بعض الخبراء على هذه الظاهرة بالكفاءة اللغوية. 3-2-1- المعلومات الخاصة بالجانب الكمي لظاهرة الأداء اللغوي: 1- متوسط عدد الكلمات (العناصر اللغوية الإفرادية) التي يستعملها المتكلم العادي يتراوح بين 2000 و 2500 كلمة، وبالنسبة للمثقف العالي الثقافة بين 4000 و 5000 كلمة ويمكن القول إن هذا المعدل هو معدل ضعيف جدا بالمقارنة مع الوحدات الإفرادية التي تشتمل عليها المعاجم اللغوية[5]. 2- كل شخص يميل في حديثه إلى تكرار مجموعة مخصوصة من العبارات والكلمات، ويمكن أن نحصي في مؤلفات كاتب أو أديب معين ما يسميه الباحثون (الكلمات و التعبيرات النمطية) أي تلك التي تتكرر بمعدل أعلى من غيرها حتى تصبح علامة أو بصمة على صاحبها. 3- بالنسبة للمستوى الشفوي لوحظ أنه يكثر فيه الأدوات و العناصر اللغوية التي تنزل منزلة بعضها و ذلك مثل (إذن=على هذا الأساس=و عليه= و بالتالي..) فهذه تنويعات أسلوبية فنية وهي من درج الكلام، لأن جوهر الموضوع لا يرتبط فهمه بها. 4- أعلى معدل للتواتر في الكتب العلمية تأخذه المصطلحات التقنية الخاصة وتتكرر هذه المصطلحات بشكل متتاليات (أول مصطلح يتكرر بعد كل 5 أسطر الثاني بعد كل 10 أسطر الثالث بعد كل 20 سطر و هكذا...) 5- بالنسبة للتراكيب ينظر فيها إلى العنصر المهيمن، أي الذي تتبعه العناصر الأخرى في التركيب أو إلى معتمد الفائدة (العنصر الذي يحمل الفكرة الجديدة بالنسبة للمخاطًب). 6- بالنسبة للمفردات هناك نسبة ثابتة بين المادة الصوتية للكلمة وترتيب تواترها في نص من النصوص، ويمكن حساب هذه النسبة بالعلاقة الرياضية التالية: ح= عدد حروف اللفظة. لغ= اللوغاريتم. ر= رتبة اللفظة في قائمة التواتر التنازلية/ ث= عدد ثابت.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() الأسس العلمية اللغوية لتعليم اللغة البشرية من منظور اللسانيات عبدالكريم بن مسعود جيدور 5-3- الانفراد و حد اللفظة: يريد النحاة أن يكتشفوا القوانين التي يبنى ويؤلف فيها الكلام، وهم في حاجة ماسة إلى تعيين الحدود الحقيقية للكلام مفردا ومركبا بطريقة صحيحة، وكل النحاة في العالم قديما وحديثا وقفوا أمام هذا السؤال العويص: ما هي نقطة الانطلاق في الكشف عن حدود الكلام ومستوياته؟ بالنسبة للنحاة العرب الأوائل كان اختيارهم هو الانطلاق من تقنية تحليلية يسمونها (الانفراد) وقوامها البحث عن القطع اللغوية التي تنفرد بنفسها، وحددوا هذا الانفراد نحويا بأنه قابلية الانفصال والابتداء؛ فكل قطعة لغوية يمكن أن تؤدي معنى صريحا في الخطاب المتداول ويمكن في نفس الوقت وصلها بغيرها في الخطاب فهي قطعة منفردة من ذلك المستوى. وقد تبين للنحاة العرب بهذه التقنية الهامة أن مستويات اللغة تتداخل وتتعاضل بصورة جد معقدة، وأن المستوى التركيبي ليس تأليفا بسيطا للعناصر التي تحته، وكذلك مستوى الكلمة، فهي ليست مجموعة من الحروف المجموعة فقط بل هي مثال ومادة، وتمكنوا من إثبات شيء هام جدا وهو وجود مستوى بيني يتوسط بين الكلم المجردة ومستوى التراكيب المفيدة ويسمونه مستوى الألفاظ، وهو مستوى مركزي لأنه يتم فيه التقاطع بين مستوى اللفظ المجرد ومستوى الإفادة، ولذلك فهو كالمنوال بالنسبة للغة كلها. 5-4- العناصر المشرفة على التراكيب (نظرية العامل العربية): لقد لاحظ النحاة العرب أن مستوى التراكيب يمكن تحليل قوانينه بنفس الطريقة العامة التي استعملوها مع الكلم (الأوزان) وذلك بتحويلها إلى مجموعة من الأمثلة تجرد كمتغيرات يدخل تحتها الكثير من العناصر اللغوية؛ وكما تمكنوا من تجريد الأمثلة الثلاثة (الفاء والعين واللام (فعل)) فقد تمكنوا من تجريد أمثلة أخرى أعلى منها و هي (العامل(ع) والمعمول الأول(م1) و المعمول الثاني(م2))، وتم توزيع العناصر التركيبية على هذه المتغيرات كقانون عام بناء على مبدأ الكثرة. وفيما يلي جدول يوضح هذه النظرة: العامل (ع) المعمول الأول(م1) المعمول الثاني(م2) 1 الابتداء=عدم التبعية التركيبية 1 الاسم المبتدأ 1 المبني على الاسم المبتدأ 2 النواسخ كلها 1 الاسم المبتدأ 1 المبني على الاسم المبتدأ 2 المبني على الاسم المبتدأ 2 الاسم المبتدأ 3 الأفعال كلها 1 الفاعل 1 أک 2 الفاعل 2 المفعول 3 المفعول 3 أک 4 الفعل المتعدي إلى مفعولين+ فاعله 1 المفعول الأول 1 المفعول الثاني 5-6- تحليل المعاني اللغوية (نظرية الاعتماد): المعاني عند النحاة العرب الأوائل هي أيضا أصول و فروع، والمعنى النحوي البحت هو جزء صغير من المعنى العام، ولذلك قالوا إن تطوير نظرية عامة لتفسير المعاني سيحتاج إلى المعلومات الدقيقة من علم النحو كأرضية لكنه سيحتاج إلى معارف ومعلومات أخرى تخص المنطق الطبيعي وقوانين الخطاب النفسانية والاجتماعية و الحاسوبية (في أيامنا). وقد تركوا لنا أساسا قويا لخوض غمار هذا الميدان المعقد وذلك فيما نسميه (نظرية الاعتماد) التي طرحها الإمام الرماني في شرحه على كتاب سيبويه وقدم فيها العديد من التطبيقات الجيدة. يقول الرماني: « قسمة الزوائد على أقل ما تصح به الفائدة من الجملة على ثلاثة أوجه: ما هو للزيادة في الفائدة وما هو للزيادة في البيان و ما هو لتقويم المعنى.»[10] فالعنصر الذي يأتي للزيادة في الفائدة هو الذي يلي ( في الذكر) معتمد الفائدة (أي العنصر الذي هو عمدة في الجملة؛ أصل فيها و ليس زائدا، بحيث لو حذف لم تكن هناك جملة) ويكون فيه فائدة أخرى غير التي في معتمد الفائدة، أما العنصر الذي يأتي للزيادة في البيان فهو الذي يأتي بعد معتمد البيان مما هو معلوم عند المخاطب، وأما العنصر الذي يأتي لتقويم المعنى فهو الذي لو سقط من الكلام لانقلب المعنى[11]، فهذه المفاهيم تخص الزوائد على النواة اللفظية وأهم شيء في هذا الاقتراح أنه يفصل بوضوح بين عالم اللفظ واعتباراته وعالم المعنى و اعتباراته، وأكبر دليل يقوي هذا التمييز أن الصيغة اللفظية الواحدة قد تحتمل عدة وجوه من المعاني، وبناء على هذا التصور فإن الجملة المفيدة يمكن تحليل معناها انطلاقا من التمييز أولا بين العناصر التي تحمل الفائدة، أي أقل قدر من المعلومات يرسله المخاطب إلى من يخاطبه، والعناصر التي تحمل البيان، أي الزيادات على الفائدة مما غرضه التوضيح والتأكيد وغير ذلك، وبعد ذلك تمييز العناصر التي تحمل تدقيقا في معنى الفائدة أو في معنى البيان وهذه لو حذفت من الجملة لتغير معناها تماما. وفيما يلي نحلل مجموعة من الأمثلة بالاعتماد على هذه المفاهيم: الجملـة ( الكلام المفيد المستغني بنفسه عن غيره في تمام الفائدة و البيان[12]) معتمد الفائدة (0) زيادة في الفائدة (1) معتمد البيان (0) زيادة في البيان (1) تقويم المعنى (2) 1 زيد أک قائم أک أک 2 زيد أک قائم أک بالتدبير 3 ضربــــت زيــدا ضرب- أک -ت زيدا أک 4 مــــــررت راكبـــا مرر- راكبا --ت أک أک 5 رأيت عبد الله منطلقا ( رؤية العين؛ فالفعل هنا متعد لمفعول واحد فقط). رأيــــ منطلقا ـــت عبد الله أک 6 رأيت عبد الله منطلقا ( أي علمت؛ الفعل هنا متعد لمفعولين). منطلقا أک عبد الله رأيت أک 7 رأيت عبد الله منطلقا في علمي ( أي مع ذكر المعنى المقصود من رأيت) منطلق عبد الله رأيت في علمي أک 8 كـان عبد الله منطلـقا منطلقا أک عبد الله أک كان ملاحظات على الجدول: 1- أعطينا للعناصر الأصلية الرقم (0) لأنها أصول وليست زوائد، فحذفها يلغي الجملة، كما أنها لا تحتاج إلى علامة تميزها مثل الفروع. 2- أعطينا للزوائد الرئيسة الموالية للأصول الرقم (1) لأنها زيادة في المعنى مرتبطة مباشرة بالأصول، إذا حذفت الأصول لا يمكن أن توجد في الكلام هذه الزوائد. 3- أعطينا للزوائد المقومة للمعنى الرقم (2) لأنها زوائد مستقلة عن الأصول، وتأتي لمعنى جديد مستقل، فهي زيادة من الدرجة الثانية. 4- كل المواضع الفارغة من اللفظ و التي يمكن تقدير لفظ داخلها وضعنا داخلها علامة الخلو في الموضع (أک)، مثلا: [زيد (أک) قائم (أک) بالتدبير]= [ زيد (هو) قائم (وحده) بالتدبير]. هذا التحليل عظيم الفائدة بلا شك لكنه داخل في حدود البلاغة بمفهومها الواسع ألا وهو قوانين التبليغ الفعال التي يراعى فيها أول ما يراعى المنفعة والإضافة الإيجابية التي ينتظرها المخاطب وهدفها إقامة التواصل وإدامته على الوجه الأكمل، فينبغي أن تعول على البساطة والوضوح و الخفة وعدم التكلف والتنطع رأفة بالمخاطب ومراعاة لما ينتظره من سهولة ويسر في فهم الخطاب وتحليليه. 6- تعليم اللغة من وجهة نظر اللسانيات: نحن نتكلم هنا عن معادلة مكونة من ثلاثة عناصر؛ اثنان ثابتان (قديمان) هما مفهوم التعليم ومفهوم تعليم اللغة، والثالث متغير(جديد) و هو اللسانيات كعلم يهتم جزئيا بالمشاكل المرتبطة بتعليم اللغة. بصورة عامة تعليم اللغة من منظور اللسانيات هو ترسيخ لنظامها بطريقة آلية (قدر الإمكان)، فاللغة هي نظام من الأدلة و هي أيضا سلوك يعتاده المتكلم يتحول تدريجيا إلى عادة أو إلى فعل محكم، لا يفكر الإنسان فيه تفكيرا نقديا أو تأمليا، و أرجح آراء العلماء حول الأفعال المحكمة عموما والسلوك اللغوي خصوصا أنه يتحول تدريجيا بواسطة التدريب والاستعمال المكثف إلى مجموعة من الآليات التي تتخذ مواضع محصنة وقوية في الجملة العصبية يتم استدعاؤها وإعادة استظهارها بشكل آلي(أوتوماتيكي) عن طريق الرسائل العصبية من الدماغ إلى أعضاء جهاز التصويت. والبحث العلمي جار حاليا لمحاولة ضبط هذه الآليات العصبية التي تتحكم في مجموع العمليات الآلية التي يقوم بها الإنسان وهي تشكل جوهر الوجود البشري والنقطة المركزية في تميزه عن الأجناس الأخرى. و هناك نظرية يعمل على تطويرها العديد من العلماء حول العالم تفترض أن طريقة التكيف البشري أي الانتقال من الأفعال غير المحكمة إلى الأفعال المحكمة (الدورية) يتم من خلال مجموعات مرتبة من التعليمات تشبه الخوارزميات التي تنظم الحاسوب ولذلك يقوم خبراء علم الأعصاب بالتعاون مع خبراء المعلوماتية والحاسوبيات بفحص هذه الفرضيات، لكن الصعوبة تكمن في تعذر تطبيق هذه الفحوص على الإنسان الحي لأنها تتطلب فحصا طويل الأمد وعلى عينة كبيرة من الأشخاص. أما بالنسبة للطرح القديم الجديد الذي طرحه الإسلام من خلال نص القرآن الكريم و حاول بعض العلماء و الباحثين المعاصرين إعادة إحيائه فالثابت منه بصريح النص القرآني أن العقل مجموعة عمليات تتم في الذهن وليس الدماغ هو الممول المباشر لهذه العمليات، فكلما قيل فيه: ï´؟ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ï´¾ [يس: 68] أو ï´؟ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ï´¾ [النحل: 67] فإن العقل بشكل عام هو مطلق الربط بين الداخل(الترتيبات التي يقيمها الذهن) والخارج (الظواهر والمصنوعات الإلهية) فالترتيب العقلي الصحيح هو الذي ينتج به الحكم بأن الظاهرة المعقولة آية أي شيء لا يمكن إيجاده من عدم. و أخطر شيء صرح به القرآن وظهرت دلائل تجريبية تؤكده هو أن مركز الجملة العصبية هو القلب وليس الدماغ، وهو المستوى الذي يسمى في القرآن (الفؤاد)، فهذه المعلومات لو تكللت بالأدلة الكافية و تم وضعها في مواضعها من النظرية اللغوية والعلمية بشكل عام فإن هذا مؤذن بفتح علمي ضخم في ميدان معرفتنا باللغة و بتكوين المعرفة اللغوية عند الإنسان. [1] و حتى في داخل العلوم اللسانية يحصل تكوين مستمر لتخصصات فرعية جد دقيقة، و أكثرها ناتج عن هذا الاتجاه من التعاون و التكامل بين التخصصات، ومن أحدث ما يدعى إلى إنشائه حاليا (FLN) أو المقدرة اللغوية الخاصة ( Faculty of ******** in Narrow seance) دعا إلى هذا التخصص الدقيق الذي يجمع بين أحدث ما توصلت إليه البحوث النظرية و التجريبية في اللسانيات (التوليدية) و علم النفس المعرفي و البيولوجيا التطورية، الباحثون من الولايات المتحدة، ينظر: مارك هاوسر، نوام تشومسكي، تكيومش فيتش، المقدرة اللغوية: ما هي، من يملكها، و كيف يطورها؟ مجلة العلم، عدد 298- 22نوفمبر2002-ص: 1569-1579/www sciencemag org. [2] يسميها بعض المختصين (البيداغوجيا) و هما بنفس المعنى، و قد تكون التربية أعم من البيداغوجيا من باب أنها ترتبط بتكوين الفرد و توجيهه الوجهة الإيجابية في كل مناحي الحياة، أما البيداغوجيا فهي تخص الجوانب الأكاديمية أو (الصفية) البحتة، ينظر: أحمد شبشوب، علوم التربية، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، ط1991/32. [3] أصل الكلمة في العربية من (ربا يربو ربوا) و معناه الزيادة مطلقا، و منه (الربوة) أي المكان المرتفع من الأرض، ينظر: ابن منظور، لسان العرب، دار الكتب العلمية-لبنان-ط1-1999 مادة (ربب)، و المفهوم الأصلي للتربية في التصور العربي الإسلامي هو الزيادة و النمو والبركة، فكل زيادة في الاتجاه الإيجابي المحمود تطرأ على الفرد في أي جانب من جوانبه فهي من هذا الباب، و معناها الثاني (الخاص بالثقافة الإسلامية) هو الرعاية و الحفظ و العون، و منه مفهوم (الربوبية) فالله رب العالمين أي مربيهم وراعيهم و هاديهم إلى الخير والصلاح، أما عند الغربيين فهي ترادف التعليم تماما، وهذا هو معناها الأصلي عندهم، سواء أ كان التعليم الرسمي في الفصول أم التعليم العام لأي شيء في الحياة، ينظر: » Oxford Dictionary,2nd Impression,1998,p:369، وقد ترادف البيداغوجيا كمجموعة من الجهود المنصبة على معالجة المشاكل التعليمية، أو الثقافة، أو الكياسة وحسن التعامل (وهذا قريب من التصور العربي العام)، ينظر: المعجم الفرنسي الرسمي (Larousse) ط1997-باريس-ص:516. [4] ينظر: فرانك كيلش، ثورة الإنفوميديا، تر: حسام الدين زكريا، عالم المعرفة، عدد 253- يناير2000م، بشكل خاص الفصل الثاني والعشرين: (علم أطفالك بحق) ص 463-480. [5] جاك ريتشاردز، تطوير مناهج تعليم اللغة، ص: 29 وما بعدها. [6] و كذلك الأمر بالنسبة للطلاب في بلد أجنبي، والمسلم الأعجمي الذي يريد أن يفهم القرآن باللسان العربي، وفي الترجمة العالية المستوى كتراجمة الأمم المتحدة واليونسكو وغير ذلك، فكل هذه الفئات من الناس لا يمكن أن يكون تعلمها للغة (الأجنبية) حاصلا بنفس القدر من العفوية والآلية كما في حال الطفل الصغير، وحاجة المبرمجين في هذه الظروف إلى أدق المعلومات حول النحو النظري تكون ملحة جدا. [7]هذا فيما يخص التحليل النحوي البحت، فالنحوي يشتغل على الكلام المنطوق من أجل اكتشاف حدوده الحقيقية ورسم هذه الحدود في قوانين عامة يمكن استثمارها في ميادين أخرى، كالفقه والتعليم وتفسير القرآن وفهم الكلام العربي بوجه عام، والنحو بهذه المنزلة هو واحد من العلوم المساعدة على الفهم و ليس هو الفهم كله أو المعنى كله. [8] اختلف العلماء العرب من النحاة ومن غيرهم حول هذه الأولية، وذهب فريق من العلماء إلى أن المعنى هو الأول، وحجتهم أن المتكلم لا يمكن (عقلا) أن يضع لفظا دون تصور معنى له، وهذا الكلام على فرض صحته فهو يناقش مسألة اللفظ والمعنى في المستوى العقلي والفلسفي والأولية المقصودة هنا هي الأولية النحوية أي الراجعة إلى الصنعة والاختصاص. [9] وقد وقف النحاة و اللغويون والمتكلمون عند هذا الاصطلاح وقوفا طويلا حتى صار هذا الوقوف من (الفرائض التحليلية الواجبة) وكانوا يقولون: لماذا قال النحاة كلما ولم يقولوا كلمات رغم أن الأخير أشهر؟ ولماذا اقتصرت (القسمة) على الاسم و الفعل والحرف؟ وما وجه الحصر في هذه الأقسام؟ وكيف يكون الفعل والحرف كلمة وهما في الوقت نفسه فعل وحرف؟ أما الذي وضحناه في هذا الموضع فهو السلوك المنهجي والتقني الذي سلكه النحاة في عملهم. [10] علي بن عيسى الرماني، شرح كتاب سيبويه، ج1/139. [11] المصدر السابق، ج1/139. [12] الحاج صالح، بحوث ودراسات في اللسانيات العربية، ج1/291، بحث بعنوان: الجملة في كتاب سيبويه، ألقي في مجمع القاهرة سنة 1993م، و قد بين فيه أن كتاب سيبويه يخلو تماما من ذكر مصطلح الجملة وأن ما يناسبها من عباراته هو الكلام نفسه أو الكلام المستغني.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |