أنتم عربٌ فلماذا لا تَبكون؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1430 - عددالزوار : 141161 )           »          معالجات نبوية لداء الرياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          التربية بالحوار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          صور من فن معالجة أخطاء الأصدقاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          في صحوةِ الغائب: الذِّكر بوابة الحضور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          آيات السَّكِينة لطلب الطُّمأنينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم, العالم. علام الغيوب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          سبل إحياء الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          التساؤلات القلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الحب الذي لا نراه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-01-2021, 08:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,204
الدولة : Egypt
افتراضي أنتم عربٌ فلماذا لا تَبكون؟

أنتم عربٌ فلماذا لا تَبكون؟
الدكتور عمر المقبل









قال لي صديقي: ألقيتُ كلمةً في رمضان في أحد مساجد مدينة الرياض، فلما فرغتُ قال لي إمام المسجد: ألا أريك عجباً؟ فانطلق بي لرجلٍ تركيّ الجنسية، لا يُحسن العربية، لكنه كان رجلاً بكّاءً حين يَقرأ القرآن، فقلتُ له - عن طريق المترجم -: هل تفهم ما تقرأ يا عمّ؟ قال: لا، ويكفيني أنه كلام الله، ولكن أنتم عرب فلماذا لا تبكون؟ يقول صاحبي: لقد قفّ شعري من كلمته هذه، وبقيتْ تتردّد في ذهني أياماً طويلة.


وهي كذلك بالنسبة لي، والله .. لا أذكر أنني وقفتُ بجانب أخٍ أعجمي، أو زرتُ بلداً غير عربية من بلاد الإسلام؛ إلا وصكّت كلمةُ هذا الرجل التركي في أذني، مع أنني لم أسمعها بل سمعت عنها!
إن المتأمل في آيات القرآن ليجد حفاوةً ظاهرةً بأولئك الأقوام الذين تتحدر على وجناتهم الدموعُ إثْر سماعهم لكلام الله تعالى، مترجمين بذلك شيئاً مِن وقْعِ هذا الكلام الذي لو نزل على الصخور الصمّ لتصدعت من خشية الله.
مَن الذي يقرأ هذا المشهد ولا يبكي على نفسه أنه لم يتشبه بهم ولو لبعض المرات؟ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾[مريم: 58]، يُروى عن الفاروق رضي الله عنه أن قال ـ بعد قراءته سورة مريم ـ وسجوده في هذا الموضع: هذا السجود، فأين البكاء؟!
يقول الإمام الجليل عبدالأعلى التيمي ـ رحمه الله ـ معلّقاً على ذلك المشهد البهيّ الذي هو من أشرف الأحوال التي يمرّ بها أهل العلم: "من أوتي مِن العلم ما لا يبكيه؛ فخليق ألا يكون أوتي علماً ينفعه؛ لأن الله تعالى نعت العلماء فقال: ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾[الإسراء: 107 - 109]([1]).
لقد كان من جملة ما امتدح اللهُ به قساوسةَ النصارى ـ الذين هم أقرب للمسلمين من المشركين واليهود ـ قُرْبُ دموعهم عند تلاوة القرآن: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾[المائدة: 83].
إن مما يعظّم هذا المعنى في نفوس أهل القرآن: أن يتذكروا أن البكاء في هذه المواطن عبادةٌ يحبها اللهُ، ويؤجَر عليها العبدُ متى ما قارنها الإخلاص.
إن هذا الثناء العاطر لهو رسالةٌ تستحثنا لِلَّحاقِ بركْب هؤلاء البررة الكرام، وأن نفتِّش عن سبب قحط العين، ولعل تلك الجملة التي قالها بعضُ السلف تلخص الداءَ والدواءَ: "القلبُ إذا قلّت خطاياه أسرعتْ دمعتُه"([2]).
نعم، ليست قلةُ الدمعِ دليلاً على قسوة القلب، فمِن الناس من قلبه رقيق، ودموعه نادرة، أو يحجبها ما استطاع، فلا يسكبها إلا عند خلوته بمولاه، نعم هذا حقٌّ، لكن من المؤكد أن قحط العين مطلقاً ليس علامةَ خير؛ إذْ هو مؤشر قسوةٍ في القلب، تستوجب الاستعتاب، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾[الحديد: 16]، ولئن انقطع نزولُ الوحي؛ فلم تنقطع بركتُه لمن أراد استلانَة قلبِه به.
إن البكاء عند تلاوة القرآن يغسل القلبَ ويَصقُله، ويدفعه للتوبة، يقول الإمام سفيان بن عيينة: "البكاء من مفاتيح التوبة؛ ألا ترى أنه يَرِقّ فيندم؟"([3]).
إن إقبال رمضان فرصةٌ عظيمة لترويض القلب على هذه العبادة العظيمة، فإن رقَّته مفتاحٌ لكل خير، وقسوتَه بوابةُ كل شر، قال بعض السلف: "ما ضُرِبَ عبدٌ بعقوبةٍ أعظمَ من قسوة القلب"([4])، فإن لم يشعر بالقسوة؛ فليجأر إلى الله بردّ قلبه فإنه لا قلب له!
والعاقلُ لن يعدمَ معرفةَ أصول أسباب قسوة هذا القلب، فهي تَعود في مجملها إلى ذنوب القلب وذنوب الجوارح، ودواؤها: توبةٌ صادقة، ومجاهدة دائمة، وبُعدٌ عن أسباب العطب، وعفةٌ عن المحارم، وغض للبصر، وحفظٌ للسمع، وصِدقٌ في اللجأ إلى الله تعالى.
كل هذا كفيل ـ بعون الله ـ بحصول تلك الغاية التي لطالما انتصبت لها الأقدام، وتقرّحت لأجلها الأجفان: الأنسُ بالله والتلذذ بمناجاته من خلال كلامه والوقوف بين يديه.





ـــــــــــــ
([1]) أخلاق العلماء. للآجري (60).
([2]) الرقة والبكاء. لابن أبي الدنيا (ص: 76).
([3]) الرقة والبكاء. لابن أبي الدنيا، رقم (37).
([4]) جامع بيان العلم (1/701).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.89 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]