|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الرد العلمي على من يطعن في أبي هريرة الشيخ صلاح نجيب الدق الحمد لله تعالى ناصر أوليائه الصادقين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وأصحابه الغر الميامين، وأزواجه أمهات المؤمنين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن بعض أصحاب القلوب المريضة قد طعنوا في راويةِ الإسلام أبي هريرة، فأصبح من واجبنا الدفاع عنه، وبيان منزلته، مع ذكر الشبهات التي أثارها بعض الناس عن شخصيته المباركة، والرد العلمي عليها؛ وذلك لأن الدفاع عن أبي هريرة إنما هو في الحقيقة، دفاع عن الإسلام جُملة وتفصيلًا. فأقول وبالله تعالى التوفيق والسداد. فضائل أبي هريرة: (1) روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم، قلت في الطريق: يا ليلةً من طولها وعنائها، على أنها من دارة الكفر نجت (يعني نفسه)، قال: وأبق مني غلام لي في الطريق، قال: فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم بايعته، فبينا أنا عنده إذ طلع الغلام، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا هريرة، هذا غلامك؟))، فقلت: هو حر لوجه الله، فأعتقته؛ (البخاري حديث 2531). (2) روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث، فقال: ((إن وجدتم فلانًا وفلانًا، فأحرقوهما بالنار))، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: ((إني أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما، فاقتلوهما))؛ (البخاري حديث 3016)[1]. (3) روى الشيخان عن الأعرج قال: أخبرني أبو هريرة قال: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يُكثر الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله الموعد، إني كنت امرأً مسكينًا ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم، فشهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وقال: ((مَن يبسط رداءه حتى أقضي مقالتي، ثم يقبضه، فلن ينسى شيئًا سمعه مني))، فبسطت بردةً كانت علي، فوالذي بعثه بالحق ما نسيت شيئًا سمعته منه؛ ( البخاري حديث 7354 / مسلم حديث 2492 ). (4) روى الترمذي عن أبي هريرة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بتمرات، فقلت: يا رسول الله، ادع الله فيهن بالبركة، فضمهنَّ ثم دعا لي فيهنَّ بالبركة، فقال: ((خذهنَّ واجعلهنَّ في مزودك، كلما أردت أن تأخذ منه شيئًا، فأدخِل فيه يدك، فخذه ولا تنثره نثرًا، فقد حملت من ذلك التمر كذا وكذا من وسق في سبيل الله))، فكنا نأكل منه ونطعم، وكان لا يفارق حقوي حتى كان يوم قتل عثمان، فإنه انقطع؛ (حديث حسن)، (صحيح سنن الترمذي للألباني حديث 3015). (5) روى البخاري عن أبي هريرة أنه قال: قيل: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد ظننت يا أبا هريرة ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه أو نفسه))؛ (البخاري حديث 99). (6) روى البخاري عن أبي هريرة قال: ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثًا عنه مني، إلا ما كان من عبدالله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب؛ (البخاري حديث 113). (7) روى الترمذي عن ابن عمر أنه قال لأبي هريرة: يا أبا هريرة، أنت كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحفظنا لحديثه؛ (حديث صحيح)، (صحيح سنن الترمذي للألباني حديث 3013). (8) قال محمد بن قيس بن مخرمة: أتى رجل زيد بن ثابت، فسأله عن شيء، فقال: عليك بأبي هريرة؛ ( سير أعلام النبلاء جـ2 صـ616). (9) قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره؛ (الإصابة لابن حجر العسقلاني جـ 4صـ 203). (10) قال البخاري: روى عن أبي هريرة نحو من ثمانمائة رجل أو أكثر من أهل العلم، من الصحابة والتابعين وغيرهم؛ (أسد الغابة لابن الأثير جـ 5صـ 324). شبهات حول أبي هريرة والرد عليها: الشبهة الأولى: قال الطاعنون: "كان أبو هريرة غامض الحسب، مغمور النسب، فاختلف الناس في اسمه واسم أبيه اختلافًا كثيرًا، مما يدل على جهالته". الرد على هذه الشبهة: الرد من عدة وجوه: أولًا: متى كان الاختلاف في اسم إنسان يشينه أو يسقط عدالته؟ ويكفي أن نعرفه بكنيته، كما عرفنا أبا بكر وأبا عبيدة وأبا دجانة الأنصاري، وأبا الدرداء، الذين اشتهروا بكناهم وغابت أسماؤهم عن كثير من الناس. ثانيًا: لم نسمع في يوم من الأيام أن الحسب والنسب يقدم صاحبه في المفاضلة العلمية أو يؤخره. ثالثًا: اشتهر أبو هريرة بكنيته من صغره، وعرفه الناس جميعًا بذلك، فما يضيره أن يعرف بكنيته ويختلف اسمه؟! رابعًا: الاختلاف في الاسم طبيعي لا في أبي هريرة وحده، بل في كل إنسان عرف بكنيته منذ نعومة أظفاره. خامسًا: مرد الخلاف في اسم أبي هريرة إلى ثلاثة أسماء (عمير وعبدالله وعبدالرحمن)؛ كما قال ابن حجر العسقلاني. سادسًا: قد اختلف أهل العلم في اسم ونسب غير أبي هريرة على أكثر من ذلك، ولم يروا فيهم عيبًا أو مطعنًا بسبب ذلك؛ (أبو هريرة؛ لمحمد عجاج الخطيب صـ 167). الشبهة الثانية: قال الطاعنون: روى البخاري عن أبي هريرة قال: "حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين - (نوعين من العلم) - فأما أحدهما فبثثته - (أي أذعته ونشرته) - وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البُلعوم - (كنى بذلك عن القتل)"؛ (البخاري حديث:120). وهذا دليل على أن أبا هريرة كتم علمًا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يظهره للناس. الرد على هذه الشبهة: الرد من عدة وجوه: أولًا: قال الإمام ابن حجر العسقلاني: حمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يُكني عن بعضه ولا يصرح به خوفًا على نفسه منهم؛ كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين، وإمارة الصبيان، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية؛ لأنها كانت سنة ستين من الهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة، فمات قبلها بسنة؛ (فتح الباري لابن جحر العسقلاني جـ1صـ2169). وقال الإمام ابن كثير: هذا الوعاء الذي كان لا يتظاهر به هو الفتن والملاحم، وما وقع بين الناس من الحروب والقتال، وما سيقع، التي لو أخبر بها قبل كونها لبادر كثير من الناس إلى تكذيبه، وردوا ما أخبر به من الحق، كما قال: لو أخبرتكم أنكم تقتلون إمامكم وتقتتلون فيما بينكم بالسيوف، لَمَا صدقتموني؛ (البداية والنهاية لابن كثير جـ8صـ106). ثانيًا: يجوز كتمان بعض العلم إذا ترتب عليه فتنة. روى مسلم عن عبادة بن الصامت أنه قال: والله ما من حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم فيه خير إلا حدثتكموه، إلا حديثًا واحدًا وسوف أحدثكموه اليوم، وقد أحيط بنفسي - (أي قربت من الموت) - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((مَن شهِد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، حرَّم الله عليه النار))؛ (مسلم حديث: 29). (1) قال القاضي عياض: قوله: (ما من حديث لكم فيه خير إلا وقد حدثتكموه)، فيه دليل على أنه كتم ما خشي الضرر فيه والفتنة، مما لا يحتمله عقل كل واحد، وذلك فيما ليس تحته عمل ولا فيه حد من حدود الشريعة، قال: ومثل هذا عن الصحابة رضي الله عنهم كثير في ترك الحديث بما ليس تحته عمل ولا تدعو إليه ضرورة، أو لا تحمله عقول العامة، أو خُشِيت مَضرته على قائله أو سامعه، ولا سيما ما يتعلق بأخبار المنافقين، والإمارة، وتعيين قوم وصفوا بأوصاف غير مستحسنة، وذم آخرين ولعْنهم، والله أعلم؛ (مسلم بشرح النووي جـ1صـ265). (2) روى البخاري عن علي بن أبي طالب قال: «حدثوا الناس بما يعرفون، أتُحبون أن يُكذَّب الله ورسوله»؛ (البخاري حديث:127). ثالثًا: قال الإمام الذهبي: لو بث أبو هريرة ذلك الوعاء لأُوذي، بل لقُتل، ولكن العالم قد يؤديه اجتهاده إلى أن ينشر الحديث الفلاني إحياءً للسنة، فله ما نوى، وله أجر، وإن غلط في اجتهاده؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ2صـ598،597). رابعًا: قول الطاعنين بأن أبا هريرة كتم علمًا عن النبي صلى الله عليه وسلم غير صحيح؛ لأن أبا هريرة كان حريصًا على نشر العلم؛ روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: والله لولا آيتان في كتاب الله، ما حدثتكم شيئًا أبدًا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 159، 160]؛ (البخاري حديث: 2350/مسلم حديث: 227). الشبهة الثالثة: قال الطاعنون: "إن كثرة أحاديث أبي هريرة مع قِصَر مدة مصاحبته للنبي صلى الله عليه وسلم، دليل على أنه وضع أحاديث كثيرة من عنده، ونسبها كذبًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم". يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |