عون المنعم بشرح حديث "المسلم أخو المسلم" - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          كيفية حذف صفحة Word فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          خطوات.. كيفية إعادة ترتيب الأزرار وتغيير حجمها في مركز التحكم بـiOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          يوتيوب يقدم الآن رموز qr لمشاركة القنوات.. كيف تحصل عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تعملها إزاى؟.. كيفية إضافة صفحات متعددة إلى مركز التحكم بأيفون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          كيف تضاعف المسافة فى صفحة Word فى 4 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          اختصار جديد بواتساب يضع علامة على الكل كـ"مقروء" لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          Google تعمل على ميزة تساعدك فى العثور بسرعة على المحادثات الجماعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-12-2020, 05:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,547
الدولة : Egypt
افتراضي عون المنعم بشرح حديث "المسلم أخو المسلم"

عون المنعم بشرح حديث "المسلم أخو المسلم"

أبو عاصم البركاتي المصري

عن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ».

تخريج الحديث:
أخرجه البخاري (2442)، ومسلم (2580).

معاني المفردات:
(1) يسلمه؛ أي: يَخذله ويترك نصرته وهو قادرٌ على نُصرته.
(2) حاجة: إعانة ومنفعة.
(3) فرَّجَ: أزال ودفع وردَّ.
(4) كربة: مصيبة وضيق وشدة عظيمة.
(5) ستر: أخفى.

فوائد الحديث:
الفائدة الأولى: تأكيد روابط الإخوة الإيمانية، وأواصر الحب في الله، تلك الإخوة التي قد تكون أقوى من إخوة النسب؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10]، وحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا"، وشبك بين أصابعه؛ [متفق عليه].

وعن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"؛[متفق عليه].

الفائدة الثانية: بيان احتياج المسلمين إلى الائتلاف والاعتصام والتآخي.

فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه، يرى بأعينهم ويتقوَّى بقوتهم ويستنير ببصيرتهم، ولذا طلب موسى عليه السلام من ربه أن يعينه بأخيه هارون عليه السلام؛ ففي الآية الكريمة: ﴿ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه: 29 - 32]، وقوله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة: 71].


ولأجل هذا آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وأصلح ما كان بين الأوس والخزرج من رواسب الجاهلية، وذلك لضمان سلامة المجتمع من الداخل.

الفائدة الثالثة: قوله صلى الله عليه وسلم: "المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ " أسلوب خبري يدل على الطلب إما على سبيل الإيجاب أو الندب والاستحباب؛ ويؤكد ذلك قوله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103]، وقوله سبحانه: ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتآخي ومجانبة ما يخالف الإخوة، ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَكْذِبُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَا هُنَا، وَيُشِيرُ إلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ"؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، [2564].

وأخرج أبو داود والطبراني وغيرهما عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنُ مرآةُ المؤمنِ، والمؤمنُ أخو المؤمنِ يَكفُّ عنهُ ضيعتَه ويحوطُه من ورائِهِ".

الفائدة الرابعة: قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَظلمه" فيه النهي عن الظلم، فالظلم محرم بالكتاب والسنة؛ قال تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].

وأخرج مسلم عن أبي ذرٍّ جندبِ بن جنادة رضي الله عنه، عنالنبي صلى الله عليهوسلم فيما يروي عن الله تباركوتعالى أنه قال: "يا عبادي، إني حرَّمتُالظلم على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا،فلا تَظالَموا"؛ الحديث.

وفي ذلك يقول تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42]، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا فَوْقَ الغَمَامِ، وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ"؛ [أخرجه الترمذي (3598) وحسنه].

وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما: «اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ».

وأخرج البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء، فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالحٌ أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه".

ويسأل صلى الله عليه وسلم أصحابه فيقول: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟»، قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ»؛ [مسلم(2581)].

الفائدة الخامسة: الإشارة إلى نصرة المظلومين والضعفاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يسلمه"؛ أي: لا يترك نصرته مع القدرة؛ يقال‏:‏ أسلم فلان فلانًا: إذا ألقاه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوِّه، أو من مصيبة نزلت به، أو من تسلُّط ظالم عليه، ولمسلم في صحيحه في حديث أبي هريرة: ‏"الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ"، وخِذلان المسلم للمسلم ترك النصرة له وعدم إعانته على ظالمه.

وفي الحديث عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ: "تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ"؛ [أخرجه البخاري].

وفي حديث الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، فَذَكَرَ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعَ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ وَرَدَّ السَّلَامِ، وَنَصْرَ الْمَظْلُومِ، وَإِجَابَةَ الدَّاعِي وَإِبْرَارَ الْمُقْسِمِ"؛ [أخرجه البخاري ومسلم].

وفي سنن أبي داود عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ، أُرَاهُ قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ بِهِ، حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ".

الفائدة السادسة: الجزاء من جنس العمل، ويُستفاد ذلك من قوله عليه الصلاة والسلام: "من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته"، والمعنى من عاون أخاه وساعده وبذل له المعروف بماله أو بجاهه أو بشفاعته، وما شابه، ويوضحه حديث أبي هريرةرضي الله عنهعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ"؛ [مسلم (2699)].

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلًا جاء إلى النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: يا رَسولَ اللهِ"؛ أيُّ: النَّاسِ أحبُّ إليكَ؟ فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أحبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أنفعُهُم للنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ سرورٌ تُدخِلُهُ على مسلمٍ، أو تكشِف عنه كُربةً، أو تقضي عنهُ أو تطرُدَ عنهُ جُوعًا، ولَأَن أَمْشِيَ مع أخٍ لي في حاجةٍ أحبُّ إليَّ مِن أن اعتكِف في هذا المسجدِ شهرًا في مسجِد المَدينة، ومن كفَّ غَضبه سَتَرَ اللهُ عورتَهُ، ومن كظم غَيظه ولو شاء أن يُمضِيَهُ أن يُمضِيَهُ أمضاهُ، مَلَأَ اللهُ قَلْبَهُ رَجاءً يوْم القِيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجَةٍ حتى يُثَبِّتَها ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزِلُّ الأقدامُ؛ [صحيح الترغيب للألباني (2623)].

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ»، وهذا الحديث [رواه ابن ماجه (195)، "السلسلة الصحيحة" (1332)].

وقد روى الترمذي (2263) عن أبي هُريْرة رضي الله عنه أن النَّبي صلى الله عليه وسلم وَقَفَ عَلَى نَاسٍ جُلُوسٍ، فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ؟ قَالَ: فَسَكَتُوا، فَقَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنَا بِخَيْرِنَا مِنْ شَرِّنَا، قَالَ: خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ، وَشَرُّكُمْ مَنْ لاَ يُرْجَى خَيْرُهُ وَلاَ يُؤْمَنُ شَرُّهُ"؛ قال أبو عيسى: هذا الحديث حسن صحيح.

من روائع الأمثلة والقدوات:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى في قضاء الحاجات وتنفيس الكربات، لذا قالت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها: "كلَّا والله ما يُخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحملُ الكلَّ، وتقري الضيف، وتُكسبُ المعدوم، وتُعين على نوائب الحق"؛ [رواه البخاري].

وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم، فلما استخلف قالت جارية منهم: الآن لا يحلبها، فقال أبو بكر: بلى وإني لأرجو ألا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعاهد بعض الأرامل، فيسقي لهنَّ الماء بالليل، ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة، فدخل إليها طلحة نهارًا، فإذا بعجوز عمياء مقعدة، فسألها: ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت: هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني، يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى، فقال طلحة: ثكلتك أمك يا طلحة، عثرات عمر تتبع؟ [منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (3/318)].

الفائدة السابعة: فضل تفريج الكربات، وذلك مستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم: "ومَن فرَّج عن مسلم كربةً، فرج الله عنه كربةً مِن كربات يوم القيامة"، والكربات؛ أي الضيقات والشدائد والهموم؛ من فقر أو دين أو غرم، أو دية أو حبس، وما أشبه ذلك، وفي صحيحَي البخاري ومسلم عن النبيِّ صلَّى اللهُ عَليْه وسلَّمَ أنَّهُ قال: "كان رجلٌ يُدايِن النَّاسَ، فكان يقول لِفَتاهُ: إذا أتَيْتَ مُعسِرًا فتجاوز عنه لعلَّ اللهَ يتجاوَزُ عنَّا، قال: فلَقِيَ اللهَ فتَجاوَزَ عَنهُ".

وفي صحيح مسلمٍ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنه قال: "من سَرَّه أن يُنجِيَهُ اللهُ مِن كُرَبِ يَوْمِ القِيامَةِ، فَليُنَفِّس عَن مُعسِرٍ أَو يَضَعَ عَنهُ".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كُرَب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، واللهُ في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه"؛ رواه مسلم بهذا اللفظ.

الفائدة الثامنة: الإشارة إلى شدائد يوم القيامة والأخذ بأسباب النجاة:
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1 ـ 2]، وقال سبحانه: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾[الكهف: 49].

وأخرج مسلم وغيره من حديث الْمِقْدَادِ بْن الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ، حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ»، قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ؟ أَمَسَافَةَ الْأَرْضِ، أَمِ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ، قَالَ: «فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا»، قَالَ: وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ.

الفائدة التاسعة: فضل الستر على الناس ولا سيما أهل الصلاح؛ عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "ومَن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة".


وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ"؛ [أخرجه الترمذي].

وأخرج ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم: «مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ».

وقال صلَّى الله عليْه وسلَّم: "مَن غسل ميتًا فستره، ستره الله من الذنوب، ومن كفن مسلمًا، كساه الله من السندس"؛ [السلسلة الصحيحة للألباني (2353)].

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا الْحُدُودَ»"؛ [أخرجه البخاري في "الأدب المفرد "(468) وأبو داود (4375) واللفظ له].

قال الإمام الشافعي رحمه الله:
تَعَمَّدْنِي بِنُصْحِكَ فِي انْفِرَادِي
وَجَنِّبْنِي النَّصِيحَةَ فِي الجَمَاعَةْ

فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ مِنَ
التَّوْبِيخِ لاَ أَرْضَى اسْتِمَاعَةْ

وَإِنْ خَالَفْتَنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي
فَلاَ تَجْزَعْ إِذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَهْ


وجوب ستر المسلم على نفسه:
قال صلَّى الله عليْه وسلَّم: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ"؛ متفق عليه.

وقال النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم: "اجتنبوا هذه القاذورة، فمَن ألَمَّ فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله؛ فإن مَن يُبدِ لنا صفحتَه نُقِم عليه كتاب الله"؛ [السلسلة الصحيحة للألباني (663)].

والمجاهرة بالذنب تؤدي إلى التهاون به وفيه من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ﴾ [النور:19].

قال فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله تعالى: "يجوز الستر على المسلم إذا لم يكن من أهل التهاون بالمعاصي، ولم يعرف عنه كثرة اقتراف الذنوب وارتكاب المحرمات، ففي هذه الحالة ينصحه ويخوفه ويحذِّره من العودة إليها، أما إن كان صاحب عادة وفسوق، فلا تبرأ ذمته حتى يُرفع أمره إلى من يعاقبه بما ينزجر به، أما إن كانت المعصية في حق لآدمي كأن يراه يسرق من بيت أو دكان، أو رآه يزني بامرأة فلان، فلا يجوز الستر عليه، لِما فيه من إهدار حق الآدمي، وإفساد فراشه، وخيانة المسلم، وكذا لو علم أنه القاتل أو الجارح لمسلم، فلا يستر ويُضيِّع حقَّ مسلم، بل يشهد عليه عند الجهات بأخذ الحقوق، والله تعالى أعلم"؛ انتهى من [فتاوى علماء البلد الحرام: ص 344].

الفائدة العاشرة: ستر الله لعبده المؤمن في يوم القيامة؛ فالجزاء من جنس العمل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ومَن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة"، وفي الصحيحين عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكَافِرُ وَالمُنَافِقُونَ، فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: ﴿ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]".

انتهى والله وحده من وراء القصد.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.38 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.53%)]