|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مكانة السنة النبوية في الإسلام ومدى حجيتها (2) د. ثامر عبدالمهدي محمود حتاملة سلسلة الدفاع عن السنة النبوية (6) مكانة السنة النبوية في الإسلام ومدى حجيتها (2) أدلة حُجيَّة السنة النبوية من السنة النبوية نفسها: قبل البدء بذكر بعض الأحاديث في حُجِّية السنة النبوية، لا بدَّ مِن معرفة أن كثيرًا من العبادات والسُّنن جاءتنا عن طريق التواتر: إما التواتر العملي؛ كالحجِّ، والصلاة، والزكاة، وغيرها، أو التواتر اللفظي في بعض الأحاديث؛ كهجرة النبي، ووفاته، أو التواتر المعنوي (أن يُذكر لموضوع معينٍ كثيرٌ من الأحاديث بألفاظ مختلفة؛ كعذاب القبر). فكما يُثبت الناس الآن وجود المسيح أو إبراهيم عليهما السلام، أو وجود بعض الحوادث عن طريق مجيء الخبر عن كثير من الناس في كل زمان، كذلك يوجد في الإسلام هذا الأمر، فنحن نُثبت كثيرًا من الأمور عن طريق نقل جماعة من الناس خبرًا في كل زمان حتى يصلنا، ويستحيل أن يتفقوا على الكذب؛ لكثرتهم، واختلاف مُدُنهم. وهنا أذكر بعض الأدلة على صريح حُجِّية السنة النبوية: • بيان ترهيب النبي لمن ترك سنته أنه بريءٌ منه؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ رغب عن سُنَّتي، فليس منِّي))[1]. • وفي معرض بيان النبيِّ لحال منكري السُّنة النبوية بعده، جاء عن أبي رافع رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا أُلفِيَنَّ أحدكم مُتَّكئًا على أريكَتِه، يأتيه الأمر من أمري ممَّا أمرتُ به أو نهيتُ عنه، فيقول: لا ندري، ما وجدْنا في كتاب اللَّه اتَّبعْناه!))[2]. • عن العِرْباض بن سارية رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزوة خيبر: ((أيحسَب أحدكم مُتَّكئًا على أريكَته قد يظُن أن اللَّه لم يحرِّم شيئًا إلا ما في هذا القرآن، ألَا وإني واللَّهِ قد وعَظتُ، وأمرتُ، ونهيتُ عن أشياءَ، إنها لَمِثْلُ القرآن أو أكثرُ، وإن اللَّه عز وجل لم يُحلَّ لكم أنْ تدخلوا بُيُوت أهل الكتاب إلا بإذْنٍ، ولا ضرْبَ نسائهم، ولا أكلَ ثمارهم، إذا أعطوكم الذي عليهم))[3]. • وعن العِرْباض بن سارِية قال: قال رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم: ((عليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي، وعَضُّوا عليها بالنَّواجِذ))[4]. • وغيرها من الأحاديث التي تأمُر باتِّباع سنة النبيِّ صلى الله عليه وسلم. ومن الإجماع: أجمَعَ على ذلك الصحابة والتابعون، وفي ذلك قال الشافعي: (ولا أعلم مِن الصحابة ولا من التابعين أحدًا أُخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا قَبِل خبره، وانتهى إليه، وأثبت ذلك سنةً ... وصنع ذلك الذين بعد التابعين، والذين لقيناهم، كلُّهم يُثبت الأخبار، ويجعلها سُنةً، يُحمد من تبعها، ويُعاب من خالفها، فمن فارَقَ هذا المذهب، كان عندنا مفارقَ سبيلِ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهلِ العلم بعدهم إلى اليوم، وكان من أهل الجهالة)[5]. وجاء في مناظرة عبدالعزيز الكناني (ت240هـ) لبِشر المريسي (ت218هـ): (قال بشر المريسي: فإنما أمر الله أن يُردَّ إليه، وإلى الرسول، ولم يأمرنا أن نردَّه إلى كتابه العزيز، وإلى سنة نبيه عليه السلام. قال عبدالعزيز: هذا ما لا خلاف فيه بين المؤمنين وأهل العلم، إن رددناه إلى الله فهو إلى كتاب الله، وإن رددناه إلى رسوله بعد وفاته رددناه إلى سُنَّته، وإنما يشكُّ في هذا الملحدون، وقد رُوي هذا بهذا اللفظ عن ابن عباس، وعن جماعة من الأئمة)[6]. وقال ابن عبدالبر: (وأجمع أهلُ العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت - على قبول خبر الواحد العدل، وإيجاب العمل به، إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع، على هذا جميعُ الفقهاء في كل عصر من لدن الصحابة إلى يومنا هذا، إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع، شرذمة لا تُعدُّ خلافًا)[7]. وقد نقل الإجماعَ كثيرٌ من العلماء؛ منهم: العلائي[8] (761هـ)، وابن القيم[9] (751هـ)، والشوكاني[10] (1250هـ)، والمعلمي اليماني[11] (1386هـ). ثمَّ المحفوظ من أقضية الصحابة وتعامُلاتهم شاهدٌ على اعتمادهم سنةَ النبيِّ وهدْيَه، وبعدهم التابعون ومَنْ بعدهم، ومَن يطالع الكتب المسندة التي جمعت أخبارهم، يجد ذلك صريحًا؛ كالجوامع والمصنَّفات، وغيرها من الكتب. ومن العقل: لا يمكن الاستقلال بمعرفة الدين الإسلاميِّ عن طريق القرآن الكريم فقط، فمن أراد الإسلام وشرائعه: من أين يأخذ أعداد الصلوات وكيفيتها، أو الحج والصيام والزكاة، وغيرها من شرائع الإسلام؟! فعَلاقة السُّنة النبوية بالقرآن الكريم تأتي في عدة صور، كما ذكرتُ سابقًا، كالآتي: ١- تأتي السنة النبوية مؤكِّدةً لبعض الأحكام: كالأمر بالصلاة والزكاة. ٢-وقد تأتي مُفسِّرة للقرآن: كما في هيئات الصلاة، ومقادير الزكاة، وغيرهما. ٣- كذلك تأتي مُخصِّصة لعموم القرآن: كما في قوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ ﴾ [المائدة: 3]؛ فجاء الحديث وخصَّص الكَبِد، والطِّحال، والسمك، والجراد. ٤- وقد تكون مُقيِّدة لحكم مُطلق: كما في قوله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ [المائدة: 38]، فهل نقطع كلتا اليدين؟ وهل هو من الكتفين؟ فجاءت السُّنة النبوية فقيَّدت مكان القطع. ٥- وأخيرًا تأتي مستقلَّة بإضافة حكم جديد: فقد تُضيف السنة النبوية بعضَ الأحكام التي لم يذكُرْها القرآن الكريم؛ كما في رجم الزاني المحصن، أو ميراث الجدَّة، أو تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، أو تحريم الرضاع بالنسب وأصنافه، وغيرها من الأحكام. [1]رواه مسلم؛ كتاب النكاح؛ حديث 3469. [2] رواه أبو داود؛ كتاب السنة؛ باب لزوم السنة؛ حديث 4607، والترمذي؛ كتاب العلم؛ باب ما نُهي أن يُقال عند حديث رسول الله، حديث 2663، وصحَّحه الترمذي. [3] رواه أبو داود؛ كتاب الخراج؛ باب في تعشير أهل الذمة؛ حديث 3052. [4] رواه أبو داود؛ كتاب السنة؛ باب لزوم السنة؛ حديث 4609، والترمذي؛ كتاب العلم؛ باب الأخذ بالسنة واجتناب البدع؛ حديث 2676، وصححه الترمذي. [5] مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة؛ السيوطي؛ منشورات الجامعة الإسلامية، ص35. [6] الحيدة والاعتذار في الرد على من قال بخلق القرآن؛ عبدالعزيز الكناني؛ مكتبة العلوم والحكم، ص32. [7] التمهيد لما في الموطأ من الأسانيد؛ ابن عبدالبر القرطبي، ج1، ص2. [8] تلقيح الفهوم في تنقيح صيغ العموم؛ خليل بن كيكدلي العلائي ص397. [9] إعلام الموقعين؛ ابن قيم الجوزية، ج1، ص39. [10] إرشاد الفحول؛ الشوكاني، ج1، ص97. [11] الأنوار الكاشفة؛ المعلمي اليماني، ج1، ص67.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |