كيف أتعامل مع زوجي الخائن؟

[ابوالوليد المسلم]

كيف أتعامل مع زوجي الخائن؟


أ. لولوة السجا


السؤال

♦ ملخص السؤال:
سيدة متزوجة تشكو زوجها الذي يهملها، ويهتم بالعلاقات النسائية المحرمة.

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في الثلاثين من عمري، خُطِبْتُ لرجل في منتصف الأربعين من عمره، مطلق ولديه بنت وولد، ومطلقتُه متزوجة ولديها أطفال مِن زوجها، وأنا حامل الآن.

اكتشفتُ بعد الزواج أن لديه علاقات مع فتيات، فصارحتُه واعترف وغير رقْمَهُ ومَسَح أرقامهن، واعتذر، ثم عاد للحديث مع إحداهنَّ، وعندما عرفتُ أخذتُ ملابسي وذهبتُ لأهلي، ثم اعتذر وَوَعَدَني بأنْ يتغيَّرَ.

غير رقْمَهُ ومَسَح الأرقامَ للمرة الثانية، ثم اكتشفتُ أنه على علاقة بالفتاة نفسها برقْمٍ آخر، فأَقْسَمَ أنها ليستْ هي، وأنه كلَّم فتاةً لمدة ثوانٍ، ولم يفعلْ شيئًا خطأً!

ومنذ ذلك الوقت وهو يَضَعُ رقْمًا سريًّا على هاتفه، واكتشفتُ بالرغم من الرقم السري أنه يكلم ثلاث فتيات، بل سافر لإحداهنَّ في بلدها، فاتصلتُ بوالده وأخبرته بكل شيء!

ما أود الاستفسار عنه بعدما حكيتُ مشكلتي الأساسية:
• أولاده يعيشون معي.

• يرفض أن أسافر معه، ويسافر وحده.

• إذا سافر يتركني عند أهلي ولا يسأل عني حتى يعود.

• الحمد لله أنا طيبة مع أولاده، وأعاملهم معاملة الأم.

• إذا حصلتْ بيننا مناقشة تنقلب إلى مشكلة ويلقي باللوم عليَّ.

• هو طيب وحنون، لكن مشكلته أنه حريص على المال، وليس بُخلاً منه!

• في علاقتنا الخاصة أنا من يبدأ حتى أشبعه، ولا أهتم بنفسي، وهو لا يهتم بي!

• أُحاول الاهتمام بشكلي وأُجَدِّد دومًا في مظهري، لكنه يرفُض ذلك التجديد.

• يعايرني بأي خطأ أو عيب!

• زوجي كبيرٌ في السن، وملأه الشيب، وإذا ما سافر يصبغ شعره ويضع العطر، وإذا جلس معي يهمل نفسه، ولا يهتم بنفسه كما يهتم عند سفره.

الجواب

بسم الله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله.
أما بعدُ، فالخيانة الزوجيةُ مِن القضايا المتكرِّرة الحُدوث وللأسف الشديد، ولها أسبابٌ متعددةٌ، سأطْرَحُها مبدئيًّا ثم أعرِّج بعد ذلك على نقاشِ قضيتك بشكلٍ خاصٍّ.

أسباب الخيانةِ الزوجيةِ:
• ضعف الوازع الديني.

• فساد البيئة والتربية.

• تأثير الإعلام السلبي، وأَخُصُّ بذلك ما يتعلق بالمرأة سواء في العروض الإعلامية السافرة أو الأفلام.

• الرغبة الشديدة في النساء.

• ضعف القدرة الجنسية.

• عدم الثقة بالنفس والتي مبناها على النقطة السابقة.

هذا ذِكْرٌ إجمالي للأسباب، وقد تكون هناك أسباب أخرى، وعلى كل حال سواء كانت الأسباب هي أحد ما ذكرت أو غير ذلك، فإني أنصحك بما يأتي:
• الاستعانة بالله قبل كل شيء، ومن ذلك الدعاءُ بصلاح الحال والزوج؛ قال تعالى: ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]، فهذا من أقوى الأسباب في حل المشكلة.

• التسلُّح بالصبر، فهذا نوع ابتلاء اخْتَصَّك الله به، ولو شاء لرزقك زوجًا صالحًا؛ لذا كوني حسنةَ الظن بربك، فأنتِ إن صبرتِ واحتسبتِ كنتِ مأجورةً، ولا يعني هذا أنه لا حل، ولكن ثقي أنه ما مِن ظُلمة إلا وستنقشع طالتْ أو قصرتْ؛ قال - عز وجل - : ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43]، وقال عز من قائل: ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ [الطور: 48].

• احرصي على التمثُّل بحُسْن الأخلاق مع زوجك ولا أظنك إلا كذلك، ولا تُكثري البحث والتدقيق والتفتيش؛ لأنه لا يحل المشكلة بل قد يعقدها، فضلاً عن كونه نوعًا من التجسُّس وهذا لا يجوز.

• اجتهدي في مناصحته، ولكن بأسلوبٍ غير مباشر؛ كإرسال رسائل عن طريق الهاتف تحثُّه على التقوى ومراقبة الله والحياء منه سبحانه، وأمثال ذلك.

• احرصي على الدعاء له وهو يسمع، فحينما يريد الخروج من المنزل لسفر أو غيره أسْمِعيه دعوات مؤثرة؛ مثل: (الله يحفظك مِن كل شر)، أو: (الله يوجهك للخير)... وغير ذلك.

• ليَكُنْ موقفك موقفَ احتواء أكثر من محاسبة؛ فالأول تأثيرُه على الرجال شديدٌ ومؤثرٌ، ونتائجه إيجابية جدًّا، وبطبيعة الحال يحتاج ذلك إلى مجاهدة.

• تغافلي عن زَلاَّتِه، وكأنك لم تسمعي أو تري، وبدلاً من ذلك ادعي لنفسك بالثبات، وله بالعصمة والرَّشاد.

• اجتهدي في تعزيز ثقته بنفسه؛ كمدحه، وإظهار الإعجاب به، حتى وإن كان الأمرُ لا يستحقُّ، وخصوصًا فيما يتعلق بالعلاقة الخاصة؛ لأني كما فهمتُ مِن خلال كلامك أنَّ هناك مشكلةً ما تعانين منها في ذلك، فقد يكون شعر منك بأي ردة فعل مُزعجة ومؤثرة، حتى لو لم تقصدي، فبعض الرجال لديه حساسية شديدة من ذلك.

أما ما ذكرتِ من مسألة بعض السلوكيات المُزْعِجَة التي تصدر منه؛ كالاهتمام بنظافته وعطره قبل السفر، وإعابته لِمَا يرَى منك، فهذا يمكنك التنبيهُ عليه، ولكن بأُسلوبٍ هادئٍ ولطيفٍ، أو بطريقة الدعابة، فهي تكفي ليشعرَ على الأقل أنك تتضايقين من ذلك.

نسيت أن أسالك إن كان يُصَلِّي أو لا؛ فهذا أمرٌ في غاية الأهمية، فإن كان الأول فاصبري واتبعي ما ذكرتُ لك سابقًا، ولن يخيبك الله، وإن كان الآخر ففارِقيه حتى يحافظَ على صلاته، لعل سلوكه يعدل بناءً على ذلك؛ حيث إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.

أختي الكريمة، أعلم أن الأمر بالنسبة لك جَلَل، وقد لا تكفي فيه الكلمةُ أو الكلمتان، ولكن لعل الله ينفعك بما ذكرتُ، وإن أحببتِ التواصُل للاستِزادة فلا مانع.


أسال الله الكريم أن يُصْلِحَ لك زوجك، ويحفظكم مِن كل شر وسوء