|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المرحلة الجامعية من أخطر مراحل العمر.. فانتبهوا مصطفى مهدي إنَّها إحْدى المراحل الخطيرة ونقاط التحوّل في مسيرة المرْء؛ بل إنَّها محطَّة لا تستغرق سوى بعْض الوقت، يرسم المرءُ فيها مخطَّطه لأعوام مقْبلة، وأعمار آتية، إنَّها مرحلة تعْتريها كثيرٌ من الأحوال والتَّغيّرات، ويتجاذب تشكيلَها أطرافٌ متعدِّدة. تلك المرحلة الَّتي يغفُل عن الإعداد لها معظمُ النَّاس، وكثير منهم يَخوض غمارَها ويخرج منها بلا أرْباح تتوافق مع ما بذل فيها من كدحٍ ذهني وبدني ونفسي، إنَّها مرحلة يمرّ بها أغلبُ النَّاس، فهم فيها ما بين بائعٍ نفسَه فمعْتقها أو موبقها. إنها المرحلة الجامعيَّة، تلك المرحلة التي يجتمع فيها الشَّباب بحماسته وحميَّته، وطموحاته ورغباته، وإحساساته ومشاعِره، مع ما يحيط به من أحوال مجتمع متعدّد الثَّقافات والوجهات، مع الاحتِكاك ببيئة منفتحة من كلّ حدبٍ وصوب، وعلى كلّ منهل وفكر، بالإضافة إلى الآمال التي تُعقد على الشَّباب في هذه المرحلة من قِبل الأهل والمجتمع، وبالطَّبع الدين والعقيدة، فالكلّ يرقب وينظر إلى ما سوف يُشارك به هذا الشَّابّ أو هذه الشَّابَّة في ركْب الحضارة والثَّقافة، وما الَّذي يمكن أن ينفع به مجتمعَه ممَّا آتاه الله - تعالى - من العلوم والمعارف والثَّقافات، ويرقبون هل من الممكن أن يكون طالب اليوم هو قائدَ الغد؟ هل هو مَن على يديْه يُنصَر الدّين؟ هل هو الَّذي يُمكن أن يكمّم أفْواه الإلْحاد والعلمانيَّة، ويُحارب الرَّذيلة والفاحشة التي تموج بها المجتمعات الإسلامية؟ هل هذه هي الفتاة التي ستكون مثل أمّ الإمام أحمد وأمّ الإمام الشَّافعي - رضي الله عنهما؟ وعلى النَّقيض ترى أرْباب الفسوق والخنا يعقدون الآمال الإبليسيَّة على الضَّحيَّة، ويتساءلون فيما بينهم: هل من الممكِن أن يكون هذا النَّجمَ الفلاني، أو الفنَّانة الفلانية؟ أو أنَّه هو الَّذي على يديه تنشر الدَّعوى إلى الحرّيَّة، ونبذ القيود والأغلال الدينيَّة والثقافية والفكريَّة؟ أو أنَّه المجدّد للعلوم الاشتراكيَّة، أو الشيوعيَّة الماركسيَّة، أو الفهوم الرَّأسمالية والمناهج والنظرات الفلسفية؟ فالشَّباب في هذه المرحلة تنظر إليهم الأعين المختلفة، وكل عين خلفها رأس يحوي فكرًا وقضية وهدفًا معيَّنًا. ولكي نعلم كيف يمكن أن يمرَّ الإنسان بهذه المرْحلة الاجتماعيَّة بأقلّ خسارة وأكبر ربح، فلا بدَّ لنا من إلْقاء الضَّوء على أحوال هذا المجتمع الجامعي من جوانبَ متعدّدة؛ لندرك مدى خطورة هذه المرحلة وهذا المجتمع على شباب المسلِمين، وأنا عندما أتكلَّم عن هذه القضيَّة إنَّما أتكلَّم عن خبرة إنسان قد عايشها وخاض غمارَها، وتأثَّر بها وأثَّر فيها، وخلَّصه الله - تعالى - منها بمنِّه وفضله وكرمه. وأنظر حولي فأرى ما لهذه المرحلة من التَّأثير الكبير في واقع شباب المسْلِمين من النَّاحية العقديَّة، والنَّاحية الفكريَّة، والنَّاحية الاقتصاديَّة، والناحية الخلقيَّة؛ بل إنَّ لها المساس العظيم بمستقْبل شباب المسلمين الَّذي تعتريه ظلماتٌ بعضُها فوقنا عندمأن بعض، إلاَّ مَن تسلَّح بدِرع الوحْي ورمح الإسلام، وعلا فرس الفضيلة والاعتِصام بالأخلاق، ممَّن عصم الله - تعالى - وسدَّد، فعلى ذلك أودّ أن أُشارك في الأخذ بيد الإخوة للمرور بهذه المرحلة بأكبَر ربحٍ وأقلِّ خسارة، بالتَّحاوُر معهم حوارَ مَن نزل الميدان وغبَّر قدميه يومًا ما في نقْعِه، لا مَن يتكلَّم وهو جالس على مكتبه في غرفته المكيَّفة ولا يدري حقيقة الأحوال الَّتي يعانيها مَن ولاَّه الله - تعالى - عليهم، أو يعتمد على ما تنبع به الآبار الإخبارية من أنباءٍ اللهُ - تعالى - أعلم بمصداقيَّتها في ظلّ غياب المصداقيَّة عن كثيرٍ من أمورنا في سُباتٍ عميق. المجتمع الجامعي: أقول لك: إذا ما نويْتَ يومًا أن تقوم بعمليَّة استِكْشافية لذلك المجتمع، فلا أقلَّ من صلاة ركعتَين تسأل الله - تعالى - العصمة فيهما ممَّا سيقرع سمعَك، ويؤذي بصرَك، ويزلزل قلبَك، ويزكم أنفَك، ويصيب جلدَك بقشعريرةِ السَّقيم الَّذي أهلك المرضُ عظامَه، عندما تدخل ذلك المجتمع الجامعي في إحدى المجتمعات المنحلَّة وما أكثَرَها! إن لم يكن البحث عن مُجتمع مُحافظ أندر من الكبريت الأحمر. فلا تدخل إلى ذلك المكان إلا وترى آثارَ المعصية باديةً على كلّ شيء في المكان: الطلاب، الموظَّفين، هيئة التَّدريس، الأشجار، المباني، رجال الأمْن، بائعي الأطعمة، المقاعد، المكتبات، الكتُب، نفس الأرض التي تمشي عليها، بدلاً من أن ترى الدَّمع في عينيها كمدًا وحزنًا، تجدها وكأنَّها أخذت عهدًا على نفسها ألا تنشق وتبلعهم ولاءً لهم ولمعاصيهم. فهو مجتمع يموجُ بالمتنوّع من العقائد والأفكار والمبادئ والأخلاقيَّات المتعانقة؛ فالنَّصراني والملْحِد والمسلم، المتبرّجة السَّافرة الكاشفة عن أجزاء من بدنها مع المحجَّبة والمنتقبة - المزيَّفة - وظاهرة الالتزام، الشَّاب مع الفتيات والفتاة مع الشَّباب، منهم مَن يفترش الأرض وتُلاصق ملابسُهم الغالية الثَّمنِ الَّتي تتناسب مع أحدث الصَّيحات تُرابَ البلاط الجامعي. وإذا ما قلَّبتَ بصرَك رأيت الجلسات المريبة بين الجنسين في مختلف أركان الجامعة، في صورة أتْقَنَ الشيطانُ رسْمها بريشة الإغواء وألوانه التي زيَّنت سوء العمل. ولعلَّك تحتاج إلى كمامة تحفظ بها أنفك، لا من عبق المعْصية كبيرها وصغيرها، ولكن من مختلف الرَّوائح الفوَّاحة من العطر النسائي والرجالي، وتزداد الطينة بِلَّة إذا ما اختلط هذا بالمختلف من أنواع السَّجائر المحلّية والمستوردة التي يتقاسم شربَها الجميعُ، وكأنَّه شهيق وزفير تتنفسه الرذيلة. إذا قلَّبت بصرك راغبًا في رؤية أعضاء هيئة التدريس على إثر الصورة المرْسومة بذهنك تجاه هؤلاء، الَّذين من المفترض اتّسامُهم بالوقار والرَّزانة والنّضوج والأدب والاعتدال، فضلاً عن التدين، رأيت العجَبَ العجاب؛ فإنَّك لا تستطيع أن تفرِّق في السَّمت والدَّلّ بين المحاضر والطَّالب، ولا المحاضِرة ولا الطَّالبة، لا بسبب روح التَّواضع والمساواة، ولكن لأنَّ الانحراف الفكري والذَّوقي قد أرخى سدولَه على الجميع، والانحلال الأخلاقي قد ضرب بأوتاده على مظاهر الكلّ، فالكل مشترك في الاغتِراف من هذا المعين ما بين مستقلٍّ ومستكثِر. هل تودّ الدخول لإحدى قاعات المحاضرات؟ تعالَ معي لنرى كيف حال الطّلاب قبل دخول المحاضِر، وحال دخوله، وبعد رحيله. فانظر معي هل ترى هذا الجمْع المتراكِم من الفتيات والفتية، الذين يجلسون مصطفّين كالزجاجات الفارغة التي يقذف صبي عليها الكرة، يضْحكون، يتمايلون، يتلامسون بالأكفّ والأجساد؟ لا تنزعج؛ فهذا صوت إحداهنَّ تضحك على إثر انفجار إحدى القذائف الإبليسية الإغوائية بداخلها! وانظر هل ترى هؤلاء الَّذين صنعوا سحابةً من الدّخان الكثيف أظلَّت قاعة المحاضرات؟ وانظر هل ترى هؤلاء الذين يستمِعون إلى الأغاني على هاتفهم المحمول؟ انظر... انظر... إنهم يصفِّقون ويضحكون ويتراقصون. وانظر إلى هذا المنظر الرومانسي الآخر، فهل هذا الشَّاب وتلك الفتاة متزوِّجان؟ يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |