|
|||||||
| هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
جمع القرآن الكريم هشام الهواري(1) الحمدُ لله الذي هدانا لكتابه، وفضَّلنا على سائر الأمم بأكرم أحبابه، حمدًا يستجلب المرغوب من وضائه، ويستعطف المخزون من عطائه، ويجعلنا من الشاكرين لنعمائه، والعارفين لأوليائه، وصلى الله على سيدنا محمدٍ رسوله المصطفى، ونبيه المجتبى، وعلى آله وعترته الطيبين، وعلى أصحابه الطاهرين، وأمته أجمعين. أنزل الله عزَّ وجلَّ على عبده محمدٍ صلى الله عليه وسلم القرآنَ الكريم ليكونَ للعالمين بشيرًا ونذيرًا، وجعله خاتمةَ كتبِهِ، مصدِّقًا لها، ومهيمنًا عليها، وحجَّةً على خلقه، ومعجزةً لنبيه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. وقيَّض الله تبارك وتعالى لكتابه العزيز أئمةً ثقاتٍ، تلقَّوه عن النبي صلى الله عليه وسلم فنقلوه إلينا غضًّا طريًّا كما أُنزل رواية ودِرَاية، سالمًا معصومًا من الخطأ والزَّلل. وجعل للمشتغلين به أجرًا ومَزِيَّةً، وتواترت فضائل حَمَلَتِهِ وقُرَّائه في الأحاديث النبوية، تحقيقًا لوعد الله تعالى القائل: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]. ولما تكفَّل الله تعالى بحفظه، خصَّ مَن شاء مِن بَرِيَّتِهِ، وأورثه مَن اصطفاه من خليقته؛ قال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ﴾ [فاطر: 32]، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ لله أهلين من الناسِ، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: هم أهل القرآن، هم أهل الله وخاصَّتُهُ)[2]. ولم يترك الرسول صلى الله عليه وسلم أمرًا فيه حثٌّ على حفظ القرآن الكريم إلا أمر به، فكان يفاضل بين أصحابه بحفظ القرآن، ويعقد الراية لأكثرهم حفظًا للقرآن، وإذا بعث بعثًا جعل إمامهم في صلاتهم أحفظَهم لكتاب الله، فضلًا عن كثرة الأحاديث الداعية لحفظ القرآن الكريم. فالنبي صلى الله عليه وسلم هو خير من تعلم القرآن وعلَّمه، بلَّغه وبيَّنه لصحابته الكرام، فحفِظوه وتنافسوا في تلاوته وتدبره، ومدارسته وتفسيره والعمل به، وعلى نهجهم سار التابعون ومَن تبعهم بإحسان، فغدت سنة مُتَّبَعَةٌ يأخذها اللاحق عن السابق؛ عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه رضي الله عنهما قال: (القراءة سُنَّةٌ، فاقرؤوه كما تجدونه)[3]. هكذا كانت نظرة السلف رحمهم الله لِما يتلقَّونه من الوحي، مستشعرين في ذلك أنهم مبلِّغون عن الله عز وجل، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم. معنى جمع القرآن: لغة: الجمع مصدر الفعل "جمع"، يقال: جمع الشيء يجمعه جمعًا؛ قال الجوهري: "أجمعت الشيء: جعلته جميعًا، والمجموع: الذي جُمِعَ من ها هنا وها هنا، وإن لم يُجعَل كالشيء الواحد"[4]. وقال ابن منظور: "جمع الشيء عن كل تفرقة يجمعه جمعًا، واستجمع السيل: اجتمع مع كل موضع، وجمعتُ الشيء... وتجمَّع القوم: اجتمعوا أيضًا من ها هنا وها هنا"[5]. ويتضح أن معنى كلمة (جمع) في اللغة: التأليف وضمُّ المتفرق. اصطلاحًا: جمع القرآن الكريم يُطلَق في علوم القرآن على معنيين: الأول: جمعه بمعنى: حفظه في الصدور؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17]؛ أي: جمعه في صدرك، وإثبات قراءته في لسانك"[6]؛ يقول الإمام الطبري رحمة الله عليه: "وقوله: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾؛ يقول تعالى ذكره: إن علينا جمع هذا القرآن في صدرك يا محمد، حتى نثبته فيه، ﴿ وَقُرْآنَهُ ﴾؛ يقول: وقرآنه حتى تقرأه بعد أن جمعناه في صدرك"[7]. والثاني: جمعه بمعنى: كتابته؛ ويدل على ذلك ما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في قضية جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومما ورد فيه قول عمر بن الخطاب لأبي بكر رضي الله عنهما: ((وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن))، وقول زيد بن ثابت رضي الله عنه: ((فتتبَّعتُ القرآن أجمعه من العُسُبِ واللِّخافِ وصدور الرجال))[8]. يقول الإمام الزرقاني: "كلمة جمع القرآن تُطلَق تارة ويُراد منها: حفظه واستظهاره في الصدور، وتطلق تارة أخرى ويُراد منها: كتابته كله حروفًا وكلمات وآيات وسورًا؛ هذا جمع في الصحائف والسطور، وذاك جمع في القلوب والصدور، ثم إن جمعه بمعنى كتابته حدث في الصدر الأول ثلاث مرات؛ الأولى: في عهد النبي صــلى الله عليه وسلم، والثانية: في خلافة أبي بكر، والثالثة: على عهد عثمـــان، وفي هذه المرة الأخيرة وحدهـــا، نُسخِت المصـــاحف، وأُرسلت إلى الآفـــــــاق"[9]. جمع القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم: كان الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم مولَعًا بالوحي، يترقب نزوله عليه بشوق، بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام، يُقرِئه القرآن فيحفظه ويفهمه، فكان بذلك أول الحُفَّاظ، ولصحابته فيه الأسوة الحسنة؛ شغفًا بأصل الدين ومصدر الرسالة السماوية. وأما الصحابة رضوان الله عليهم، فقد كان كتاب الله عز وجل في المحل الأول من عنايتهم، يتنافسون في استظهاره وحفظه، ويتسابقون إلى مدارسته وتفهمه وتدبره والعمل به؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: ((جمعت القرآن، فقرأت به كل ليلة، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اقرأه في شهر))[10]. يقول الإمام ابن الجزري رحمه الله: "إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لا على حفظ المصاحف والكتب، وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة"[11]، وقال: "وذلك بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه، لا في الكتب، ولا يقرؤونه كله إلا نظرًا لا عن ظهر قلب، ولما خصَّ الله تعالى بحفظه مَن شاء مِن أهله، أقام له أئمة ثقات تجرَّدوا لتصحيحه، وبذلوا أنفسهم في إتقانه، وتلقَّوه من النبي صلى الله عليه وسلم حرفًا حرفًا، لم يهملوا منه حركةً ولا سكونًا، ولا إثباتًا ولا حذفًا، ولا دخل عليهم في شيء منه شكٌّ ولا وَهْمٌ، وكان منهم من حفظه كله، ومنهم من حفظ أكثره، ومنهم من حفظ بعضه، كل ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في أول كتابه في القراءات من نقل عنهم شيء من وجوه القـــراءة من الصحابة وغيرهم؛ فذكر من الصحابة: أبا بكــر، وعمر، وعثمان، وعليًّا، وطلحة، وسعدًا، وابن مسعود، وحذيفة، وسالمًا، وأبا هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وعمرو بن العاص، وابنه عبدالله، ومعاوية، وابن الزبير، وعبدالله بن السائب، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة، وهؤلاء كلهم من المهاجرين، وذكر من الأنصار أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبا الدرداء، وزيد بن ثابت، ومجمع بن جارية، وأنس بن مالك، رضي الله عنهم أجمعين"[12]. من خلال ما تقدم يتضح لنا أن حفَّاظ القرآن في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا جمًّا غفيرًا، "حتى كان عدد القتلى ببئر معونة ويوم اليمامة أربعين ومائة؛ قال القرطبي: قد قُتل يوم اليمامة سبعون من القرَّاء، وقُتل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببئر معونة مثل هذا العدد"[13]. لم يكتفِ النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ القرآن الكريم، وإقرائه لأصحابه، وحثِّهم على تعلمه وتعليمه، بل جمع إلى ذلك الأمر بكتابته وتقييده في السطور، فكان كلما نزلت عليه آياتٍ، دعا الكُتَّاب فأملاه عليهم، فيكتبونه، وبذلك كان القرآن مكتوبًا كله بأمره في عهده صلى الله عليه وسلم. ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم اتخذ عددًا من كُتَّابِ الوحي، ومنهم الخلفاء الأربعة، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، ومعاوية، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وعبدالله بن رواحة، وخالد بن الوليد، وغيرهم[14]، "وكان يأمرهم بكتابة كل ما ينزل من القرآن؛ عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ((كنت جارَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا نزل الوحي، أرسل إليَّ فكتبت الوحي))[15]، تنزل الآية فيأمرهم بكتابتها، ويرشدهم إلى موضعها من سورتها، حتى تظاهر الكتابة في السطور الجمع في الصدور، كما كان بعض الصحابة يكتبون ما ينزل من القرآن ابتداءً من أنفسهم، دون أن يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم، فيخطُّونه في العُسُبِ (جريد النخل)، واللِّخاف (صحائف الحجارة)..."[16]؛ عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ((كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلِّف القرآن من الرِّقاع))[17]. ويسمى هذا الجمع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حفظًا وكتابةً: "الجمع الأول". جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه: قام أبو بكر بأمر الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وواجهته أحداثٌ جِسام في ارتداد جمهرة العرب، فجهَّز الجيوش وأوقدها لحروب المرتدين، وكانت غزوة أهل اليمامة سنة اثني عشرة للهجرة، تضم عددًا كبيرًا من الصحابة القُرَّاء، فاستُشهد في هذه الغزوة سبعون قارئًا من الصحابة، فهال ذلك عمر بن الخطاب، ودخل على أبي بكر رضي الله عنهما، وأشار عليه بجمع القرآن وكتابته خشيةَ الضياع؛ فإن القتل قد استحرَّ يوم اليمامة بالقُرَّاء[18]. "روى البخاري في صحيحه[19]، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: ((أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر عنده، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ يوم اليمامة بقرَّاء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالمواطن، فيذهب كثيرٌ من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر: كيف نفعل شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يَزَلْ عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر، قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شابٌّ عاقل لا نتَّهِمُك، وقد كنتَ تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبَّعِ القرآن واجمعه، قال زيد: فوالله لو كلَّفوني نقلَ جبل من الجبال ما كان أثقل عليَّ مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير[20]، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتبَّعْتُ القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ [التوبة: 128] مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره، فألحقتها في سورتها فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر"[21]. "وقد راعى زيد بن ثابت رضي الله عنه نهاية التَّثَبُّتِ، فكان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة، وقوله في الحديث: ((ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره))، لا ينافي هذا، ولا يعني أنها ليست متواترة، وإنما المراد أنه لم يجدها مكتوبة عند غيره، وكان زيد يحفظها، وكان كثير من الصحابة يحفظونها كذلك؛ لأن زيدًا كان يعتمد على الحفظ والكتابة معًا[22]، فكانت هذه الرواية محفوظة عند كثير منهم، ويشهدون بأنها كُتبت، ولكنها لم توجد مكتوبة إلا عند أبي خزيمة الأنصاري"[23]. يتبع
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |