|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ضعف الاستجابة للتوجيهات الشرعية التي تحض على العمل د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي أعتقد جازماً أن هناك ضعفاً كبيراً في الاستجابة للتوجيهات الشرعية بشكل عام، وفي مجال العمل والسعي إليه بشكل خاص، على عكس بعض غير المسلمين، فتجدهم ينسبون حرصهم للعمل والجدية والإتقان فيه إلى توجيهات دياناتهم، وهي ديانات ضالة أو محرفة. وقد سبق أن قرأت نصاً في مجلة البيان، يقول: "إن العقيدة البروتستانتية تحث على الإخلاص في العمل، والحث على الإتقان فيه، حتى صارت الصناعة الغربية آية في الإتقان والجودة "[1]. ومما قاله الشاب الياباني "تاكيو أوساهيرا" في قصته المشهورة بعد أن صنع محركاً بعد ابتعاثه لألمانيا: إننى " بوذي " الديانة على مذهب (رن)، ومذهبي هذا يقدس العمل، فأنت تتعبد إذ تعمل، وما تعمله بعد ذلك من شيء نافع، يقربك من " بوذا "[2]. هذان النصان عندما قرأتهما شعرت بالمرارة والألم الذي جعلني أتساءل، إن ديننا الإسلامي دين الله الخاتم؛ وتوجيهاته الشرعية صدق وعدل، ولا مبدل لكلمات الله تعالى، وقد جاءت بالهداية والكمال في كل شؤون الحياة، ومنها الحض على العمل وعلى الإتقان والإنتاج، ومن التوجيهات التي تحض على العمل، وعلى معالي الأمور: قوله تعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105][3]. وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُم الْقِيَامَةُ وَفِي يَدِهِ فَسْلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا"[4]. وعَنْ كَعْبِ بن عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِلْدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟، فَقَالَ رَسُـولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ"[5]. وفي هذه الأحاديث يتبين حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على توجيه الصحابة رضوان الله عليهم، والأمة من ورائهم، إلى العمل الدؤوب والمثابرة، ولو بدت الثمرة بعيدة المنال، وكان من نتائج هذه التوجيهات في حياة الأمة المسلمة استمرار الدعوة إلى الله، وتكوين حضارة شامخة وحركة علمية ضخمة استمرت في واقع الأرض عدة قرون[6]. ويتضح من التوجيهات السابقة تأكيد الشريعة الإسلامية على أهمية العمل والكسب الطيب والسعي إليه والأخذ بالأسباب المشروعة؛ ولكن المشكلة لدى كثير من المسلمين تكمن في ضعف الاستجابة لهذه التوجيهات السامية والعمل بها، لذلك ينبغي على المؤسسات الدعوية والتربوية بيان هذه التوجيهات والتأكيد عليها. [1] بن عاشور، خميس، الدين والعلم على أعتاب قرن جـديد، مجلة البيان، العـدد رقم: 238، ص 100. [2] الحازمي، عبدالرحمن، هكذا يكون الرقي بالأمة، " رؤية واقعية - رؤية تأصيلية - رؤية مستقبلية"، المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بشرق جدة، 1433هـ، ص85. [3] سورة التوبة، الآية رقم: 105. [4] ابن حنبل، المسند، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه، حديث رقم: 12435، الألباني، السلسلة الصحيحة، ج1، ص8. [5] الطبراني، المعجم الكبير، حديث رقم: 15619، الألباني، صحيح الترغيب والترهيب، باب: الترغيب في الاكتساب، حديث رقم: 1692. [6] قطب، محمد، كيف ندعو الناس، دار الشروق ، القاهرة ، 2000.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |