تردد بعض الأتقياء في الاستغفار للمذنبين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14010 - عددالزوار : 747893 )           »          تبديد الخوف من المستقبل المجهول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          عظة مع انقضاء العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          واو الحال وواو المصاحبة في ميزان التعريف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          أهمية طلب العلم في حياة الشباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          {وقولوا للناس حسنا} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          "من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.." ماذا بعد موسم الحج؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          من رعاة غنم إلى قادة أمم.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الصداقة في حياة الشباب والفتيات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          مبدأ التخصص في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-11-2020, 09:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,334
الدولة : Egypt
افتراضي تردد بعض الأتقياء في الاستغفار للمذنبين

تردد بعض الأتقياء في الاستغفار للمذنبين


هشام محمد سعيد قربان



هيَّا يا عزيزي القارئ، والتفِت حولك يَمنةً ويَسرةً، هنا وهنالِك، وتأكَّدْ، وتفحَّصْ، واحذرْ أن يرانا ويسمعَنا ويشهدَنا أحدٌ، واقترِب مني لأخبرَك سرًّا دفينًا ثقيلًا، كنتُ خَبَأْتُه وكَتَمْتُه، وتناسَيْتُه وأنكرْتُه زمنًا طويلًا، لقد بدأ ظَنًّا صغيرًا، لا يُؤْبَهُ له، ولا يُحْتَجُّ به، ولكنني أراه يكبر ويقوى، ويكاد - بل يوشك - أن يصبح يقينًا، والله أعلى وأعلم.


إنَّ محدثَكم كاتبُ هذه الاعترافات المخجلة، وكثيرًا ممن أعرف وتعرفون، وأكثر منهم ممن لا أعرف وتعرفون، ولا تنكرونهم وإن هم أنكروا وتنصلوا - غلاظُ القلوب، معصومون من كل الخطايا، مبرَّؤون من كل عيب ونقيصة، ثيابُهم - كنيَّاتِهم - بيضاءُ ناصعةٌ ونقيةٌ، لا تعرف شائبةً ولا دَرَنًا، ولسانُ حالهم يوحي زعْمَهم بأنهم يحملون في جيوبهم - دون أبينا آدمَ عليه السلام وكلِّ ولده - أمانةً ثقيلةً، هي مفتاح الجنة؛ فلا يدخلُها، ولن يسمحوا بدخولها أبدًا، إلَّا لمن يفتحونها له، وذلك بعد أن يَضمَنُوا سريرته، ويَتَرَضَّوْا عنه، ويأذنوا بالتَّرَضِّي عنه، تعالى الله عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا.

لا تنظر إليَّ هكذا مستغربًا! فما أخبرك إلا ما أراه حقًّا وصدقًا، ولا تقل لي: إنك تعرف من أقصدُ وأُلَمِّحُ إليهم، لا... ولا، وألف لا ولا، لا أقصد العلماء المحققين المجتهدين الأتقياء الربانيِّين، فلدَى هؤلاء الكرام الأفاضل من نور العلم وصادق الورع ما يحمِيهم من هذه المزالق وتلك المهالك، بل أقصد من هُم على شاكلتي من العوام وأنصافِ المتعلمين وأدعياءِ الفقه، الذين لا يَرى فيهم المؤمن المتفرِّس سِيمَاء العلم وبرَكته وإنْ هم تَزَيَّوْا بزِيِّ أهله، وحاكَوْا بعض كلامهم ومسلكهم، والله المستعانُ والمرجوُّ في إصلاح حالنا.

كنت مثلَهم، وكانوا مثلي، مذنبين، نعم مذنبين بل مفرطين، ولقد كان الشيطان - أحيانًا - لَيستحيي من سوء صنيعنا! وفجأةً، ومن حيث لم نحتسب، قذف الله في قلوبنا المظلمةِ الموحشةِ بعضَ هدايته، وحبَّبَ إلينا بعض طاعته، ألا ما أكرمَه وأرحمَه!

كما بدأنا نحاول - وحدَنا غالبًا - فهْمَ أُولى مبادئ ديننا، وأكرمَنا ربُّنا باتباع بعض السنن الجميلة الظاهرة في ملبس ومشرب وهيئة، وأظن أن وجوهنا عندئذٍ أضاءت قليلًا بعد طول ظلام، فأحبَّنا الناس، ووَثِقوا فينا.

حسب بعضنا - وأظنهم ليسوا بقلَّة، وأنا أولُهم - أننا أصبحنا بين ليلةٍ وضحاها حُفَّاظًا ومفتين، ومجتهدين ومرجحين، وآمرين وناهين، والأَولى بتصدر المجالس والتقديم والتكريم، عندها كرِهْنا ماضينا، ومعاصي ماضينا، وكرهنا حالَنا في ماضينا، وكرهنا كل من نراه متلبِّسًا بتلك المعاصي، كرهناه، نعم كرهناه، وكره بعضنا فِعلَه، بل بالغ وكرِه شخصَه واسمَه وكل ما يتصل به، وظننَّا تلك المشاعر في حينها - مخطئين - تعبُّدًا وتديُّنًا، وولاءً وبراءً، ومفاصلةً، أنا لا أطعن إلَّا في نيتي؛ فأنا بخباياها أدرى، ولا - ولن - أطعن في نيات غيري؛ فلقد كانت نيات الكثير حسنةً وخالصةً، وغاياتُهم نبيلة، لكني عرفت لاحقًا - ولعل مِثلي كثير - أن الله سبحانه وتعالى يريد مني، ومنَّا جميعًا، شرطًا ثانيًا لا بد من اقترانه بخلوص النية، ألا وهو: صوابُ العمل وموافقتُه لمراد الله ورسوله، وتناغمُه مع روحِ هذا الدين ومقاصدِه، وحكمتِه وعدلِه، وتسامحِه ورحمتِه، وحبِّه الخير للناس، مؤمنِهم وكافرِهم، مُصيبِهم ومخطئِهم.

عجيبٌ والله ذلك الجهل المغرور، وتلك القسوة والغلظة التي عشَّشت ونخرت زمنًا في قلبي وقلوب بعضنا، والتي لم أزل ومعي أقوام كثر - ويا لَلأسفِ والحسرةِ، وإلى الله المشتكى - نعاني كثيرًا مما تَبَقَّى منها ليومنا هذا.

حينما تصفو البصيرة - ويا ليت صفاءها يدوم لي ولكم ولنا أجمع - ألومُ نفسي وأُسائلُها قائلًا: ألَمْ تقرئي - يا نفسُ - في كتاب الله خطابَه الراحم بالمذنبين المسرفين أنْ لا يقنطوا من رحمته؛ لأنه يغفر الذنوب جميعًا، ولكنه لا يغفر أن يشرك به؟

ألم تفقهي قوله: ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النجم: 32]؟
ألم تسمعي قول المصطفي الأمين، مُبَلِّغ الدينِ القويم ورسالةِ رب العالمين، حين يقول: ((لن يدخل الجنةَ أحدٌ بعمله...))؟

ألم يَبلُغْكِ من أخبار الرسول المتكاثرة والمتواترة عن رحمة الله ببغيٍّ من بغايا بني إسرائيل؟ لا لكثير صلاة منها وتعبُّد، وبذْلٍ وتبتُّل، ولكنْ لما وقع في قلبها حين سقت كلبًا ظمآن - ما الله وحده به عليم - من صفاء الإيمان، وخالص التوحيد، ولطيف الرحمة، وحسن الظن بالله، ورجاء عفوِه ومغفرتِه، ولو بلغت ذنوبها عَنانَ السماء؟

ألم يصلْكِ عن طريق أسانيدِ الثقات قولُ رسولنا وحبيبنا في خبر امرأة زلَّتْ قدمها، فأرادت أن تنقيَ روحها، وتطهرَ نفسها؛ بطلب إقامة الحد عليها قبل لقائها ربها؟ ففي الحديث أن امرأةً من جهينةَ أتت نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وهي حُبْلَى من الزنى، فقالت: "يا نبيَّ اللهِ، أصبتُ حدًّا فأقِمْهُ عليَّ"؛ فدعا نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وَلِيَّها، فقال: ((أحسِنْ إليها، فإذا وضعتْ فائتِنِي بها))، ففعل، فأمر بها نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فشُكَّتْ عليها ثيابُها، ثم أمر بها فرُجِمَتْ، ثم صلى عليها؛ فقال لهُ عمرُ: "تصلي عليها - يا نبيَّ اللهِ - وقد زنت؟!"، فقال: ((لقد تابت توبةً لو قُسِّمَتْ بين سبعين من أهلِ المدينةِ لوَسِعَتْهُم؛ وهل وجدتَ توبةً أفضلَ من أن جادتْ بنفسِها للهِ تعالى؟)).

الراوي: عمران بن الحصين - المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1696
خلاصة حكم المحدث: صحيح.

ألم تذاكري يا نفسُ خبرَ قاتل المائة نفس، واختصام ملائكة الرحمة والعذاب في حاله ومآله؟

ألم يصلْكِ خبر ذاك الصحابي الجليل المبتلى بشرب الخمر، الذي كان كثيرًا ما يؤتَى به للرسول الأكرم ليُجلَد في شربها، ثم يشهدُ له الرسول الكريم ذو القلب الرحيم بأنه ((رجل يحب الله ورسوله))؟

لعل ما سبق شرحه وبسطه ينقض العنوان المتصدر لمقالنا نقضًا شديدًا، فلا تقوم له قائمة بعد هذا البيان، فليس بحق أبدًا في ديننا وشرعنا وهدينا أن الأتقياءَ الصادقين يأنَفون من الاستغفار للمذنبين من أهل الملة والقِبلة، الذين ابتُلُوا - كما ابتُلِينا - بهذه القاذورات، وواقَعوها، واقترَفوها؛ شهوةً وضعفًا، ولم يستحِلُّوها، أو ينكروا حرمتها، ولم يستخِفُّوا بمن حرَّمها ووعيدِه وأليمِ عقابه.

اللهم إننا نرجو مغفرتك وتوبتك وسترك، اللهم اعفُ عمَّا سلف وكان.

"اللهم استرنا واجعل تحت الستر ما تحب"، ألا ما أبلغها من مقولة علَّمَناها الزاهدُ التقي بشرٌ الحافي رحمنا الله وإياه، تجمع في بلاغةٍ وفقهٍ بين نعمتين:
1- سؤال الله الستر.
2- وصلاح الحال والتوفيق لصالح العمل تحت ستر الله، حتى نلقاه وهو عنا راضٍ غيرُ غضبان.

اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غِلًّا للذين آمنوا، إنك غفور رحيم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.79 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.18%)]