|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() الأمة بين اليأس والأمل الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق السبب الثالث: التوهم: إن التوهم لحجم قوة الأعداء وأنهم يملكون من القوة والقدرة ما لا يملكها أهل الإسلام، وما قبل لهم به، وأن سطوتهم تصل إلى كل أحد، كل هذا يكون سبباً في بث روح اليأس والوهن والقنوط لدى كثير من الناس. إنه عند وقوع هذا التوهم في النفوس، يجب أن نستحضر الحقائق الآتية: الأولى: أن القوة والعزة بيد لله جميعاً، قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً ﴾[فاطر:10]. ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ﴾ [النساء:139]. ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون:8]. الثانية: أن النصر منه سبحانه وبيده وحده، ولكن النصر من الله تعالى موقوف على عمل العباد، قال تعالى: ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران:126]. ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج:40]. ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران:160]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾[محمد: 7]. الثالثة: أنه لا يصح الاغترار بقوة الأعداء، فإنهم وإن كانوا مجتمعين في ظاهر الأمر، فحقيقتهم غير ذلك، قال تعالى: ﴿ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ ﴾ [الحشر: 14]. الرابعة: أن الأعداء لا يقع لهم كل ما يخططون، فهم كما قال الله تعالى: ﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [ الأنفال:30]. وهذا المكر الكبَّار من الكافرين يجب ألا يكون موقعاً في الحزن واليأس والضيق: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾[ النحل: 127] لـ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]. إن مكر الكافرين وما يضعونه من خطط واستراتيجيات عسكرية وثقافية واقتصادية هو بلا شك صائر إلى خسارة وبوار: ﴿ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾[فاطر:10]. وليس مكر الكفار اليوم بدعاً من الفعل، فقد مكر الذين من قبلهم، فرد الله مكرهم وكيدهم وجعله في نحورهم، قال تعالى: ﴿ وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ﴾[ الرعد:42]. نعم إن مكر الكافرين عظيم، ولكن مكر الله بهم أعظم فهو العليم بهم القادر عليهم:﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾[الرعد:46]. إن مكر الكافرين فيه علو وخطر واستكبار كبير، لكنه بلا شك راجع عليهم، سنة الله، ولن تجد لسنته تبديلاً ولا تحويلاً. قال تعالى: ﴿ اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً ﴾[ فاطر:43-44]. وقال تعالى: ﴿ وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [النمل:50-51]. إن اليأس والقنوط كما تقدم يفعل فعله في النفوس، فيحطم حيويتها ونشاطها، ويدخل الوهن والخوف، فيصاب الإنسان بالشلل والعجز وقد يصل الأمر إلى عجز تام، وقل ذلك أيضاً في حال الأمة. أو قد يدفع البعض وقد اعتراه يأس من حاله أو حال أمته - فهو مشتت الذهن مضطرب الفكر والسلوك - إلى فعلٍ لا يقره شرع ولا عقل، فيعيث فساداً في الأرض، فيقتل النفس التي حرمها الله إلا بالحق، فيجترئ على نفسه فيقتلها، فكان حكمه حكم المنتحر، أو على الأنفس المعصومة قتلاً فيكون حكمه حكم الباغي أو المحارب أو الخارجي كل بحسب حاله وصفه. ♦♦♦♦♦ لكل ما تقدم كان الشرع موجهاً لنقيض اليأس، ألا وهو الأمل الذي من خلاله تنهض الهمم، وتزاح عن الكواهل مظاهر الضعف والعجز والشلل، تثبت النفوس عند الفتن، ولا تستسلم لواقعها، بل تغالب القدر بالقدر فالكل أقدار الله تعالى. ما هو الأمل؟!! الأمل في اللغة يعني الرجاء، يقال: أَمَّلَ خيره يأمُلُ، وهو ظن حصول ما فيه مسرة وفرح. [انظر: المعجم الوسيط: (27) و الأصفهاني: (المفردات: 2/190) ]. واصطلاحاً: (توقع حصول التمكين لهذه الأمة، والنصر لها على أعدائها، والجبر لكسرها، على الرغم مما ألم به من ملمات وخطوب ومصائب، أثقلت كاهلها توقعاً أكيداً يزيد على الظن بمقدار زيادة اليقين في النفوس) [محمد أبو صعيليك: الأمل: (9) ]. إن للأمل مكانة لدى الإنسان، فهي تتعلق به طول حياته، ملازمة له، لا تنفك عنه، وإن طال عمره وكبرت سنه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول لا يزال قلب الكبير شاباً في اثنتين: في حب الدنيا، وطول الأمل) [البخاري 5/2360]. ولهذا سنجد أن الإسلام قد اهتم بهذا الجانب وأعطاه مزيد اهتمام، ولهذا أيضاً سأركز على هذا المحور في هذه المحاضرة. تنبيه: يجدر هنا التنبيه ابتداءً على أن الأمل قد يكون مذموماً في نظر الشرع؛ إذا تعلقت النفس بالدنيا واغترت بزينتها وشهواتها بما ينسي الآخرة وسعيها وفي هذا النوع من الأمل المذموم ورد قوله تعالى: ﴿ ذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلههم الأمل فسوف يعلمون ﴾[الحجر: 3 ]. فمن سلم من ذلك لم يكن أمله مذموماً مطالباً بإزالته، يقول ابن حجر– رحمه الله -:( وفي الأمل سر لطيف؛ لأنه لولا الأمل ما تهنى أحد بعيش، ولا طابت نفسه أن يشرع في عمل من أعمال الدنيا، وإنما المذموم منه الاسترسال فيه، وعدم الاستعداد لأمر الآخرة فمن سلم من ذلك لم يكلف بإزالته) [فتح الباري (11/237) ]. وهذا الأمل المذموم هو ما كان يخاف منه النبي ويحذر منه، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خط النبي صلى الله عليه وسلم خطاً مربعاً، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه، وخط خططاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط وقال: " هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به، أو قد أحاط به، وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا، نهشه هذا وأن أخطأه هذا نهشه هذا " [البخاري 5/2359 ]. وفي هذا إشارة إلى أن الأجل والأعراض قد يحولان دون الأمل، وهو يلفت أصحاب العقول إلى ما ينبغي أن تنصرف إليه الهمة في الدنيا، وما ينبغي عليهم في حد الاعتدال فيما يجدونه في النفس من الأمل. وقد حذر الصحابة أيضاً من الأمل الفاسد المذموم، فعن عن علي رضي الله عنه قال: (إن أخوف ما أخاف عليكم إتباع الهوى، وطول الأمل، فأما إتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل، فينسى الآخرة )[ابن حجر: فتح الباري (11/ 236) ]. علاج الأمل المذموم: فإذا عرفت أسباب الأمل المذموم أمكن علاجه، وذلك بتهذيب النفس الراغبة بطبعها في المتاع الزائل، وعدم الاسترسال بالأمل، وكبح وساوس النفس والشيطان باستجماع الطاقة والجهد في مكافحتها، واستحضار المعاني الحقيقية للدنيا وما فيها وأنها وسيلة لبلوغ دار المقامة. اقتران الأمل بالأسباب: لا بد من اقتران الأمل بالله تعالى بالعمل والجد والأخذ بالأسباب، لا بالكسل والتمني، قال تعالى:﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾ [الكهف:110]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[ البقرة:218]. وقد أوضح الإمام ابن القيم –رحمه الله – الفرق بين الرجاء والأمل وبين التمني فقال: (الفرق بينه – أي الرجاء – وبين التمني، أن التمني يكون مع الكسل، ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد، والرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل. فالأول: كحال من يتمنى أن يكون له أرض يبذرها ويرجو طلوع الزرع، ولهذا أجمع العارفون على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل... والرجاء ثلاثة أنواع: نوعان محمودان، ونوع غرور مذموم. فالأولان: رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله، فهو راج لثوابه، ورجل أذنب ذنوباً ثم تاب منها، فهو راج لمغفرة الله تعالى وعفوه وإحسانه وجوده وحلمه وكرمه. والثالث: رجل متماد في التفريط والخطايا، يرجو رحمة الله بلا عمل، فهذا هو الغرور والتمني، والرجاء الكاذب) [مدارج السالكين: (2/217-218) ]. إذاً لا بد في الأمل والرجاء من الأخذ بالأسباب، وإلا كان هذا الأمل حمق وغرور، وسفاهة وعجز، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني " [الترمذي: برقم: (2461) وابن ماجة برقم: (4260) ]. قال يحيى بن معاذ: (من أعظم الاغترار عندي التمادي في الذنوب مع رجاء العفو من غير ندامة، وتوقع القرب من الله تعالى بغير طاعة، وانتظار زرع الجنة ببذر النار، وطلب دار المطيعين بالمعاصي، وانتظار الجزاء بغير عمل، والتمني على الله عز وجل مع الإفراط ). ترجوا النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبس فالأمل الحقيقي المحمود لا بد من اقترانه بالعمل والأخذ بالأسباب؛ حتى يصير باعثاُ على الجد والمجاهدة، وإلا صار غروراً وتمنياً وحمقاً.[ انظر: رضا المصري: الأمل: (17 – 18 )]. ♦♦♦♦♦ إخوتي الأفاضل: إن القرآن يغرس الأمل والثقة في النفوس من خلال آياته، ومن تلك الآيات، قوله تعالى: 1- ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة:32]. 2-﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ﴾[النور:55]. 3- ﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾[ لقمان:47]. 4- ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾[الحج:38]. 5- ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾[يونس:103] 6- ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾[آل عمران:12]. 7- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال:36]. وآيات القرآن الكريم في ذلك كثيرة. كما أن شقيقة القرآن الكريم، السنة المطهرة فيها الكثير من الأحاديث التي تغرس وتعزز الأمل في النفوس، وتدعوها إلى عدم اليأس من الواقع والتمسك بالأمل والثقة بنصر الله ورحمته، ومن تلك النصوص: 1- بعث الأمل من قبل النبي صلى الله عليه وسلم لما مر على آل ياسر وهم يعذبون أشد العذاب من كفار قريش فقال لهم: " صبراً آل ياسر، فإن موعدكم الجنة " لقد فعلت هذه الكلمة فعلها في تصبير آل ياسر، وتحملهم أشد العذاب فأملهم بالجنة قد تحقق بوعد الرسول صلى الله عليه وسلم لهم بذلك إن صبروا، وقد كان فاستشهد الأم والأب- رضي الله عنهما-. 2- وعن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه- قال: كنت مع النبي في الغار، فرأيت آثار المشركين، قلت: يا رسول الله لو أن أحدهم رفع قدمه رآنا، قال:" ما ظنك باثنين، الله ثالثهما "[البخاري:(4663)]. لقد زرع الرسول صلى الله عليه وسلم الأمل في نفس صاحبه وخليله، وفي نفس كل مؤمن ضاقت به نفس، وتلبدت في عينيه غيوم اليأس، ورأى تكالب الأعداء وكثرة الخطوب، بأن النصر قادم والفرج قريب، لأن الله قريب من عباده. 3- بث النبي صلى الله عليه وسلم الأمل في نفوسنا نحن خاصة أهل هذا العصر الذين شاهدوا كبير خطر اليهود وعظيم علوهم في الأرض، بأن معركتنا معهم ستنتهي بنصر لنا لا محالة حيث قال: " تقاتلكم يهود، فتسلَّطون عليهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهودي ورائي، فقتله " [متفق عليه]. 4- التأكيد على بقاء أمر هذا الدين وظهوره، رغم تكالب الأعداء عليه، واشتداد المحن، حيث قال صلى الله عليه وسلم " لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس " 5- التأكيد على خيرية الأمة المسلمة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: " مثل أمتي كالمطر، لا يدري أوله خير أم آخره " فالخير مستمر في سائر أجيال الأمة، رغم الضغوط ورغم الخطط ورغم كل شيء. ♦♦♦♦♦ فضل الأمل: للأمل فضائل كثيرة ، متشعبة ومتناثرة ، أذكر منها ما يلي: 1- الأمل إذا كان رجاء في تحصيل الخير والنفع، مشفوعاً بالعمل والسعي، فهو أمر مرغوب فيه لدى الشارع، بل حضّ عليه، يقول تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾[فاطر:29]. ويقول صلى الله عليه وسلم: " لا يموتن أحدكم، إلا وهو يحسن الظن بالله "[مسلم: برقم( 2877)]. ويقول أيضاً: " يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي" [البخاري:(7405) ومسلم: (2675)]. 2- يعد الأمل من مصادر الأمن والسكينة والثقة، فهو الشعاع الذي يلوح للإنسان في ظلمات اليأس والقنوط، فيدفعه إلى الطمأنينة بنصر الله وأن الفرج قريب، ويزيل ما علق بنفسه من القلق واليأس والهزيمة. 3- الأمل يدفع الإنسان إلى العمل الجاد والسعي، فلولا الأمل لامتنع الإنسان عن مواصلة الحياة ومجابهة مصاعبها وشدائدها، ولسيطر عليه اليأس والهزيمة، ولذلك قيل: اليأس سلم القبر، والأمل نور الحياة. 4- الأمل لا بد منه في الحياة؛ لتقدمها ورقيها في كل مجالاتها، فلو وقف العلماء عند ما قررته علوم زمانهم مثلاً لما تقدم العلم، ولما عرفت كثير من الحقائق والمعارف، ولما خطا العلم خطواته الرائعة إلى الأمام. 5- الأمل يدفع إلى عمارة الكون والقيام بواجب الاستخلاف على أكمل وجه، فهي طاقة عمارة الكون، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن قامت الساعة، وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها، فليفعل"[ أحمد:(3/191)]. 6- 6- لا تنجح الرسالات والدعوات وحركات الإصلاح بلا أمل، فلا بد من الأمل عند التغيير، لا بد من الأمل لتحقيق النصر، لا بد من الأمل لرفع الظلم والبغي والفساد. أعلل النفس بالآمال أرقبها *** ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. 7- الأمل يمنع المسلم العاصي من الوقوع في براثين اليأس والقنوط من رحمة وغفران الله تعالى؛ لأن الأمل في عفو الله تعالى هو الذي يدفع إلى التوبة والإصلاح، وإتباع الصراط السوي. 8- الأمل مصدر تحريك ودفع للعمل، فالأمل قوة محرضة دافعة تشرح الصدر للعمل، وتقوي دواعي الكفاح والنضال وتبعث النشاط، والواقع يقول: إن من فقد الأمل أصابه الخمول والكسل والجمود والاستسلام. 9- الأمل يعني التفاؤل والبشر في النفوس والقلوب، وذلك لأن الآمل متفائل مستبشر بأيامه القادمات، يحمل ما يراه على محمل الحسن، وهذا يؤدي به إلى مزيد عطاء، وانطلاقة خير، أما اليائس فهو عنوان التشاؤم الذي يؤدي إلى توقف العطاء وانعدام الخير، والنظرة السلبية إلى الحياة ومجرياتها. 10- الأمل عنوان قوة، واليأس عنوان عجز وكسل، والمسلم مطالب بعدم العجز، مطالب بالاستعاذة من العجز والكسل كما ثبت ذلك في السنة. [انظر: محمد أبو صعيليك: الأمل: (24-27)] ♦♦♦♦ يتبع
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |