إذا نزل آب في القلب حل آذار في العين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 944 - عددالزوار : 120791 )           »          قواعد مهمة في التعامل مع العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مكارم الأخلاق على ضوء الكتاب والسنة الصحيحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          من سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تخريج حديث: أو قد فعلوها، استقبلوا بمقعدتي القبلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          من أسباب المغفرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القوي، المتين) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          {إن ينصركم الله فلا غالب لكم} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مسألة تلبّس الجانّ بالإنسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من مائدة الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 2963 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-10-2020, 10:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,389
الدولة : Egypt
افتراضي إذا نزل آب في القلب حل آذار في العين

إذا نزل آب في القلب حل آذار في العين


ناصر محمد أبو سعدة








"إذا نزل آب في القلب حل آذار في العين".. حكمة قالها الإمام ابن القيم - رحمه الله - في كتابه الرائع "الفوائد"، وكم هي مُعبِّرة وجميلة!

فآب: هو شهر أغسطس، وهو شديد القيظ والحر.


وآذار: هو شهر مارس، وهو شديد البرودة والمطر.


فهو يُصوِّر نزولَ حرارة المعصية والذنب في القلب فيَتْبَعه دمع العين خشية، أو نزول حرارة الحب لله في القلب فيتبعه دمعُ العين شوقًا للقائه، أو حرارة الخوف من الله في القلب فيتبعه دمع العين خوفًا وطمعًا.


فعلينا أن نتعاهد قلوبنا، ونُلاحِظ أقوالَنا ونُدقِّق أعمالنا؛ كي نتدارك الخللَ، ونُداوي العلل؛ عن أبي معمر: "أن عمر قرأ سورة مريم، فسجد ثم قال: هذا السجود، فأين البكاء؟"؛ شُعَب الإيمان (2: 364)؛ يعني عند قوله تعالى: ﴿ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾ [مريم: 58].


ليس هذا فحسب، ولكن مَن نزل في قلبه آب العلم حلَّ في جوارحه آذار العمل، ومَن نزل في قلبه آب العبوديَّة لله حلَّ في جوارحه آذار الطاعة لله، وهكذا يتحرَّك العبد بما نزل في قلبه من منازل العبودية، فتتحرَّك جوارحه وأفكاره وتوجُّهاته لمقتضى هذه العبودية حسَب وقتها، فتَجِده في أول صفوف المصلين، إذا كان وقت الصلاة، وأول صفوف المجاهدين إذا كان وقت الجهاد، وأول الصادعين بالحق قولاً وكتابة وفعلاً، وأول المُنفِقين من وقته وماله وجهده في سبيل دعوته، وأول المواسين لإخوانه أيضًا بوقته وماله وجهده، وتَجِده دائم الحركة والسعي، يَحمِل فكرتَه ودعوتَه في كلماته وأقواله وأفعاله، وهكذا حياته كلها تدور في هذا الفلك، إذا نزل آب في القلب حَلَّ آذار في العين؛ ولأن قلبه شديد التأثُّر فيكون سريع الاستجابة، ولسان حاله يقول: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84]، فلا يتخلَّف مع المُتخلِّفين، ولا يَنقطِع مع المنقطعين.


أما مَن كان عنده خللٌ، وفي إدراكه وتصوُّره غبشٌ، لا ينزل آب في قلبه ولا يَحُل آذار في عينه، فلا هو يُدرِك بشكل صحيح زمانَه الذي هو فيه وما يجب عليه فعله، فلا يبكي رحمة وشفقة على مسكين، ولا يبكي على قتيلٍ ومظلوم.


ويتأخَّر وقت التقدم، ويَكسَل وقت النشاط، ويَضعُف وقت القوة، ويَسكُت وقت الكلام، ويَحتجِب وقت الظهور، ويَخذُل وقت النُّصرة، ويَفِر وقت الزحف، ويتكلَّم عندما يَسعه السكوت، ويتكلَّم في المفضول، ويترك الأمر الجليل، وهنا يَحدُث أمرٌ خطير، وهو خداع النَّفْس والآخرين، فبدل أن يقوم بعبودية الوقت، فإن كانت صلاة قام وصلى، وإن كانت جهاد قام وجاهد، فيُبدِّل ذلك بشيء آخر سهْل وهين على النفس، فربما أخرج من ماله.. أو أرسل الدمع من عينيه فيستريح نفسيًّا بخداعها!


بل يزيد الخداع لنفسه وللآخرين أن فِعله هو أفضل مما كان ينبغي عليه فِعله في الأصل، ثم يضع أمورًا وتفسيراتٍ غيرَ حقيقية، ولكنها تَلبَس ثوبَ الشرع ليُبرِّر لنفسه ولغيره تَصرُّفًا، يريد أن يفعله، ولا دليلَ شرعيًّا عليه!


علينا جميعًا أن ننتَبِه ونتبصَّر في أنفسنا وقلوبنا ونُدرِك عللَها ونداويها، لا أن نتهرَّب من المواجهة ونلجأ للحيل النفسية.


قيل للحسن البصري - رحمه الله -: "سبقنا القوم على خيل دُهم مسرعة، ونحن على حمر معقرة، فقال: إن كنتم على طريقهم فما أسرعَ اللحاق بهم!".


هكذا كان إحساس التابعين بإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان، إحساس بالسَّبق والفضل، وقوة التأثر والتأثير، وشعروا بتقصيرهم وبُعْدهم، فأقرُّوا بتأخُّرهم، وبحثوا كيف يَلحَقون بهم - رضي الله عنهم.


لم يستخدموا الحيلَ النفسية لتبرير التأخر، بل أدركوا أن ما نزل بقلوب السابقين وما حَلَّ في الواقع من آثارهم؛ لذا سعوا في اللحاق بهم، ونحن أيضًا إذا أردنا اللحاق بهم، فلنكن على دربهم.


إذا لم ينزل بقلبك ما يجب أن يَنزلِ ويَحُل بعقلك وفِكْرك وجوارحك وكِيانك ما يجب أن يحل، فاتَّهم نفسك، وحاول إصلاح الخلل، ومداوة العلل، لا أن تُهاجِم مَن نزل بقلبه الحق وحلَّ بجوارحه الصواب.


عن أبي هريرة قال: لما توفِّي النبي -صلى الله عليه وسلم- واستخلف أبا بكر بعده، وكفَر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تُقاتِل الناسَ، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أُمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصَم مني مالَه ونفسَه إلا بحقه وحسابه على الله))؟ فقال أبو بكر: والله لأقاتِلنَّ مَن فرَّق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا كانوا يُؤدُّونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منْعها، قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيتُ أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق"؛ مُتَّفق عليه.


قال أبو رجاء العطاردي، رأيتُ الناس مجتمعين وعمر يُقبِّل رأس أبي بكر، ويقول: أنا فداؤك لولا أنت لهلَكنا، فحمِد له رأيه في قتال أهل الرِّدَّة، وأقرَّ له بصوابية حزْمه في قتال المرتدين، فهذا عمر - رضي الله عنه - عرف أنه الحق عندما رأى أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال وقبَّل رأسه؛ عِرفانًا بفضله، هكذا كانوا! فما أحوجنا اليوم أن نهتدي بهديهم ونقتدي بهم! اللهم اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين!



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.47 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.67%)]