تعريف الإحسان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 839 - عددالزوار : 118379 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40080 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 366666 )           »          تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-10-2020, 10:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,215
الدولة : Egypt
افتراضي تعريف الإحسان

تعريف الإحسان













د. فهد بن بادي المرشدي




قال المصنف رحمه الله:



(المرتبة الثالثة: الإحسان، ركن واحد، وهو: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ).







الشرح الإجمالي:



(المرتبة الثالثة) من مراتب الدين: مرتبة (الإحسان)، والإحسان (ركن واحد)، أي: شيء واحد، ليس فيه تعدد، (وهو)، أي: الإحسان، له: درجتان، إحداهما أكمل من الأخرى، الأولى: درجة المشاهدة، وهي: (أن تعبد الله كأنك تراه)، والمعنى: أن تُقبل على عبادة الله جل وعلا؛ وحالك حال الذي يعبد الله جل وعلا، وهو يشاهد الله جل جلاله، وينظر إليه، وهذا هو المقام الأول، (فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، والمعنى: فإن لم تعبد الله جل وعلا كأنك تشاهده، فاعبده مستحضرًا أنه يراك في كل أعمالك، وأنه بصير عليم بجميع ما تفعله، وهذا هو المقام الثاني، وهو منزلة دون المنزلة الأولى، وهو استحضار العبد مراقبة الله عز وجل له واطلاعه عليه، وهذه درجة المراقبة[1].







الشرح التفصيلي:



لَمَّا فرغ المصنف رحمه الله تعالى من بيان المرتبة الثانية من مراتب الدين، وهي مرتبة الإيمان، بدأ هنا بذكر المرتبة الثالثة من مراتب الدين، وهي مرتبة الإحسان، فقال: (المرتبة الثالثة: الإحسان)، والمصنف قدَّم مرتبتي الإسلام والإيمان، وأخَّر مرتبة الإحسان؛ لأنها أضيق المراتب الثلاث، وأصحابها هم الخُلَّص من عباد الله الصالحين، فالإحسان أعلى المراتب وأعمها من جهة نفسها، وأخصها من جهة أصحابها، كما أن الإيمان: أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه، ولهذا يقال: كل محسن مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمنًا محسنًا، وإذا أُطلق الإحسان فإنه يدخل فيه الإيمان والإسلام، فإن الإسلام والإيمان والإحسان دوائرُ، أوسعها دائرة الإسلام، ثم يليها دائرة الإيمان، ثم أضيقها دائرة الإحسان [2]، فالإسلام يتعلق بالأعمال الظاهرة، والإيمان يتعلق بالأعمال الباطنة، والإحسان يتعلق بطريقة فعل الأعمال الظاهرة والباطنة [3].







والإحسان في اللغة له معنيان:



الأول: إيصال النفع للغير.



والثاني: الإتقان وإجادة الشيء[4].







والإحسان الذي أَمر الله به عباده في كتابه نوعان:



أولهما: الإحسان إلى الخلق بأنواع الإحسان، قال تعالى: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى ﴾ [النساء: 36].







والثاني: الإحسان مع الخالق بإيقاع العمل على أكمل وجوهه في الظاهر والباطن؛ بحيث يكون قائمًا به في الباطن والظاهر على أكمل الوجوه، وحقيقته شرعًا: إتقان الاعتقادات الباطنة، والأعمال الظاهرة على مقام المشاهدة أو المراقبة، وهذا هو المعنى المقصود إذا قُرن الإحسان بالإسلام والإيمان، وهو المراد في كلام المصنف هنا [5].







ويتلخص مما سبق ذكره من مراتب الدين الثلاث: أن كل واحد منها إذا أُطلق دلَّ على الآخرين، وإذا اجتمعا استقل كل لفظ بمعناه، فمع الافتراق يكون كل واحد منهما دال على الدين كله، ومع الاقتران يكون الإيمان للاعتقادات الباطنة، والإسلام للأعمال الظاهرة، والإحسان لإتقانهما [6].







قال المصنف: (الإحسان ركن واحد)، ولم يذكر له أركانًا كما ذكر للإسلام والإيمان، وقوله: (الإحسان ركن واحد)، يقصد به أن الإحسان شيء واحد، حقيقته مفردة غير مركبة[7]، كما نص عليه ابن قاسم في حاشيته[8]، وهذا التفسير هو المتعين لتوجيه كلام المصنف؛ لأن حقيقة الركنية لا تصدق عليه، فإن الركن يتعدد ولا يكون منفردًا، والمنفرد هو الشيء نفسه[9]، فالركن لا يكون إلا متعددًا اثنان فأكثر، أما إذا كان واحدًا فهو الشيء نفسه، فإذا ذُكر الركن شيء واحد، فيكون المراد إثبات حقيقته [10].








وأركان الإحسان اثنان:



الأول: أن تعبد الله.



والثاني: أن يكون إيقاع تلك العبادة على مقام المشاهدة أو المراقبة [11].







فالإحسان الذي هو مرتبة من المراتب، هو أن تعبد الله، ويكون إيقاع تلك العبادة على مقام المشاهدة أو المراقبة، وهذا المقام، أي: مقام المراقبة ركن واحد، يعني شيئًا واحدًا، وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فمرتبة الإحسان تعظُم بعِظَمِ مراقبة الله جل وعلا، وتَضعُفُ بضَعف مراقبته [12].







قال المصنف: (وهو: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، والمصنف فسَّر الإحسان بما فسره به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل، لَما سأله جبريل بحضرة الصحابة، فأجابه عليه الصلاة والسلام بقوله: (الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، وهو الإحسان بين العبد وربه، ومعنى قوله: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، أي: أن تكون عابدًا لله على النحو الذي أمر اللهُ جل وعلا به، وأمر به رسولُه صلى الله عليه وسلم وحالتك أثناء تلك العبادة التي تكون فيها مخلصًا موافقًا للسنة، أن تكون وكأنك ترى الله جل وعلا، فإن لم تكن تراه، فلتعلم أن الله جل وعلا مطلع عليك، عالم بحالك يرى ويبصر ما تعمل، يعلم ظاهر عملك وخفيه، يعلم خلجات صدرك، ويعلم تحركات أركانك وجوارحك [13].







فالإحسان على مرتبتين، واحدة أعلى من الأخرى:



الأولى: مرتبة المشاهدة أو المعاينة: (أن تعبد الله كأنَّك تراه)؛ بأن يبلغ يقين العبد وإيمانه بالله؛ كأنه يُشاهد الله جل جلاله عيانًا؛ لكمال اليقين وكمال الإخلاص، فيعبد ربه عبادة المشاهد للمشهود، بحيث لو كُشفت الحجب لم يزدد عما هو عليه [14]، ومن بلغ هذه المرتبة فقد بلغ غاية الإحسان، فيعبد الله كأنه يراه، والله جل وعلا لا يُرى في الدنيا، وإنما يُرى في الآخرة، ولكن يراه بقلبه؛ حتى كأنه يراه بعينيه، ولذا يُجازى أهل الإحسان بالآخرة بأن يروه سبحانه وتعالى، فلمَّا عبدوه وكأنهم يرونه في الدنيا، جازاهم بأن يروه بأبصارهم في دار النعيم، قال تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]، والزيادة هي: النظر لوجه الله جل وعلا، فلما أحسنوا في الدنيا أعطاهم الله الحسنى، وهي الجنة، وزادهم رؤية الله عز وجل.







الثانية: مرتبة المراقبة: (فإنْ لم تكن تراه، فإنه يراك)، يعني: إذا لم يتحقق شهوده بقلبه، فليعبده عبادة من يعلم أنه مطلع عليه، فالعبد لا يرى ربه، ولكن الله يراه، فينبغي للعبد استحضار مراقبة الله جل وعلا له واطلاعه عليه[15]، فيعبد الله جل وعلا على مقام الإحساس بمراقبة الله للعبد بأن يعلم أن الله يراه، ويعلم حاله، وما تخفيه نفسه، واطلاع الله جل وعلا ورؤيته وعلمه لا يقتصر على حال الإنسان الظاهرة، بل يشمل الظاهر والباطن، فلا يليق بالعبد أن يعصيه، وأن يخالف أمره، وهو يراه ويطلع عليه، وهذا إحسان في العمل على سبيل المراقبة والخوف والرجاء[16]، ولهذا فإن العبد حينما يقترف بعضَ المعاصي، فإنه يبعد عن مرتبة الإحسان، وبعض العلماء يُسمي هذه المرتبة بمقام الإخلاص؛ لأن العبد إذا استحضر في عمله مشاهدة الله إياه، واطلاعه عليه، فإن ذلك يمنعه من الالتفات إلى غير الله وإرادته بالعمل[17]، فيعبد الله لا يبتغي إلا هو سبحانه وتعالى[18].







ومقام المراقبة أقل من مقام المشاهدة، ومقام المشاهدة أعظم المراتب التي يصير إليها العبد المؤمن، وهو أن تكون الأشياء عنده حقَّ اليقين، فإنه إذ انكشفت الحقيقة للقلب، وبلغ العبد في مقام المعرفة إلى حد كأنه يطالع ما اتصف به الرب سبحانه من صفات الكمال ونعوت الجلال، وأحست الروح بالقرب الخاص الذي ليس كقرب المحسوس من المحسوس، حتى يشاهد رفع الحجاب بين روحه وقلبه، وبين ربه، أفضى القلب والروح حينئذ إلى الرب فصار يعبده كأنه يراه [19]، وهذه المشاهدة المقصود بها مشاهدة الصفات لا مشاهدة الذات؛ لأن من الضُّلال من جعل ذلك مدخلًا لمشاهدة الذات كما يزعمون، وهذا من أعظم الباطل والبهتان، وإنما يمكن مشاهدة الصفات، ويُعْنَى بها مشاهدة آثار صفات الله جل وعلا في خلقه[20].







وكلما عظُم مقامُ المشاهدة أو المراقبة، زاد إحسان العمل؛ لأنه إذا راقب ربه، بأن عَلِمَ أن الله جل وعلا مطلعٌ عليه، كأنه يرى الله جل وعلا، فإن هذا يدعوه إلى إحسان العمل، وأن يجعل عمله أحسن ما يكون، وأن يجعل حاله في إقبال قلبه، وإنابته، وخضوعه، وخشوعه، ومراقبته لأحوال قلبه، وتصرُّفات نفسه، يجعل ذلك أكمل ما يكون لحسنه وبهائه؛ لأنه يعلم أن الله جل وعلا مطلع عليه، فيبعث هذا على أمرين:



الأول: الإخلاص لله عز وجل بعبادته، فلا يعبده رياءً ولا سمعة ولا مدحًا، وهو يعتقد أن الله يراه.



والثاني: أن يتقن العبادة ويحسن أداءها، فيصلي صلاة من يشاهده ربه، وهو يرى ربه [21].







وإحسان العمل يتفاوت فيه الناس، ومنه قدر مجزئ يصح معه أن يكون العمل حسنًا، وأن يكون فاعله محسنًا، فكل مسلم عنده قدر من الإحسان لا يصح عمله بدونه، ثم هناك القدر المستحب الآخر الذي يتفاوت الناس فيه بحسب الحال الذي يتحقق به هذه المرتبة.







والقدر المجزئ: أن يكون العمل حسنًا، بمعنى: أن يكون خالصًا صوابًا.







وأما القدر المستحب، فهو أن يكون قائمًا في عمله على مقام المراقبة، أو مقام المشاهدة[22].









[1] ينظر: حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (66).




[2] حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (65).




[3] شرح ثلاثة الأصول، د. عبدالعزيز الريس (88).




[4] ينظر: الصحاح، للجوهري (2 /1543)، ومفردات ألفاظ القرآن، للراغب (236)، وتعليقات على ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالله العصيمي (41).




[5] ينظر: تعليقات على ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالله العصيمي (41).




[6] المصدر السابق.




[7] بلوغ المأمول بشرح الثلاثة الأصول، عصام بن أحمد مامي (291).




[8] حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (66).




[9] ينظر: تعليقات على ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالله العصيمي (41).




[10] التعليقات على القول السديد فيما يجب لله تعالى على العبيد، للشيخ صالح بن عبدالله العصيمي (26).




[11] الشرح الصوتي: (تعليقات على ثلاثة الأصول)، صالح بن عبدالله العصيمي، برنامج مهمات العلم السابع بالمسجد النبوي 1437هـ.




[12] شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (168).




[13] المصدر السابق.




[14] بلوغ المأمول بشرح الثلاثة الأصول، عصام بن أحمد مامي (293).




[15] شرح الأصول الثلاثة، عبدالرحمن بن ناصر البراك (33).




[16] بلوغ المأمول بشرح الثلاثة الأصول، عصام بن أحمد مامي (293).




[17] جامع العلوم والحكم، لابن رجب (1 /129)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، الناشر: دار الرسالة، ط. الثالثة: 1412هـــ.




[18] شرح ثلاثة الأصول، د. عبدالعزيز الريس (88).




[19] حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (66).




[20] شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (180).




[21] شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (168).




[22] المصدر السابق (179).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.27 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.78%)]