|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حق الآباء في أموال الأبناء أحمد بن عبد الكريم نجيب ![]() السؤال: هل لوالدي الحق في أن يأخذ من مالي بحاجة أو بغير حاجة؟ و ما حكم الشرع إذا كان يأخذ من مالي و يعطي لإخواني؟ و هل الأم و الأب في الأخذ من مال أبنائهم سواء؟ ![]() الجواب: أقول مستعيناً بالله - تعالى -: إن الله - تعالى - أوصى بالآباء خيراً، و أوجب لهم على أبنائهم حقوقاً معنوية (كتوقيرهما، و التلطف في مخاطبتهما، و عدم التأفف منهما) و ماديَّة (كالنفقة بالمعروف على الموسر). ![]() قال - تعالى -: (و قَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إلا إيَّاهُ و بِالوَالِدَيْن إحساناً إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أو كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ و لا تَنْهَرْهُمَا و قُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيْماً) [الإسراء: 23]. و يجمع بين الحق المعنويِّ و الماديِّ للآباء على الأبناء وُرُود النصِّ بأنَّ لهم حقٌّ ثابت في أموال أبنائهم، حيث إنَّ حصولهم على هذا الحق و تمكينهم منه واجب ماديٌّ على الأبناء، و جعلُ ذلك لهم بمثابة الكسب الحلال الذي لا ينازعون في أخذه، و لا فضلَّ و لا منَّةَ لأحدٍ فيه عليهم يترك أثراً معنوياً حسَناً في نفوسهم. ![]() لذلك قضت الشريعة الغراء بأن للأب أن يأخذ من مال ابنه مقدار حاجته بكرامةٍ و عزة نفس لا يتبعها أذىً و لا منَّة، كيف و هو ـ في ذلك ـ إنَّما يأكل مِن كَسبِه الطيب، و يأخذ من حقِّه الثابت. فقد روى ابن ماجة بإسناد صحيح عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -، أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله إنَّ لي مالاً و وَلداً، و إنَّ أبي يريدُ أنْ يجتاحَ مالي. فقال - عليه الصلاة والسلام -: (أنت و مالك لأبيك). و روى أبو داود و ابن ماجة في سننهما بإسناد صحيح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أنَّ رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنَّ لي مالاً، و إنَّ والدي يحتاج إلى مالي، قال: (أنت و مالك لوالدك، إن أولادكم من أطيب كَسْبِكُم، كلوا من كَسْبِ أولادكم). ![]() قلتُ: و لا فرق بين الأب و الأم في أن لكل منهما الحق في أن يأخذ من مال ولده، لما رواه أبو داود و ابن ماجة و النسائي بإسنادٍ صحيح عن عمارة بن عمير، عن عمَّته، أنها سألت عائشة - رضي الله عنها -: في حجري يتيم أفآكل من ماله؟ فقالت أم المؤمنين: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ من أطيب ما أكل الرجل من كَسْبِهِ، و ولَدُه مِن كَسْبِه). أمَا وقد تقرر ذلك فلا بد من الإشارة إلى أن بعضَ أهل العلم ذهبوا إلى أن للأب الأخذ من مال ولده بدون قيدٍ أو حدٍّ، لحاجته و فوق حاجته، سواء رضي بذلك الابن أم لم يرضَ. ![]() قال الشوكاني - رحمه الله - في شرح حديث أم المؤمنين - رضي الله عنها -: (يدل على أن الرجل مشارِكٌ لولده في ماله، فيجوز له الأكل منه سواء أذن الولد أو لم يأذن، و يجوز له أيضاً أن يتصرف به كما يتصرف بماله، ما لم يكن ذلك على وجه السَرَفِ و السَفَه). [نيل الأوطار: 5 / 391]. و اعتُرِض على من ذهبَ هذا المذهب بما رواه الحاكم بإسنادٍ صححه، و قال: هو على شرط الشيخين، عن عائشة رضي الله - تعالى -عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن أولادَكم هبةُ الله لكم، يهب لمن يشاء إناثاً، و يهب لمن يشاء الذكور، فهم و أموالهم لكم إذا احتجتم إليها). ![]() و هذا الحديث صححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في الصحيحة و الإرواء لا على شرط الشيخين، و قال معقباً عليه: و في الحديث فائدة فقهية هامة قد لا تجدها في غيره، و هي أنه يبين أن الحديث المشهور: (أنت و مالك لأبيك)، ليس على إطلاقه، بحيث أن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء، كلا؛ و إنما يأخذ ما هو بحاجة إليه). قلت: و العقل و الاعتبار يشهدان لمذهب تقييد حق الأب في مال ابنه بمقدار الحاجة لا غير، إذ لو كان معنى قوله: (أنت و مالك لأبيك) على ظاهره و إطلاقه لاستحق الأب الاسئثار بمال ولده بعد وفاته لا يشركه فيه غيره من الورثة، و لكانت عليه زكاته في حياته إن قصَّر في أدائها الولد، و ليس الأمر كذلك. قال ابن الهمام الحنفي بعد ذكر حديث عائشة المتقدم: (و مما يقع بأن الحديث يعني أنت و مالك لأبيك ما أُوِّلَ أَنَّهُ - تعالى -وَرَّثَ الأبَ مِنْ ابنِهِ السُدُسَ مَع وَلَدِ وَلَدِهِ، فلو كان الكل ملكَه لم يكن لغيره شيء مع وجوده). قال ابن قدامه - رحمه الله -: و للأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء مع غناه و حاجته بشرطين: ![]() أحدهما: أن لا يجحف بالإبن، و لا يأخذ ما تعلقت به حاجته. الثاني: أن لا يأخذ من مال أحد وَلَدَيْه فيعطيه لآخر؛ لأن تفضيل أحد الولدين غير جائز، فمع تخصيص الآخر بالأخذ منه أولى. فإذا وُجِد الشرطان جاز الأخذ). [الكافي: 2 / 471]. فليتق الأبناء و الآباء ربَّهم فيما أعطَوا و ما تَرَكوا، و لا يجاوِزَّنَّ أحدهم حدودَ ما شرعَه الله - تعالى -له، فإنه (من يعص الله و رسوله و يتعدَّ حدوده يدخله ناراً)، (و من يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون). هذا، و الله أعلم و أحكم، و ما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت و إليه أنيب.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |