|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بين مرارة الظلم وطلب الطلاق أ. مروة يوسف عاشور السؤال ♦ ملخص السؤال: سيدة متزوجة وتذوق مرارة الظلم في بيت أهل زوجها، يعاملونها كالخادمة، وزوجها لا يدافع عنها، وهو يريد الإنجاب ولكنها ترفض، وتسأل: كيف تتخلص من هذا الوضع؟ ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاةٌ متزوجةٌ، لم تكن لي خبرةٌ في التعامُل مع الناس، ولا أعرف مَعادنهم، وكنتُ أحلُم قبل زواجي بأن أتزوَّجَ رجلًا صالحًا، وأُكَوِّن أسرة مُسلمة طيبةً. تقدَّم لي شابٌّ توَسَّمْتُ فيه الخيرَ، وسألنا عنه فقالوا: رجل صالح؛ فتمت الخطبةُ، وعقد عقد الزواج، وأخبرني بأني سأعيش في بيت أهله، فوافقتُ وقلتُ في نفسي: حتى أكون قريبةً مِن أهله وأسعد به. بعد الزواج بدأتُ أرى أشياء عجيبةً؛ صراخًا، ومعاملةً سيئة مِن أخته المُطَلَّقة، واختلاقًا للمشكلات بدون أي داعٍ! حاولتُ أن أكلمه بأن هذا الوضع لا يرضيني، وأني لا أسْعَد بحياتي كزوجةٍ حديثة عهْدٍ بالزواج. حملتُ وقضيتُ حملي في همٍّ وبكاء وحالة نفسية سيئة بسبب المشكلات التي تختلقها أختُه، كانتْ تُعاملني كالخادمة، وكنتُ أتعب مِن كثرة الأعمال المنزلية، وزوجي وكأنه لا وجود له. انحَصَرَتْ مُعاملتُه لي في الأكل والشرب والعلاقة الجنسية، وشكوت له.. لكن لا حياة لمن تنادي. أنجبتُ طفلةً، وزادت المعاناةُ، كنتُ أُمسك الفتاةَ بيدٍ، وباليد الأخرى أخدم أهله، لا أجد رحمة في هذا البيت، وعيني لا تكف عن البكاء. زاد على ذلك أنَّ زوجي لا يُنْفِق عليَّ، وطعامي آكلُه مع أمِّه وأختِه، وهم مَن يُنفقون عليَّ، ويمنون عليَّ بالطعام، وكنتُ أقوم جائعةً. طلبتُ الطلاق مرات عديدة، وكان يُهددني بأخْذِ ابنتي مني، صممتُ على الطلاق، فأطلق أهلُه عني الشائعات والأكاذيب، حتى إنهم اتهموني في عرضي وشرفي - حسبي الله ونعم الوكيل. رجعتُ إليه، وظل الحال كما هو عليه، وتحملتُ طوال السنوات الماضية، والآن كبرت ابنتي، وبلغتْ 7 سنوات، وبدأتُ أعمل عملًا خاصًّا في المنزل لأكفي نفسي، وأشتري طعامي، وأُنفق على ابنتي. الآن يُريدني أن أنجبَ له ولَدًا، وأنا أرفض الإنجاب؛ فلا أريد أن أذوقَ مرارة الذُّل مرةً أخرى في ظل حملٍ آخر، فعلم الله وحده كيف تعذبت لأربي ابنتي! هو يحاربني في عملي، ويُهددني بأخْذِ ابنتي مني، وأهله يريدون قطع عملي لأُنَفِّذ له ما يريد، لكني رافضة للحمل مرة أخرى، ولا أعرف ماذا أفعل؟ هل أظل كما أنا في هذا الذُّل والمرار الذي أعيش فيه، وهل أبقى مجرد خادمة له ولأهله، وأُنجب له طفلًا آخر؟ أو أبدأ معركة الطلاق والمحاكم، وأتَحَمَّل صعوبة الحياة ونظرة الناس الظالمة للمرأة المُطَلَّقة؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أختي الفاضلة، حياكِ الله. قد يفرضُ المجتمعُ على الفتاة أن تتنازَلَ عن بعض ما كانتْ تحلم به في زوج المستقبل، وقد تُجبرها ظروفُ الحياة على أن تقبلَ مَن لم تكن توَدُّ قَبوله، وقد تتحمل كما تتحمل غيرُها من الفتيات في مجتمعها الحياةَ في بيتٍ يجمعها بأهل زوجها؛ بما في ذلك مِن التعدِّي على بعض حقوقِها، والتدخُّل في الكثير مِن شؤونها الخاصة، وتنغيص وقت راحتها، وتغيير بعض برامجها، وإرباك سلوك تربيتها أو تعاملها مع أبنائها، لكن هل تضطرُّ حقًّا لتقديم التنازُلات في حقوقٍ مكفولةٍ لها شرعًا وعُرفًا؟! هل تضطرُّ إلى قَبول كل ما يُملَى عليها مِن أوامر ليس لفارِضها أي حقٍّ في فرْضِها؟! مَن ألْزَمك بالقيام بكل أعمال البيت، وخدمة أخت زوجكِ، أو غيرها مِن أهله؟ مَن أجبركِ على قَبول مهانةٍ ممن ليس لهم عليكِ حقٌّ إلا حُسن المعامَلة، وطيب العِشرة؟ قد قدَّمْتِ الكثير مِنَ التنازُلات، والتي صارتْ بمرور الوقت حقًّا مُكتَسَبًا يصعُب تلافيه، أو الخوضُ فيه. يا عزيزتي، حالكِ كحال الكثير مِن الفتيات الساذجات حين تُقبل على حياتها الزوجية بانعدام خبرة في التعامل مع البشر، وحُسن ظنٍّ في غير محله، واعتقاد خاطئٍ بأن تقديم المزيد مِن التنازُلات يُتيح فُرصةً أكبر للتفاهُم، ويُوفِّر بيئةً أخصب للتحابّ، وتناسيتِ أن هذا المبدأ لا يصلُح إلا مع فئةٍ نادرةٍ مِن البشر، ممن اصطفاهم اللهُ وميزهم بكرَم الأخلاق ونُبْل الصفات، ومنحَهم الرفق واللين. ولا شك أنَّ ديننا يحثُّ على ذلك، ويُرَغِّب فيه، ولكن الحذَر مَطْلُوبٌ، وحسن التعامُل بشيءٍ مِن الحذَر وإكرام مَن حولك في غير إهانةٍ للنفس واحترامهم، والتعاطُف معهم في غير تحقيرٍ للذات أو السماح لهم بتخطِّي الحدود المعقولة في تعامُلهم معكِ، ورغم تأخُّر تلك الخطوة سنوات، وتباعُد احتمال تحقيقها، إلا أنَّ طبيعة البشر تتكيَّف مع كل حال بما تراه مناسبًا، فلو استمر الوضعُ على ما هو عليه لَتمادوا، واستطالوا عليكِ أكثر، ولو أوقفتِهم عند حدودهم المعقولة، ومنحتِهم حقوقهم المكفولة، لأرحتِ واسترحتِ، والآن قدَّر اللهُ وما شاء فعل، ولا يستحيل عليكِ تحقيق تلك المعادلة المتوازنة، وإعطاء كل ذي حقٍّ حقه. باختصارٍ: لستِ مُضطرَّةً للقيام بأعمال المنزل المُرْهِقَة وحدكِ، ولستِ مُلْزَمةً إلا بخدمة زوجكِ وأبنائكِ، وبإمكانكِ رفض ما ترينه فوق طاقتكِ، وخارج نِطاق استطاعتكِ، ولْيَكُن لكِ موقفٌ قويٌّ وثابتٌ، فإن كان زوجُكِ مُصِرًّا على أن يجمعكِ بهم في مسكنٍ واحدٍ مع توفر المسكن المستقل، فلْيَتَحَمَّل الوضع الجديد، ولْيبحثْ إن شاء عن بديلٍ لكِ يقوم بكلِّ تلك الأعمال. أيتها الكريمة، الجهلُ بما لنا مِن حقوقٍ لا يَقِلُّ خطورةً عن الجهل بما علينا مِن واجبات، وحقُّ النفس لا يُباح لنا التفريط فيه؛ فأنفسُنا ليستْ مملوكةً لنا، وعن سلمان - رضي الله عنه - قال لأبي الدرداء: "إنَّ لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حق حقَّه"، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فقال: ((صدَق سلمان)). مِن هذه الحقوق التي فرَضها الله لكِ، وألزمها زوجكِ حق الإنفاق، ولو رزقكِ الله عملاً، وأدرَّ عليكِ من المال ما أتاح لكِ الإنفاق على نفسكِ وابنتكِ، ولا يجوز له شرعًا أن يترككِ جائعةً بحال، وما كان ينبغي لكِ الرِّضا بمِثْل ذلك الوضع المهين، ويُؤسفني أن المرأة كلما تنازلتْ عن حق لها فقد يبحث زوجها عن حقٍّ جديدٍ ليُسقطه! إلا مَن رحم الله مِن عباده. فكما أنَّ له عليك حقَّ الإنجاب ما لم يمنعكِ مانعٌ، فليس له التهرُّب مِن واجباته، وما افترض الله عليه؛ ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34]، ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 233]، فبِصَرْف النظر عن عملكِ، لا يحقُّ له التقتير عليكِ وعلى ابنته ما كان مُستطيعًا، وإن امتنع فارفعي أمركِ إلى مَن يقْدِر على نُصحه مِن أوليائكِ، أو غيرهم ممن له أن يُلزمه بما عليه. وأخيرًا وإجابة عن سؤالكِ: "فهل أبقى مجرد خادمة له ولأهله، وأنجب له طفلًا آخر؟ لا، ولكن لا أعني طلب الطلاق، أو الهروب لبيت الأهل، أو ترْك بيت الزوجية، وإنما عليكِ أن تقفي بقوةٍ وحزم في وجه كل ظُلم وضد كل بطشٍ أو تعدٍّ على حقوقكِ، وعليكِ المطالَبة بحقكِ كما تقومين بواجباتكِ، وإن كان في ذلك بعضُ المشقة النفسية، إلا أنه لا بديل عن ذلك، وتذكَّري أن قرار عملكِ أو تركه في يدكِ ويد زوجكِ دون غيركما. أعانكِ الله وسدَّد خُطاكِ، وجعل لكِ مِن كلِّ أمرٍ يُسرًا، ومِن كلِّ ضيقٍ مَخْرجًا، ومِن كلِّ همٍّ فرَجًا. واللهُ الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |