هل أقبل السكن في شقة والد زوجتي؟

[ابوالوليد المسلم]

هل أقبل السكن في شقة والد زوجتي؟



أ. أمل العنزي




السؤال
♦ ملخص السؤال:
شاب متزوج ويعيش مع أهله في بيت واحد، قرر الانفصال لبعد عمله عن البيت، عرض عليه حَمُوه شقة في بيته لكنه رفض، مما أثر على علاقته بزوجته، وطلبت الطلاق.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



أنا شاب أعمل مهندسًا، عشتُ سنواتٍ كثيرةً في دولة عربية مع والدي، وقرَّر والدي أن يبنيَ بيتًا في بلدنا في قرية مِن القُرى النائية، وقد كلَّفهُ هذا البيتُ الملايين، وأصبحتْ لي شقةٌ في هذا البيت.


تزوجتُ في هذا البيت، وعملي في العاصمة، والمسافة بينهما لا تقل عن 3 ساعات. وقد كنتُ أسافر أول الأسبوع وأعود آخره، وأمكث في البيت يومي الإجازة مع زوجتي ووالديَّ.



استأجرتُ شقةً بجوار عملي لتوفر عليَّ مَشَقَّةَ السفر، ولتأتي زوجتي للعيش معي، ثم فوجئتُ بوالد زوجتي يعرض عليَّ شقةً في بيته، الذي تسكن فيه أغلب عائلة زوجتي، رفضتُ اقتراحَ والد زوجتي، وترتب على ذلك حُزن زوجتي وغضبها بشدة، وكنتُ - إرضاءً لها - آخذها معي أسبوعيًّا عندما أسافر، ومع مرور الوقت اكتشفتُ أنَّ هناك فجوةً كبيرةً جدًّا بيني وبينها في التفاهم والحب، وأرجعتُ هذه الفجوة إلى الحياة التي كنا نعيشها في القرية، وبُعدي عنها طيلة الأسبوع.



حدثت بيننا مشكلات كثيرة، وبدأت زوجتي تطلب الطلاق، وأنا أعلمُ جيدًا أنها تحبني، وأنا أيضًا أُحبها.


أما المشكلات فالفجوة بيني وبينها، والغضب المستمر بيننا، كذلك بدأتُ أحس بأنها لا ترغب في الذهاب لأهلي أثناء سفري إليهم.


فهل رفضي للعيش في شقة والد زوجتي قرارٌ صحيحٌ؟ و هل قرار استئجاري لشقةٍ بجوار عملي - حتى لو كلَّفني ذلك مالاً كثيرًا - صحيحٌ؟ وهل أصبر على زوجتي عندما أرى منها عصبيةً عندما نتشاجر؟


دائمًا أسأل نفسي: إلى متى يمكن أن أصبرَ على هذا الوضع؟ لأنه - للأسف - لا توجد فرصة للعمل بالقرب من بيت أهلي، وفي الوقت نفسه لا أستطيع أن أسافرَ وأعود يوميًّا، ولو استطعتُ فعل ذلك فإنه يَسْتَنْزِف مني وقتًا وجهدًا كبيرين، ويُؤثر على كل أمور حياتي.



أنا أُؤمن بقضاء الله وقدَره، وأرضى تمامًا بما أعطاه الله لي، لكني أحببتُ عرض مشكلتي عليكم؛ لأنني مشتت الذِّهْن في هذه الأمور!


وجزاكم الله خيرًا.
الجواب

الأخ الكريم، أُحِبُّ أن أُحييك على اهتمامك الشديد بوالديك وبرك بهما, وحِرْصك على رضاهما.




أنتَ إنسانٌ متفانٍ، وتُحب أن تُرْضِي مَن حولك وتُسعدهم، ولكن على حساب نفسك, كما أنَّ لديك إحساسًا عاليًا بالمسؤولية, لكن عليك أن تُفَكِّرَ في نفسك وراحتك، وألا تكلِّفَ نفسك فوق طاقتها.
كل ما عليك - يا أخي - أن تُعيد ترتيب أولوياتك.
ذكرت أنه لا توجد فرصة عمل قريبة مِن بيت أهلك, وأنت بحاجة للاستقرار، وزوجتُك وأولادك مِن حقِّهم أن يعيشوا معك حياةً مُستقرَّةً, فتغيُّر سلوك زوجتك وعصبيتها قد يكون نتيجةً للضغوط النفسية والوضع غير المستقر الذي تَمُرُّون به، وعدم اقتناعها بمُبَرِّرات رفْضك لشقة والدها.



أقترح عليك أن تقبلَ العيش في شقةِ والد زوجتك مقابل إيجار ميسَّرٍ، حتى تشعرَ بالراحة، وتحافظَ على كرامتك, بعد أن تشرحَ لوالدك الظروفَ والأعباء المادِّيَّة التي سَتَتَرَتَّب على رفضك للشقة، وسيتفهم والدُك الأمر - بإذن الله.
وبهذا ستَتَمَكَّن - بإذن الله - مِن حلِّ أكثر مِن مشكلة في وقتٍ واحدٍ؛ بأن تُرْضِي نفسك ووالدك، وترضي زوجتك، وتُخَفِّف من الأعباء المادية.




وبإمكانك أن تزورَ أهلك كل أسبوع، ولا داعي لأنْ تطلُبَ مِن زوجتك الذهاب معك أسبوعيًّا، ولكن سدِّدوا وقاربوا، فاطلبْ منها الذهاب معك كل أسبوعين مرة؛ حتى لا تملَّ هي مِن الذهاب والسفر المتكرِّر، ويكون لديها فرصة لقضاء وقت مع أهلها في نهاية الأسبوع.
وأوصيك بالدعاء بأن يُعينك الله، ويُيَسِّر أمورك، مع كثرة الاستغفار والتسبيح.
أسأل الله لك التوفيق والسداد