تحذير ذوي الإحساس من الفاتن من اللباس - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموازنة بين سؤال الخليل عليه السلام لربه وبين عطاء الله للنبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تفسير سورة العاديات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          تفسير قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          حذف الياء وإثباتها في ضوء القراءات القرآنية: دراسة لغوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 84 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 489 - عددالزوار : 200648 )           »          تفسير سورة النصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          المصادر الكلية الأساسية التي يرجع إليها المفسر ويستمد منها علم التفسير تفصيلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          تفسير سورة القارعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          {ألم نجعل الأرض مهادا} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          تعريف (القرآن) بين الشرع والاصطلاح: عرض وتحرير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 29-09-2020, 03:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,444
الدولة : Egypt
افتراضي تحذير ذوي الإحساس من الفاتن من اللباس

تحذير ذوي الإحساس من الفاتن من اللباس
الشيخ عبدالله بن محمد البصري


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، المُسلِمُ الحَسَنُ الإِسلامِ، لَهُ في هَذِهِ الحَيَاةِ مَنهَجٌ يَسِيرُ عَلَيهِ، هُوَ تَفسِيرٌ عَمَلِيٌّ صَادِقٌ لِقَولِ اللهِ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56] وَلِقَولِهِ - سُبحَانَهُ -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163] إِنَّهُ الامتِثَالُ الحَقِيقِيُّ لأَمرِهِ -تعالى- حَيثُ قَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [البقرة: 208] ﴾.


أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ المُسلِمَ مُستَسلِمٌ لِرَبِّهِ مُنقَادٌ لَهُ، مُطِيعٌ لأَمرِهِ مُجتَنِبٌ لِنَهيِهِ، مُتَحَرٍّ لِمُرَادِهِ في كُلِّ صَغِيرٍ مِن أَمرِهِ وَكَبِيرٍ، لَيسَ الإِسلامُ عِندَهُ مُجَرَّدَ عِبَادَاتٍ يُؤَدِّيهَا في أَمَاكِنَ مُحَدَّدَةٍ وَأَوقَاتٍ مُتَقَطِّعَةٍ مِنَ اليَومِ أَوِ اللَّيلَةِ أَوِ الشَّهرِ أَوِ السَّنَةِ، ثم يُطلِقُ لِنَفسِهِ فِيمَا عَدَاهَا العِنَانَ في دُرُوبِ الحَيَاةِ؛ لِيَسِيرَ كَمَا يَشَاءُ وَتَشتَهِي نَفسُهُ، أَو كَمَا تُملِيهِ عَلَيهِ عَادَاتٌ أَو رُسُومٌ أو تَقَالِيدٌ، فَيَسلُكُ شِعَابًا مُتَفَرِّقَةً وَيَرُومُ غَايَاتٍ شَتَّى، فَإِنْ صَاحَبَ أَهلَ المَالِ صَارَ أَطمَعَهُم، وَإِن وَجَدَ أَهلَ اللَّهوِ وَاللَّعِبِ استَغرَقَ مَعَهُم، وَإِن وَجَدَ مُسَافِرِينَ يَتَجَوَّلُونَ بَحثًا عَنِ المُتعَةِ بِلا قُيُودٍ وَلا حُدُودٍ كَانَ في طَلِيعَتِهِم، وَإِن جَلَسَ في مَجلِسِ غِيبَةٍ أَو نَمِيمَةٍ أَو كَذِبٍ أَوِ استِهزَاءٍ خَاضَ مَعَهُم، فَإِذَا نُصِحَ أَو وُعِظَ وَذُكِّرَ قَالَ: وَمَاذَا نَفعَلُ؟! هَذِهِ هِيَ الحَيَاةُ وَهَكَذَا يَفعَلُ النَّاسُ، إِنَّ مَن هَذَا شَأنُهُ وَذَاكَ تَفكِيرُهُ، فَلَيسَ بِبَعِيدٍ عَن فِكرٍ أَهلِ الجَاهِلِيَّةِ، الَّذِينَ قَالُوا: ﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴾ [المؤمنون: 37] "

وَإِنَّ تَأَمُّلاً يَسِيرًا لأَحوَالِ النَّاسِ في أَوقَاتِ الإِجَازَاتِ خَاصَّةً، حَيثُ الانطِلاقُ مِن رِبقِ الوَظَائِفِ والأَعمَالِ، لِتُرِيكَ شَيئًا مِن سَجَايَاهُم وَعَفوِ نُفُوسِهِم، حَيثُ يَتَخَفَّفُونَ مِن بَعضِ الحُدُودِ الشَّرعِيَّةِ، وَلا يُرَاعُونَ عَدَدًا مِنَ الضَّوَابِطِ وَالآدَابِ المَرعِيَّةِ، يُرَى ذَلِكَ في مَنَامِهِم وَيَقظَتِهِم، وَلِبَاسِهِم وَزِينَتِهِم، وَذَهَابِهِم وَنُزهَتِهِم، وَحَفَلاتِهِم وَوَلائِمِهِم، وَفي زِيجَاتِهِم وَدَعَوَاتِهِم، تَجَاوُزٌ وَتَعَدٍّ وَانفِلاتٌ، قَد يُنبِئُ عَن خِفَّةِ تَدَيُّنٍ وَاتِّبَاعِ هَوًى، وَضَعفِ مُرَاقَبَةٍ للهِ، وَطُولِ أَمَلٍ وَنِسيَانٍ لِلمَوتِ، يُغَذِّيهِ تَعَلُّقٌ بِالرَّجَاءِ وَتَذَكُّرٌ لِلعَفوِ وَسِعَةِ الرَّحمَةِ، مَعَ نِسيَانِ أَنَّ اللهَ - تَعَالى - قَوِيٌّ شَدِيدُ العِقَابِ، وَأَنَّ عَذَابَهُ أَلِيمٌ وَأَخَذَهُ شَدِيدٌ.

وَلْنَأخُذْ مَجَالاً وَاحِدًا مِمَّا حَصَلَ فِيهِ الانفِلاتُ وَما زَالَ يَحصُلُ، بَل وَيَزدَادُ في الإِجَازَاتِ وَالمُنَاسَبَاتِ وَيَكبُرُ، إِنَّهُ اللِّبَاسُ، تِلكُمُ المِنَّةُ العَظِيمَةُ الَّتي امتَنَّ المَولى بها عَلَى عِبَادِهِ لِحِكمَةٍ بَيِّنَةٍ فَقَالَ: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 26] وَلأَنَّ ثَمَّةَ مَن لم يَألُ وَلَن يَألُوَ جُهدًا في سَلبِ بني آدَمَ هَذِهِ النِّعمَةَ وَالخُرُوجِ بها عَمَّا خُلِقَت لَهُ، فَقَد حَذَّرَ - سُبحَانَهُ - عِبَادَهُ مِن مَكرِ ذَلِكَ العَدُوِّ وَأَتبَاعِهِ فَقَالَ: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 27] وَإِذَا كَانَتِ الفِتنَةُ بِنَزعِ اللِّبَاسِ قَد حَصَلَت لِلأَبَوَينِ عُقُوبَةً لَهُمَا وَتَقبِيحًا لِمُخَالَفَتِهِمَا لأَمرِ اللهِ، فَإِنَّهُ لَمِنَ المُحزِنِ حَقًّا أَن يُغَرَّرَ بِالأُنثَى في هَذِهِ الأَزمِنَةِ المُتَأَخِّرَةِ، وَيُصَوَّرَ لَهَا أَنَّهَا سَتَكُونُ أَكثَرَ تَقَدُّمًا وتَحَضُّرًا، كُلَّمَا نَزَعَت عَنهَا اللِّبَاسَ وَتَخَفَّفَت مِنهُ وَأَصبَحَت أَكثَرَ تَعَرِّيًا، أَلا فَمَا أَقبَحَهُ بها وَأَشَدَّهُ مِن ظُلمٍ مِنهَا لِنَفسِهَا وَلمُجتَمَعِهَا أَن تَنسَاقَ وَرَاءَ هَذِهِ المُخَادَعَاتِ الرَّخِيصَةِ، فَتُصبِحَ في كُلِّ عَامٍ أَشَدَّ وَقَاحَةً مِنهَا في العَامِ الَّذِي قَبلَهُ، وَتَغدُوَ في كُلِّ مُنَاسَبَةٍ أَكثَرَ عُرِيًّا مِمَّا قَبلُ وَتَخَلُّصًا مِنَ الحِجَابِ!! نَاسِيَةً أَو مُتَنَاسِيَةً أَنَّهَا مَأمُورَةٌ بِالحِجَابِ وَالسِّترِ وَالقَرَارِ في البَيتِ وَإِخفَاءِ الزِّينَةِ، لِتَبقَى حَيِيَّةً مُخَفَّرَةً مُحتَشِمَةً، بَعِيدَةً عَن مَوَاطِنِ الشُّبَهِ، آمِنَةً مِنَ الاختِلاطِ بِالرِّجَالِ الأَجَانِبِ، مُخفِيَةً لما يَجِبُ إِخفَاؤُهُ مِن مَوَاضِعِ الحُسنِ وَالجَمَالِ وَالزِّينَةِ، حَافِظَةً عَفَافَهَا مُبقِيَةً عَلَى طُهرِهَا، لِئَلاَّ تَفتَتِنَ بِغَيرِهَا أَو يَفتَتِنَ غَيرُهَا بها، فَتُنتَهَكَ الأَعرَاضُ وَتَختَلِطَ الأَنسَابُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد كَانَ مِن فِتنَةِ الأَعدَاءِ وَعَلَى رَأسِهِمُ العَدُوُّ الأَكبَرُ الشَّيطَانُ، أَن أَلقَوا إِلى النَّاسِ أَنَّ هَذَا اللِّبَاسَ المُحتَشِمَ، إِنَّمَا هُوَ أَغلالٌ وَأَقفَالٌ، وَآصَارٌ وَأَثقَالٌ، وَسَجنٌ لِلمَرأَةِ وَتَقيِيدٌ لِحُرِّيَّتِهَا، وَلَمَّا لم يَلقَوا استِجَابَةً سَرِيعَةً لِمَا يُرِيدُونَ، لَجَؤُوا إِلى حِيلَةٍ مَاكِرَةٍ وَخِطَّةٍ غَادِرَةٍ، وَخِدعَةٍ خَلاَّبَةٍ وَوَسِيلَةٍ خَاتِلَةٍ، فَجَعَلُوا هَذَا اللِّبَاسَ الَّذِي شُرِعَ لِسَترِ العَورَاتِ وَصِيَانَةِ الحُرُمَاتِ وَحِفظِ السَّوءَاتِ، جَعَلُوهُ مَجَالاً لِلتَّسَابُقِ في التَّزَيُّنِ بِهِ وَالتَّجَمُّلِ؛ لِيُصبِحَ مَصدَرًا لِلافتِتَانِ بِالمَرأَةِ، وَدَاعِيًا لالتِفَاتِ العُيُونِ إِلَيهَا وَالانبِهَارِ بها، فَجَعَلُوا لِذَلِكَ مَجَلاَّتٍ مُتَخَصِّصَةً وَمُسَابَقَاتٍ، وَحِسَابَاتٍ في بَرَامِجِ التَّوَاصُلِ وَمَوَاقِعَ في الشَّبَكَاتِ، فَصَارَ ذَاكَ النِّقَابُ الَّذِي لا تَكَادُ تُرَى مِنهُ عَينُ المَرأَةِ، صَارَ يَتَّسِعُ شَيئًا فَشَيئًا، فَظَهَرَتِ العَينَانِ، ثم بَدَتِ الوَجنَتَانِ، ثم خُفِّفَ وَصَارَ شَفَّافًا، ثم أُلقِيَ بِهِ عِندَ بَعضِ النِّسَاءِ وَدَاسَتهُ الأَقدَامُ. وَتِلكَ العَبَاءَةُ الَّتِي كَانَت سَابِغَةً مِن فَوقِ الرَّأسِ وَحَتَّى أَخمُصِ القَدَمَينِ وَيُسحَبُ ذَيلُهَا شِبرًا أَو يَزِيدُ، نَزَلَت عَلَى الكَتِفَينِ، ثم طُرِّزَت وَزُيِّنَت وَجُمِّلَت، وَبَدَلاً مِن أَن تُخفِيَ الزِّينَةَ صَارَت هِيَ زِينَةً في ذَاتِهَا، تَدعُو الأَعيُنَ الزَّائِغَةَ لِلتَّحدِيقِ في المَرأَةِ، وَتَجلِبُ إِلَيهَا الأَبصَارَ المَفتُونَةَ، وَكَأَنَّهَا تَقُولُ هَيتَ لَكُم وَتَعَالَوا. وَتِلكُمُ الثِّيَابُ الفَضَفَاضَةُ وَالمَدَارِعُ الوَاسِعَةُ، وَالقُمصَانُ الطَّوِيلَةُ وَالجَلابِيبُ السَّابِغَةُ، ضُيِّقَت وَقُصِّرت وَشُقِّقَت، وَفُتِحَت مِن كُلِّ جَانِبٍ وَشُدَّت عَلَى كُلِّ عُضوٍ، حَتَّى بَيَّنَت مَفَاصِلَ الجِسمِ وَأَظهَرَت مَقَاطِعَهُ، وَأُكمِلَ ذَلِكَ بِلَبسِ الأَحذِيَةِ العَالِيَةِ وَالمَلابِسِ اللاَّصِقَةِ أَوِ الشَّفَّافَةِ، حَتَّى أَصبَحَتِ النِّسَاءُ حَقًّا كَاسِيَاتٍ عَارِيَاتٍ، مُمِيلاتٍ مَائِلاتٍ، سَافِرَاتٍ مُتَبَرِّجَاتٍ، مَفتُونَاتٍ فَاتِنَاتٍ، وَأَمَّا إِذَا حَضَرنَ مَجَامِعَ النِّسَاءِ في بُيُوتِ الأَفرَاحِ وَاجتَمَعنَ في قَاعَاتِ الأَعرَاسِ، فَلا تَسَلْ عَن إِبدَاءِ الصُّدُورِ وَالنُّحُورِ، وَإِظهَارِ السِّيقَانِ وَالظُّهُورِ، وَإِبرَازِ السَّوَاعِدِ وَالأَكتَافِ وَالعَضُدَينِ، بَل وَإِظهَارِ مَا يُستَحيَا مِن ذِكرِهِ مِمَّا حَولَ السَّوءَةِ، وَلِبسِ البَنَاطِيلِ الضَّيِّقَةِ وَمَلابِسِ الكَافِرَاتِ أَوِ العَاهِرَاتِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِحُجَّةِ أَنَّهُنَّ بَينَ النِّسَاءِ وَلا يَرَاهُنَّ إِلاَّ النِّسَاءُ، أَو أَخذًا بِمَا انتَشَرَ مِن كَونِ عَورَةِ المَرأَةِ أَمَامَ المَرأَةِ هِيَ مَا بَينَ السُّرَّةِ وَالرُّكبَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لم يَثبُتْ بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ أَنَّ المَرأَةَ يَجُوزُ لَهَا أَن تَتَكَشَّفَ لِلمَرأَةِ بِلا ضَرُورَةٍ أَو حَاجَةٍ، وَلا أَن تَكشِفَ غَيرَ مَا جَرَتِ العَادَةُ السَّوِيَّةُ بِكَشفِهِ بَينَ النِّسَاءِ، جَاءَ في فَتوَى اللَّجنَةِ الدَّائِمَةِ لِلإِفتَاءِ قَولُهُم: وَقَد دَلَّ ظَاهِرُ القُرآنِ عَلَى أَنَّ المَرأَةَ لا تُبدِي لِلمَرأَةِ إِلاَّ مَا تُبدِيهِ لِمَحَارِمِهَا، مِمَّا جَرَتِ العَادَةُ بِكَشفِهِ في البَيتِ وَحَالِ المِهنَةِ كَمَا قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ﴾ [النور: 31] الآيَةَ، وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ نَصَّ القُرآنِ وَهُوَ مَا دَلَّتَ عَلَيهِ السُّنَّةُ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي جَرَى عَلَيهِ عَمَلُ نِسَاءِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- وَنِسَاءِ الصَّحَابَةِ وَمَنِ اتَّبَعَهُنَّ بِإِحسَانٍ مِن نِسَاءِ الأُمَّةِ إِلى عَصرِنَا هَذَا. وَمَا جَرَتِ العَادَةُ بِكَشفِهِ لِلمَذكُورِينَ في الآيَةِ الكَرِيمَةِ هُوَ: مَا يَظهَرُ مِنَ المَرأَةِ غَالِبًا في البَيتِ وَحَالِ المِهنَةِ، وَيَشُقُّ عَلَيهَا التَّحَرُّزُ مِنهُ؛ كَانكِشَافِ الرَّأسِ وَاليَدَينِ وَالعُنُقِ وَالقَدَمَينِ، وَأَمَّا التَّوَسُّعُ في التَّكَشُّفِ فَعَلاوَةً عَلَى أَنَّهُ لم يَدُلَّ عَلَى جَوَازِهِ دَلِيلٌ مِن كِتَابٍ أَو سُنَّةٍ، هُوَ أَيضًا طَرِيقٌ لِفِتنَةِ المَرأَةِ وَالافتِتَانِ بها مِن بَنَاتِ جِنسِهَا. إِلى أَن قَالَتِ اللَّجنَةُ: فَالمُتَعَيِّنُ عَلَى نِسَاءِ المُسلِمِينَ التِزَامُ الهَديِ الَّذِي كَانَ عَلَيهِ أُمَّهَاتُ المُؤمِنِينَ وَنِسَاءُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُنَّ - وَمَنِ اتَّبَعَهُنَّ بِإِحسَانٍ مِن نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَالحِرصُ عَلَى التَّسَتُّرِ وَالاحتِشَامِ، فَذَلِكَ أَبعَدُ عَن أَسبَابِ الفِتنَةِ، وَصِيَانَةً لِلنَّفسِ عَمَّا تُثِيرُهُ دَوَاعِي الهَوَى المُوقِعِ في الفَوَاحِشِ. كَمَا يَجِبُ عَلَى نِسَاءِ المُسلِمِينَ الحَذَرُ مِنَ الوُقُوعِ فِيمَا حَرَّمَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنَ الأَلبِسَةِ الَّتي فِيهَا تَشَبُّهٌ بِالكَافِرَاتِ وَالعَاهِرَاتِ؛ طَاعَةً للهِ وَرَسُولِهِ، وَرَجَاءً لِثَوَابِ اللهِ، وَخَوفًا مِن عِقَابِهِ.ا.ه.

ثم لَو سَلَّمنَا جَدَلاً بِأَنَّ عَورَةَ المَرأَةِ أَمَامَ المَرأَةِ هِيَ مِنَ السُّرَّةِ إِلى الرُّكبَةِ، فَإِنَّ مِمَّا لا نَختَلِفُ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الأَلبِسَةَ قَد عَادَت في الوَاقِعِ لا تَستُرُ مَا بَينَ السُّرَّةِ وَالرُّكبَةِ، إِمَّا لِكَونِهَا لاصِقَةً أَو رَقِيقَةً أو شَفَّافَةً، وَإِمَّا لِكَونِهَا مُفَتَّحَةُ أَو مُشَقَّقَةً، لأَنَّهَا في حَقِيقَتِهَا مَا هِيَ إِلاَّ مَحضُ تَشَبُّهٍ وَتَقلِيدٍ لِلكَافِرَاتِ وَالمَاجِنَاتِ وَالمُغَنِّيَاتِ وَالمُمَثِّلاتِ، وَفَدَت إِلَينَا مِنَ القَنَوَاتِ الفَضَائِيَّةِ وَمَجَلاَّتِ الأَزيَاءِ، أَو مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ المَشبُوهَةِ وَغَيرِ المَوثُوقِ فِيهَا؛ وَقَد ثَبَتَ كَمَا عِندَ أَحمَدَ وَأَبي دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قَال: " مَن تَشَبَّهَ بِقَومٍ فَهُوَ مِنهُم " وَأَمرٌ يُضَافُ إِلى مَا سَبَقَ، أَلا وَهُوَ أَنَّ الَّتي تَلبَسُ هَذِهِ الأَلبِسَةَ يَصدُقُ فِيهَا مَا أَخرَجَهُ مُسلِمٌ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " صِنفَانِ مِن أَهلِ النَّارِ لم أَرَهُمَا بَعدُ: قَومٌ مَعَهُم سِيَاطٌ كَأَذنَابِ البَقَرِ يَضرِبُونَ بها النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُمِيلاٌتَ مَائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسنِمَةِ البُختِ المَائِلَةِ، لا يَدخُلْنَ الجَنَّةَ وَلا يَجِدنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا " ثم إِنَّ هَذِهِ الأَلبِسَةَ الفَاضِحَةَ عُرضَةٌ لأَن تَلبَسَهَا المَرأَةُ أَمَامَ مَحَارِمِهَا مِنَ الرِّجَالِ فِيمَا بَعدُ، وَهُوَ مِمَّا لا يَجُوزُ، وَقَد حَصَلَ بِسَبَبِهِ مِنَ الشَّرِّ مَا يَندَى لَهُ الجَبِينُ. وَأَمرٌ أَخِيرٌ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - وَهُوَ أَنَّ الرِّضَا بما هُوَ مُخَالِفٌ وَلَو صَغُرَ، سَيُؤَدِّي إِلى ازدِيَادِ التَّكَشُّفِ يَومًا بَعدَ يَومٍ؛ لِمَا لا يَخفَى مِن سُرعَةِ تَأَثُّرِ النِّسَاءِ بِبَعضِهِنَّ، وَإِذَا رَضِيَتِ المَرأَةُ أَو رَضِيَ لها وَلِيُّهَا بِهَذَا اللِّبَاسِ، فَكَيفَ سَيَكُونُ حَالُ بَنَاتِهَا وَبَنَاتِ بَنَاتِهَا فِيمَا بَعدُ؟!

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاحذَرُوا التَّسَاهُلَ وَالتَّهَاوُنَ، وَاحرِصُوا عَلَى سِترِ نِسَائِكُم وَاحتِشَامِهِنَّ؛ فَكُلُّكُم رَاعٍ وَكُلُّكُم مَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، وَمِن رِعَايَةِ المَسؤُولِيَّةِ مُتَابَعَةُ الرَّجُلِ مَن تَحتَ يَدِهِ مِنَ النِّسَاءِ، وَالحِرصُ عَلَى أَن يَكُونَ لِبَاسُهُنَّ عَلَى الوَجهِ المَشرُوعِ وَالمُبَاحِ، وَمَنعُهُنَّ مِن كُلِّ لِبَاسٍ مُحَرَّمٍ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].
♦♦♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، فَإِنَّهَا زِينَةُ القُلُوبِ، وَرَبُّكُم - تَعَالى - قَد جَمَعَ فِيمَا امتَنَّ بِهِ عَلَيكُم بَينَ الزِّينَتَينِ، زِينَةِ البَدَنِ بِاللِّبَاسِ، وَزِينَةِ القَلبِ بِالتَّقوَى، فَزَيِّنُوا الظَّوَاهِرَ بِاللِّبَاسِ الشَّرعِيِّ كَمَا أَرَادَ رَبُّكُم وَشَرَعَ لَكُم، وَزَيِّنُوا البَوَاطِنَ بِتَقوَاهُ - تَعَالى - وَالحَيَاءِ مِنهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ عُرِيَّ البَدَنِ مِمَّا يَستُرُ العَورَاتِ وَيُخفِي الزِّينَةَ المَمنُوعَ إِبدَاؤُهَا، دَلِيلٌ عَلَى عُرِيِّ القَلبِ مِن تَقوَى اللهِ وَالحَيَاءِ مِنهُ، وَإِلاَّ لاستَقبَحَ عُرِيَّ الجَسَدِ وَاستَحيَا مِنهُ. إِنَّ مَن رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا رَسُولاً، لم يَتَقَدَّمْ بَينَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ بِشَيءٍ، وَلَم يَرضَ لِنَفسِهِ وَلا لأَهلِهِ غَيرَ مَا ارتَضَاهُ اللهُ لِعِبَادِهِ، وَلم يَتَّخِذْ غَيرَ مُحَمَّدٍ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - إِمَامًا وَلا مَتبُوعًا وَلا مُتَشَبَّهًا بِهِ، وَإِلاَّ فَلْيَستَعِدَّ لأَن يُحشَرَ مَعَ مَن أَحَبَّهُم وَأُعجِبَ بِهِم وَاقتَدَى بِفِعَالِهِم مِن كُفَّارٍ وَفَسَقَةٍ، وَقَد صَحَّ عَنهُ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ:" المَرءُ مَعَ مَن أَحَبَّ " فَلْيَختَرْ كُلٌّ لِنَفسِهِ وَأَهلِهِ مَا شَاءَ، فَمَن شَاءَ أَن يُحشَرَ مَعَ الحَبِيبِ وَصَحبِهِ وَأَتبَاعِهِ، فَعَلَيهِ بِهَديِهِم وَلْيَنهَجْ نَهجَهُم وَلْيَتَشَبَّهْ بِهِم، وَلْيَحذَرْ مِن مَحَبَّةِ غَيرِهِم وَالتَّشَبُّهِ بِهِ وَالسَّيرِ عَلَى خُطُوَاتِهِ، وَلْيَنهَ النَّفسَ وَالأَهلَ عَنِ الهَوَى، وَمَن شَاءَ أَن يُحشَرَ هُوَ أَو أَهلُهُ أَو أَبنَاؤُهُ وَبَنَاتُهُ مَعَ الكُفَّارِ وَالكَافِرَاتِ وَالضَّالِّينَ وَالضَّالاَّتِ، فَلْيُطلِقْ لِلنَّفسِ العِنَانَ وَلْيَتَّبِعِ الهَوَى، وَلْيَدَعْ مَن شَاءَ لِيَلبَسَ مَا شَاءَ، فَالسَّاعَةُ آتِيَةٌ لا رَيبَ فِيهَا، وَاللهُ يَبعَثُ مَن في القُبُورِ، وَيَقُولُ -تعالى-: ﴿ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ﴾ [الصافات: 22، 23] قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - في تَفسِيرِ قَولِهِ -تعالى-: " وَأَزوَاجُهُم ": وَنُظَرَاؤُهُم، وَقَالَ ابنُ عَبَّاسِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا -: وَأَشبَاهُهُم. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالكَلبيُّ: كُلُّ مَن عَمِلَ بِمِثلِ عَمَلِهِم؛ فَأَهلُ الخَمرِ مَعَ أَهلِ الخَمرِ، وَأَهلُ الزِّنَا مَعَ أَهلِ الزِّنَا. وَيَقُولُ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ﴾ [التكوير: 7] قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: الفَاجِرُ مَعَ الفَاجِرِ وَالصَّالِحُ مَعَ الصَّالِحِ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 85.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.51 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.02%)]