ومن البلاء رحمة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         دعاء الشفاء ودعاء الضائع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تخريج حديث: رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته، مستقبل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          أسماء العقل ومشتقاته في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          كيف نكتسب الأخلاق الفاضلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: المؤمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          وقفات تربوية مع سورة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          {وما كان لنبي أن يغل} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          بين الاجتهاد الشخصي والتقليد المشروع: رد على شبهة «التعبد بما استقر في القلب» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الإسلام والحث على النظافة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-09-2020, 02:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,587
الدولة : Egypt
افتراضي ومن البلاء رحمة

ومن البلاء رحمة


فاطمة رمضان






الدنيا دار ابتلاء، دار امتحان واختبار، والإنسان فيها طالب في الميزان، تُحسب درجاته وفق ما قدمه، ويُقوَّم عمله بناءً على جِدّه واجتهاده.


والدنيا ليست المكان المهيئأ للراحة والدَّعة، فمن أرادها كذلك فقد خاب وخسر، ومَن أيقن أنها دار التحصيل والسعي فقد فاز وربح.


قد خذَلتْ مَن رَكَن إليها، وأعطت درسًا لمن أرادها خالية من المنغِّصات والكدر:
بُنيت على كَدَرٍ وأنتَ تُريدُها
صَفْوًا من الأقذار والأكدارِ



فإذا علم الإنسان هذا الواقع اطمأن قلبُه وهيأ نفسَه للجهاد في حياة هي مزرعة للآخرة.


لكنْ كثيرًا ما يحتار الإنسان في فهم البلاء وحقيقته وفائدته التي تعود على الصابر المحتسب. فإذا ما تأمل في كتاب الله وجد جوابًا يُثلج صدرَه ويُريح قلبه؛ فلنتأمل معًا قوله تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة: 155، 156]، إنها بشرى لمن صبر عند المصيبة واسترجع؛ فالله يُثني عليه ويرحمه.


قال الإمام أبو حامد الغزالي:
"إذا رأيت اللهِ يحبس عنك الدنيا ويكثر عليك الشدائد والبلوى فاعلم أنك عزيز عنده وأنك عنده بمكان وأنه يسلك بك طريق أوليائه وأصفيائه؛ فهو لم يهب الدنيا لأنبيائه ولكن خبأ لهم الآخرة... وأعطاها لفرعون وقارون وأشباهه"!


فهل البلاء إذن نِعمة أم نِقمة؟
سُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيّ الناس أشدّ بلاءً؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -:"الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل من الناس، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زِيد في بلائه، وإن كان في دينه رِقّة خفف عنه، وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة" أخرجه الإمام أحمد.


فأنبياء الله عليهم السلام امتُحنوا فصبروا، وتعدّدت أنواع محنهم: فمنهم من رُمي في الجُب، ومنهم من دخل بطن الحوت، ومنهم مَن نُشر، ومنهم مَن أصابه المرض سنين طوالًا. كُذِّبوا وأوذوا إيذاءً شديدًا وهم أحَب خلق الله لله، فهل اعترضوا أو لَجّوا؟ بل رضُوْا وسلّموا لله. ونراهم يتضرّعون لله: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83] على لسان سيدنا أيوب عليه السلام، وكذلك سيدنا يونس عليه السلام حين التجأ وناجى: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87].


وقد يأتي الابتلاء بصورة النِّعمة والإكرام، لكنه في الحقيقة امتحان للعبد، يقول تعالى: ﴿ فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ [الفجر: 15، 16] فوصف تعالى الإكرام والإنعام بأنه بلاء كبلاء الفَقر والحرمان، والغاية من كِلا البلاءين الامتحان والاختبار، وابتلاء الإكرام والإنعام أصعب وأكبر من ابتلاء الحرمان؛ ذلك أن ابتلاء الحرمان يجعل الإنسان دائم الصِّلة بالله تعالى، دائم الدعاء والالتجاء، تشتد مصيبته فيشتدّ دعاؤه فيستشعر حلاوة الالتجاء والانكسار للرحمن، ولَربما رضي أن يمتد به البلاء لِمَا يلقى من الطمأنينة وانشراح الصدر بين يدي خالقه.


أما ابتلاء الإكرام فيدفع العبد للدنيا والركون إليها دفعًا، فلا ألم أو هَم يدفعانه لمناجاة خالقه والتذلل لبارئه.. وفي هذا المعنى قوله تعالى: ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدّهُمْ بِهِ مِنْ مَال وَبَنِينَ * نُسَارِع لَهُمْ فِي الْخَيْرَات بَلْ لا يَشْعُرُونَ [المؤمنون: 55، 56].


وكم رأينا من نماذج ترى في المحنة منحة; فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية كان في سجنه يقول: "ما يفعل أعدائي بي؟! أنا جنتي وبستاني في صدري، سجني خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة". فما أعظم شعور الرضا بما اختاره الله حين يملأ القلب، وحين يناجي المرء ربه: (رضيت يا رب ما ارتضيته لي. أحببت يارب ما أقمتني فيه. قنعت بقدرك وإن لم أعرف حكمتك. سلمتك أمري وتوكلت عليك)... إنها حالة من الرضا قد لا يستطيع الإنسان الوصول لها، فما الذي يمكن أن يفعله حتى يقرب منها ويجنب نفسه حالة السُّخط والاعتراض على قدر الله فيه؟
أ- إن أول ما يقوم به المبتلى حين وقوع البلاء امتثال ما وجّهنا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"اللهم أَجِرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها" رواه الإمام مالك في الموطأ.


ب- ثم ليستحضر معاني الإيمان بقضاء الله وقدره، روى الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:"ولو أنفقت مثل أُحُد ذهبًا في سبيل الله ما قَبِله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مِتّ على غير هذا لدخلت النار". صححه الألباني.


ج- وليكُنْ يقينُه مع ذلك أن الله لا يقدّر له إلا ما فيه الخير والفلاح، وأنه أعلم منه بما هو صالح له، وبحكمته يصرِّف الأمور ويقدِّر المقادير.


د- ثم ليبادر إلى الدعاء والإلحاح فيه، وليتحرَّ مَواطن إجابته، وهي كثيرة، منها: في ليلة القدر - وقت السحَر - دُبُر الصلوات المكتوبة - بين الأذان والإقامة - عند نزول الغيث - ساعة من يوم الجمعة - في السجود.. ومواطن أخرى غيرها.


وأخيرًا، فليستحضر في ذهنه حالة الخوف والاحتياج التي تُعيده إلى بارئه وخالقه، تلك الحالة التي تُجلي القلوب، وتصفّي النفوس، وتقرِّب العبد من مولاه فيَسعد قلبه وتسمو روحه.


أخواتي الكريمات: لا تخلو حياة امرئ من منِّغصات وابتلاءات، ولن يبلغ الإنسان كمال الحياة الدنيا، فلا بدّ من مِحَن ومصائب، فليكن يقيننا بالله خير مساعد على تجاوزها لنَعبُر من خلالها إلى جنات الخُلد.



اللهم إنك خلقتنا وقدّرت لنا هذه الحياة الدنيا بهمومها وصِعابها، اللهم قد رضينا فهوِّن علينا ما شقّ علينا، واملأ نفوسنا بالرضا والتسليم لأمرك، اللهم أعنّا على أهواء نفوسنا حتى نلقاك وأنت راضٍ عنا. اللهم آمين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.36 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]