سياحة في عقول الأدباء والشعراء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         غواية التشخيص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          وصية الإبراهيمي للمرأة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          طاعة الرحمن ونصرة أهل الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          إنَّ مُعاذًا كان أُمَّة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          سوء الخاتمة من عقوبات الشهوة المحرمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          المكر السيء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          عبودية الشكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          خصائص منصات التعلم الإلكترونية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الآيات العاصمة من شبهات شياطين الإنس والجن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حدثوهم عن المعالي! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 14-09-2020, 04:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,213
الدولة : Egypt
افتراضي سياحة في عقول الأدباء والشعراء

سياحة في عقول الأدباء والشعراء



أحمد محمود أبو زيد




الحياة الجادة في حاجة إلى محطات للاسترواح، والعقل المشغول طول الوقت بشواغل الحياة، في حاجة بين الحين والآخر إلى نزهة فكرية، يغذي بها روحه بحِكَم الأوّلين والآخرين، وأقوالهم، ومواقفهم.


والنزهة والسياحة في عقول البلغاء والفصحاء، من الأدباء والشعراء والعلماء؛ لذة لا يدرك حلاوتها إلا من كان محباً للغة العربية وعلومها، مقبلاً على القراءة والإطلاع في بيانها، شعراً ونثراً.



فقد قيل للمأمون يوماً: ما ألذُّ الأشياء إليك؟ قال: التنزُّه في عقول الناس.



وقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: (عليكم بطرائف الأخبار؛ فإنها من عِلم الملوك والسادة، وبها تُنال المنزلة والحَظْوة منهم).



وسمع الرشيد من سهل بن هارون كلاماً أعجبه؛ فقال له: يا سَهْلُ، من رَوَى من الشعر أحسَنه وأرصنه، ومن الحديث أفصحَه وأوضَحه، إذا رام آن يقولَ لم يُعْجزه القول.



وقال الحكماء: يسود المرء بأربعة أشياء: بالعقل، والأدب، والعلم، والمال.



وفي ذلك يقول عبيد بن الأبرص:




إذا أنت لم تعمل برأي ولم تطع أولي الرأي أو تسكن إلى أمر مرشد
ولم تجتنب ذم العشيرة كلها وتدفع عنهم باللسان وباليد
وتحلم عن جهَّالها وتحوطها وتقمع عنها نخوة المتهدد
فلست وان عللت نفسك بالمنى بذي سؤدد باد ولا قرب سؤدد





ونجد علي بن الجهم يفضل الأدب على المال، فيقول:


لو قيل لي تملك الدنيا بأجمعها ولا تكون أديبا تحسن الأدبا
لقلت لا أبتغي هذا بذاك ولا أرى الى غيره مستدعيا أربا
لجلسة مع أديب في مذاكرة أنفي بها الهم أو أستجلب الطربا
أشهى إلي من الدنيا وزخرفها ومثلها فضة أو ملئها ذهبا



* صديق الأصمعي *


ولنبدأ سياحتنا هذه الفكرية مع الأصمعي، ونتركه يحكي لنا عن واحد من أهل الأدب الذين عرفهم؛ يقول الأصمعي:

كان لي صديق من أهل الأدب والمروءة والحسب قد أتى عليه ثلاثة أعصار، مشتهر بحفظ العلوم والأخبار، والمُلَح والأشعار، وكان لا تسكن حركاته، ولا تتوفر لذَّاته؛ إلا في قضاء حوائج الإخوان، وإدخال السرور على من عرفه من الناس، فألهاني ما شهدت منه عمّا وُصِف لي عنه، فقلت له يوماً: ما هذا الذي تفعله؟ وما قواك على ما تصنعه؟

فقال: يا أصمعي، إني شهدت الأيام في اخضرار عيشها، ورأيت تصرُّفها، وحلبت الدهر أشطُرَه، ولهوت في ريعان الشباب، وجالست العلماء، وصحبت أهل التصابي، فما طربت بما سمعت، ولا ابتهجت بما رأيت، كابتهاجي لنشر نعمة، وشفاعة شافع في طلب شاكر، يرجو بذلك الحياة في العاجل، وجزيل الثواب في الآجل، واني لأتشوق إلى الرجل الأديب، تشوق المريض إلى الطبيب، وأطرب إليه كطرب المحب إلى الحبيب، وأنشد يقول:



وإذا الأديب مع الأديب تحدَّثَا كانا من الآداب في بستان
لا شيء أحسن منهما في مجلس يتطاعمان جواهراً بلسان



* الفتى العاشق *


وحكى الأصمعي -أيضاً- فقال:

بينما كنت أسير في بادية الحجاز؛ إذ مررت بحجر قد كتب عليه هذا البيت:



أيا معشر العشاق، بالله خَبِّروا إذا حلَّ عشق بالفتى كيف يصنع؟


فكتب الأصمعي تحت ذلك البيت:




يداري هواه ثم يكتم سرَّه ويخشع في كل الأمور ويخضع!





ثم عاد في اليوم التالي الى المكان نفسه، فوجد تحت البيت الذي كتبه هذا البيت!



وكيف يداري، والهوى قاتلُ الفتى وفي كل يوم قلبُه يتقطع؟





فكتب الأصمعي تحت ذلك البيت:



إذا لم يجد صبراً لكتمان سرِّه فليس له شيء سوى الموت ينفع!





قال الأصمعي:

فعدت في اليوم الثالث إلى الصخرة، فوجدت شاباً ملقى تحت ذلك الحجر، وقد فارق الحياة ،وقد كتب في رقعة من الجلد:



سمعنا، أطعنا، ثم متنا فبلغوا سلامي إلى من كان للوصل يمنع





* المخبر والجوهر *


ودخل المختار بن أبي عبيد على معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- وكانت عليه عباءة رثَّة فاستحقره، فقال له المختار: يا أمير المؤمنين، إن العباءة لا تكلمك، ولكنْ يكلمك من فيها، وأنشد:



أما وإنْ كان أثوابي ملفقة ليست بخز ولا من نسج كتان
فان في المجد هماتي وفي لغتي فصاحة ولساني غير لحان


ودخل ضمرة بن ضمرة على المنذر بن ماء السماء، وهو إذ ذاك ملك الحيرة واليمامة، وكان ضمرة ذا عقل وعلم وحلم وحكمة وشجاعة، إلا أنه كان دميم الخلقة، قصير القامة، وكان ذِكره قد شاع في الآفاق لما فيه من الخصال المحمودة، فلما رآه المنذر احتقره لدمامة خِلقته وقصر قامته، فقال: سماعك بالمُعَيْدِيِّ خير من أن تراه.

فقال له ضمرة: أيها الملك، ليس المرء بحسنه وجماله، وبهائه وكماله، وهيئته وثيابه، لا والله؛ حتى يشرِّفه أصغراه، لسانه وقلبه، ويعلو به أكبراه، همته ولبُّه، وقد قال الشاعر:




رأيت العِزَّ في أدب وعلم وفي الجهل المذلةُ والهوانُ
وما حُسنُ الرجال لهم بفخر إذا لم يُسعِدِ الحُسْنَ البيانُ
كفى للمرء عيباً أن تراه له وجه وليس له لسانُ!



* الشعر بضاعة مزجاة *


ويحكى أن جماعة من الشعراء اجتمعوا بباب أبي الغيث؛ لكي يمتدحوه بقصائدهم، ويأخذوا العطايا، فلم يأذن لهم بالدخول، فكتبوا إليه:



أيها العزيز، قد مسَّنا الضر ودبت به الخطوب إلينا
ولدينا بضاعة مزجاة قل طِلابها فبارت لدينا
فأزل ضرنا وأوف لنا الكيل بما شئت أو تصدق علينا


فعندما قرأ هذه الأبيات أحسن إليهم، وانصرفوا.




* رثاء الأب *




ومن قبيل الكلام الحسن في الرثاء: ما قالته تلك الأعرابية التي وقفت على قبر أبيها ترثيه، فقالت:

يا أبت، إن في الله -تبارك وتعالى- من فقدك عوضاً، وفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مصيبتك أسوة.


ثم قالت:


اللهم، نَزلَ بك عبدك مقفراً من الزاد، ومخشوشن المهاد، غنياً عما في أيدي العباد، فقيراً إلى ما في يدك يا جواد، وأنت خير من نزل به المؤمِّلون، واستغنى بفضله المُقلُّون، وولج في سَعة رحمته المذنبون، اللهم فليكن قِرى عبدك منك رحمتك، ومهاده جنتك.

ثم انصرفت.


* البلاغة وأصحاب الصناعات *




وفي محطة أخرى من محطات سياحتنا هذه الفكرية في عقول الأدباء والشعراء؛ نقف مع مجموعة من أصحاب الصناعات، اجتمعوا، فوصف كل منهم البلاغة من طريق صناعته:


فقال الجوهري:


أحسنُ الكلام نظماً ما ثقبَته يَد الفكرة، ونظمته الفِطْنة، ووُصِل جَوْهَرُ معانيه في سُموط ألفاظه، فاحتملته نحورُ الرواة.


وقال العطار:


أطيبُ الكلامِ ما عُجِنَ عَنْبَرُ ألفاظه بمسْك مَعَانيه، ففاح نسيمُ نَشَقِه، وسطعت رائحة عبَقه، فتعلّقت به الرُوَاة، وتعطَّرت به السَّراة.


وقال الصائغ:


خيرُ الكلام ما أَحْمَيْتَه بكِير الفِكر، وسبَكْتَه بمشَاعِل النَّظر، وخلَّصته من خَبَث الإطناب، فبرز بروزَ الإبريز، في معنى وَجيز.


وقال الصيرفي:


خيرُ الكلام ما نَقَدَتْهُ يدُ البصيرة، وجلَته عين الروية، ووزنْتَه بمِعْيار الفصاحة، فلا نظر يُزَيِّفه، ولا سماعَ يُبَهْرِجُه.


وقال الحداد:


أحسن الكلام ما نصبتَ عليه مِنْفَخة القريحة، وأشعلْتَ عليه نارَ البصيرة، ثم أخرجتَه من فحم الإفحام، ورقَّقته بفطِّيس الإفهام.


وقال النجار:


خيرُ الكلام ما أحكمتَ نَجْرَ معناه بقَدُوم التقدير، ونَشَرْتَه بمنشار التدبير، فصار باباً لبيت البيان، وعارِضة لسَقفِ اللسان.


وقال الحائك:


أحسنُ الكلام ما اتَّصَلت لُحمة ألفاظه بسَدَى معانيه، فخرج مُفوَّفاً مُنيراً، وموشَّى محبراً.


وقال الجمّال:


البليغُ من أخذَ بخِطام كلامه، فأناخَه في مَبْرك المعنى، ثم جعل الاختصار له عِقَالاً، والإيجاز له مَجالاً، فلم يَندَّ عن الآذان، ولم يشذَّ عن الأذهان.


* وصف الخلفاء *



وقال معاوية بن أبي سفيان لصعصعة بن صوحان: صف لي عمر بن الخطاب!

فقال: كان عالماً برعيته، عادلاً في قضيَّته، عارياً من الكبر، قَبولاً للعذر، سهل الحجاب، مَصون الباب، متحرِّياً للصواب، رفيقاً بالضعيف، غير مُحاب للقريب، ولا جاف للغريب.


وقال معاوية -أيضاً- لضرار الصدائي: يا ضرار، صف لي علياً!


قال: اعفني يا أمير المؤمنين.

قال: لَتصفنَّه!

قال: أما إذ لابد من وصفه؛ فكان -والله- بعيد المدى، شديد القُوى، يقول فصلاً، ويحكم عدلاً، يتفجَّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته.

وكان والله غزير العَبرة، طويل الفكرة، يقلِّب كفَّه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن.

وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا اذا استنبأناه، ونحن، مع تقريبه إيانا، وقربه منا؛ لا نكاد نكلمه لهيبته، ولا نبتدئه لعظمته، يعظِّم أهل الدين، ويحب المساكين، ولا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 101.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 100.12 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (1.68%)]