هل جهلنا بسيط أم مركب؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1389 - عددالزوار : 140262 )           »          معالجات نبوية لداء الرياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          التربية بالحوار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          صور من فن معالجة أخطاء الأصدقاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          في صحوةِ الغائب: الذِّكر بوابة الحضور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          آيات السَّكِينة لطلب الطُّمأنينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم, العالم. علام الغيوب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          سبل إحياء الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          التساؤلات القلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الحب الذي لا نراه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-09-2020, 03:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,163
الدولة : Egypt
افتراضي هل جهلنا بسيط أم مركب؟

هل جهلنا بسيط أم مركب؟


هشام محمد سعيد قربان






سؤال: ما هو الكنفصف الأحمر؟
جواب:
1- إذا كنا لا نعرفه، وأقررنا بذلك، وقلنا: لا نعرف، فأغلب الظنِّ - إذا كان هذا دومًا ديدننا - أن جهلنا بسيط.

2- إذا كنا لا نعرفه، وادَّعينا زورًا، أو خُيِّل إلينا - بلا مقدِّمات - أننا نعرفه، وأكدَّنا عِلمنا به، وتصرَّفنا تصرُّف العلماء به، فأغلب الظن - إذا كان هذا دومًا شأننا - أن جهلنا مُركَّب.

لا يخفى على القارئ الكريم ما في هذا السؤال المشوِّق من دُعابة وتعميم مع صِلته بموضوعنا، وتمهيده الحديث عنه!

إن لكلمة (مركب) جرس أقوى من (بسيط)، ولكن هذا لا يجعل الجاهل المركَّب أعلى من الجاهل البسيط، والعكس صحيح تمامًا، فالجاهل البسيط مُقِرٌّ بجهله، ويُرجى خلاصه من جهله، وتعلُّمه ما يجهل، إذا حانت له الفرصة، فحصول العلم لا يتأتى إلا حين إقرار طالب العلم بالحاجة لما يراد تعلُّمه، والاعتراف بالجهل به أصلاً.

وفي المقابل: فالجاهل المركَّب غير مُقِر بجهله، ويدَّعي العلم بما يجهله حقيقة، ويظن أنه بقليل عِلمه قد بلغ الغاية وجاوَزها، وهذا لعمري عقبةٌ كؤود تَحول بين الجاهل المركَّب والتعلمِ، وجهْل هذا لا يُرجى برؤه أو قد يتعسَّر، وتُسمَّى هذه الحالة جهلاً مركبًا؛ لأن جهل صاحبها مركب من جهلين:
1- الجهل بالمعلومة.

2- والجهل بأنه جاهل بها، وفي هذا قال الناظم:
لما جَهِلتَ جهلتَ أنك جاهلٌ
جهلاً وجهْلُ الجهلِ داء مُعضِلُ


إن هذا التقسيم للجهل ليس بالأمر المُحدَث، فقد أشار إليه الكثير من المتقدِّمين، ومن هؤلاء شرف الدين العمريطي المصري الشافعي (توفِّي بعد سنة 989 هجرية) في نظْمه: تسهيل الطرقات في نَظْم الورقات لإمام الحرمين في أصول الفقه - رحمة الله عليهم أجمعين - حين قال:
والجهلُ قُلْ تَصَوُّرُ الشَّيءِ علَى
خِلاَفِ وَصْفِهِ الَّذِي بِهِ عَلاَ

وقِيل حَدُّ الجَهْلِ فَقْدُ العِلمِ
بَسيطًا اوْ مُرَكَّبًا قَدْ سُمِّي

بسيطُه في كلِّ ما تحتَ الثَّرَى
تركيبُه في كلِّ ما تُصُوِّرَا


كما تشير إلى هذا التصنيفِ أرجوزةٌ طريفة نُظِمت (تخيُّلاً) على لسان حمار توما الحكيم، فتوما كان جاهلاً، قليل العلم، ضعيف الموهبة، ادَّعى الطبَّ ومعالجة الأسقام بلا عِلم، فقتل بجهله أحد مرضاه، إذ سقاه سمًّا زُعافًا، فيقول حماره مقارنًا جهله البسيط بجهل صاحبه توما المركب:
قال حمارُ الحكيمِ تُومَا
لو أنصَفَ الدهرُ كنتُ أركبُ

لأنَّني جاهلٌ بسيطٌ
وصاحبِي جاهلٌ مُركَّبُ


هذه مقولة حكيمة أخرى تصِفُ الجهلَ المركب، وتُحذِّر من أهله وشرِّهم، وقائلها: الدكتور يوسف السباعي الروائي المصري: "أما الجهل المركب، فمُصابه ثقيل، فهو جهْل أولئك الذين لا يظنُّون بنفوسهم جهلاً، أولئك القادرون المسيطرون المترفِّعون المتكبِّرون، الذين يَكسُون أنفسهم طلاء زائفًا من الفَهْم والذكاء، ويُبِهرون غيرهم بمظهرهم الكاذب الخادع، فيتولون أمر سواهم، ويتحكَّمون في مصاير غيرهم، والجهلُ في باطنهم متأصِّل ومُتحكِّم"؛ قصة: يا أمة ضحِكت.

أما صِلة الجهل بالعلم، فهي موضوع شائك، فقديمًا قال أحدهم: حقيقة العلم معرفة حدود الجهل، وكلما ازداد المرء علمًا، أدرك أن ما حصَّله من العلم قليل مقارنةً بما لم يُحصِّله، وأيقن معنى من معانٍ بديعة كثيرة حوتْها آياتٌ من كلام ربنا، بليغة ومُعجِزة، يقول - عزَّ مِن قائل -: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]، ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76]، وها هي قصة كليم الله موسى مع الخضر لم تزل حيَّة، نابضة بأحداثها، ومؤثِّرة بمفاجآتها، تذكِّر كل متعلِّم بأعلى آداب التعلم: التواضع!

قال أحد الفلاسفة المعاصرين، وما يُضيره، ولا يَنقُص من قدْره جهلُنا باسمه: "إن كل كتاب أقرؤه، ما هو إلا نافذة أُطِلُّ بها على جهلي".

من العلماء الذين نظروا في مسألة تصنيف الجهل إلى نوعين: شيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه النجيب ابن القيم، فقد قسَّم ابن القيم الجهل قسمين:
1- بسيط: وهو عبارة عن عدم المعرفة مع عدم تلبُّس بضده.

2- ومركَّب: وهو جهْل أرباب الاعتقادات الباطلة، والقِسم الأول (البسيط) هو الذي يطلب صاحبه العلمَ، أما صاحب الجهل المركَّب، فلا يطلبه.

ويُنسَب له أيضًا أن الجهل قسمان:
1- جهل عِلم ومعرفة.

2- وجهل عملٍ وغَيٍّ.

وكلاهما له ظُلْمة ووحشة في القلب، وكما أن العلم يوجِب نورًا وأنسًا، فضدُّه يوجِبُ ظُلمةً ويوقِع وَحْشة، وقد سمَّى الله - سبحانه وتعالى - العلم الذي بعَث به الرسل: نورًا وهدى وحياة، وسمَّى ضده: ظلمة وموتًا وضلالاً.

كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه تفسيرًا عميقًا لآية قرآنية في سورة النور من منظور تقسيم الجهل السابق ذِكرُه.

يقول الله - عز وجل -: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 39، 40].

1- فيُصنِّف المَثلَ الأول في الآية: تحت الكفر والجهل المركب، فلقد صرف الكافر عمرَه معتقدًا - بلا تثبُّت أو علم، ومكذِّبًا للرسل والرسالات - حقيقة وصواب ما يعمل، وما هو إلا سراب، يحسبه العطشان ماء، حتى إذا أتاه لم يجد ما كان يحسبه من قبل، ووجد اللهَ، فوفَّاه حسابَه على كفْره وجهلِه.

2- وأما المَثلُ الآخر في الآية: فهو إشارة إلى الكفر والجهل البسيط، الذي يتراكم بعضه فوق بعض ظلمات في صدر الجاهل، فجهل فوقه جهل، وكذِبة وخُرافة تُخفي أخواتِها، وكل هذا - مع مرور الأيام والعناد والعادة - يغشى على القلب والسمع والبصر، ولقد أفاض ابن القيم - رحمه الله - في شرْح هذين المَثلَين في التفسير القيم؛ طبعة دار الكتب العلميَّة، تحقيق حامد الفقي، ص 380 - 389.


أَبْعَد الله عنا الجهلَ، وأبعدنا عنه، وبصَّرنا بأنفسنا، وأدَّبنا بآداب طلب العلم، وعلَّمنا ما ينفعنا ويرفعنا، ونسأله فيضًا من نور هدايته وتوفيقه ورحمته، آمين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.09 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]