|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الإسلام والمسلمون أ. إحسان سامي حقي لم يعرف التاريخ أمة ضعيفة رغم قوتها، قليلة رغم كثرة عددها، ذليلة رغم عزتها، مشتتة رغم جمعها، فقيرة رغم ثروتها، كالأمة الإسلامية في هذا العصر، وإذا ما أطلقنا لفظ الإسلام على هذه الأمة التي أصبحت تعرف به[1] فإنما نطلقه كتعريف جغرافي تاريخي كان يطلق على أناس مسلمين حقيقيين، خلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وتخلقوا بغير خلق آبائهم ثم انتسبوا إليه زورًا وبهتانًا. ولا يحق لنا أن نسمى اليوم بالمسلمين أبدًا لأن الإسلام عقائد وأقوال وأفعال لا أقوال فحسب وهو بالأحرى اسم لمجموعة طيبة هي: العزة ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8] المنعة ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾ [محمد: 7] الكثرة رغم القلة ﴿ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الأنفال: 65] خوف الله وخشيته ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الأنفال: 2] التوكل ﴿ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [يوسف: 67] الاتحاد ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103] الجهاد ﴿.....وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ﴾ [التوبة: 20] وغير ذلك من الصفات الكثيرة الجليلة التي تجعل الأمة عزيزة قاهرة قوية حاكمة غير محكومة سائدة غير مسودة. وبغير مبادئ الإسلام لا يكون مسلمون ولا إسلام ولا تغني الأسماء عن الحقائق شيئًا فالأمة التي لديها مثل هذه الجواهر النفيسة والدرر الثمينة والأعلاق الغالية وهي مفلسة ذليلة مقهورة يسيطر على مجموعها أفراد ويحكم في رقابها من لا يخاف الله ولا يرحمها ويسومها سوم البهيمة ثم ترضى بعد ذلك بالذل والعار وتكون آباؤها وأبناؤها وإخوانها وأزواجها وعشيرتها وأموال اقترفتها وتجارة تخشى كسادها ومساكن ترضاها ووظيفة تؤثرها وشهوات تبتغيها أحب إليها من الله ورسوله وجهاد في سبيله، هي امة لا تمت إلى الإسلام بصلة أبدًا والأمة التي تأتي نواهي دينها وترتكب محارمه ولا تعمل بأوامره ثم تدعي صلتها به هي امة هازئة ساخرة لا تستحق من الجزاء أكثر مما يستحقه الهازئ. هذه حقيقة مؤلمة أيها المسلمون لابد لنا من الاعتراف بها إذا كنا نريد الشفاء مما نحن فيه من الأدواء. وأن نعترف إلى جانب هذا أيضًا بأن الإسلام شيء والمسلمون شيء آخر وأننا لا نمثل ديننا تمثيلًا صحيحًا أبدًا لا بل نسيء إليه بمجموعنا - إلا النـزر - من علماء وزعماء وتجار وزراع وصغار وكبار الخ وإن كانت الإساءة على درجات؛ ولا مناص لنا من الإقرار بذلك. إن مسلمي اليوم الجغرافيين ليسوا على الإسلام الذي سنه الله لهم ووعدهم بموجبه النصر والعزة إنما هم قد اتخذوا الاسم وسهوا عن الجسم وهم يخدعون أنفسهم وما يشعرون ولو كانوا على سنة الله لنصرهم الله سبحانه وتعالى الذي نصر أجدادهم العراة الحفاة الذي دوخوا ملك الروم وفارس والسند والهند واخضعوا لهم أساطين الأرض وجاءت أقيالها إليهم صاغرة ولم يكن لديهم من السلاح إلا الإسلام وحده. فالإسلام والصغار لا يجتمعان والإيمان والذل ضدان مفترقان ولا يقيم على ضيم يراد به ![]() هذا على الذل مربوط برمته ![]() إلا الأذلان عير الحي والوتد ![]() وذا يشج فلا يرثي له أحد ![]() ولم يكن الإسلام في يوم من الأيام دين قول وتشدق بل هو دين عمل وفعل وهو بيع النفس والنفيس في سبيل الله تعالى وخدمة خلقه فلا غرابة أن نرى المسلمين اليوم وقد نسوا ما أمرهم به دينهم، قد ذلوا بعد عزهم، وتشتتوا بعد جمعهم. وضعفوا بعد قوتهم. فأين منا اليوم مثل أولئك المسلمين الذين خلفوا لنا هذه الأرض؟ فأتوني بمثلهم آتكم بملك مثل ملكهم وسلطان كسلطانهم. أين من أغنيائنا ممن يملكون آلاف الدنانير المخزونة في الصناديق كمن جهز جيش العسرة. وأين منهم كمن يأتي إلى الرسول عليه السلام بإعانة عامة فيسأله الرسول صلى الله عليه وسلم كم تركت لأهلك؟ فيجيبه قائلًا: تركت لهم الله ورسوله[2] وأين منهم أمثال من يبكي ويحزن إذا ما فاتته الشهادة في الجهاد. وأين منهم من يعذب ويصلى حر الرمضاء لينكر إيمانه فلا يفعل. وأين منهم من يصلب وهو على عقدته وإيمانه لا يحيد عنه قيد أنملة بل يترنم ويقول: ألا هل أتى سلمى بأن حليلها ![]() على ناقة لم ينكح الفحل أمها ![]() على ماء عفرى فوق إحدى الرواحل ![]() مشذبة أطرافها بالمناجل ![]() هؤلاء هم المسلمون المؤمنون وهؤلاء هم الذين وعدهم الله نصره وقد أنجز وليس الإسلام بلحية ولا عمامة وجبة ولا بمسبحة وسجادة حتى وليس بالصلاة ولا بالصيام ولا بقراءة القرآن أيضًا إذا لم يكن الفعل مقرونا بالإيمان الحق وقد ندد الله تعالى بمثل هؤلاء كما جاء في القرآن الكريم ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 4 - 7] وقال صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) وأمثال ذلك كثيرة. فإذا كنا أيها المسلمون ننتظر - ونحن على ما نحن عليه - نصر الله، فقد ظلمنا أنفسنا وظلمنا الحق أيضًا وما ظلمنا الله فعباد الله عنده سواء. وان أكرمهم عند الله اتقاهم. ولئن نصرنا الله ونحن على ما نحن عليه فيكون ذلك بعيدًا عن عدله. فعلينا إذن وقد عرفنا داءنا أن نبدل الأفعال بالأقوال ثم نطلب العزة الأولى فننالها. إذ نكون قد سلكنا سبيلها. ونحن نرى اليوم أكثر الحركات التحريرية إنما تقوم والحمد الله على بعض المبادئ الإسلامية فما بالكم لو عاد الإسلام مرة ثانية بأحكامه وعاد المسلمون الأولون بأفعالهم أفلا تخضع لهم الأرض كلها؟ بلى! بلى ولا نعود نسع لغير كلمة التوحيد صدى في الأرض ولا في السماء فاسلكوا أيها المسلمون سبل ربكم ولا تظلموا أنفسكم وتبتغوا من الله ما لستم له أهلا وأنتم على ما أنتم عليه فإن الله سبحانه وتعالى عادل ولا ينال النصر بالدعاء فحسب! ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم: 39]. المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الأولى، العدد الأول، 1354هـ [1] ولا يعرف هو بها. [2] بل كم عدد من يدفع خمسة قروش فقط لجمعية تدافع عن الدين؟ (التمدن).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |