|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مخاطر الربا ومعالجته في الإسلام مركز التأصيل للدراسات والبحوث إن معظم معاملات وبنوك الدول العربية والإسلامية سارت على طريق التعامل بالربا، حتى أصبح أمراً واقعاً، بسبب الابتعاد عن منهج الله القويم، وعدم الاعتبار بالتحريم القرآني الصريح، والتهديد بالحرب على فاعله في الدنيا قبل الآخرة قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وذَرُوا مَا بَقِيَ مِن الرِّبَا إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ * فَإِن لَم تَفعَلُوا فَأذَنُوا بِحَربٍ مِن اللهِ ورَسُولِهِ وإِن تُبتُم فَلَكُم رُءُوسُ أَموَالِكُم لَا تَظلِمُونَ ولَا تُظلَمُونَ)(البقرة:278-279)، وفي دراسة للدكتور ضياء الدين عبدالله محمد صالح عن الربا نشرتها مجلة البحوث والدراسات الإسلامية [العدد 34، 2013م - العراق]، عالج الباحث - تحت عنوان هذه القراءة - موضوع بات ملحاً في الحياة اليومية، إذ إن التعامل بالربا أصبح السمة البارزة للاقتصاد في عصرنا، وذلك بحجة أن فيه مصلحة، وأن النمو الاقتصادي لا يتحقق إلا بهذا التعامل. وقد حاول الباحث في دراسته بيان خطورة التعامل بالربا، والآثار السيئة له، والتأكيد على أنه لا يساهم في تقدم الاقتصاد وازدهاره؛ بل هو سبب الأزمات الاقتصادية التي وقع فيها العالم أكثر من مرة مؤخراً، وقد قسم الباحث دراسته إلى مبحثين وخاتمة؛ تناول في المبحث الأول: موضوع (الربا أحكامه ومخاطره)، وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأول: عرف فيه الربا لغة وشرعاً واصطلاحاً، وذكر أنواعه، أما لغة فالربا هو الزيادة، وأما شرعاً فقد اختلفت تعريفات الفقهاء له، وقد ذكر الباحث أن الربا في الشرع أنواع: ربا الفضل، وربا النساء. كما ذكر الباحث أن الاقتصاد الرأسمالي أطلق على الربا اسم الفائدة، وتعني ما يحصل عليه المقرض من المقترض مقابل استخدام المال، وقد برر الاقتصاديون المعاصرون الفائدة بأنها نتيجة عنصر المخاطرة في إقراض المال، بالإضافة لكونها الفائدة - تعويضاً عن حرمان المرابي من الانتفاع بالمال المقرَض، ومكافأة له على انتظاره طيلة مدة الإقراض -، ومنهم من عد الفائدة أجرة استخدام النقود، وهي تماثل أجرة صاحب العقار، أو أدوات الإنتاج! المطلب الثاني: تناول حكم الربا في الإسلام، وبداية أشار الباحث إلى أن الله - تعالى - أحل لنا الطيبات، وحرم علينا الخبائث؛ ومن هنا كان تحريم الربا في كل الشرائع السماوية لكونه من الخبائث، وذكر أدلة تحريم الربا في القرآن الكريم أولاً، ومنها قول الله - تعالى -: (وأَحَلَّ اللَّهُ البَيعَ وحَرَّمَ الرِّبَا)(البقرة:275)، ثم ذكر أدلة تحريم الربا من السنة النبوية الصحيحة ومنها حديث جابر - رضي الله عنه - قال: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - آكِلَ الرِّبَا، ومُوكِلَهُ، وكَاتِبَهُ، وشَاهِدَيهِ، وقَالَ: ((هُم سَوَاء))[1]. المطلب الثالث: وفيه تناول الباحث مخاطر الربا وأسباب تحريمه؛ مشيراً إلى مضار الربا الأخلاقية، والاجتماعية، والاقتصادية. أما المخاطر الأخلاقية فأهمها: تنمية حب المال في نفس المرابي، فلا يكتفي بالقليل؛ كما أنه يقتل إحساسه بالمحتاجين؛ ناهيك عن إحساس الفقير بالظلم، وتأنيب الضمير لتعامله بالحرام، واستسهال ما حرم الله، والتجرؤ على إتيانها. أما المخاطر الاجتماعية فأهمها: تقسيم المجتمع إلى قسمين: مرابين، وفقراء، وتحكم المرابين بالناس، وخلق فئة تعيش دون مشقة أو بذل جهد، ناهيك عن تعطيل المواهب الناشئة، وتنمية النظرة المادية في المجتمع، وقتل الناحية الروحية. وأما المخاطر الاقتصادية فأهمها: التسبب بالأزمات الاقتصادية من ناحيتين: ثراء المرابين بشكل غير مشروع، وميلهم بالتالي للتوسع في الإقراض في أيام الرخاء، بالإضافة لتسبب الربا بالغلاء والانحرافات المالية، فالفائدة المدفوعة تضاف على تكاليف الإنتاج ليعود عبؤها على المستهلك الفقير في النهاية؛ ناهيك عن حرمان النشاط الاقتصادي من مال المرابين لتركزه في أيديهم، وعدم دخوله في ذلك النشاط، مما يؤدي للركود والتأخر الاقتصادي. وبعد بيان هذه المخاطر يجيب الباحث عن تساؤل: مع إحساس المتعاملين بالربا بمخاطره ما الذي يدفعهم للاستمرار فيه؟ فيرى أن السبب الرئيس هو مصلحة التجار والمرابين، حيث يفضلون الربح السريع، وإن كان على حساب النتائج الوخيمة. وتحت عنوان: "نظرة علماء الاقتصاد إلى الربا" أكد الباحث أن نظرتهم منذ القدم أن الربا خطأ، وهو سبب ركود الاقتصاد، حيث اعتبر أرسطو الفائدة ضد الطبيعة، كما أن جميع المذاهب الاقتصادية قديماً وحديثاً تنظر إلى الربا على أنه خطأ، ورد الباحث على تسويغ الاقتصاديين التعامل بالربا من خلال نقل كلام "توماس الأكويني" الذي يقول: "إن النقود عقيمة، وثمارها بفضل العمل لا بفضلها، وأنها تهلك عند استعمالها مرة واحدة"، كما أشار الباحث إلى أن عنصر المخاطرة المزعوم خطأ من الأساس، كما رد على بقية مزاعم الاقتصاديين حول تبرير أخذ الربا (الفائدة). في المبحث الثاني تناول الباحث: "كيف عالج الاقتصاد الإسلامي مشكلة الربا"، في أربعة مطالب: المطلب الأول عرض "أهمية الاقتصاد في حياة الأمم": بعد أن عرف الباحث الاقتصاد في العلم الحديث، وأنه يبحث في كيفية إدارة واستغلال الموارد الاقتصادية بالشكل الأمثل، مؤكداً أن لهذا العلم أهمية في تقدم الأمم ورقيها، ومؤكداً اهتمام الإسلام بالاقتصاد من خلال اهتمامه بالمال إيجاداً، وتنمية، واستثماراً، وبقاءاً. كما نوه الباحث إلى أن قيام الاقتصاد العالمي على الربا نشأ بسبب سعي البشر لتحصيل المال وتكثيره بالسبل المشروعة وغير المشروعة، وأنهم وجدوا أن الربا من أيسر تلك السبل، وأضمنها لجمع المال وتكثيره، ومع تحريم الأديان السماوية للربا؛ إلا أن مصلحة المرابين كان السبب الرئيس بتحليله، ثم كانت النهضة الصناعية في أوروبا العامل الأبرز في تحول الربا إلى أمر شائع. ومع الثورة العلمية التي عمت أوروبا في القرن التاسع عشر اتسع نظام المشاريع الصناعية، وازداد التعامل بالربا في المصارف والبنوك التي انتقلت عدواها إلى المصارف العربية والإسلامية. وتحت عنوان: "هل يُلزم المسلمون بالتعامل بالربا بحجة اعتماد الاقتصاد العالمي عليه؟" أكد الباحث أن الاقتصاد هو المجال الأوسع الذي تظهر فيه خصائص كل مجتمع، وأن التعامل وفق قواعد الاقتصاد الإسلامي لم يكن ليعزل المسلمين عن العالم، بل ربما كان عاملاً في إقناع العالم بالمنظومة الاقتصادية الإسلامية. المطلب الثاني تحدث عن "سياسة الاقتصاد في الإسلام .. وأهم النقاط التي يرتكز عليها" فأكد الباحث أن الإسلام ليس ديناً يتعلق بالآخرة فقط بل هو دين حياة؛ حيث لم يقتصر الإسلام على النصائح الأخلاقية في المجال الاقتصادي، بل أيده بقواعد تشريعية تحدد الحقوق وتفرض الواجبات، ومن الثوابت التي قررها الإسلام فيما يخص الجانب المالي: الملك لله، والمال مال الله، والإنسان مستخلف فيه. الكون مسخر للإنسان، وعلى الإنسان السعي لكسب رزقه. التفاوت في الرزق سنة كونية إلهية لحكمة ولمصلحة الإنسان. المال في الإسلام وسيلة لا غاية، ومن هنا ذم الإسلام حب المال الشديد، والتعلق به. الإنسان مسؤول ومحاسب يوم القيامة عن نشاطه الاقتصادي وماله، من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟ كما وضع الإسلام تشريعات في الاقتصاد واجبة وملزمة أهمها: أقر الإسلام الملكية بأشكالها المختلفة الخاصة والعامة، ووضع بعض القيود على الملكية الفردية: كأن يكون تحصيلها بطريقة مشروعة، وألا يكون في حيازتها والتصرف بها ضرر بالغير. الحرية في النشاط الاقتصادي في الإسلام؛ مع الأخذ بعين الاعتبار منع الاستغلال. حثَّ الإسلام على عدم كنز المال، واستثماره بالإنقاق أو بدائرة النشاط الاقتصادي. ودار المطلب الثالث حول "فائدة الزكاة ومردودها الاقتصادي": فبالنسبة للمزكي: تبرؤ ذمته فيشعر بالسعادة، وتطهر نفسه من الشح والأثرة، وتنمي إحساس الغني بآلام الفقير، ناهيكم عن تحريك السوق وتنشيطها من خلال شراء الفقير بعد امتلاكه لمال الزكاة. وبالنسبة للفقير مستحق الزكاة: تلغي من نفسه الإحساس بالظلم، وتعطيه فرصة للتغيير من حالته الاقتصادية، وتمنعه من ارتكاب الجرائم التي قد يدفعه الفقر إليها، وتلغي الحقد والحسد من نفوس الفقراء على الأغنياء. أما بالنسبة لفائدة الزكاة على المجتمع: فتنمي روابط المحبة والمودة، وتعالج مشكلة الفقر، وتلغي الفوارق الطبقية، وتفتح الباب للأعمال الجديدة، وتقضي على البطالة ومشاكلها الكثيرة، وتساهم في خدمة دين الإسلام بتجهيز الجيش المسلم. وأجرى الباحث في المطلب الرابع "مقارنة بين الزكاة والربا": حيث أشار إلى أبرز الفروق بينهما، وأهمها: الزكاة عبادة لله، والربا معصية وكبيرة. الزكاة مواساة للفقير، والربا استغلال لحاجته. نتيجة الزكاة زيادة الإيمان والرحمة والمودة في قلب المزكي، ونتيجة الربا القسوة في القلب والأنانية. نتيجة الزكاة توزيع المال، وازدياد النشاط الاقتصادي، ونتيجة الربا الركود، وتركز المال بيد فئة المرابين. تعود الزكاة بالخير على المزكي فتنمي ماله، بينما يعطي الربا المرابي ربحاً وهمياً، ويؤدي إلى الركود. الزكاة تنمي المودة بين المجتمع، والربا يفكك المجتمع. في المطلب الخامس أوردت الدراسة "ما اقترحه المفكرون الغربيون لحل الأزمة الاقتصادية العالمية" وفيه أكد الباحث أن الإسلام والنظام المالي الإسلامي هو الحل الأمثل لكل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها العالم، وقد استشهد على ذلك بنقل بعض اقتراحات المفكرين الغربيين من أمثال: "بوفيس فانسون" رئيس تحرير مجلة "تشالينجز"، و"رولان لاسكين" رئيس تحرير صحيفة "لوجورنال دي فينانس"؛ الذي نادى بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد للأزمة المالية العالمية. وفي ختام الدراسة أكد الباحث أن في الإسلام نظاماً اقتصادياً فريداً معجزاً يتسم بخصائص إيمانية وأخلاقية وسلوكية لا توجد في أي نظام اقتصادي وضعي، كما أنه نظام صالح لكل زمان ومكان. -------------- [1] مسلم ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |