|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خذها من غير فقيه د. عثمان محمد غريب روى النُّعمان بن بشير وزيد بن ثابت وجبير بن مطعم وأنس بن مالك وسعد بن أبي وقاص، والرواية لنعمان بن بشير، قال: خطَبَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((نضَّر الله وجهَ امرئ سَمع مقالتي فحملها، فربَّ حامِل فقه غير فقيه، وربَّ حامل فقه إلى مَن هو أفقَه منه، ثلاث لا يغلُّ عليهنَّ قلبُ مؤمن: إخلاص العمل لله تعالى، ومناصَحة ولاةِ الأمر، ولزوم جماعة المسلمين))[1]. وقد استنبَط الفقهاء من هذا الحديث: أنَّ غير الفقيه قد يُؤخذ منه بعض الفِقه، حتى أصبحت عبارة: (خذها من غير فقيه) متردِّدة على ألسنتهم، وقد ذكر عُلماؤنا رحمهم الله تعالى بعضَ القصص الواردة في هذا الباب، نذكر منها ما يأتي: القصة الأولى: صلَّى سلمان وأبو الدرداء رضي الله عنهما في بيت نصرانيَّة، فقال لها أبو الدرداء: "هل في بيتك مَكان طاهِر فنصلِّي فيه؟"، فقالت: طهِّرَا قلوبكما، ثمَّ صلِّيا أين أحببتما، فقال له سلمان: "خذها من غير فقيه"[2]. القصة الثانية: عن عمَّار بن عطيَّة، عن أبان قال: (خرجنا في جنازة النَّوَّار بنتِ أعين، وكانت تحت الفرزدق، وفيها الحسن البصريُّ، فلمَّا كنَّا في الطَّريق؛ قال الفرزدقُ للحسَن: يا أبا سعيدٍ، تدري ما يقولُ النَّاسُ؟ قال: وما يقولون؟ قال: يقولون: في هذه الجنازة خيرُ النَّاس وشرُّ النَّاس، قال: يقولون: إنَّك خيرُ النَّاس، وإنِّي شرُّ النَّاس، فقال الحسَنُ: لستُ بخير النَّاس ولا أنت بشَرِّ النَّاس، فلمَّا انتهينا إلى الجبَّان، تقدَّم الحسنُ فصلَّى عليها، فلمَّا انتهينا إلى القبر؛ قام الحسنُ على شفير القبر، فقال: يا أبا فراسٍ، ما أعددتَ لهذا المضجع؟ قال: شهادةُ أن لا إله إلا الله مُذ بضعٍ وسبعين سنةً، فقال الحسَن: "خُذها من غير فقيهٍ"، ثُمَّ تنحَّى الحسنُ وجلس واحتبى وأحدق النَّاسُ به، فجاء الفرزدقُ وتخطَّى النَّاس حتى وقف بين يدي الحسن؛ فأنشده شعرًا؛ فقال: أخافُ وراءَ القبر إن لم يُعافني ![]() أشد من القبر التهابًا وأضيقَا ![]() إذا جاءني يومَ القيامة قائدٌ ![]() عنيفٌ وسوَّاقٌ يسوقُ الفرزدقَا ![]() لقد خاب مِن أولاد آدم مَن مشى ![]() إلى النَّار مُحمرَّ القلادة أزرقَا ![]() يُساقُ إلى دار الجحيم مُسربلًا ![]() سرابيلَ قطرانٍ لباسًا مُحرقَا ![]() إذا شربوا فيها الصَّديدَ رأيتهم ![]() يذوبون من حرِّ الصَّديد تمزقَا ![]() قال: فلقد رأيتُ الحسَن قد ثنى قميصَه على وجهه ينحبُ)[3]. القصة الثالثة: عن الأصمعيِّ قال: سمِع أعرابيٌّ ابنَ عبَّاسٍ يقرأُ سورة آل عمران: ﴿ وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ﴾ [آل عمران: 103]، فقال الأعرابيُّ: واللهِ ما أنقذهم منها وهو يُريدُ أن يُدخِلَهم فيها، فقال ابنُ عبَّاسٍ: "خُذها من غير فقيهٍ"[4]. القصَّة الرابعة: رُوي أن رجلًا سأل الحسنَ البصري رحمه الله: لأي شيء استحبَّ صيامُ الأيام البيض؟ فلم يَدر ما يقول، فقال أعرابي عنده: لأنَّ القمر ينكسف في لياليهنَّ، فيكون الناس عند حدوث الآيات على عِبادة، فقال الحسَن: "خذوها من غير فقيه"[5]. [1] رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين: كتاب العلم، وابن ماجه في سننه: المقدمة - باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد بن ثابت وجبير بن مطعم بن عدي وأنس بن مالك، ورواه أحمد في مسنده - ومن مسند بني هاشم - مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، والطبراني في المعجم الكبير: باب الباء باب من اسمه بشير، وفي باب الزاي من اسمه زيد بن ثابت الأنصاري، وفي المعجم الأوسط: باب العين - عن ابن مسعود وسعد بن أبي وقاص. [2] ذكر القصة كلٌّ من: الإمام أبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ) في كتاب الأذكار، تحقيق: عبدالقادر الأرنؤوط رحمه الله، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، طبعة جديدة منقحة، 1414 هـ - 1994 م، ص (402)، والإمام محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين بن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ) في إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان،، المحقق: محمد حامد الفقي، مكتبة المعارف، الرياض، المملكة العربية السعودية (1/ 153). [3] ذكرها الدينوري أبو بكر أحمد بن مروان المالكي (المتوفى: 333هـ)، في كتاب المجالسة وجواهر العلم، المحقق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، الناشر: جمعية التربية الإسلامية (البحرين - أم الحصم)، دار ابن حزم (بيروت - لبنان)، تاريخ النشر: 1419هـ، (4/ 471 - 473). [4] ذكرها أبو إسحاق الثعلبي أحمد بن محمد بن إبراهيم (المتوفى: 427هـ) في الكشف والبيان عن تفسير القرآن، تحقيق: الإمام أبي محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق: الأستاذ نظير الساعدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى 1422 هـ - 2002 م، (3/ 122)، وأبو حيان محمد بن يوسف بن علي الأندلسي (المتوفى: 745هـ) في البحر المحيط في التفسير، المحقق: صدقي محمد جميل، دار الفكر - بيروت، الطبعة: 1420 هـ، (3/ 289)، وأبو العباس ابن عجيبة أحمد بن محمد بن المهدي الحسني (المتوفى: 1224هـ) في البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، المحقق: أحمد عبدالله القرشي رسلان، القاهرة، الطبعة: 1419 هـ، (1/ 389)، والدينوري في المجالسة: (2/ 341). [5] ذكرها زين الدين عبدالرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، السلامي، البغدادي، ثم الدمشقي، الحنبلي (المتوفى: 795هـ)، في "لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف"، دار ابن حزم للطباعة والنشر، الطبعة: الأولى، 1424هـ/ 2004م، (258).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |