|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() دلالة الاقتضاء بين المتكلمين والأحناف امحمد الخوجة إن دلالةَ الاقتضاء من الدلالات الأصوليَّة التي لم يختلف فيها المتكلِّمون، ولا مدرسة الأحناف الفقهاء، لا من جهة المعنى، ولا من جهة المبنى. إلا أن الاختلافَ حاصلٌ بين المدرستين من الناحية المنهجيَّة؛ إذ إن المتكلِّمين يُدرجونها بين مباحث المنطوق غيرِ الصريح، وأما الأحناف، فاعتبروها دلالةً قائمة بذاتها كدلالة العبارة والإشارةِ. ولقد عرَّفه ابن الحاجب من المالكيَّة المتكلمين قائلًا: "ما يتوقَّف عليه صدقُ الكلام، أو صحتُه العقليَّة أو الشرعيَّة"[1]. وعرَّفه الآمديُّ بقوله: "ما كان فيه المدلولُ مُضمرًا؛ إما لضرورة صدق المتكلِّم، أو لصحة الملفوظ به"[2]. ولهذا كان اعتبار دلالة الاقتضاء من الدلالات التي ينبغي التنبُّهُ لها عند التعامل مع النصِّ الشرعي، وحسب التعريفين السابقين فإن الكلام قد يتوقَّف على ما يصدقه إما عقلًا أو شرعًا؛ لذا ينبغي التحرُّز؛ فافهم. ولا يخفى عن كلِّ مشتغل بعلم أصول الفقه أن الأصوليِّين الأحناف عرَّفوا دلالة الاقتضاء بتعريفات لا تكادُ تكون بعيدة عما عرَّفها أمثالهم من الجمهور. فهذا السَّرَخْسيُّ يُعرِّفها بقوله: "عبارةٌ عن زيادة على المنصوص عليه، يشترط تقديمه؛ ليصيرَ المنظوم مفيدًا، أو موجبًا للحكم، ومن دونه لا يمكن إعمال المنظوم"[3]؛ لذا كان قوله: "زيادة على المنصوص عليه" المقتضى "الذي يجب تقديرُه؛ ليصبح المنظومُ مفيدًا؛ لإعمال الكلام، فإذا لم نقدِّر هذا المقتضى، كان الكلامُ كاذبًا"[4]. ومنه نستخلص أن أنواع دلالة الاقتضاء ثلاثة: ♦ المقتضى الذي يجبُ تقديرُه لصدق الكلام: ومثاله قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن لم يجمعِ الصيام من الفجر، فلا صيام له)). فهذا الحديث ينفي الصوم "لكن الصومَ لا ينفى بصورتِه؛ فمعناه لا صيامَ كاملٌ، أو صحيح؛ فيكون حكمُ الصوم هو المنفيَّ، لا نفسه"[5]. والحكم كما هو معلوم وبيِّن غيرُ منطوق به ألبتة في هذا الحديث، لكن كان لزامًا تقديرُه عبر الاقتضاء المُفضِي لئن يكونَ الكلام صادقًا. ♦ المقتضى الذي يجب تقديرُه لصحة الكلام عقلًا: ومثاله: قوله عز وجل: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ﴾ [يوسف: 82]، فلا يعقلُ أن القرية ستُجيب عن السؤال، لكن كان لا بدَّ من تقدير مقتضًى يفيدُ حقيقة عقليَّة مُفاده: أن المرادَ بذلك هم أهل القرية؛ فهم المقصودون بالكلام، وبذلك يصبح الكلامُ مُسلَّمًا به عقلًا، والتقدير هو: "اسأل أهل القرية". ♦ المقتضى الذي يجب تقديرُه لصحة الكلام شرعًا: ومنه قوله عز وجل: ﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ﴾ [النساء: 92]، والأمر هنا متعلِّق بالمملوك، وإن لم يذكر لفظًا؛ لأن عتقَ رقبةِ الحرِّ لا يُتصوَّر؛ ولذلك صار سوقُ مقتضًى مقدَّرٍ بتحرير رقبة مملوكة أمرًا محتَّمًا؛ ليتقرَّر صدق الكلام شرعًا. [1] مناهج الأصوليِّين عن مختصر المنتهى مع شرحه وحواشيه ج2 ص: 172. [2] كتاب الإحكام؛ للآمدي ج 3 ص: 66. [3] كتاب أصول السرخسي ج1 ص248. [4] المنطوق والمفهوم بين مدرستي المتكلمين والأحناف؛ للدكتور محمد أقصري ج1 ص: 16. [5] المستصفى للغزالي ج1 ص 263، دار الكتب العلمية تحقيق محمد عبد السلام عبدالشافي طبعة 1993م.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |