|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تجربـتي مع تدبر القرآن عبد الرحيم آل مشرف الحمد لله وبعد: إن التأمل في كلام الرب الجليل - سبحانه - يدخل على النفس السرور، والبهجة، ويضيء في القلب من زواياه ما أظلمْ! عشتُ زماناً مضى مع جملة من الأصحاب نتدارس كتاب الله - تعالى -، ونثني الركب عند بعض الشيوخ، وكنَّا فتياناً حديثي الأسنان، قد جاوز أكثرنا الحُلم، وكان لي ميلٌ إلى أحدهم، جذبني إليه حسنُ خِلْقَتِه، وجمال خُلُقه، ولطافة معشره، وطلاوة حديثه، وخفته على القلب. فتعشَّقته، ووقعتُ في غرامه، لفراغٍ كنتُ أجدُه في قلبي، فعانيتُ من ذلك الأمرَّين، وكنتُ كلما رأيتُه اضطرمت في فؤادي نيران العشق والغرام، فأصرفُ بصري عن رؤيته، وجسدي عن مجالسته، فيتطلَبُنِي ويتقرب إليّ، وقد كان يستحسن حديثي، ويستلذ كلامي، ويأنس بي، فتزداد حسرتي، ويطول حزني لذلك. وكنتُ أجاهد ما في قلبي من التعلق بغير الله - تعالى - أعظم المجاهدة، وأكثرُ من التضرعِ، والبكاءِ بين يدي الله - عز وجل - في جوف الليل، وأجدُ في ذلك لذة عظيمة، وراحةً مستديمة، تستولي على جوانحي، وتسري في عروقي، ووالله لتلك الليالي كانت خيرٌ عندي مما طلعت عليه الشمس! فإذا كان من الغد ذهبتُ إلى أصحابي عاقداً العزم على أن لا أنظر إلى صاحبي ذاك، ولا أحادثه ألبتة، فكان يُحسُّ بالجفوة مني، فيعجب غاية العجب لكونه لا يدرك العلة في ذلك، وكان يبدو عليَّ من الحزن والوجد والكآبة شيئاً لا يمكنني إخفاؤُه، وما بي علةٌ إلا العشق الذي جَثم على قلبي، وضرب أطنابه في جوفي. على أن الذي كان يداخلني من الحزن الشديد، والكآبة الغالبة، والكمد المفرط؛ لم يكن - على التحقيق - من العشق وحده، بل كان ذلك مما كنتُ أجدُه من تأنيب الضمير، وقسوة الخاطر على ما وقعت فيه من هذه البليَّة، وأنا - في الظاهر - على قدرٍ من الاستقامة، وصلاح الحال، وسلوك سبيل الطلب، فيؤجج الشيطان في داخلي نيراناً تمضُّ وترمِض، وبقيت على تلك الحال القلقة زمناً جاوز السنة، ودخل عليَّ شهر رمضان من تلك السنة وأنا على حالٍ الله يعلمها، قد بلغ بي الضيق والحزن كل مبلغ، ولم تبق بقعة في قلبي لفرحٍ ولا سرور، فاستقبلته استقبال حافلاً بالبكاء، بكيت في أيامه الغر بكاءً متصلاً طويلاً حاراً، وتالله ما ذقت لذة لصلاةٍ ولعبادةٍ كما ذقتُها في ذاك الشهر الجليل، وأدمنتُ قراءة كلام ربي - عز وجل -، وكنت ألتذ بقراءته، ويداخلني من السرور والفرح والأنس حال القراءة شيء هائل لا أملك وصفه. كانت سورة يوسف تهزني من أعماقي، وتحرك مكامني، إذا بدأت أقرأ فيها يلوح لي وجه الحق الذي سينجيني من ذلك البلاء - بإذن الله - أتأمل في قوله - تعالى -: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلِصِينَ)؛ فأوقن أن لا أحد قادرٌ على أن يرفع المصيبة التي حلَّت بي سوى الرب الكريم - سبحانه وتعالى -، فأكثر من التضرع إليه، والانطراح بين يديه، وأردِّدُ في سجودي: (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ)، وأوقن أني ما أُتيتُ إلا من ضعفٍ في إخلاصي العمل لوجه الله - تعالى -، فإن الله لما ذكر أنه صَرَفَ السوء والفحشاء عن يوسف - عليه السلام - ختم ذلك بما يشبه بيان العلة فقال: (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلِصِينَ) بكسر اللام في قراءة، فيؤخذ من هذا أن المرائي يكله الله لنفسه، ولا ينال الحظوة بحصول العصمة له، والصرف عن الفواحش والموبقات. وأقرأ في الفرقان قوله - تعالى -: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا) فأبكي وأنشج، وكأن هذه الآية قد نزلت فيَّ خاصة، فأرددها في خاطري، وأكررها في ذهابي ومجيئي، فأحس شيئاً مثل الغمامة تتجلى عن قلبي، وأشعر بطمأنينة في الروح عجيبة. وما زالت تلك حالي حتى أذن الله - سبحانه - بالفرج، فانزاحت تلك الظلمة عن قلبي، وانمحت تلك البلية عن خاطري. ووالله ما انتفعت بكلام أحدٍ انتفاعي بكلام ربي - جل جلاله -، ولآيةٌ واحدة من كلام الله - تعالى - خيرٌ وأنفع للقلب من آلاف المحاضرات، والدروس، والندوات؛ لو كانوا يعلمون. وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |