|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أعيدوا السلام علي العمري عند التأمل في كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أدِّ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)) نجد أن سراً مهماً أراده النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- في إشاعة السلام. إن السلام بمعنى التحية على من عرفت يمكن أن يُفهم، ولكن حتى على من لا تعرف، لربما يكون هذا المعنى مستغرباً. بينما لو تأملنا حقيقة السَّلام لأدركنا سر ذيوع نشره. فالسلام هو أمر فوق التحية، إنه إشاعة روح المحبة، والطمأنينة، والسلامة، بل هو نداء الخير؛ لأنه يحمل السلامة، وهو ختام الخير؛ لأن الملائكة تسلم على العبد عند قبض روحه. إننا عندما نسلِّم على كل من نرى رجالاً ونساءً نبث الأمان الداخلي في النفوس، والرحمة في الأرواح، والأمانة في التعامل، فلن يرى من سُلِّم عليه إلا ذلك. كيف ونبينا الذي علمنا إشاعة السلام (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام) [المائدة: 16]. ونحن نبدأ بهذا المعنى مع أنفسنا قبل غيرنا، أو لسنا نقول في كل صلاة نكررها: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؟!". إنها ليست مجرد كلمات عفوية وديناميكية يقولها المرء لمن عرف ولمن لم يعرف، بل هو شعار ومبدأ مقدس يعلنه المسلم لأخيه المسلم، بل حتى لغير المسلم! لكننا نخص المسلم بالسلام، وندعو له بالأمان، فهو أولى بدوام الدعاء. واخْتُصَّ حديث: ((لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسَّلام)) بالمحاربين منهم؛ لأنه في الرواية الأخرى: ((إنا قادمون عليهم -المعركة-، فلا تبدأوا اليهود أو النصارى بالسلام)). وهذا هو رأي ترجمان القرآن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وجابر بن عبد الله -رضي الله عنه-، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، ومكحول وعشرات الأئمة -رحمهم الله-. ولو فقه المسلمون هذا المعنى لما وقعت كثير من المآسي في العلاقات الإنسانية بين بني البشر، بدءاً من المسلمين، وخصوصاً الدعاة منهم وللأسف، فضلاً عن غيرهم. "إن السلام ضحية معركة تُجتَثُّ فيه المصطلحات من أصولها، فقد أُفرغ مفهومه من معانٍ سامية توحي بها مادته، من كونه اسماً لله تعالى، وتسمية الجنة دار السلام، وهداية القرآن للسلام". بل "وأصبح ما يستدعيه من المعاني لا يتجاوز الإيحاء بكونه نهاية للحروب، أو تجميعاً للأمم وفق رؤى للعالم محددة"! ولن يعي الشعوب في كل العالم معنى السلام إلا من روح سلام المسلم الذي فقه هذا المعنى وبشَّر به الإنسانية، وأنار لها مسالك الأمن والأمان، "فالسلام العالمي لن يكون إلا وليد النور الإلهي، النور الذي يُشرق في قلوب المؤمنين بالخير والجمال، بما يسكبه القرآن في وجدانهم من معاني الحق والعدالة والحرية، ودون ذلك معركة يخوضها القرآن بكلماته ضد كلمات الشيطان"! وهذا المعنى العميق للسلام العالمي حدا بالشيخ سيد قطب -رحمه الله- أن يؤلِّف كتابه (السلام العالمي والإسلام) وقد تحدث فيه عن سلام الضمير، وسلام البيت، وسلام المجتمع، وسلام العالم. ورأى أن السلام العالمي في الإسلام ليس تجنباً للقتال بأي ثمن؛ لأن فكرة السلام في الإسلام فكرة أصيلة عميقة تتصل اتصالاً وثيقاً بطبيعته وفكرته الكلية عن الكون والحياة والإنسان.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |