|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() شرح العقيدة الواسطية (1) الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: بدأ المؤلف - رحمه الله - بالبسملة تأسياً بالكتاب العزيز، وتأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم في كتبه إلى الناس، فإنه جاء في الصحيحين - وأفرده البخاري بطوله - لما كتب إلى هرقل: (( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ إِلَى هِرْقَلَ عَظِيمِ الرُّومِ )).[1] واستئناساً بما رُوِي من وجوه عديدة (( كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لا يُبْدَأُ فِيهِ بِاسْمِ اللهِ، أَوْ بِذِكْرِ اللهِ، أَوْ بِبِسْمِ اللهِ، أَوْ بِالْحَمْدِ للهِ فَهُوَ أَبْتَرُ، أَوْ أَقْطَعُ، أَوْ أَجْذَمُ )).[2] والحديث - وإن كان ضعيفاً مضطرباً في ألفاظه لكنه - يُستأنس به مع هذين الأصلين، تأسياً بالكتاب العزيز وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم. الْحَمْدُ للهِ: هذا من حمد الله، والثناء عليه، وهذا تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه إذا خطب، أو حدَّث الناس بدأ حديثه بحمد الله والثناء عليه، على أنه ليس بلازم ومتعين أن يكون بدؤه بحمد الله والثناء عليه من خلال خطبة الحاجة،[3] والناس في خطبة الحاجة على مناح ثلاث: 1- منهم من يرى قصرها على عقد النكاح كما هو صنيع أكثر المتأخرين من الفقهاء، بحيث يجعلونها شعاراً لخطبة النكاح، بأن يأتي بخطبة ابن مسعود. 2- ويقابلهم طوائف من أهل الحديث وأهل الظاهر يوجب أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه بخطبة الحاجة، فإن لم يفعل فإنه تحت طائلة التهمة إما بالتبديع، أو بالتضليل، أو بالتخطئة. 3- والوسط بين ذلك هو ما عليه صنيع العلماء من عهد الصحابة إلى هذا الزمان أن خطبة الحاجة يُبْتَدَأ بها في تصانيف الكتب، وفي الأمور المهمة، وإن بدأ بحمد الله والثناء عليه بما أثنى عليه في القرآن فإنه لا ضير ولا غضاضة في ذلك، ومن ذلك صنيع الشيخ هاهنا. حمد الله؛ لأنه الذي حمد نفسه كما في أول الفاتحة: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ [الفاتحة: 2]. وقوله تعالى: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ï´¾ [الأنعام: 1]. وقال: ï´؟ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ï´¾ [الأعراف: 43]. وقال: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ï´¾ [الكهف: 1]. الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدَاً: رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أرسله بالهدى ليهتدي هو ويهدي الناس من بعده، ودين الحق ليس بالدين الباطل المحرف، وإنما دين الحق هو الذي أرسل رسوله بالهدى ليظهر على الناس كافة. هو الذي أرسل رسوله بالحق ï´؟ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ï´¾ [الرعد: 43] فالله تعالى أرسله، وشهد بأنه رسول مرسل إلى الناس كافة، وفي هذا مع حمد الله الإشارة إلى النعمة العظيمة التي أولانا الله به بأعظم نعمة أن هدانا للإيمان من خلال بعثة هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ إِقْرَاراً بِهِ وَتَوْحِيدَاً: الإقرار هو الاعتراف والإيمان إقراراً به وتوحيداً، وهذه الشهادة شهادة التوحيد، ولها أصل في قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في حديث " سيد الاستغفار "، من حديث شداد بن أوس: (( اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَعَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي )).[4] أي: أعترف وأقر إقراراً به، وتوحيداً. لأن الرسالة في بيان التوحيد. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً مَجِيدَاً: هذا من أعظم ما يُثنى به على الرسول صلى الله عليه وسلم بهذين الوصفين: 1- وصف العبودية، 2- وصف الرسالة. فهما أعظم وأجمع وصفين يُمدح بهما نبينا، ويوصف بهما، ويُثنى عليه بهما وصف الرسالة ووصف العبودية؛ لأنها أعلى درجة يدركها العبد في الدنيا أن يكون لله عبداً، فمن كان لله عبداً فهذا غاية ما يحصله من المراتب الشريفة في الدنيا، لأن من لم يكن لله عبداً كان لغيره عبداً، يقول ابن القيم: هَرَبُوا مِنَ الرِّقِّ الَّذِي خُلِقُوا لَهُ ![]() فَبُلُوا بِرِقِّ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ[5] ![]() من لم يكن لله عبداً كان لغيره عبداً، ومن كانت عبوديته لله فهذه أعظم المراتب في الدنيا، ولهذا وصف الله رسوله بوصف العبودية في أشرف المقامات: 1- المقام الأول: مقام الإسراء: ï´؟ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ï´¾ [الإسراء: 1]. إن الله قادر على أن يقول: سبحان الذي أسرى بمحمد. لكنه وصفه في هذا المقام الشريف بوصف العبودية. 2- المقام الثاني: التنزيل. فقال: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ï´¾ [الكهف: 1]. وقال: ï´؟ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ï´¾ [الفرقان: 1]. 3- المقام الثالث: مقام التحدي. كما في قوله: ï´؟ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ï´¾ [البقرة: 23]. 4- المقام الرابع: مقام الدعوة. في قوله: ï´؟ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ï´¾ [الحج: 19]. 5- والمقام الخامس في مقام الشفاعة العظمى. كما جاء في الصحيحين أنهم يأتون آدم، ثم نوحاً ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، فيقول عيسى: (( اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، عَبْدٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )). [6] وعندما قيل عن الملائكة: إنهم إناث. مدح الله الملائكة، ورد على المشركين قولهم، فقال: ï´؟ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ï´¾ [الأنبياء: 17]. فأعلى ما يحصله العبد في الدنيا أن يكون لله عبداً، فيترقى في درجات العبودية، ولا يتردى في دركات الوثنية. ووصف العبودية وصف مُكْتَسَبٌ يكتسبه الإنسان بعمله باعتقاده، وبما يستقيم عليه من دين ربه. المنحرفون في هذه المسألة: 1- من رفعوا العبادة عن درجة العبودية، فجعلوا لهم خصائص العبادة كالمشركين، والوثنيين، والقبوريين. 2- من أخرجوا العباد عن معنى العبودية كالملاحدة، والإباحية، واللادينيين. والوصف الثاني: وصف الرسالة. وهذا خاص بالاصطفاء إذ ليست الرسالة مكتسبة فقد اصطفاه الله بها فقال تعالى: ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ï´¾ [الحج: 25] فهي اصطفاء واجتباء. والشهادة بأن محمداً عبد الله ورسوله لما جاء في حديث وفد بني عامر، من حديث عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: (( انْطَلَقْنَا فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: سيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا وَعَظِيمَنَا وَابْنَ عَظِيمِنَا... قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا بِقَوْلِكُمْ أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ وَلا يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ - وفي رواية: وَلا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ. أي: يجري بأهوائكم - إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ )).[7] وجاء في بعض الروايات: (( مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي أَنْزَلَنِي اللهُ عَلَيْهَا )).[8] من حديث أنس رضي الله عنه. ومقتضى هذه الرسالة ومعناها في أربعة أمور: 1- تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما أخبر. 2- اجتناب ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم وزجر. 3- وطاعته فيما أمر. 4- أن لا نعبد الله إلا بما شرع رسوله صلى الله عليه وسلم المنحرفون في هذه المسألة: 1- الفلاسفة الذين زعموا أن النبوة مكتسبة. 2- غلاة الصوفية، الزاعمة أن الولي أفضل من النبي. 3- المكذبون بالرسل، أو ببعضهم، كالمشركين، واليهود، والنصارى كلٌّ بحسبه. فوصف العبودية والرسالة أبلغ وصفين يُوصف بهما محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاءت بها الأدلة المتكاثرة، منها قوله - في حديث عبادة في الصحيحين -: (( مَنْ شَهِدَ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ )). [9]، وفي حديث ابن عمر: (( بُنِي الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ )).[10] لأن مقتضى الرسالة مقتضى العبودية. أما بعد: هذه جملة فاصلة لما قبلها عما بعدها، وأصلها: أما بعد ذلك. فحُذِف المضاف إليه، وأُبْدِلَ بدله بالضمة (أما بعْدُ) وقالوا: إن أول من قالها خطيب العرب القس بن ساعدة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقولها في خطبه: أما بعد. وبعض الناس يقول: ثم أما بعد. وهذه من غير الفصيح؛ لأن ثم عاطفة، ولا حاجة إلى أن يعطف وهو يريد أن يفسر الكلام ما قبله بما بعده بقوله: أما بعد. ولكن إذا أراد أن يأتي بالعطف أن يقول: وبعد. أو يقول: بعده. ثم يأتي بمراده. فَهَذَا اعْتِقَادٌ: هذا يُسمى عند المؤلفين بذكر العنوان،[11] فهذا اعتقاد، أي: بيان العقيدة. الاعتقاد مأخوذ من الْعَقْدِ، وَهُو الربط والإيثاق، ويكون العقد في القلب في موضع الاعتقاد، وهذا فرق ما بين العقيدة؛ لأن العقيدة ناشئة من اعتقاد من ربط وتوثيق. العقيدة والفكر: وما يُسمى عند الناس بالفكر، فالفكر يعرض ويزول، أما الاعتقاد فهو مُوَثَّق بهذا الربط والعقد في قلبه، ولهذا فإن من الأغلاط الشائعة تسمية العقيدة فكراً، وتسمية الفكر عقيدة وهذا غلط، وهو كثير، خصوصاً على ألسنة الإعلاميين والصحفيين، ومن تشبه بهم من المنتسبين للعلم، ولهذا تُسمى العقائد الباطلة أفكاراً، كفكر التكفير، وفكر التكفير عقيدة في قلب هذا المفكر، وتسميتها فكراً خطأ؛ لأن الفكر يعرض ويزول، ونحن في الأصل لم نؤاخذ على مجرد فكرة؛ لأن الفكرة غالب الحديث حديث نفس، أو إن شئت سمه: حديث عقل. أما العقيدة فهي الأمر المستوثق، المنعقد في قلبك، فالتكفير الباطل هذا عقيدة، والتبديع بغير حق عقيدة وليست هي أفكاراً، ونسمع من بعض الصحفيين الفكر الإرجائي، والفكر التكفيري، وهذا كله خطأ في الاصطلاح. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |