
21-08-2020, 03:42 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,200
الدولة :
|
|
لماذا نحافظ على أغراضنا؟
لماذا نحافظ على أغراضنا؟
عبير النحاس
عندما كنتُ في مثل سنِّكم كنت أستقبل لحظة رنين جرس الفسْحة المدرسية بشوق كبير، وكنت لفرط سروري بها أُسرِع في الجرْي نحو باحة المدرسة؛ لأبدأ باللعب مع صديقاتي، وكانت صديقتي فاطمة تتأخَّر قليلاً عن اللحاق بنا.
كانت فاطمة تَنشغِل بجمع أدواتها وأقلامها، وتُعيد ترتيبها في الحقيبة، وكان الأمر يأخذ من وقتها دقيقةً أو اثنتَين، وكنتُ بدوري أترك أدواتي على المقعد راغبةً في اللعب والمُتعة، وكنت أبحث عنها طويلاً عندما أعود لأجدها على الأرض أو تحت أرجل زميلاتي، وقد فقَدت الكثير من أدواتي بهذه الطريقة.
بعد مدة لاحظْتُ أن دفاتر فاطمة تبدو أنيقةً حتى آخِر يوم من أيام الدراسة، وأنَّ كُتبها أيضًا مرتَّبة نظيفة، ورأيت مقلمتها ممتلئةً بالأقلام الملوَّنة، وكانت تَمتلك دائمًا أكثر من قلم بلون واحد، وطالما أعارتْني بسرور من أقلامها عندما تتكسَّر أقلامي بعد سقوطها على الأرض وعندما أتركها على المقعد وأخرج.
لم يكن والدا فاطمة بأكثر كرمًا من والداي، ولم تكن حالتها المادية بأفضل من حالي، ولكنها كانت تُحافظ على ما لدَيها، وتَعرف قيمته، وتهتم به، عكس ما كنت أفعل أنا عندما أتركها على المقعد؛ لتتعرَّض للسقوط والدهس والتكسُّر، وكانت دقيقة فاطمة هي سرُّ وجود أقلام وأدوات كثيرة في مقلمتها الأنيقة، عكس مقلمتي التي كانت تبدو دائمًا فارغةً، وكنت أضطر لطلب أدوات جديدة كل بضعة أيام.
تعلَّمتُ من صحبة فاطمة أمرًا رائعًا، ورأيت فيها نموذجًا يستحِقُّ المُتابعة، وباتتْ هذه عادتي منذ عرَفتها، واليوم وبعد أن كبرْتُ بقيتْ تلك العادة برفقتي وطوَّرتها كثيرًا، فأصبحتُ أُحافِظ على أدواتي وأثاثي وملابسي أيضًا، ومن خلال عِنايَتي بها أصبح عُمرها أطول، واستطعتُ شِراء أشياءَ جديدة بجانب ما لديَّ، واستمتعْتُ بتلك المبالغ التي وفَّرتها أيضًا بدلاً من شراء أشياء كنت أمتلك مثلها وأتْلَفها الإهمال.
هذه قصَّتي، وهذا سرِّي الذي يدفعني للعناية بأغراضي؛ لأنني أعرف أنني عندما أحافظ على ما أملك، أستطيع أن أحافظ على مالي، وأن أتمتَّع بما وفَّرته عندما أشتري جديدًا، أو أترك حقيبتي ممتلئةً بنقود كثيرة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|