|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() عز العبودية وذل الحرية إيهاب كمال أحمد الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والعاقبةُ للمتَّقين، ولا عدوانَ إلا على الظالمينَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، إلهُ الأوَّلين والآخِرين، وربُّ العالَمين، وقيُّومُ السموات والأرضينَ، ومالكُ يومِ الدين، الذي لا فوزَ إلا في طاعتِه، ولا عزَّ إلا في التذللِ لعظمتِه، ولا غنَى إلا في الافتقارِ إلى رحمتِه، ولا هدَى إلا في الاستهداءِ بنورِه، ولا حياةَ إلا في رضاه، ولا نعيمَ إلا في قربِه، ولا صلاحَ للقلبِ ولا فلاحَ إلا في الإخلاصِ له وتوحيدِه، سبحانه هو الذي إذا أُطِيع شَكَر، وإذا عُصِي تَابَ وغَفَر، وإذا دُعِي أَجَاب، وإذا عُومِل أَثَاب، شَهِدت له بالربوبيةِ جميعُ مخلوقاتِه، وأقرَّت له بالإلهيةِ جميعُ مصنوعاتِه، وشَهِدت بأنه الله الذي لا إله إلا هو بما أَودَعها من عجائبِ صَنعتِه وبدائعِ آياتِه، سبحانه يُسبِّح الرعدُ بحمدِه والملائكةُ من خيفتِه، ويُرسِل الصواعقَ فيُصيبُ بها من يشاءُ، وهم يُجَادِلون في اللهِ وهو شديدُ المِحَال. وأشهدُ أن محمدًا عبدُه المصطفى، ونبيُّه المرتَضَى، ورسولُه إلى الناس كافَّة، أرسلَه على حينِ فترةٍ من الرسلِ، وانطماسٍ من السبلِ، أرسلَه بالهُدَى ودينِ الحقِّ؛ ليُظهِره على الدين كلِّه، وكَفَى باللهِ شهيدًا، أرسلَه بين يَدَي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنِه وسراجًا منيرًا، فهَدَى بنورِه من الضلالةِ، وبصَّر به من العَمَى، وأَرشَد به من الغَيِّ، وفَتَح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غُلْفًا، صلَّى الله عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلَّم تسليمًا. وبعد: فإن انبهارَ البعضِ بالحضارةِ المادِّيةِ الغربية، وما فيها من تقدُّم تقنِيٍّ، قد أصابَهم بنوعٍ من الهزيمةِ النفسيةِ أمامَ كلِّ ما تقدِّمه هذه الحضاراتُ من: نظمٍ، ومناهجَ، وتشريعاتٍ، ومن ثَمَّ يَسعَى أولئك محاوِلينَ إيجادَ نوعِ توافقٍ بين الشريعةِ الإسلاميةِ وبين تلك المناهِج العلمانيةِ المحادَّة لشرعِ الله. فعندما جاء مَن يَدعُو للاشتراكيةِ في بلادِ المسلمين، رَأَينا مَن يقول: إن الاشتراكيةَ من الإسلامِ!وعندما أَرَادُوا تطبيقَ الرأسماليةِ، زَعَموا أنها النظامُ الذي يَدعُو له الدينُ. وعندما ذَاعَ صِيتُ الديمقراطيةِ في البلاد انبَرى الكثيرونَ مؤكِّدين أنها المنهجُ المَرضِي المقدَّم في شرعِ اللهِ، والذي لا يَجُوز خلافُه، وهكذا دَوَالَيكَ. والحقُّ أن هذه المحاولاتِ التوفيقيةَ البائسةَ تعكس نوعًا من الانهزام النفسيِّ أمامَ تلك النظمِ الغربيةِ، كما تعكس جهلاً بحقيقةِ الإسلام وجوهرِه، وغفلةً عن حقيقةِ تلك النظمِ والشرائعِ الغربية ومنطلقاتها وما تَرمِي إليه. إن الإسلامَ يَفتَرِق في أصلِه وجوهرِه ومنطلقِه عن هذه النظمِ، ويَختَلِف في الشكلِ والمضمونِ والوسائلِ والمقاصدِ عن هذه الشرائعِ، اختلافَ تضادٍّ يشكِّل حاجزًا ومانعًا من التلاقِي والتوافُقِ. فإن الإسلامَ منهجُ حياةٍ كاملٍ شاملٍ متفرِّدٍ في كل شيء، يَنطَلِق من توحيدِ الله - عز وجل - وتعبيدِ الناسِ لربِّهم، وإخراجِهم من ذلِّ العبوديةِ لغيرِه. والإنسانُ ما خُلِق في هذه الدنيا إلا لعبادةِ الله - عز وجل - والعملِ على تعبيدِ الناس لربِّهم، ولا يَنبَغِي للإنسان أن ينشغِل بأي شيءٍ يصدُّه عن أداءِ تلك الوظيفةِ التي خُلِق من أجلها. قال الله - تعالى -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 - 58]. وإلى هذا التوحيدِ - وتلكم العبادةِ - جاءت دعوةُ رسلِ الله أجمعين؛ قال الله - سبحانه -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25]. والعبادةُ لا تَنحَصِر في أداءِ النسكِ والشعائرِ فحَسْب، بل هي: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يُحبُّه الله ويَرضَاه من الأقوالِ والأفعالِ الظاهرة والباطنةِ[1]؛ فربوبيةُ اللهِ حاكمةٌ لكلِّ أفعالِ العبد وأقواله، بل حياةُ العبدِ كلُّها ومماتُه، يَجِب أن يكون لله - عز وجل - وحده، وهذه حقيقةُ التوحيد والإسلام. قال الله - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]. وأصلُ العبوديةِ هو الخضوعُ والذلُّ[2]؛ فلا بدَّ للعبدِ أن يكون خاضعًا ذليلاً لربِّه ومولاه، مستسلمًا لأمرِه ونهيِه، منقادًا لحكمِه، راضيًا بقضائه، مذعنًا لربوبيتِه وسيادته. والإنسانُ - بطبِعه - مفطورٌ على العبادةِ؛ فإن لم تتوجَّه عبادتُه لله - عز وجل - وحده، اجتَالَته الشياطينُ ليَعبُدَ البشرَ والحجرَ والشجرَ والبقرَ، أو ليكونَ عبدًا خاضعًا ذليلاً لأهوائِه وشهواتِه وغرائزِه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يَروِيه عن ربِّه: ((إِنِّي خَلقتُ عبادي حنفاءَ كلَّهم، وإنهم أَتَتهم الشياطينُ فاجتَالَتهم عن دينِهم، وحرَّمتْ عليهم ما أَحلَلتُ لهم، وأَمرتْهم أن يُشِركوا بي ما لم أنزِّل به سلطانًا))[3]. وقال الله - سبحانه -: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23]. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تَعِس عبدُ الدينارِ وعبدُ الدرهمِ وعبدُ الخَمِيصة، إن أعطي رضي وإن لم يُعطَ سَخِط، تَعِس وانتَكَس وإذا شِيكَ فلا انتَقَش))[4]. قال الطيبِيُّ: "قيل: خُصَّ العبدُ بالذكرِ؛ ليؤذنَ بانغماسِه في محبةِ الدنيا وشهواتِها، كالأسيرِ الذي لا يَجِدُ خلاصًا"[5]. إن العبوديةَ الخالصةَ لله - سبحانه - تحقِّق في المقابلِ التحرُّرَ من كلِّ عبوديةٍ لما سواه، والتخلصَ من: كلِّ جورٍ، وظلمٍ، وامتهانٍ واقعٍ على البشريةِ، تحت: مسمَّياتٍ دينيةٍ منحرفةٍ، أو فلسفيةٍ بائدة، أو قانونيةٍ وضعيةٍ، أو نظمٍ بشريةٍ معوجَّة، كما تحقِّق الخروجَ من ضيقِ الدنيا وأَسرِ شهواتِها وزينتِها إلى سَعَةِ الدنيا والآخرةِ، ومن قبلِ كلِّ ذلكَ؛ فإنها تَكفُل: النجاةَ، والسلامةَ، والإكرامَ في الآخرة. وقد لخَّص رِبْعِي بن عَامرٍ دعوةَ الإسلامِ في كلماتٍ قليلةٍ، حيث قال: "إن اللهَ ابتَعَثنا لنُخرِجَ مَن شاء من عبادةِ العبادِ إلى عبادةِ الله، ومن ضيقِ الدنيا إلى سَعَةِ الدنيا والآخرةِ، ومن جَورِ الأديانِ إلى عدل الإسلامِ"[6]. فدعوةُ الإسلامِ تمثِّل - في حقيقتِها - إنقاذًا للإنسانِ من الوقوعِ تحت وطأةِ الشركِ وذلِّ العبودية لغير الله، وتخليصًا له من قهرِ الأربابِ وربقةِ الأهواءِ والشهواتِ والغرائزِ، وتكريمًا له بأن يكونَ عبدًا لله وحدَه، وهنا يَكمُن كمالُ المخلوقِ وكرامتُه وعزُّه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "كمالُ المخلوقِ في تحقيقِ عبوديتِه لله، وكلما ازدَادَ العبدُ تحقيقًا للعبوديةِ، ازدَادَ كمالُه وعَلَت درجتُه، ومَن توهَّم أن المخلوقَ يَخرُجُ عن العبوديةِ بوجهٍ من الوجوهِ، أو أن الخروجَ عنها أكملُ، فهو من أجهلِ الخلقِ وأضلِّهم"[7]. فلا كرامةَ للإنسانِ ولا عزَّ ولا كمالَ إلا بمقدارِ تحقيقِه العبوديةَ للهِ - عز وجل - في حينِ يمثِّل أيُّ خروجِ عن تلكم العبوديةِ امتهانًا للإنسانِ وإذلالاً له بالعبودية لغير ربِّه، بالإضافةِ إلى ما يتوعَّده به من مهانةٍ وخزيٍ في الجزاءِ الأخروي، ومن ثَمَّ فإن العبوديةَ لله هي عزُّ الدنيا والآخرةِ، والخروجُ عن هذه العبوديةِ هو: الجهلُ، والضلالُ، والخزيُ، والهوانُ، والذلُّ في الدنيا والآخرة. إن الإسلامَ يقرِّر - من حيث الأصلُ - أن الله قد كرَّم الإنسان وفضَّله على كثيرٍ من المخلوقاتِ، سواء أكان ذلك بحسنِ الهيئةِ، وجمالِ الصورةِ، وانتصاب القامة، ونحو ذلك من الصفات الشكلية، أم كان بالعقلِ والفقهِ الذي جَعَل له أهليةَ التكليفِ لقدرته على فهم الشرائعِ والتفريقِ بين النافع والضار. قال الله - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]. قال ابن كثيرٍ: "يُخبِر - تعالى - عن تشريفِه لبنِي آدم، وتكريِمه إيَّاهم، في خلقِه لهم على أحسنِ الهيئاتِ وأكملِها؛ كما قال: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4]؛ أي: يَمشِي قائمًا منتصبًا على رجليه، ويأكلُ بيديه، وغيرُه من الحيواناتِ يَمشِي على أربعٍ ويأكل بفمِه، وجَعَل له سمعًا وبصرًا وفؤادًا، يَفقَه بذلك كلِّه ويَنتَفِع به، ويفرِّق بين الأشياء، ويَعرِف منافعَها وخواصَّها ومضارَّها في الأمورِ الدنيوية والدينية. ﴿ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾ [الإسراء: 70]؛ أي: على الدوابِّ: من الأنعامِ، والخيل، والبِغَال، وفي البحرِ أيضًا على السفنِ الكبار والصغار. ﴿ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ [الإسراء: 70]؛ أي: من زروعٍ وثمارٍ، ولحومٍ وألبانٍ، من سائرِ أنواعِ الطعومِ، والألوانِ، المشتهاةِ اللذيذة، والمناظرِ الحسنة، والملابسِ الرفيعةِ من سائر الأنواع، على اختلافِ أصنافِها وألوانِها وأشكالِها، مما يَصنَعونه لأنفسِهم، ويَجلِبه إليهم غيرُهم من أقطارِ الأقاليم والنواحي. ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]؛أي: من سائرِ الحيواناتِ وأصنافِ المخلوقاتِ، وقد استدلَّ بهذه الآيةِ على أفضليةِ جنسِ البشر على جنسِ الملائكة"[8]. لكن جوهرَ التكريمِ الحقيقيِّ للإنسانِ هو منحُه العقلَ الذي هو مناطُ التكليفِ؛ فقد تتفوَّق بعضُ المخلوقاتِ على الإنسان في القوَّة والسرعةِ والتحمُّل مثلاً، أو في حدَّة البصرِ وقوَّة السمعِ والشمِّ، لكن تَبقَى الأفضليةُ للإنسانِ، بما أُوتِي من عقلٍ يُمكّنه من التعرُّف على: صدقِ الرسالاتِ، وفهم الشرائع، واستيعابِ البراهينِ والبيناتِ الدالَّة على وحدانيةِ الله وربوبيتِه. قال القرطبي: "والصحيحُ الذي يعوَّل عليه: أن التفضيلَ إنما كان بالعقلِ الذي هو عمدةُ التكليفِ، وبه يُعرَف الله، ويُفهَم كلامُه، ويُوصَل إلى نعيمِه وتقديمِ رسلِه، إلا أنه لما لم يَنهَض بكلِّ المرادِ من العبدِ؛ بُعِثت الرسلُ، وأُنزِلت الكتب. فمثال الشرعِ: الشمسُ، ومثال العقلِ: العينُ، فإذا فُتِحت وكانت سليمةً رأتِ الشمسَ وأدركَت تفاصيلَ الأشياءِ. وقد جَعَل الله في بعضِ الحيوانِ خصالاً يَفضُل بها ابنَ آدم أيضًا: كجَريِ الفرسِ، وسمعِه، وإبصارِه، وقوَّة الفيل، وشجاعةِ الأسد، وكَرَم الديكِ؛ وإنما التكريمُ والتفضيلُ بالعقل كما بيَّناه"[9]. فهذه الأفضليةُ وذاك التكريمُ ليس مطلقًا لكل بنِي البشر، وإنما هو مرهونٌ بحسن استخدامِ العقلِ في أداء الوظيفةِ الرئيسة للإنسان في هذه الدنيا؛ فطالما استخدم الإنسانُ عقلَه في فهم الشرائعِ الربَّانية واتِّباعِها وتحقيقِ العبودية لله - عز وجل - فهو مستحقٌّ لهذا التكريمِ، أما حين ينحرِف عن هذه العبوديةِ الخالصة لله - عز وجل - فقد سقط في أسفلِ سافلينَ، وانحطَّ إلى مرتبةٍ أدنى من مراتبِ البهائمِ والعجماوات. قال الله - تعالى -: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ [التين: 4 - 6]. وقال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾ [المعارج: 19 - 35]. فمن كانت هذه صفتَهم، وتلك عبادتَهم، فهم المُكْرَمُون، المستحقُّون للعزِّ والكرامةِ والرفعةِ، والنجاةِ من الخسران والهلاك؛ قال الله - عز وجل -: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3]. قال ابن كثيرٍ: "فأقسم - تعالى - بذلك على أن الإنسانَ لفي خسرٍ؛ أي: في خسارةٍ وهلاكٍ، ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [العصر: 3]؛ فاستثنى من جنسِ الإنسانِ عن الخسران: الذين آمنوا بقلوبِهم، وعَمِلوا الصالحاتِ بجوارحِهم. ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾ [العصر: 3]، وهو: أداءُ الطاعاتِ، وتركُ المحرَّمات، ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 3]على المصائب والأقدارِ، وأذى مَن يؤذِي ممن يأمرونَه بالمعروفِ ويَنهَونه عن المنكر"[10]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |