|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أتحب أن تعيش محسودا؟! مصطفى قاسم عباس إذا أردتَ أن تَنظُر إلى قلوبٍ تَكاد تَميَّزُ مِن الغَيظ, وإلى صُدور تَكاد أضلاعُها تتمزَّق مِن الحقْد، وإلى أكبادٍ تتفطَّر كراهيةً وحقدًا, وإلى عيونٍ تخبركَ نظراتُها عن بغض دفين، فإنَّك سوف ترى ذلك في قلوب الحاسِدين وصُدورهم وأكبادهم وعيونهم. ولكنْ، لا تَسلْني: لِمَ يَحصُل ذلك منهم؟ لأنني لا أدري، ولكن أستطيع أنْ أقول لك: كلُّ ما أدْريه أنَّ الحسَد داءٌ قديم، ظهَر منذ بداية البشريَّة؛ فقابيلُ ولدُ آدم قتَل أخاه هابيل حسَدًا، وكان الدَّاعي إلى القتْل أنَّ الله تقبَّلَ قربانَ هابيل ولم يتقبَّلْ مِن قابيلَ، فقتَله بعد أنْ حسَده؛ لذلك نرى أنَّ أولَ جريمةٍ على وجه الأرض سببُها الحسدُ. وكلُّ ما أدريه أيضًا أنَّ الحسَد لا يَقتصِر على زمن دون زمن، ولا على أمَّة دون أمَّة، ولا على جِنس دون جنْس؛ فالحسَد هو داءُ الأمم، وهو يَحلِق الدِّين؛ ولأنَّ الدِّين الحنيف يَنهى عن الحسد؛ فقد قال - عليه الصَّلاة والسلام - : (( دبَّ إليكُم داءُ الأمم قبلَكم: الحسدُ والبغضاءُ، وهي الحالِقةُ، لا أقول: حالِقةُ الشَّعرِ، ولكنْ: حالِقةُ الدِّين))؛ رواه التِّرمذي. وكلُّ ما أدريه أنَّ الحَسودَ لا يسود - كما قالوا - وأنى له السيادةُ وهو يَكره الخير للآخَرين؟! وكلُّ ما أدْريه أيضًا أنَّ الحاسد يَعترض على حُكم الله؛ فهو لم يرضَ بما قسم الله لعباده، ويوضِّح هذا المعنى قولُ الشاعر: أَيَا حَاسِدًا لِي عَلَى نِعْمَتِي ![]() أَتَدْرِي عَلَى مَنْ أَسَأْتَ الْأَدَبْ؟! ![]() أَسَأْتَ عَلَى اللَّهِ فِي حُكْمِهِ ![]() لَأَنَّكَ لَمْ تَرْضَ لِي مَا وَهَبْ ![]() فَأَخْزَاكَ رَبِّي بَأَنْ زَادَنِي ![]() وَسَدَّ عَلَيْكَ وُجُوهَ الطَّلَبْ ![]() وإذا كنتَ محسودًا، فلا تجزعْ ولا تتذمَّر، فجميل أن يَكون المرءُ محسودًا، ولذلك قالوا:وَكُلُّ ذِي نِعْمَةٍ فِي النَّاسِ مَحْسُودُ. وهذا هو الذي جعَل النُّويريَّ في كتابه: "نهاية الأرب" يَرى أنَّ مِن المديح القليلِ النظيرِ، قولَ علي بن محمَّد الأفوهِ: مُحَسَّدُونَ، وَمَنْ يَعْلَقْ بِحَبْلِهِمُ ![]() مِنَ الْبَرِيَّةِ يُصْبِحْ وَهْوَ مَحْسُودُ ![]() وجميلٌ قول البُحتريِّ أيضًا في هذا المجال, كما في "ديوان المعاني" لأبي هلال العسْكريِّ: مُحَسَّدُونَ كَأَنَّ الْمَكْرُمَاتِ أَبَتْ ![]() أَنْ تُوجَدَ الدَّهْرَ إِلَّا عِنْدَ مَحْسُودِ ![]() مُحَسَّدُونَ وَشَرُّ النَّاسِ مَنْزِلَةً ![]() مَنْ عَاشَ فِي النَّاسِ يَومًا غَيْرَ مَحْسُودِ ![]() ومَن يتأمَّل في شأن الحُسَّاد فسَيرى أنَّهم يَستُرون الجميل، ويَتتبَّعون العثَراتِ والسَّقطاتِ، ويَنشُرون السيئاتِ فقط، وقد صدَق الشاعِر قعنبُ ابنُ أمِّ صاحِب في وصفهم عندما قال - كما في "مُختارات شُعراء العرب" لابن الشجري -: إِنْ يَسْمَعُوا رِيبَةً طَارُوا لَهَا فَرَحًا ![]() مِنِّي وَمَا سَمِعُوا مِنْ صَالِحٍ دَفَنُوا ![]() صُمٌّ إِذَا سَمِعُوا خَيْرًا ذُكِرْتُ بِهِ ![]() وَإِنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا ![]() ولي قَصيدة بعُنوان: (الحسودُ) نظمتُها منذ عدَّة سنوات، وهي في ديواني الأول: "صورٌ مِن مأساتنا"، ومنها أَقتطِف لك أيها القارئ العزيز: يَسْعَى إِلَى الْمَجْدِ وَالْعَلْيَاءِ مُجْتَهِدًا ![]() يُكَافِحُ الْبُؤْسَ لَا لَا يَرْعَوِي أَبَدَا ![]() فِإِنْ عَلَا قَدْرُهُ وَاللَّهُ أَكْرَمَهُ ![]() يَرَى أُنَاسًا تَلَظَّى صَدْرُهُمْ كَمَدَا - ![]() أَيَحْسُدُونَ وَرَبُّ الْعَرْشِ حَذَّرَنَا ![]() فِي مُحْكَمِ الذِّكْرِ مِنْ شَرِّ الَّذِي حَسَدَا ![]() إِنَّ الْحَسُودَ جَمِيعُ الْخَلْقِ تُبْغِضُهُ ![]() وَالْهَمَّ وَالْغَمَّ وَالْآلَامَ قَدْ حَصَدَا يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |