|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الأربعون القضائية (1) أ. محمد خير رمضان يوسف مقدِّمة الحمدُ لله العدلِ الحقّ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ الذي بُعِثَ بالحقِّ وقضَى بالعدل، وعلى آلهِ وأصحابهِ الفاتحين بالعدلِ والحقّ، وبعد: فقد جمعتُ في هذه الأربعينَ حديثًا ما قضَى به رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ وحكم، أو حكَى قضيَّة، أو تحدَّثَ عن القضاءِ في الإسلامِ كيف يكون، أو ما قُضيَ به فأقرَّهُ عليه الصلاةُ والسلام، ليكونَ نهجًا للمسلمين يقتدون به ويحكمونَ كما أمرهم الله ورسوله، وليكونَ تأكيدًا على أن دينَ الإسلامِ شرعٌ يُحكَمُ به، لا يُستبعَدُ ولا يُستبدَل. وكلُّها من أحاديثِ الصحيحين، البخاريِّ ومسلم. واستعنتُ بكتبِ شروحِ الأحاديثِ لتقريبِ مفهومِ الأحاديثِ أو مضمونها، وكتبُ الفقهِ تجمعُ وتفرِّع، وتبيِّنُ المطلقَ من المقيَّد، والناسخَ من المنسوخ، وما استقرَّ عليه العمل. وفسَّرتُ الألفاظَ الغريبة، وأوجزتُ في إيرادِ ما تتوضَّحُ به المسائلُ القضائية، وتفصيلها طويل، وفروعُها تُبحَثُ في كتبِ الفقهِ والفروعِ ودواوينِ القضاء. ومن الله أستمدُّ العونَ والتوفيق. محمد خير يوسف 17/ 3/ 1437 هـ (1) الحجة في الخصومة عن أمِّ سلمةَ رضيَ الله عنها، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "إنما أنا بشرٌ، وإنكم تختصمون إليّ، ولعلَّ بعضَكم أن يكونَ ألحنَ بحُجَّتهِ من بعض، وأقضي له على نحوٍ مما أسمع، فمن قضَيتُ له من حقِّ أخيهِ شيئًا فلا يأخذ، فإنما أقطعُ له قطعةً من النار". متفق عليه: صحيح البخاري (6566) واللفظُ له، صحيح مسلم (1713). قوله: "قطعةً من النار" أي: الذي قضيتُ له به بحسبِ الظاهر، إذا كان في الباطنِ لا يستحقُّهُ فهو عليه حرام، يؤولُ به إلى النار. وقوله: "قطعةً من النار" تمثيل، يُفهَمُ منه شدَّةُ التعذيبِ على من يتعاطاه، فهو من مجازِ التشبيه، كقولهِ تعالَى: ﴿ إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ﴾ [سورةُ النساء: 10]. وفي هذا الحديثِ من الفوائد: • إثمُ مَن خاصمَ في باطلٍ حتى استحقَّ به في الظاهرِ شيئًا هو في الباطلِ حرامٌ عليه. • وفيه أنَّ من ادَّعَى مالًا ولم يكنْ له بيِّنة، فحلفَ المدَّعَى عليه، وحكمَ الحاكمُ ببراءةِ الحالف، أنه لا يَبرأ في الباطن، وأن المدَّعي لو أقامَ بيِّنةً بعد ذلك تنافي دعواه، سُمِعتْ وبَطلَ الحُكم. • وفيه أن من احتالَ لأمرٍ باطلٍ بوجهٍ من وجوهِ الحيلِ حتى يصيرَ حقًّا في الظاهر، ويُحكَمُ له به، أنه لا يحلُّ له تناولهُ في الباطن، ولا يرتفعُ عنه الإثمُ بالحكم. • وفيه أن المجتهدَ قد يخطئ، فيُرَدُّ به على مَن زعمَ أنَّ كلَّ مجتهدٍ مصيب. • وفيه أن المجتهدَ إذا أخطأ لا يَلحقهُ إثم، بل يؤجر[1]. (2) أهمية القضاء عن ابنِ عباس رضيَ الله عنهما، أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "لو يُعطَى الناسُ بدعواهُم، لادَّعَى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأموالَهُم، ولكنَّ اليمينَ على المدَّعَى عليه". رواه الشيخان: صحيح البخاري (4277)، صحيح مسلم (1711) واللفظُ له. قالَ الإمامُ النوويُّ رحمَهُ الله تعالَى: هذا الحديثُ قاعدةٌ كبيرةٌ من قواعدِ أحكامِ الشرع، ففيه أنه لا يُقبَلُ قولُ الإنسانِ فيما يدَّعيهِ بمجرَّدِ دعواه، بل يحتاجُ إلى بيِّنة، أو تصديقِ المدَّعَى عليه، فإنْ طلبَ يمينَ المدَّعَى عليه فله ذلك. وقد بيَّن صلَّى الله عليه وسلَّمَ الحكمةَ في كونهِ لا يُعطَى بمجرَّدِ دعواه؛ لأنه لو كان أُعطيَ بمجرَّدها لادَّعَى قومٌ دماءَ قومٍ وأموالَهم واستُبيح، ولا يمكنُ المدَّعَى عليه أن يصونَ مالَهُ ودمه. وأما المدَّعي فيمكنهُ صيانتهما بالبيِّنة. وفي هذا الحديثِ دلالةٌ لمذهبِ الشافعيِّ والجمهورِ من سلفِ الأمةِ وخلَفِها، أن اليمينَ تتوجَّهُ على كلِّ من ادُّعيَ عليه حقّ، سواءٌ كان بينه وبين المدَّعي اختلاطٌ[2] أم لا. وقال مالكٌ وجمهورُ أصحابهِ والفقهاءُ السبعة، فقهاءُ المدينة، إن اليمينَ لا تتوجَّهُ إلا على من بينه وبينه خلطة، لئلّا يَبتذلَ السفهاءُ أهلَ الفضلِ بتحليفهم مرارًا في اليومِ الواحد، فاشتُرطتِ الخلطةُ دفعًا لهذه المفسدة. واختلفوا في تفسيرِ الخلطة، فقيل: هي معرفتهُ بمعاملتهِ ومدينتهِ أبشاهدٍ أو بشاهدين. وقيل: تكفي الشبهة. وقيل: هي أن تليقَ به الدعوَى بمثلها على مثله. وقيل: أن يليقَ به أن يعاملَهُ بمثلها. ودليلُ الجمهورِ حديثُ الباب، ولا أصلَ لاشتراطِ الخلطةِ في كتابٍ ولا سنَّةٍ ولا إجماع[3]. (3) يمين وشاهد عن ابنِ عباس: أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قضَى بيمينٍ وشاهد. صحيح مسلم (1712). فيه جوازُ القضاءِ بشاهدِ ويمين، واختلفَ العلماءُ في التفاصيل. قالَ الخطّابي: يريدُ أنه قضَى للمدَّعي بيمينهِ مع شاهدٍ واحد، كأنه أقامَ اليمينَ مقامَ شاهدٍ آخر، فصارَ كالشاهدَين[4]. (4) الاجتهاد في القضاء عن عمرو بن العاص، أنه سمعَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ يقول: "إذا حكمَ الحاكمُ فاجتهدَ ثم أصابَ فلهُ أجران، وإذا حكمَ فاجتهدَ ثم أخطأ فلهُ أجر". رواهُ الشيخان: البخاري (6919)، ومسلم (1716) ولفظهما سواء. قال العلماء: أجمعَ المسلمون على أن هذا الحديثَ في حاكمٍ عالمٍ أهلٍ للحكم، فإن أصابَ فله أجران: أجرٌ باجتهاده، وأجرٌ بإصابته، وإن أخطأ فله أجرُ اجتهاده. وفي الحديثِ محذوف، تقديره: إذا أرادَ الحاكمُ فاجتهد. قالوا: فأما من ليس بأهلٍ للحكمِ فلا يحلُّ له الحكم، فإن حكمَ فلا أجرَ له، بل هو إثم، ولا ينفذُ حكمه، سواءٌ وافقَ الحقَّ أم لا؛ لأن إصابتَهُ اتفاقةٌ ليست صادرةً عن أصلٍ شرعي، فهو عاصٍ في جميعِ أحكامه، سواءٌ وافقَ الصوابَ أم لا، وهي مردودةٌ كلُّها، ولا يعذرُ في شيءٍ من ذلك[5]. (5) القضاء عند الغضب عن عبدالرحمن بن أبي بَكرة قال: كتبَ أبو بَكرةَ إلى ابنِه، وكان بسِجِسْتان، بأنْ لا تقضيَ بينَ اثنينِ وأنتَ غَضبان، فإنِّي سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول: "لا يَقضِيَنَّ حَكَمٌ بينَ اثنينِ وهو غَضبان". هذا لفظُ البخاري. وهو عند مسلم: "لا يَحكمْ أحدٌ بين اثنينِ وهو غَضبان". صحيح البخاري (6739)، صحيح مسلم (1717). أبو بكرة هو نُفيع بنُ الحارث الثقفيّ، من خيارِ أصحابِ النبيِّ عليه الصلاةُ والسلام، ورضيَ الله عنه. وابنهُ عُبيدالله كان قاضيَ سجستان[6]. قال المهلَّب: سببُ هذا النهي أن الحكمَ حالةَ الغضبِ قد يتجاوزُ بالحاكمِ إلى غيرِ الحقّ، فمُنع. وبذلك قال فقهاءُ الأمصار. وقال ابنُ دقيق العيد: فيه النهيُ عن الحكمِ حالةَ الغضب، لما يحصلُ بسببهِ من التغيُّرِ الذي يختلُّ به النظر، فلا يحصلُ استيفاءُ الحكمِ على الوجه. قال: وعدّاهُ الفقهاءُ بهذا المعنَى إلى كلِّ ما يحصلُ به تغيُّرُ الفكر، كالجوعِ والعطشِ المفرطَين، وغلبةِ النعاس، وسائرِ ما يتعلَّقُ به القلبُ تعلُّقًا يَشغلهُ عن استيفاءِ النظر. وهو قياسُ مظنَّةٍ على مظنَّة، وكأن الحكمةَ في الاقتصارِ على ذكرِ الغضبِ لاستيلائهِ على النفس، وصعوبةِ مقاومته، بخلافِ غيره[7]. [1] باختصار من فتح الباري 13/ 173. [2] في الأصل: اختلاطًا. [3] شرح النووي على صحيح مسلم 12/ 3. [4] عون المعبود 10/ 21. [5] شرح النووي على صحيح مسلم 12/ 14. [6] تهذيب الكمال 30/ 5. [7] فتح الباري 13/ 137.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() الأربعون القضائية (2) أ. محمد خير رمضان يوسف (6) خير من يشهد عن زيد بن خالد الجهني، أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "ألا أخبرُكم بخيرِ الشهداء؟ الذي يأتي بشهادتهِ قبلَ أن يُسألَها". صحيح مسلم (1719). قال الإمامُ السيوطي: هو محمولٌ على مَن عندهُ شهادةٌ لإنسانٍ بحقّ، وذلك الإنسانُ لا يعلمُ أنه شاهد، فيأتي إليه فيخبرهُ أنه شاهدٌ له. وقيل: على شهادةِ الحِسبةِ في حقوقِ الله تعالى[1]. قالوا: وليس هذا مناقضًا للحديثِ الآخر، في ذمِّ مَن يأتي بالشهادةِ قبل أن يُستشهد، في قولهِ صلَّى الله عليه و سلَّم: "يَشهدون ولا يُستَشهدون"، فإن ذلك محمولٌ على مَن عنده شهادةٌ لآدميّ عالم بأنه شاهد[2]. (7) قضاء الله أحق عن عائشة رضيَ الله عنها قالت: قامَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ في الناسِ، فحَمِدَ اللهَ وأثنَى عليه، ثم قال: "أما بعد،ما بالُ رجالٍ يَشترطون شروطًا ليستْ في كتابِ الله؟ ما كان من شرطٍ ليس في كتابِ اللهِ فهو باطل, وإن كان مائةَ شرط، قضاءُ اللهِ أحقُّ، وشرطُ اللهِ أوثقُ، وإنما الولاءُ لمن أعتق". صحيح البخاري (2060) واللفظُ له، صحيح مسلم (1504). يسبقُ الحديثَ واقعة، ففي صحيحِ البخاري في الموضعِ نفسه: عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالت: جاءتني بَريرَةُ فقالت: كاتبتُ أهلي على تسعِ أَواقٍ، في كلِّ عامٍ أُوقيَّةٌ، فأعينيني. فقلت: إنْ أحبَّ أهلُكِ أن أَعُدَّها لهم، ويكونَ ولاؤُكِ لي فعلتُ. فذهبتْ بَريرةُ إلى أهلِها، فقالت لهم، فأبَوا عليها. فجاءتْ من عندِهم, ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جالس، فقالت: إني قد عرضتُ ذلك عليهم فأبَوا إلا أن يكونَ الولاءُ لهم. فسمعَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخبرتْ عائشةُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: "خذيها واشترطي لهم الولاءَ، فإنما الولاءُ لمن أعتق". ففعلتْ عائشةُ، ثم قامَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم في الناس، فحَمِدَ اللهَ وأثنَى عليه، ثم قال. قال ابنُ حجر: ويحتملُ أن يكونَ المرادُ بقولهِ هنا "في كتابِ الله" أي: في حُكمِ الله، سواءٌ ذُكِرَ في القرآنِ أم في السنَّة. قال: ولفظُ المائةِ للمبالغة[3]. وفيه دليلٌ على أنه لا ولاءَ لغيرِ المعتِق، وأنَّ من أسلمَ على يدِ رجلٍ لم يكنْ له ولاؤه؛ لأنه غيرُ معتِق[4]. (8) ذكاء في قضاء عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه، أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال: "كانت امرأتانِ معهما ابناهما، جاءَ الذئبُ فذهبَ بابنِ إحداهما، فقالتْ صاحبتُها: إنما ذهبَ بابنِكِ، وقالتِ الأخرى: إنما ذهبَ بابنِكِ، فتحاكمتا إلى داود، فقضَى بهِ للكبرَى، فخرجتا على سليمانَ بنِ داود، فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكينِ أَشقُّهُ بينهما، فقالتِ الصغرى: لا تفعلْ يرحمُكَ الله، هو ابنُها. فقضَى بهِ للصغرَى". قال أبو هريرة: واللهِ إنْ سمعتُ بالسكِّينِ إلا يومئذ، وما كُنَّا نقولُ إلا الْمُدْيَة! متفق عليه: صحيح البخاري (3244) واللفظُ له، صحيح مسلم (1720). قال العلماء: يحتملُ أن داودَ صلَّى الله عليه و سلَّمَ قضَى به للكبرى لشبهٍ رآهُ فيها، أو أنه كان في شريعتهِ الترجيحُ بالكبير، أو لكونهِ كان في يدها، وكان ذلك مرجِّحًا في شرعه. وأما سليمان، فتوصَّلَ بطريقٍ من الحيلةِ والملاطفةِ إلى معرفةِ باطنِ القضية، فأوهمهما أنه يريدُ قطعَهُ ليعرفَ مَن يشقُّ عليها قطعه، فتكونُ هي أمَّه. فلما أرادتِ الكبرى قَطعه، عرفَ أنها ليست أمَّه، فلمّا قالت الصغرى ما قالت، عرفَ أنها أمُّه. ولم يكنْ مرادهُ أنه يقطعَهُ حقيقة، وإنما أرادَ اختبارَ شفقتهما لتتميَّزَ له الأم، فلمّا تميَّزتْ بما ذكرتْ عرفها[5]. (9) قضاء نادر عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قال: قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "اشترَى رجلٌ مِن رجلٍ عَقارًا له، فوجدَ الرَّجلُ الذي اشترَى العَقارَ في عَقارِه جرَّةً فيها ذهب، فقالَ له الذي اشترَى العَقار: خُذْ ذهبَكَ منِّي، إنَّما اشترَيتُ منكَ الأرض، ولم أبْتَعْ منكَ الذَّهب. وقالَ الذي لهُ الأرض: إنَّما بعتُك الأرضَ وما فيها. فتحاكَما إلى رجل، فقالَ الذي تحاكَما إليه: ألَكُما وَلَد؟ قالَ أحدُهما: لي غلام، وقالَ الآخر: لي جاريَة، قال: أنكِحوا الغُلامَ الجاريةَ، وأنفِقوا على أنفُسِهما منه، وتَصدَّقَا". صحيح البخاري (3258)، صحيح مسلم (1721)، واللفظُ للأول. المقصودُ بالعقارِ هنا الدار، كما أفادَهُ ابنُ حجر. وفصَّلَ فيه القولَ في شرعنا[6]. (10) المفاضلة بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عن أبي سعيد الخدري رضيَ الله عنه قال: بينما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جالس، جاءَ يهوديٌّ فقال: يا أبا القاسم، ضربَ وجهي رجلٌ من أصحابك. فقال: "من"؟ قال: رجلٌ من الأنصار. قال: "ادعوه". فقال: "أضربتَه"؟ قال: سمعُتهُ بالسوقِ يَحلف: والذي اصطفَى موسَى على البشر، قلتُ: أيْ خبيثُ، على محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؟ فأخذَتْني غضبةٌ ضربتُ وجهَه. فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "لا تُخيِّروا بين الأنبياء، فإنَّ الناسَ يَصعُقون يومَ القيامة، فأكونُ أولَ مَن تَنشَقُّ عنه الأرض، فإذا أنا بموسَى آخِذٌ بقائمةٍ مِن قوائمِ العرشِ، فلا أدري أكانَ فيمن صَعِق، أم حُوسبَ بصَعقةِ الأُولى"؟ وآخرُ الحديثِ في روايةِ أبي هريرة، عند البخاريِّ أيضًا: "فإذا موسَى باطشٌ جانبَ العرش، فلا أدري أكان فيمن صَعِقَ فأفاقَ قبلي، أو كان ممن استَثنَى اللهُ". صحيح البخاري (2280، 2281)، ولفظه من الرقمِ الأخير، صحيح مسلم (2373). يعني بصعقتهِ الأولَى: التي صُعِقَها لـمّا سألَ الرؤية. ومعنَى آخرِ ما جاءَ في الحديث: فإن كان أفاقَ قبلي فهي فضيلةٌ ظاهرة، وإن كان ممن استثنَى اللهُ فلم يَصعُق، فهي فضيلةٌ أيضًا. وذكرَ الإمامُ النووي أنه من الأحاديثِ المشكلة.[7]. [1] كالطلاقِ والوقف والحدود. [2] الديباج على مسلم 4/ 322. [3] فتح الباري 1/ 551. [4] عون المعبود 10/ 313. [5] شرح النووي على صحيح مسلم 12/ 18. [6] ينظر فتح الباري 6/ 519. [7] ينظر فتح الباري 6/ 445، وتحفة الأحوذي 9/ 84.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() الأربعون القضائية (3) أ. محمد خير رمضان يوسف (11) قضاء وافق حكم الله عن أبي سعيد الخدري رضيَ الله عنه قال: نزلَ أهلُ قُرَيظةَ على حُكمِ سعدِ بنِ معاذٍ، فأرسلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى سعد، فأتَى على حمارٍ، فلمّا دنا من المسجدِ قالَ للأنصار: "قوموا إلى سيِّدِكم"، أو "خيرِكم". فقال: "هؤلاءِ نَزَلوا على حُكمِك". فقال: تَقتُلُ مُقاتِلتَهُم، وتَسْبي ذَراريَّهم. قال: "قَضيتَ بحُكمِ الله". وربما قال: "بحُكمِ الْمَلِك". صحيح البخاري (3895) واللفظُ له، صحيح مسلم (1768). قولهُ صلَّى الله عليه وسلَّم: "قوموا إلى سيِّدكم" أو "خيركم": قال الإمامُ النووي: فيه إكرامُ أهلِ الفضل، وتلقِّيهم بالقيامِ لهم إذا أقبلوا. هكذا احتجَّ به جماهيرُ العلماءِ لاستحبابِ القيام. قال القاضي [عياض]: وليس هذا من القيامِ المنهيِّ عنه، وإنما ذلك فيمن يقومون عليه وهو جالس، ويمثلون قيامًا طولَ جلوسه. قلت: القيامُ للقادمِ من أهلِ الفضلِ مستحبّ، وقد جاءَ فيه أحاديث، ولم يصحَّ في النهي عنه شيءٌ صريح، وقد جمعتُ كلَّ ذلك مع كلامِ العلماءِ عليه في جزء، وأجبتُ فيه عمَّا تُوهِّمَ النهيُ عنه. والله أعلم. قوله: وسبي ذريتهم: الذريةُ تطلقُ على النساءِ والصبيانِ معًا[1]. (12) ردُّ مال عن جابر رضيَ الله عنه: أنَّ رجلًا أعتقَ عبدًا له، ليسَ له مالٌ غيرُه، فردَّهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فابتاعَهُ منه نُعَيمُ بنُ النحّامِ. صحيح البخاري (2284). هذه روايةٌ مختصرةٌ للخبر، ويتوضَّح بما رواهُ مسلمٌ في صحيحهِ (997) مفصَّلًا، من روايةِ جابر أيضًا: أعتقَ رجلٌ من بني عُذرةَ عبدًا له عن دُبُر، فبلغَ ذلك رسولَ الله ِصلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: "ألكَ مالٌ غيرُه"؟ فقال: لا. فقال: "من يشتريهِ مني"؟ فاشتراه نُعَيمُ بنُ عبدِاللهِ العدَويُّ بثمانمائةِ درهم. فجاءَ بها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فدفعها إليه، ثم قال: "ابدأْ بنفسِكَ فتصدَّقْ عليها، فإن فَضَلَ شيءٌ فلأهلِك، فإن فَضَلَ عن أهلِكَ شيءٌ فلذي قرابتِك، فإن فضَلَ عن ذي قرابتِكَ شيءٌ فهكذا وهكذا". يقول: فبين يدَيكَ وعن يمينِكَ وعن شِمالِك. وقوله "عن دُبر" يعني العبدَ المدبر. قال الإمامُ النووي في فوائدِ هذا الحديث: ومنها دلالةٌ ظاهرةٌ للشافعي وموافقيهِ في جوازِ بيعِ المدبر، وقال مالكٌ وأصحابه: لا يجوزُ بيعهُ إلا إذا كان على السيِّدِ دَين، فيُباعُ فيه. وهذا الحديثُ صريحٌ أو ظاهرٌ في الردِّ عليهم؛ لأن النبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّمَ إنما باعَهُ ليُنفقَهُ سيِّدهُ على نفسه، والحديثُ صريحٌ أو ظاهرٌ في هذا[2]. (13) الشفعة في الشركة التي لم تقسم عن جابر قال: قضَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بالشفعةِ في كلِّ شركةٍ لم تُقسَم، رَبْعةٍ أو حائط، لا يَحِلُّ لهُ أن يَبيعَ حتى يُؤذِنَ شريكَهُ، فإن شاءَ أَخذ، وإن شاءَ تَرك، فإذا باعَ ولم يُؤذِنْهُ فهو أحقُّ به. صحيح مسلم (1608). سمِّيتِ الشفعةُ شفعةً لضمِّ نصيبٍ إلى نصيب. والربعة: الدارُ والمسكن، ومطلقُ الأرض. وأجمعَ المسلمون على ثبوتِ الشفعةِ للشريكِ في العقارِ ما لم يُقسَم، قال العلماء: الحكمةُ في ثبوتِ الشفعةِ إزالةُالضررِ عن الشريك، وخُصَّتْ بالعقارِ لأنه أكثرُ الأنواعِ ضررًا. واتفقوا على أنه لا شفعةَ في الحيوانِ والثيابِ والأمتعةِ وسائرِ المنقول[3]. (14) الشفعة أيضًا عن جابر بنِ عبدالله رضيَ الله عنهما قال: قضَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالشُّفعَةِ في كلِّ ما لم يُقسَمْ، فإذا وقعَتِ الحدودُ، وصُرِّفَتِ الطُّرق، فلا شُفعةَ. صحيح البخاري (2138)، صحيح مسلم (1608)، واللفظُ للأول. صُرِّفتِ الطرق: بُيِّنتْ مصارفُها وشوارعُها. تضمَّنَ هذا الحديثُ ثبوتَ الشفعةِ في المشاع، وصدرهُ يُشعِرُ بثبوتها في المنقولات، وسياقهُ يُشعِرُ باختصاصها بالعقارِ وبما فيه العقار. وقد أخذَ بعمومها في كلِّ شيءٍ مالكٌ في رواية، وهو قولُ عطاء. وعن أحمد: تثبتُ في الحيواناتِ دون غيرها من المنقولات[4]. (15) العمرى عن جابر بنِ عبدالله: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قضَى فيمن أُعْمِرَ عُمرَى: له ولعَقِبِه، فهي له بَتْلَةً، لا يجوزُ للمعطي فيها شرطٌ ولا ثُنْيَا. هذا في صحيح مسلم (1625). ولفظهُ في صحيح البخاري (2482): قضَى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ بالعُمرَى أنها لمن وُهِبَتْ له. العُمرَى: قوله: أعمرتُكَ هذه الدار، أو جعلتُها لك عمركَ أو حياتك. والعَقِب: أولادُ الإنسانِ ما تناسلوا. بَتلَة: عطيَّةٌ ماضيةٌ غيرُ راجعةٍ إلى الواهب. ثُنيا: استثناء. قال الإمامُ النووي: العُمرَى هبةٌ صحيحةٌ ماضيةٌ يملكها الموهوبُ له ملكًا تامًّا، لا يعودُ إلى الواهبِ أبدًا، فإذا علموا ذلك، فمن شاءَ أعمرَ ودخلَ على بصيرة، ومن شاءَ ترك؛ لأنهم كانوا يتوهَّمون أنها كالعاريَّةِ ويُرجَعُ فيها[5]. وهناك اختلافاتٌ للفقهاءِ في العُمرَى تُنظَرُ في مظانِّها. [1] باختصار من شرح النووي على صحيح مسلم 12/ 94. [2] شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 83. [3] شرح النووي على صحيح مسلم 11/ 45. وينظر شرح الحديث التالي. [4] فتح الباري 4/ 436. [5] شرح النووي على صحيح مسلم 11/ 70 - 72، حاشية السندي على سنن النسائي 6/ 276.
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() الأربعون القضائية (4) أ. محمد خير رمضان يوسف (16) الاختلاف في الطريق عن أبي هريرة قال: قضَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا تَشاجروا في الطريقِ بسبعةِ أذرع. صحيح البخاري (2341) واللفظُ له، صحيح مسلم (1613). تشاجروا: تنازعوا. قال الطبري: معناهُ أن يجعلَ قدرَ الطريقِ المشتركةِ سبعةَ أذرع، ثم يبقَى بعد ذلك لكلِّ واحدٍ من الشركاءِ في الأرضِ قدرُ ما ينتفعُ به ولا يضرُّ غيره. والحكمةُ في جعلِها سبعةَ أذرعٍ لتسلكها الأحمالُ والأثقالُ دخولًا وخروجًا، ويَسَعُ ما لا بدَّ لهم من طرحهِ عند الأبواب. ويلتحقُ بأهلِ البنيانِ مَن قعدَ للبيعِ في حافَّةِ الطريق، فإن كانت الطريقُ أزيدَ من سبعةِ أذرعٍ لم يمنعْ من القعودِ في الزائد، وإن كان أقلَّ مُنع؛ لئلا يضيِّقَ الطريقَ على غيره[1]. (17) اليمين الفاجرة عن عبدالله [بن مسعود] رضيَ الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن حَلَفَ على يمينٍ وهو فيها فاجر، ليقتطعَ بها مالَ امرئ ٍمسلم، لقيَ اللهَ وهو عليه غضبان". قال: فقالَ الأشعث: فيَّ واللهِ كان ذلك، كان بيني وبين رجلٍ من اليهودِ أرضٌ فجحدني، فقدَّمتهُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فقالَ لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "ألكَ بيِّنة"؟ قلت: لا. قال: فقالَ لليهوديّ: "احلِفْ". قال: قلت: يا رسولَ الله، إذًا يحلفُ ويذهبُ بمالي! فأنزلَ اللهُ تعالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [سورة آل عمران: 77]. صحيح البخاري (2285) واللفظُ له، صحيح مسلم (138). فاجر: كاذب. ليقتطع: ليَفصلَ قطعةً من مالهِ ويأخذها بتلك اليمين[2]. قال الإمامُ النووي: التقييدُ بكونهِ فاجرًا لا بدَّ منه، ومعناه: هو آثم، ولا يكونُ آثمًا إلا إذا كان متعمِّدًا، عالمـًا بأنه غيرُ محقّ. وأما قولهُ صلَّى الله عليه وسلَّم: "لقيَ اللهَ تعالَى وهو عليه غضبان"، وفى الروايةِ الأخرى "وهو عنه مُعرض"، فقال العلماء: الإعراضُ والغضبُ والسخطُ من الله تعالَى هو إرادتهُ إبعادُ ذلك المغضوبِ عليه من رحمته، وتعذيبُه، وإنكارُ فعله، وذمُّه. والله أعلم[3]. (18) لصاحب الحق مقال عن أبي هريرة رضيَ الله عنه: أن رجلًا تقاضَى رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأغلظَ له، فهمَّ أصحابُه، فقال: "دَعوه، فإن لصاحبِ الحقِّ مَقالًا، واشتَرُوا له بعيرًا فأَعطُوهُ إيَّاه". وقالوا: لا نجدُ إلا أفضلَ مِن سِنِّه. قال: "اشتَرُوهُ فأَعطُوهُ إيَّاه، فإن خيرَكم أحسنُكم قضاءً". رواهُ الشيخان: صحيح البخاري (2260) واللفظُ له، صحيح مسلم (1601). "فإن لصاحبِ الحقِّ مَقالًا" أي: صولةَ الطلب، وقوةَ الحجَّة. لكنْ مع مراعاةِ الأدبِ المشروع. قال الحافظُ ابنُ حجر: وفي الحديثِ جوازُ المطالبةِ بالدَّينِ إذا حلَّ أجله. وفيه حُسنُ خُلقِ النبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم، وعظمُ حِلمه، وتواضعه، وإنصافه. وأن مَن عليه دَينٌ لا ينبغي له مجافاةُ صاحبِ الحقّ. وأن مَن أساءَ الأدبَ على الإمامِ كان عليه التعزيرُ بما يقتضيهِ الحال، إلا أن يعفوَ صاحبُ الحقّ. قال: وفيه جوازُ وفاءِ ما هو أفضلُ من المثلِ المقترَضِ إذا لم تقعْ شرطيةُ ذلك في العقد، فيَحرمُ حينئذٍ اتفاقًا، وبه قال الجمهور. وعن المالكيةِ تفصيلٌ في الزيادة: إن كانت بالعددِ مُنعت، وإن كانت بالوصفِ جازت. وفيه أن الاقتراضَ في البرِّ والطاعة، وكذا الأمورِ المباحة، لا يُعاب. وأن للإمامِ أن يقترضَ على بيتِ المالِ لحاجةِ بعضِ المحتاجين، ليوفيَ ذلك من مالِ الصدقات[4]. والمخاطَبُ هو أبو رافعٍ مولَى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، كما في الروايةِ التالية. (19) سلف عن أبي رافع: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ استسلفَ من رجلٍ بَكْرًا، فقَدِمَتْ عليهِ إبلٌ من إبلِ الصدقة، فأمرَ أبا رافعٍ أن يَقضي الرجلُ بَكَرَهُ، فرجعَ إليهِ أبو رافعٍ فقال: لم أجدْ فيها إلا خَيَارًا رَبَاعِيًّا، فقال:"أَعطِهِ إيّاه، إنَّ خيارَ الناسِ أحسنُهم قضاء". صحيح مسلم (1600). البَكر: الصغيرُ من الإبل. والخيَار: الجيِّد. والرَّباعي: مَن ألقَى رَباعيته. وهي السنُّ بين الثنيَّةِ والناب. والجمع: رَباعيات. هذه روايةٌ أخرى للحديثِ السابق، أو تتمةٌ وتوضيحٌ له، قالَ ابنُ حجر رحمَهُ الله: ويجمعُ بينه وبين الروايةِ التي في الباب، حيثُ قال فيها "اشتروا له" بأنه أمرَ بالشراءِ أولًا، ثم قدمتْ إبلُ الصدقةِ فأعطاهُ منها، أو أنه أمرَ بالشراءِ من إبلِ الصدقةِ ممن استحقَّ منها شيئا[5]. (20) خصومة في دَين عن كعب بنِ مالك: أنه تقاضَى ابنَ أبي حَدْرَدٍ دَينًا كان لهُ عليه في المسجد، فارتفعتْ أصواتُهما حتى سمعَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو في بيته، فخرجَ إليهما حتى كشفَ سِجْفَ حُجرتِه، فنادَى: "يا كعبُ". قال: لبَّيكَ يا رسولَ الله. قال: "ضعْ مِن دَينِكَ هذا". فأومأ إليه، أي: الشَّطرَ. قال: لقد فعلتُ يا رسولَ الله. قال: "قمْ فاقضِه". صحيح البخاري (445) واللفظُ له، صحيح مسلم (1558). قيل: هذا أمرٌ على جهةِ الوجوب؛ لأن ربَّ الدَّينِ لـمّا طاوعَ بوضعِ الشطر، تعيَّنَ على المديونِ أن يعجِّلَ إليه دَينه؛ لئلّا يجمعَ على ربِّ المالِ بين الوضيعةِ والمطل[6]. [1] فتح الباري 5/ 119. [2] تحفة الأحوذي 8/ 275. [3] شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 162. [4] فتح الباري 5/ 57. [5] فتح الباري 5/ 57. [6] عون المعبود 9/ 374.
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() الأربعون القضائية (5) أ. محمد خير رمضان يوسف (21) في السقي عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما: أنَّ رجلًا من الأنصارِ خاصمَ الزبيرَ عند النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في شِرَاجِ الحَرَّة، التي يَسقونَ بها النخلَ، فقال الأنصاريُّ: سَرِّحِ الماءَ يَمرّ. فأَبَى عليه. فاختصما عند النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ للزبير: "اسقِ يا زبير، ثم أرسلِ الماءَ إلى جارِك". فغضبَ الأنصاريُّ فقال: أنْ كان ابنَ عمَّتك؟ فتلوَّنَ وجهُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، ثم قال: "اسقِ يا زبير، ثم احبسِ الماءَ حتى يرجعَ إلى الجَدْر". فقال الزبير: واللهِ إني لأحسِبُ هذه الآيةَ نزلتْ في ذلك: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ [سورة النساء:65]. صحيح البخاري (2231) واللفظُ له، صحيح مسلم (2357). شِراج: جمعُ شَرْجة، وهي مسايلُ الماء. الحرَّة: الأرضُ ذاتُ الحجارةِ السود. (وهو موضعٌ معروفٌ بالمدينة). فتلوَّن: أي تغيَّر، وظهرَ فيه آثارُ الغضب. الجُدر: جمعُ جدار. قيل: المرادُ به ما رُفِعَ حولَ المزرعةِ كالجدار، وقيل: أصولُ الشجر. أمرَهُ صلَّى الله عليه وسلَّمَ أولًا بالمسامحةِ والإيثار، بأن يَسقي شيئًا يسيرًا ثم يُرسلَهُ إلى جاره، فلمّا قالَ الأنصاريُّ ما قال، وجهلَ موضعَ حقِّه، أمرَهُ بأن يأخذَ تمامَ حقِّهِ ويستوفيه، فإنه أصلَحُ له، وفي الزجرِ أبلغ[1]. (22) بيع الثمار عن زيد بن ثابت رضيَ الله عنه قال: كان الناسُ في عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ يتبايعون الثمارَ، فإذا جذَّ الناسُ وحضرَ تَقاضيهم، قال الْمُبتاع: إنه أصابَ الثمرَ الدَّمَانُ، أصابَهُ مِراضٌ، أصابَه قُشَام، عاهاتٌ يحتجُّون بها. فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ لما كثرتْ عندهُ الخصومةُ في ذلك: "فإمّا لا، فلا تتبايعوا حتى يبدوَ صلاحُ الثمر". كالمشُورةِ يشيرُ بها؛ لكثرةِ خصومتِهم. صحيح البخاري (2081). جذَّ الناس: قَطعوا ثمرَ النخل. المبتاع: المشتري. الدَّمَان: فسادُ الطلعِ وتعفُّنهُ وسواده. المراض - بالضمِّ أو الكسر -: اسمٌ لجميعِ الأمراض. وهو داءٌ يقعُ في الثمرةِ فتَهلك. القُشَام: شيءٌ يُصيبُ الثمرَ حتى لا يرطب. العاهة: العيب. فإمّا لا" أي: إنْ لا تَفعلْ كذا فافعلْ كذا[2]. (23) حالة ميراث عن أبي هريرةَ قال: قضَى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ في جنينِ امرأةٍ من بني لَحيانَ سقطَ ميِّتًا بغُرَّة: عبدٍ أو أمَةٍ. ثم إن المرأةَ التي قضَى لها بالغُرَّةِ تُوفِّيت، فقضَى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم بأنَّ ميراثَها لبنيها وزوجِها، وأن العَقْلَ على عصَبَتِها. صحيح البخاري (6359) وفي طبعة إستانبول: "التي قضَى عليها بالغرة"، وكذا هو في صحيح مسلم (1681). وقد أشارَ إلى هذا النووي في شرحهِ على مسلم. قضَى.: يعني قضَى في الجنينِ يُقتَلُ في بطنِ أمِّه. وتكونُ ديةُ الجنينِ عُشرَ دِيَةِ الأمّ، أو نصفَ عُشرِ دِيَةِ الأب. ذكرًا كان الجنينُ أو أنثَى. قالَ الإمامُ النووي: واعلمْ أن المرادَ بهذا كلِّهِ إذا انفصلَ الجنينُ ميتًا، أما إذا انفصلَ حيًّا ثم مات، فيجبُ فيه كمالُ ديَةِ الكبير، فإن كان ذكرًا وجبَ مائةُ بعير، وإن كان أنثَى فخمسون. عصبتها: المرادُ عصبةُ القاتلة. فالمرأةُ التي ماتتْ هي المجنَى عليها، أمُّ الجنين[3]. والعَقل: الدِّيَة. (24) دية الجنين عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قضَى في امرأتين من هُذيلٍ اقتَتلتا، فرمتْ إحداهما الأخرى بحجر، فأصابَ بطنها وهي حامل، فقتَلتْ ولدَها الذي في بطنها، فاختصموا إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقضَى أنَّ دِيَةَ ما في بطنها غُرَّة: عبدٌ أو أمَة. فقالَ وليُّ المرأةِ التي غَرِمَت: كيف أَغرَمُ يا رسولَ اللهِ من لا شَرِبَ ولا أكل، ولا نَطقَ ولا استَهلّ، فمِثلُ ذلكَ بَطَل. فقالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنما هذا من إخوانِ الكُهَّان". صحيح البخاري (5426) واللفظُ له، صحيح مسلم (1681). هذا من رواياتِ وطرقِ الحديثِ السابق. (25) إسقاط الجنين بجناية عن المسوَّر بن مَخرمة قال: استشارَ عمرُ بنُ الخطّابِ الناسَ في مِلَاصِ المرأة، فقال المغيرةُ بنُ شُعبة: شهدتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قضَى فيه بغُرَّة: عبدٍ أو أمَةٍ. قال: فقال عمر: ائتِني بمن يشهدُ معك. قال: فشهدَ له محمدُ بنُ مَسلمة. صحيح مسلم (1683). إملاصُ المرأة، أو مِلاصُها، هي التي تُضرَبُ بطنُها فتُلقي جنينَها[4]. [1] حاشية السندي على النسائي 8 /239. وتفصيله عند النووي 15 /108. [2] غريب الحديث من فتح الباري مختصر من 4 /395. [3] ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 11 /176. [4] فتح الباري 12 /250. وهكذا ورد تأنيث الفعل (تضرب). والبطن يذكر ويؤنث.
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() الأربعون القضائية (6) أ. محمد خير رمضان يوسف (26) توزيع تركة عن هُزَيلَ بنِ شُرحبيلَ قال: سُئلَ أبو موسَى عن ابنةٍ وابنةِ ابنٍ وأختٍ، فقال: للابنةِ النصفُ، وللأختِ النصف، وائتِ ابنَ مسعودٍ فسيُتابعُني. فسُئلَ ابنُ مسعود، وأُخبِرَ بقولِ أبي موسى، فقال: لقد ضَلَلْتُ إذًا وما أنا مِن المهتَدين، أَقضي فيها بما قضَى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: للابنةِ النصفُ، ولابنةِ الابنِ السدُسُ تكملةَ الثلثَين، وما بقيَ فللأخت. فأتينا أبا موسى، فأخبرناهُ بقولِ ابنِ مسعود، فقال: لا تسألوني ما دامَ هذا الحَبْرُ فيكم. صحيح البخاري (6355). قولُ ابنِ مسعودٍ رضيَ الله عنه "قد ضللت" أي: إذا وافقتُ على هذا الجواب. (27) الخالة بمنزلة الأم في عُمرةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، حين منعهُ المشركون من دخولِ مكة، واتفقوا على أن يُقيمَ بها ثلاثةَ أيام، روَى البراءُ بنُ عازب: أنه عليه الصلاةُ والسلامُ خرج، فتبعتهم ابنةُ حمزة: يا عمّ، يا عمّ، فتناولها عليّ، فأخذَ بيدها، وقال لفاطمةَ عليها السلام: دونَكِ ابنةَ عمِّكِ احمليها. فاختصمَ فيها عليٌّ وزيدٌ وجعفر، فقالَ عليّ: أنا أحقُّ بها، وهي ابنةُ عمِّي، وقالَ جعفر: ابنةُ عمِّي وخالتُها تحتي، وقالَ زيد: ابنةُ أخي. فقضَى بها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لخالتها، وقال: "الخالةُ بمنزلةِ الأم". وقالَ لعليّ: "أنتَ منِّي وأنا منك". وقالَ لجعفر: "أُشبِهْتَ خَلقي وخُلقي". وقالَ لزيد: "أنتَ أخونا ومولانا". صحيح البخاري (2552) وفيه الحديثُ كاملاً. اختلفَ على اسمِ ابنةِ حمزةَ رضيَ الله عنه، والمشهورُ "عمارة". ووردَ في حديثٍ بسندٍ ضعيف، أن النبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم كان آخَى بين حمزةَ وزيد بنِ حارثة، وأن عمارةَ بنتَ حمزةَ كانت مع أمِّها بمكة، بين ظهرانَي المشركين. تنادي يا عم: كأنها خاطبتِ النبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّمَ بذلك، إجلالًا له، وإلّا فهو ابنُ عمِّها، أو بالنسبةِ إلى كونِ حمزةَ وإنْ كان عمَّهُ من النسب، فهو أخوهُ من الرضاعة. "الخالةُ بمنزلةِ الأمّ": أي في هذا الحكمِ الخاص؛ لأنها تَقربُ منها في الحنوِّ والشفقة، والاهتداءِ إلى ما يصلحُ الولد، لما دلَّ عليه السياق. وما قالهُ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ لعليّ وجعفر وزيد رضيَ الله عنهم، مناقبُ لهم[1]. (28) خصومة في نسب عن عائشة رضيَ الله عنها: أنَّ عبدَ بنَ زَمْعةَ وسعدَ بنَ أبي وقّاصٍ اختصما إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في ابنِ أمَةِ زمعة، فقال سعد: يا رسولَ الله، أوصاني أخي إذا قدمتُ أن أنظرَ ابنَ أمَةِ زمعةَ فأقبِضَه، فإنه ابني. وقال عبدُ بنُ زَمْعة: أخي وابنُ أمَةِ أبي، وُلِدَ على فِراشِ أبي. فرأى النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ شَبَهًا بيِّنًا بعُتبةَ، فقال: "هو لكَ يا عبدُ بنَ زَمْعةَ، الولدُ للفِراش، واحتَجبي منه يا سَودة". صحيح البخاري (2289) واللفظُ له، صحيح مسلم (1457). "الولدُ للفِراش" معناهُ أنه إذا كان للرجلِ زوجةٌ أو مملوكةٌ صارت فِراشًا له، فأتت بولدٍ لمدَّةِ الإمكانِ منه، لحقهُ الولد، وصارَ ولدًا يجري بينهما التوارثُ وغيرهُ من أحكامِ الولادة، سواءٌ كان موافقًا له في الشبهِ أم مخالفًا. ومدَّةُ إمكانِ كونهِ منه ستةُ أشهرٍ من حين اجتماعهما، أمّا ما تصيرُ به المرأةُ فِراشًا، فإنْ كانت زوجةً صارت فِراشًا بمجردِ عقدِ النكاح، ونقلوا في هذا الإجماع، وشرطوا إمكانَ الوطءِ بعد ثبوتِ الفراش... وقولهُ صلَّى الله عليه وسلَّم "واحتجبى منه يا سَودة" فأمرها به ندبًا واحتياطًا؛ لأنه في ظاهرِ الشرعِ أخوها، لأنه أُلحِقَ بأبيها، لكنْ لما رأى الشبهَ البيِّنَ بعتبةَ بنِ أبي وقاص، خشيَ أن يكونَ من مائه، فيكونُ أجنبيًّا منها، فأمرها بالاحتجابِ منه احتياطًا... وسودةُ بنتُ زمعةَ رضيَ الله عنها زوجُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم[2]. (29) التصدق على الابن عن معن بن يزيدَ رضيَ الله عنه قال: بايعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنا وأبي وجَدِّي، وخطبَ عليَّ فأنْكَحَني، وخاصمتُ إليه: كان أبي يزيدُ أَخرجَ دنانيرَ يتصدَّقُ بها، فوضعها عند رجلٍ في المسجد، فجئتُ فأخذتُها، فأتيتهُ بها، فقال: واللهِ ما إيَّاكَ أردت، فخاصمتُهُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فقال: "لكَ ما نَويتَ يا يزيد، ولكَ ما أخذتَ يا مَعْن". صحيح البخاري (1356). "خطبَ عليَّ فأنْكَحَني": أي طلبَ لي النكاح فأُجيب. والفاعلُ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم. "أَخرجَ دنانيرَ يتصدَّقُ بها...": أعطَى يزيدُ (والدُ معن) صدقتَهُ لشخصٍ ليتصدَّقَ بها عنه، فأخذها معنٌ منه ليتصدَّقَ هو بها، بإذنهِ لا بطريقِ الاعتداء، فجاءَ بها ووضعها بين يدَي والدهِ يزيد. قال والده: ما إيَّاكَ أردتُ، يعني لو أردتُ أنكَ تأخذها لناولتها لك، ولم أوكِّلْ فيها. أو كأنه كان يرَى أن الصدقةَ على الولدِ لا تُجزئ[3]، أو يرَى أن الصدقةَ على الأجنبيِّ أفضل. خاصمته: تفسيرٌ لقولهِ أولًا "خاصمت" (يعني قاضيتُ). قوله: "لكَ ما نويت": أي أنكَ نويتَ أن تتصدَّقَ بها على من يحتاجُ إليها، وابنُكَ يحتاجُ إليها، فوقعتِ الموقع، وإن كان لم يخطرْ ببالِكَ أنه يأخذها. قوله: "ولكَ ما أخذتَ يا معن": أي لأنكَ أخذتها محتاجًا إليها..[4]. (30) البخل والنفقة عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالت: دخلتْ هندٌ بنتُ عتبةَ امرأةُ أبي سفيان، على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فقالت: يا رسولَ الله، إنَّ أبا سفيانَ رجلٌ شَحيح، لا يُعطيني من النفقةِ ما يَكفيني ويَكفي بنيَّ، إلا ما أخذتُ من مالهِ بغيرِ علمه، فهل عليَّ في ذلكَ مِن جُناح؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "خُذي مِن مالهِ بالمعروفِ ما يكفيكِ ويكفي بَنِيك". صحيح البخاري (5049)، صحيح مسلم (1714) واللفظُ له. في هذا الحديثِ فوائد، منها: • وجوبُ نفقةِ الزوجة. • وجوبُ نفقةِ الأولادِ الفقراءِ الصغار. • النفقةُ مقدَّرةٌ بالكفايةِ لا بالأمداد. • جوازُ سماعِ كلامِ الأجنبيةِ عند الإفتاءِ والحكم، وكذا ما في معناه. • جوازُ ذكرِ الإنسانِ بما يكرههُ إذا كان للاستفتاءِ والشكوَى ونحوهما. • من له على غيرهِ حقٌّ وهو عاجزٌ عن استيفائه، يجوزُ له أن يأخذَ من مالهِ قدرَ حقِّهِ بغيرِ إذنه. • جوازُ إطلاقِ الفتوى، ويكونُ المرادُ تعليقَها بثبوتِ ما يقولهُ المستفتي، ولا يحتاجُ المفتي أن يقول: إنْ ثبتَ كان الحكمُ كذا وكذا، بل يجوزُ له الإطلاق، كما أطلقَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فإنْ قالَ ذلكَ فلا بأس. • للمرأةِ مدخلٌ في كفالةِ أولادها والإنفاقِ عليهم من مالِ أبيهم. • اعتمادُ العُرف في الأمورِ التي ليس فيها تحديدٌ شرعيّ. • جوازُ خروجِ المزوَّجةِ من بيتها لحاجتها إذا أذنَ لها زوجها في ذلك، أو علمتْ رضاهُ به. • واستدلَّ به جماعاتٌ من أصحابنا (الشافعية) وغيرهم، على جوازِ القضاءِ على الغائب. وفي المسألةِ خلافٌ للعلماء...[5]. [1] مقتطفات من شرح طويل للحديث في فتح الباري 7/ 505 فما بعد. [2] باختصار شديد من شرح النووي على صحيح مسلم 10/ 39. [3] يعني وهو محتاجٌ للصدقة. [4] باختصار من فتح الباري 3/ 292. [5] باختصار من شرح النووي على صحيح مسلم 12/ 7.
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() الأربعون القضائية (7) أ. محمد خير رمضان يوسف (31) نفقة المطلقة ثلاثًا عن الشعبيِّ قال: دخلتُ على فاطمةَ بنتِ قيس، فسألتُها عن قضاءِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عليها، فقالت: طلَّقها زوجُها البتَّة، فقالت: فخاصمتهُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في السُّكنَى والنفقة، قالت: فلم يجعلْ لي سُكنَى ولا نفقة، وأمرني أن أعتدَّ في بيتِ ابنِ أمِّ مكتوم. صحيح مسلم (1480). فاطمة بنتُ قيس القرشيةُ الفهرية، أختُ الضحّاك. من المهاجراتِ الأُوَل. كانت ذاتَ جمالٍ وعقلٍ وكمال. تزوجت أبا عمرو بنَ حفص بنِ المغيرة، فطلَّقها، فخطبها معاويةُ وأبو جهم بنُ حُذيفة، فاستشارتِ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيهما، فأشارَ عليها بأسامة بنِ زيد، فتزوَّجته[1]. وقد طلَّقها زوجها آخرَ ثلاثِ تطليقات. واحتجَّ من أوجبَ السُّكنَى دون النفقةِ لوجوبِ السُّكنَى بظاهرِ قولهِ تعالَى: ﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ ﴾ [سورة الطلاق: 6]، ولعدمِ وجوبِ النفقةِ بحديثِ فاطمة، مع ظاهرِ قولِ الله تعالَى: ﴿ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ (من الآيةِ نفسها)[2]. والكلامُ على الحديثِ وفروعهُ عند الفقهاءِ كثيرة. (32) الملاعنة عن سهل بنِ سعد: أنَّ رجلًا أتَى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ رجلًا رأى مع امرأتِه رجلًا، أيقتلهُ فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فأنزلَ اللهُ فيهما ما ذكرَ في القرآنِ من التلاعنِ، فقالَ له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "قد قُضيَ فيكَ وفي امرأتِك". قال: فتلاعنا وأنا شاهدٌ عند رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ففارقَها، فكانت سنَّةَ أن يُفرَّقَ بين المتلاعنين. وكانت حاملًا، فأنكرَ حملَها، وكان ابنُها يُدعَى إليها. ثم جرتِ السنَّةُ في الميراثِ أن يرثَها وترثَ منه ما فَرضَ اللهُ لها. صحيح البخاري (4469) واللفظُ له، صحيح مسلم (1492). ما ذُكِرَ في القرآن من التلاعن، هي الآيات 6 - 9 من سورةِ النور: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [النور: 6 - 9]. (33) رواية أخرى عن ابنِ عمر رضيَ الله عنهما: أن رجلاً رمَى امرأتَه، فانتفَى من ولدِها في زمانِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأمرَ بهما رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فتلاعنَا كما قالَ اللهُ، ثم قضَى بالولدِ للمرأة، وفرَّقَ بين المتلاعنَين. صحيح البخاري (4471). فتلاعنا: فيه حذف، تقديره: فذهب، فأتَى بها، فسألها فأنكرت، فأمرَ باللعان، فتلاعنا[3]. (34) القسامة عن رجلٍ من أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ من الأنصار: أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ أقرَّ القسَامةَ على ما كانت عليه في الجاهلية، وقضَى بها بين ناسٍ من الأنصار، في قتيلٍ ادَّعَوهُ على اليهود. صحيح مسلم (1670). القَسَامة: اليمين، وهي في عُرفِ الشرع: حلفُ معيَّنٍ عند التهمةِ بالقتلِ على الإثباتِ أو النفي[4]. وحقيقتها - كما يقولُ ابنُ الأثير -: أن يُقسِمَ من أولياءِ الدمِ خمسونَ نفرًا على استحقاقهم دمَ صاحبِهم إذا وجدوهُ قتيلًا بين قومٍ ولم يُعرَفْ قاتله، فإن لم يكونوا خمسينَ أقسمَ الموجودون خمسينَ يمينًا، ولا يكونُ فيهم صبيٌّ ولا امرأةٌ ولا مجنونٌ ولا عبد. أو يُقسِمُ بها المتَّهمون على نفي القتلِ عنهم، فإنْ حلفَ المدَّعون استحقُّوا الدية، وإن حلفَ المتَّهمون لم تلزمهم الدية[5]. قالَ القاضي [عياض]: حديثُ القسامةِ أصلٌ من أصولِ الشرع، وقاعدةٌ من قواعدِ الأحكام، وركنٌ من أركانِ مصالحِ العباد، وبه أخذَ العلماءُ كافة، من الصحابةِ والتابعين ومن بعدهم من علماءِ الأمصار، والحجازيين والشاميين والكوفيين، وإن اختلفوا في كيفيةِ الأخذِ به. ورُويَ عن جماعةٍ إبطالُ القسامة، وأنه لا حكمَ لها ولا عملَ بها..[6]. (35) سرقة عن جابر: أنَّ امرأةً مِن بني مخزومٍ سَرقت، فأُتيَ بها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فعاذتْ بأمِّ سلمةَ زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "واللهِ لو كانتْ فاطمةُ لقطعتُ يدَها". فقُطِعت. صحيح مسلم (1689). حديثٌ مشهور، يأتي أطولَ من هذا بروايةِ أمِّنا عائشةَ رضيَ الله عنها، في الصحيحين وغيرهما. ومما يُستفادُ من الحديث: • منعُ الشفاعةِ في الحدود. ويقيدُ المنعُ بما إذا انتهَى ذلك إلى أُولي الأمر. وهناك فروعٌ للعلماءِ فيه. • دخولُ النساءِ مع الرجالِ في حدِّ السرقة. • وفيه ما يدلُّ على أن فاطمةَ عليها السلامُ عند أبيها صلَّى الله عليه وسلَّمَ في أعظمِ المنازل. • تركُ المحاباةِ في إقامةِ الحدِّ على مَن وجبَ عليه، ولو كان ولدًا، أو قريبًا، أو كبيرَ القدر، والتشديدُ في ذلك. • جوازُ ضربِ المثلِ بالكبيرِ القدر، للمبالغةِ في الزجرِ عن الفعل[7]. [1] تهذيب الكمال 35/ 264. [2] ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 10/ 95 فما بعد. [3] فتح الباري 9/ 451. [4] فتح الباري 7/ 156. [5] النهاية في غريب الحديث 4/ 62. [6] شرح النووي على صحيح مسلم 11/ 143. [7] باختصار من فتح الباري 12/ 95 فما بعد.
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() الأربعون القضائية (8) أ. محمد خير رمضان يوسف (36) القصاص العادل عن أنسٍ رضيَ الله عنه: أنَّ يهوديًّا رَضَّ رأسَ جاريةٍ بين حجَرين، قيل: مَن فعلَ هذا بك، أفلانٌ، أفلانٌ؟ حتى سَمَّى اليهوديَّ، فأومَتْ برأسِها، فأُخِذَ اليهوديُّ فاعترَف، فأمرَ به النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فرُضَّ رأسُهُ بين حجَرين. صحيح البخاري (2282) واللفظُ له، صحيح مسلم (1672). من فوائدِ هذا الحديث: • قتلُ الرجلِ بالمرأة، وهو إجماعُ مَن يعتدُّ به. • الجاني عمدًا يُقتَلُ قصاصًا على الصفةِ التي قَتَل، فإن قَتلَ بسيفٍ قُتِلَ هو بالسيف، وإن قُتِلَ بحجرٍ أو خشبٍ أو نحوهما قُتِلَ بمثله؛ لأن اليهوديَّ رضخها فرُضِخَ هو. • ثبوتُ القصاصِ في القتلِ بالمثقلات، ولا يختصُّ بالمحدَّدات وهذا مذهبُ جماهيرِ العلماء. • وجوبُ القصاصِ على الذي يَقتلُ المسلم. • جوازُ سؤالِ الجريح: مَن جرحك؟ وفائدةُ السؤالِ أن يُعرَفَ المتَّهَمُ ليُطالَب، فإن أقرَّ ثبتَ عليه القتل، وإن أنكرَ فالقولُ قولهُ مع يمينه، ولا يَلزمهُ شيءٌ بمجرَّدِ قولِ المجروح. هذا مذهبُ الجماهير[1]. (37) حدُّ الزاني عند اليهود عن البراءِ بنِ عازب قال: مُرَّ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بيهوديٍّ مُحمَّمًا مجلودًا، فدعاهُم صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: "هكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم"؟ قالوا: نعم. فدعا رجلًا من علمائهم، فقال: "أَنشُدُكَ باللهِ الذي أَنزلَ التوراةَ على موسَى، أهكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابِكم"؟ قال: لا. ولولا أنكَ نَشدْتَني بهذا لم أُخْبِرْكَ. نجدُهُ الرجمَ، ولكنَّهُ كثُرَ في أشرافِنا، فكنّا إذا أخذنا الشريفِ تركناه، وإذا أخذنا الضعيفَ أقَمنا عليهِ الحدّ. قلنا: تعالَوا فلنجتَمعْ على شيءٍ نُقيمُهُ على الشريفِ والوضيعِ. فجعلنا التحميمَ والجلْدَ مكانَ الرجم. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "اللهمَّ إني أولُ مَن أحيا أمركَ إذا أماتوه". فأمرَ بهِ فرُجِم. فأنزلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: ﴿ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ﴾ [المائدة: 41] إلى قولِه: ﴿ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ ﴾ [سورةُ المائدة: 41]، يقول: ائتوا محمَّدًا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فإنْ أمركم بالتحميمِ والجَلدِ فخُذوه، وإنْ أفتاكم بالرجمِ فاحذَروا. فأنزلَ اللهُ تعالَى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [سورةُ المائدة: 44]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [سورةُ المائدة: 45]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [سورةُ المائدة: 47]. في الكفارِ كلُّها. صحيح مسلم (1700). محمَّمًا: مسوَّدَ الوجهِ بالحُمَم، وهو الفحم[2]. (38) عقوبة الزنا عن أبي هريرة رضيَ الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قضَى فيمن زنَى ولم يُحصَن، بنفيِ عامٍ، وبإقامةِ الحدِّ عليه. صحيح البخاري (6444). إقامةُ الحدِّ يعني جَلدَ المئة. وقد تمسَّكَ بهذه الروايةِ من زعمَ أن النفيَ تعزير، وأنه ليس جزءًا من الحدّ، وفُسِّرتِ الباءُ في "بإقامةِ الحدّ" بمعنَى "مع" (وأُجيبَ عنه). وفي الحديثِ جوازُ الجمعِ بين الحدِّ والتعزير، خلافًا للحنفية، إن أُخِذَ بظاهرِ قوله "مع إقامة"، وجوازُ الجمعِ بين الجلدِ والنفي في حقِّ الزاني الذي لم يُحصَن، خلافًا لهم أيضًا، إن قلنا إن الجميعَ حدّ[3]. (39) واقعة زنا عن أبي هريرة وزيد بنِ خالد الجهني رضيَ الله عنهما أنهما قالا: إن رجلًا مِن الأعرابِ أتَى رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ فقال: يا رسولَ الله، أَنشدُكَ اللهَ إلا قضيتَ لي بكتابِ الله. فقال الخصمُ الآخر، وهو أفقهُ منه: نعم، فاقضِ بيننا بكتابِ الله، وائذنْ لي. فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: "قل". قال: إن ابني كان عَسِيفًا على هذا، فزنَى بامرأتِه، وإني أُخبِرْتُ أن على ابني الرجمَ، فافتديتُ منه بمائةِ شاةٍ ووليدة، فسألتُ أهلَ العلم، فأخبروني أنما على ابني جَلْدُ مائةٍ وتغريبُ عام، وأن على امرأةِ هذا الرجم. فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: "والذي نفسي بيدِه لأقضِيَنَّ بينكما بكتابِ الله، الوليدةُ والغَنمُ ردٌّ، وعلى ابنِكَ جَلْدُ مائةٍ وتغريبُ عام. اغدُ يا أُنَيسُ إلى امرأةِ هذا، فإن اعترفَتْ فارجُمْها". قال: فغدا عليها، فاعترَفَتْ، فأمرَ بها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فرُجِمَت. صحيح البخاري (2575) واللفظُ له، صحيح مسلم (1697). العَسيف: الأجير. الوليدة: الأمَة. وأُنيس اختُلِفَ فيه، ذكره ابنُ حجر في الإصابة[4]. (40) الربط والحبس عقوبة قضائية عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قال: بعثَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خيلًا قِبلَ نجد، فجاءتْ برجلٍ مِن بني حنيفةَ يُقالُ له ثُمامةُ بنُ أَثَال، فربطوهُ بساريةٍ مِن سواري المسجد. صحيح البخاري (2291) واللفظُ له، صحيح مسلم (1764). فيه من الفوائد: ربطُ الكافرِ في المسجد. والحديثُ يأتي في رواياتٍ وطرقٍ أخرى أطولَ مما هنا، ويُستفادُ منها فوائدُ أخرى، ذكرها الحافظُ ابنُ حجر. وقد أسلمَ ثمامةُ المذكور[5]. المراجع[6] ♦ الإصابة في تمييز الصحابة/ ابن حجر العسقلاني؛ تحقيق علي محمد البجاوي.-بيروت: دار الجيل، 1412هـ[ التراث]. ♦ تحفة الأحوذي/ المباركفوري.- بيروت: دار الكتب العلمية [التراث]. ♦ تهذيب الكمال في أسماء الرجال/ جمال الدين المزي؛ تحقيق بشار عواد معروف.- ط5.- بيروت: مؤسسة الرسالة، 1413 هـ. ♦ حاشية السندي على سنن النسائي/ بعناية عبدالفتاح أبو غدة.- ط2.- حلب: مكتب المطبوعات الإسلامية، 1406 هـ [التراث]. ♦ الديباج على مسلم/ جلال الدين السيوطي [التراث]. ♦ شرح النووي على صحيح مسلم.- ط2.- بيروت: دار إحياء التراث، 1392 هـ [التراث]. ♦ صحيح البخاري/ تحقيق مصطفى ديب البغا.- ط3.- بيروت؛ دمشق: دار ابن كثير: دار اليمامة، 1407 هـ [التراث]. ♦ صحيح مسلم.- بيروت: دار ابن حزم، 1416هـ. ♦ عون المعبود شرح سنن أبي داود/ محمد شمس الحق العظيم آبادي.- ط2.- بيروت: دار الكتب العلمية، 1415 هـ [التراث]. ♦ فتح الباري: شرح صحيح البخاري/ ابن حجر العسقلاني.- بيروت: دار المعرفة، 1379هـ [التراث]. ♦ النهاية في غريب الحديث والأثر/ ابن الأثير؛ تحقيق طاهر أحمد الزاوي، محمود الطناحي.- بيروت: دار الفكر، 1399هـ [التراث]. [1] باختصار من شرح النووي على صحيح مسلم 11 /158. [2] ينظر النهاية في غريب الحديث 1 /444. [3] باختصار من فتح الباري 12 /158. [4] الإصابة في تمييز الصحابة 1 /138. [5] ينظر فتح الباري 8 /88. [6] المراجع التي وضع في آخرها لفظ [التراث] هكذا بين معقوفتين، هي للأقراص المدمجة التي أصدرها مركز التراث للبرمجيات في الأردن.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |