رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         انتقاء الأفكار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الشعوبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الرد على من يصف الصحابة بالنفاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الزاهدون في السعادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          من فوائد صلاة الفجر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          البِلى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ومن يتصبر يصبره الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          العناية بالقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          علاج الشح والبخل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          واعظ الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-07-2020, 02:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,149
الدولة : Egypt
افتراضي رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله

رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله (1)

















بكر البعداني




أحمد الله بمحامده التي هو لها أهل، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد:



فإن مطالعة كتب العلامة الرباني وشيخ الإسلام الثاني ابن قيم الجوزية - رحمه الله - مما يثري المطَّلع بجملة كبيرة من الفوائد العظام، ولا سيما تلك الاستنباطات والتقسيمات المبنية على الاستقراء التام والتتبُّع الجاد؛ فهي تشكل كنزًا معلوماتيًّا، وهي جزء كبير من ذلكم البنك المعلوماتي العجيب، تشد لها الرحال، وتعمل لها المطي، ويعلم ذلك المطالع لذلكم الكم الكبير من تراثه - رحمه الله.







وإن منها - كما ذكرنا - تلك الفوائد التي تضم التقسيمات...، وقد اخترت أن أذكر لكم في هذه السلسلة من المقالات جملة منها، وسوف أخص بالذكر فيها ما كان منها مندرجًا تحت الرقم أربعة؛ إذ هي مما انفرد به ابن القيم عن غيره، حتى عن شيخه - رحم الله الجميع؛ ولذلك سميتها: رباعيات العلامة ابن القيم (رحمه الله)، وسوف أذكرها بشيء من الاختصار، والتصرف بحذف، أو تقديم وتأخير؛ إذ القصد هنا أمران اثنان:



الأول: جمعها من مظانها؛ ليتسنى لمن يريد الوقوف عليها الرجوع إليها - مجتمعة - في مكان واحد.







والثاني: الإشارة إليها؛ إذ المقصود الاستفادة منها وحسب.







وقد وضعت لها عناوين تلخص مضامينها وتوضحها، بعضها من وضع ابن القيم - رحمه الله، وبعضها من عندي.







وإلى هذه الرباعيات فنقول، منها:



غاية الكمال:



قال ابن القيم - رحمه الله -: في قوله - عز وجل -: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ [1] لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].







"قال الشافعي -رضى الله عنه-: لو فكر الناس كلهم في هذه السورة لكفتهم[2]، وبيان ذلك: أن المراتب أربعة، وباستكمالها يحصل للشخص غاية كماله:



إحداها: معرفة الحق.



الثانية: عمله به.



الثالثة: تعليمه من لا يحسنه.



الرابعة: صبره على تعلمه، والعمل به، وتعليمه.



فذكر -تعالى- المراتب الأربعة في هذه السورة"[3].







الأسباب مع مسبباتها[4]:



وقال - رحمه الله -: "والأسباب مع مسبباتها أربعة أنواع:



[الأول]: محبوب يفضي إلى محبوب.



[والثاني]: ومكروه يفضي إلى محبوب.



وهذان النوعان عليهما مدار أقضيته وأقداره سبحانه بالنسبة إلى ما يحبه وما يكرهه.







والثالث: مكروه يفضي إلى مكروه.



والرابع: محبوب يفضي إلى مكروه.



وهذان النوعان ممتنعان في حقه سبحانه؛ إذ الغايات المطلوبة من قضائه وقدره الذي ما خلق ما خلق، ولا قضى ما قضى إلا لأجل حصولها - لا تكون إلا محبوبة للرب، مرضية له"[5].







أسئلة السائلين:



وقال - رحمه الله -: "أسئلة السائلين لا تخرج عن أربعة أنواع لا خامس لها:



الأول: أن يسأل عن الحكم، فيقول: ما حكم كذا وكذا؟



والثاني: أن يسأل عن دليل الحكم.



والثالث: أن يسأل عن وجه دلالته.



والرابع: أن يسأل عن الجواب عن معارضيه"[6].







أنواع الحب:



وقال - رحمه الله -: "وها هنا أربعة أنواع من الحب يجب التفريق بينها، وإنما ضل من ضل بعدم التمييز بينها:



أحدها: محبة الله، ولا تكفي وحدها في النجاة من الله؛ من عذابه، والفوز بثوابه؛ فإن المشركين وعبَّاد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله.







الثاني: محبة ما يحب الله، وهذه هي التي تدخله في الإسلام وتخرجه من الكفر، وأحب الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة، وأشدهم فيها.







الثالث: الحب لله وفيه، وهي من لوازم محبة ما يحب الله، ولا يستقيم محبة ما يحب الله إلا بالحب فيه وله.







الرابع: المحبة مع الله، وهى المحبة الشركية، وكل من أحب شيئًا مع الله، لا لله ولا من أجله ولا فيه، فقد اتخذه ندًّا من دون الله، وهذه محبة المشركين.







وبقي قسم خامس - ليس مما نحن فيه - وهي المحبة الطبيعية، وهي ميل الإنسان إلى ما يلائم طبعه؛ كمحبة العطشان للماء، والجائع للطعام، ومحبة النوم، والزوجة، والولد؛ فتلك لا تذم إلا إن ألهت عن ذكر الله وشغلته عن محبته؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [المنافقون: 9]، وقال تعالى: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [النور: 37]"[7].







أحاديث الكي:



وقال - رحمه الله -: "تضمنت أحاديث الكي[8] أربعة أنواع:



أحدها: فعله.



والثاني: عدم محبته له.



والثالث: الثناء على من تركه.



والرابع: النهي عنه.



ولا تعارض بينها بحمد الله تعالى؛ فإن فعله يدل على جوازه،، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه، وأما الثناء على تاركه، فيدل على أن تركه أولى وأفضل، وأما النهي عنه، فعلى سبيل الاختيار والكراهة، أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه، بل يفعل خوفًا من حدوث الداء.. والله أعلم"[9].







أنواع الفروسية:



وقال - رحمه الله -: "والفروسية أربعة أنواع:



أحدها: ركوب الخيل، والكر والفر بها.



الثاني: الرمي بالقوس.



الثالث: المطاعنة بالرماح.



الرابع: المداورة بالسيوف، فمن استكملها استكمل الفروسية"[10].







القزع[11]:



وقال - رحمه الله -: " القزع أربعة أنواع:



أحدها: أن يحلق من رأسه مواضع من ها هنا وها هنا، مأخوذ من تقزع السحاب، وهو تقطعه.



الثاني: أن يحلق وسطه ويترك جوانبه، كما يفعله شمامسة النصارى.



الثالث: أن يحلق جوانبه ويترك وسطه، كما يفعله كثير من الأوباش والسفل.



الرابع: أن يحلق مقدمه ويترك مؤخره، وهذا كله من القزع، والله أعلم"[12].







الملتزم الطاعة لله:



وقال - رحمه الله -: "الملتزم الطاعة لله لا يخرج التزامه لله عن أربعة أقسام:



أحدها: التزام بيمين مجردة، نحو قوله: "والله لأتصدقن".







الثاني: التزام بنذر مجرد، نحو: "لله علي أن أتصدق".







الثالث: التزام بيمين مؤكدة بنذر، نحو: "والله إن شفى الله مريضي، فعلي صدقة كذا".







الرابع: التزام بنذر مؤكد بيمين، نحو: "إن شفى الله مريضي، فوالله لأتصدقن"، وهذا كقوله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [التوبة: 75]، فهذا نذر مؤكد بيمين، وإن لم يقل فيه: فعليَّ؛ إذ ليس ذلك من شرط النذر، بل إذا قال: إن سلمني الله تصدقت، أو لأتصدقن، فهو وعد وعده الله؛ فعليه أن يفي به، وإلا دخل في قوله: ﴿ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [التوبة: 77]"[13].







شروط الواقفين:



وقال - رحمه الله -: "شروط الواقفين أربعة أقسام:



[الأول]: شروط محرمة في الشرع.



[الثاني]: وشروط مكروهة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.



[الثالث]: وشروط تتضمن ترك ما هو أحب إلى الله ورسوله.



[الرابع]: وشروط تتضمن فعل ما هو أحب إلى الله ورسوله.



فالأقسام الثلاثة الأول لا حرمة لها ولا اعتبار، والقسم الرابع هو الشرط المتبع الواجب الاعتبار، وبالله التوفيق"[14].







ما يبتلى به العبد:



وقال - رحمه الله -: "البلاء الذي يصيب العبد في الله، لا يخرج عن أربعة أقسام، فإنه:



[الأول]: إما أن يكون في نفسه، وقد يكون بتلفها تارة، وبتألمها بدون التلف.



[الثاني]: أو في ماله.



[الثالث]: أو في عِرضه.



[الرابع]: أو في أهله ومن يحب.



فهذا مجموع ما يبتلى به العبد في الله"[15].







النضال:



وقال - رحمه الله -: "النضال[16] على أربعة أقسام:



[الأول]: مفاضلة.



[الثاني]: ومحاطة.



[الثالث]: ومبادرة.



[الرابع]: ومباعدة.



وكلها جائزة، إلا المباعدة؛ فإن فيها خلافًا، وليس على منعها دليل"[17].







الدور:



وقال - رحمه الله -: "الدور أربعة أقسام:



[الأول]: دور حكمي.



[الثاني]: ودور علمي.



[الثالث]: ودور معي.



[الرابع]: ودور سبقي تقدمي"[18].







[1] الإنسان: اسم جنس محلى باللام، فيوجب العموم.



[2] وهو بنحوه في الاستقامة (2/ 259) لشيخه ابن تيمية، وفي تفسير القرآن العظيم (1/ 82) لابن كثير، قال الشافعي - رحمه الله -: "لو تدبر الناس هذه السورة لكفتهم"، وقال ابن تيمية - رحمه الله -: "وهو كما قال"؛ انظر: مجموع الفتاوى (28/ 152).



[3] مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 56).



[4] سيأتي معنا في السلسلة الثانية من رباعيات العلامة ابن القيم - رحمه الله -: أقسام الناس في طلب الأسباب وأنهم أربعة.



[5] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (1/ 420).



[6] إعلام الموقعين عن رب العالمين (4/ 167).



[7] الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص: 134).



[8] انظرها: في المرجع المشار إليه بعد.



[9] زاد المعاد (4/ 58).



[10] الفروسية (ص: 440).



[11] سيأتي معنا في السلسلة الثانية من رباعيات العلامة ابن القيم - رحمه الله -: حلق الرأس، وأنه أربعة أنواع.



[12] تحفة المودود بأحكام المولود (ص:100).



[13] إعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 147)



[14] إعلام الموقعين عن رب العالمين (3/ 121).



[15] إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان (2/ 193).



[16] الرمي.



[17] الفروسية (ص:389).



[18] بدائع الفوائد (1/ 196).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27-07-2020, 02:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,149
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله

رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله (2)
بكر البعداني









أحمد الله بمحامده التي هو لها أهل، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد:

فقد سبق معنا السلسلة الأولى من رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله، وسنذكر في هذا المقال السلسلة الثانية، ومنها:

العبودية والاستعانة:

قال - رحمه الله -: "فالأقسام أربعة:

الأول: محبوب لنفسه وذاته، مستعان بنفسه، فهذا أعلى الأقسام، وليس ذلك إلا لله وحده، وكل ما سواه فإنما ينبغي أن يحب تبعًا لمحبته، ويستعان به لكونه آلة وسببًا.



الثاني: محبوب لغيره ومستعان به - أيضًا - كالمحبوب الذي هو قادر على تحصيل غرض محبه.




الثالث: محبوب مستعان عليه بغيره.




الرابع: مستعان به غير محبوب في نفسه.




فإذا عرف ذلك، تبين مَن أحقُّ هذه الأقسام الأربعة بالعبودية والاستعانة، وأن محبة غيره واستعانته به إن لم تكن وسيلة إلى محبته واستعانته، وإلا كانت مضرة على العبد، ومفسدتها أعظم من مصلحتها، والله المستعان وعليه التكلان"[1].



ذكر حكمه صلى الله عليه وآله وسلم في العدد:

وقال - رحمه الله -: "هذا الباب قد تولى الله - سبحانه - بيانه في كتابه أتم بيان وأوضحه وأجمعه؛ بحيث لا تشذ عنه معتدة، فذكر أربعة أنواع من العدد، وهي جملة أنواعها:

النوع الأول: عدة الحامل بوضع الحمل مطلقًا، بائنة كانت أو رجعية، مفارقة في الحياة أو متوفى عنها، فقال: ﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 4].




النوع الثاني: عدة المطلقة التي تحيض، وهي ثلاثة قروء؛ كما قال الله - تعالى -: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ [البقرة: 228].




النوع الثالث: عدة التي لا حيض لها، وهي نوعان:

صغيرة لا تحيض، وكبيرة قد يئِست من الحيض.




فبين الله - سبحانه - عدة النوعين بقوله: ﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ﴾ [الطلاق: 4]؛ أي: فعدتهن كذلك.




النوع الرابع: المتوفى عنها زوجها، فبين عدتها - سبحانه - بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234]، فهذا يتناول المدخول بها وغيرها، والصغيرة والكبيرة، ولا تدخل فيه الحامل؛ لأنها خرجت بقوله: ﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 4]، فجعل وضع حملهن جميع أجلهن، وحصره فيه، بخلاف قوله - في المتوفى عنهن -: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ ﴾ [البقرة: 228]؛ فإنه فعل مطلق لا عموم له، وأيضًا فإن قوله: ﴿ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 4]، متأخر في النزول عن قوله: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ ﴾ [البقرة: 228]، وأيضًا فإن قوله: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234]، في غير الحامل بالاتفاق؛ فإنها لو تمادى حملها فوق ذلك تربصته، فعمومها مخصوص اتفاقًا، وقوله: ﴿ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 4] غير مخصوص بالاتفاق، هذا لو لم تأتِ السنة الصحيحة بذلك، ووقعت الحوالة على القرآن، فكيف والسنة الصحيحة موافقة لذلك مقررة له؟!




فهذه أصول العدد في كتاب الله مفصلة مبينة، ولكن اختلف في فهم المراد من القرآن ودلالته في مواضع من ذلك، وقد دلت السنة - بحمد الله - على مراد الله منها"[2].




الحلم والعلم:

وقال - رحمه الله -: "قال بعض السلف: ما قرن شيء إلى شيء أحسن من علم إلى حلم، والناس ها هنا أربعة أقسام:

الأول: فخيارهم من أوتي الحلم والعلم.

الثاني: وشرارهم من عدمهما.

والثالث: من أوتي علمًا بلا حلم.

والرابع: عكسه"[3].




العلم والقصد:

وقال - رحمه الله -: "الناس أربعة أقسام:

الأول: ضال في علمه، غاوٍ في قصده وعلمه، وهؤلاء شرار الخلق، وهم مخالفو الرسل.




الثاني: مهتدٍ في علمه، غاوٍ في قصده وعمله، وهؤلاء هم الأمة الغضبية، ومن تشبه بهم، وهو حال كل من عرف الحق ولم يعمل به.




الثالث: ضال في علمه، ولكن قصده الخير وهو لا يشعر.




الرابع: مهتدٍ في علمه، راشد في قصده، وهؤلاء ورثة الأنبياء، وهم وإن كانوا الأقلين عددًا، فهم الأكثرون عند الله قدرًا، وهم صفوة الله من عباده، وحزبه من خلقه"[4].




الأموال التي يأخذها القضاة:

وقال - رحمه الله -: "الأموال التي يأخذها القضاة أربعة أقسام:

الأول: رشوة: والرشوة حرام، وهي ضربان:

رشوة ليميل إلى أحدهما بغير حق، فهذه حرام عن فعل حرام، على الآخذ والمعطي، وهما آثمان.




ورشوة يعطاها؛ ليحكم بالحق، واستيفاء حق المعطي من دين ونحوه، فهي حرام على الحاكم دون المعطي؛ لأنها للاستنقاذ، فهي كجعل الآبق، وأجرة الوكلاء في الخصومة.




الثاني: وهدية، وأما الهدية فضربان:

هدية كانت قبل الولاية، فلا تحرم استدامتها.

وهدية لم تكن إلا بعد الولاية، وهي ضربان:

مكروهة، وهي الهدية إليه ممن لا حكومة له.

وهدية ممن قد اتجهت له حكومة؛ فهي حرام على الحاكم والمهدي.




الثالث: وأجرة، إن كان للحاكم رزق من الإمام من بين المال، حرُم عليه أخذ الأجرة، قولًا واحدًا؛ لأنه إنما أجرى له الرزق؛ لأجل الاشتغال بالحكم، فلا وجه لأخذ الأجرة من جهة الخصوم، وإن كان الحاكم لا رزق له فعلى وجهين[5]:

أحدهما: الإباحة؛ لأنه عمل مباح، فهو كما لو حكماه، ولأنه مع عدم الرزق لا يتعين عليه الحكم، فلا يمنع من أخذ الأجرة، كالوصي وأمين الحاكم يأكلان من مال اليتيم بقدر الحاجة.




الرابع: ورزق، وأما الرزق من بيت المال، فإن كان غنيًّا لا حاجة له إليه، احتمل أن يكره؛ لئلا يضيق على أهل المصالح، ويحتمل أن يباح؛ لأنه بذل نفسه لذلك، فصار كالعامل في الزكاة والخراج"[6].




أقسام الناس في طلب الأسباب[7]:

وقال - رحمه الله -: "والناس في هذا المقام أربعة أقسام:

الأول: فأعجزهم من لم يبذل السبب ولم يكثر الطلب، فذاك أمهن الخلق.




والثاني: مقابله، وهو أحزم الناس، مَن أدلى بالأسباب التي نصبها الله تعالى مفضية إلى المطلوب، وسأل سؤال من لم يدل بسبب أصلاً، بل سؤال مفلس بائس ليس له حيلة ولا وسيلة.




والثالث: من استعمل الأسباب وصرف همته إليها، وقصر نظره عليها، فهذا وإن كان له حظ مما رتبه الله تعالى عليها، لكنه منقوص منقطع، نصب الآفات والمعارضات، لا يحصل له إلا بعد جهد، فإذا حصل فهو وشيك الزوال، سريع الانتقال، غير معقب له توحيدًا ولا معرفة، ولا كان سببًا لفتح الباب بينه وبين معبوده.




الرابع: مقابله، وهو رجل نبذ الأسباب وراء ظهره، وأقبل على الطلب والدعاء والابتهال، فهذا يحمد في موضع، ويذم في موضع، ويشتبه الأمر في موضع.




فيحمد عند كون تلك الأسباب غير مأمور بها؛ إذ فيها مضرة عليه في دينه، فإذا تركها وأقبل على السؤال والابتهال والتضرع لله، كان محمودًا.




ويذم حيث كانت الأسباب مأمورًا بها، فتركها وأقبل على الدعاء، كمن حصره العدو وأُمِر بجهاده، فترك جهاده، وأقبل على الدعاء والتضرع أن يصرفه الله عنه، وكمن جهده العطش وهو قادر على تناول الماء فتركه وأقبل يسأل الله تعالى أن يرويه، وكمن أمكنه التداوي الشرعي فتركه وأقبل يسأل العافية، ونظائر هذا.




ويشتبه الأمر في الأسباب التي لا يتبين له عواقبها، وفيها بعض الاشتباه، ولها لوازم قد يعجز عنها، وقد يتولد عنها ما يعود بنقصان دينه، فهذا موضع اشتباه وخطر، والحاكم في ذلك كله الأمر، فإن خفي فالاستخارة، وأمر الله وراء ذلك"[8].



الأمور التي يقال: هي شرور:

وقال - رحمه الله -: "فالأمور التي يقال هي شرور:

إما أن تكون أمورًا عدمية.

أو أمورًا وجودية.




فإن كانت عدمية، فإنها إما أن تكون:

[الأول]: عدمًا، لأمور ضرورية للشيء في وجوده؛ كالإحساس والحركة والنفس للحيوان.




[الثاني]: أو ضرورية له في دوام وجوده وبقائه؛ كقوة الاغتذاء والنمو للحيوان المغتذي النامي.




[الثالث]: أو ضرورية له في كماله؛ كصحته وسمعه وبصره وقوته.




[الرابع]: وإما أن تكون غير ضرورية له في وجوده ولا بقائه ولا كماله، وإن كان وجودها خيرًا من عدمها؛ كالعلم بدقائق المعلومات التي العلم بها خير من الجهل، وليست ضرورية له"[9].



النوع الإنساني:

وقال - رحمه الله -: "النوع الإنساني أربعة أقسام:

أحدها: لا من ذكر ولا أنثى، وهو خلق أبيهم وأصلهم آدم.




الثاني: خلقه من ذكر بلا أنثى؛ كخلق أمهم حواء من ضلع من أضلاع آدم، من غير أن تحمل بها أنثى، أو يشتمل عليها بطن.




الثالث: خلقه من أنثى بلا ذكر؛ كخلق المسيح عيسى ابن مريم.




الرابع: خلق سائر النوع الإنساني من ذكر وأنثى، وكل هذا ليدل عباده على كمال قدرته، ونفوذ مشيئته، وكمال حكمته"[10].



انقسام الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

وقال - رحمه الله -: "انقسم الناس بعد رسول الله أربعة أقسام:

[الأول]: قسم لم يريدوا الدنيا، ولم ترِدْهم؛ كالصِّدِّيق ومن سلك سبيله.




[الثاني]: وقسم أرادتهم الدنيا، ولم يريدوها؛ كعمر بن الخطاب ومن سلك سبيله.




[الثالث]: وقسم أرادوا الدنيا، وأرادتهم؛ كخلفاء بني أمية، ومن سلك سبيلهم، حاشا عمر بن عبد العزيز؛ فإنها أرادته، ولم يردها.




[الرابع]: وقسم أرادوها، ولم تردهم، كمن أفقر الله منها يده، وأسكنها في قلبه، وامتحنه بجمعها.

ولا يخفى أن خير الأقسام القسم الأول، والثاني إنما فضل؛ لأنه لم يردها، فالتحق بالأول"[11].



إرادة الله - عز وجل - وثوابه:

وقال - رحمه الله -: "الناس في هذا المقام أربعة أقسام:

أحدهم: من لا يريد ربه ولا يريد ثوابه؛ فهؤلاء أعداؤه حقًّا، وهم أهل العذاب الدائم، وعدم إرادتهم لثوابه:

إما لعدم تصديقهم به.

وإما لإيثار العاجل عليه، ولو كان فيه سخطه.




والقسم الثاني: من يريده ويريد ثوابه، وهؤلاء خواص خلقه؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 29]، فهذا خطابه لخير نساء العالمين أزواج نبيه.




وقال الله - تعالى -: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 19]، فأخبر أن السعي المشكور: سعيُ مَن أراد الآخرة، وأصرح منها: قوله لخواصِّ أوليائه - وهم أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم - في يوم أُحد: ﴿ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ﴾ [آل عمران: 152]، فقسمهم إلى هذين القسمين اللذين لا ثالثَ لهما.




وقد غلط من قال: فأين من يريد الله؟! فإن إرادة الآخرة عبارة عن إرادة الله - تعالى - وثوابه؛ فإرادة الثواب لا تنافي إرادة الله.




والقسم الثالث: مَن يريد مِن الله، ولا يريد الله، فهذا ناقص غاية النقص، وهو حال الجاهل بربه، الذي سمع أن ثَمَّ جنة ونارًا، فليس في قلبه غير إرادة نعيم الجنة المخلوق، لا يخطر بباله سواه ألبتة، بل هذا حال أكثر المتكلمين المنكرين رؤية الله تعالى، والتلذذ بالنظر إلى وجهه في الآخرة، وسماع كلامه، وحبه، والمنكرين على من يزعم أنه يحب الله، وهم عبيد الأجرة المحضة، فهؤلاء لا يريدون الله تعالى وتقدس...




والقسم الرابع - وهو محال -: أن يريد الله ولا يريد منه، فهذا هو الذي يزعم هؤلاء: أنه مطلوبهم، وأن من لم يصل إليه ففي سيره علة، وأن العارف ينتهي إلى هذا المقام، وهو أن يكون الله مراده، ولا يريد منه شيئًا، كما يحكى عن أبي يزيد أنه قال: قيل لي: ما تريد؟ فقلت: أريد ألا أريد، وهذا في التحقيق عين المحال الممتنع؛ عقلًا وفطرة، وحسًّا وشرعًا..."[12].



العلم والمال:

وقال - رحمه الله -: "أهل الدنيا أربعة أقسام:

الأول: خيرهم من أوتي علمًا ومالًا؛ فهو محسن إلى الناس وإلى نفسه بعلمه وماله.




الثاني: ويليه في المرتبة من أوتي علمًا، ولم يؤتَ مالًا، وإن كان أجرهما سواء، فذلك إنما كان بالنية، وإلا فالمنفق المتصدق فوقه بدرجة الإنفاق والصدقة، والعالم الذي لا مال له إنما ساواه في الأجر بالنية الجازمة المقترن بها مقدورهما، وهو القول المجرد.




الثالث: من أوتي مالًا، ولم يؤتَ علمًا، فهذا أسوأ الناس منزلة عند الله؛ لأن ماله طريق إلى هلاكه، فلو عدمه لكان خيرًا له؛ فإنه أعطي ما يتزود به إلى الجنة، فجعله زادًا له إلى النار.




الرابع: من لم يؤتَ مالًا ولا علمًا، ومن نيته أنه لو كان له مال، لعمل فيه بمعصية الله، فهذا يلي الغني الجاهل في المرتبة، ويساويه في الوِزر بنيته الجازمة المقترن بها مقدورها، وهو القول الذي لم يقدر على غيره.




فقسم السعداء قسمين، وجعل العلم والعمل بموجبه سبب سعادتهما، وقسم الأشقياء قسمين، وجعل الجهل وما يترتب عليه سبب شقاوتهما؛ فعادت السعادة بجملتها إلى العلم وموجبه، والشقاوة بجملتها إلى الجهل"[13].




حلق الرأس[14]:

وقال - رحمه الله -: "حلق الرأس أربعة أقسام:

الأول: شرعي: كالحلق في الحج والعمرة.




الثاني: وشركي: كحلق الرأس للشيوخ؛ فإنهم يحلقون رؤوس المريدين للشيخ، ويقولون: احلق رأسك للشيخ فلان، وهذا من جنس السجود له؛ فإن حلق الرأس عبودية مذلة، وكثير منهم يعمل المشيخة الوثنية، فترى المريد عاكفًا على السجود له، ويسميه: وضعَ رأسٍ وأدبًا، وعلى التوبة له، والتوبة لا ينبغي أن تكون لأحد إلا لله وحده، وعلى حلق الرأس له، وحلق الرأس عبودية لا تصلح إلا لله وحده، وكانت العرب إذا أمنوا على الأسير جزُّوا نواصيه وأطلقوه، عبودية وإذلالًا له؛ ولهذا كان من تمام النسك وضع النواصي لله عبودية وخضوعًا وذلًّا.




الثالث: وبدعي: وهو كحلق كثير من المطوعة والفقراء، يجعلونه شرطًا في الفقر، وزيًّا يتميزون به عن أهل الشعور من الجند والفقهاء والقضاة وغيرهم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الخوارج أنه قال: ((سيماهم التحليق))[15]، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لصبيغ بن عسل، وقد سأله عن مسائلَ، فأمر بكشف رأسه، وقال: "لو رأيتك محلوقًا، لأخذت الذي فيه عيناك، حتى أن تكون من الخوارج"[16].




ومن حلق البدعة: الحلق عند المصائب بموت القريب ونحوه، فأما المرأة فيحرم عليها ذلك، وقد برئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من: (الحالقة، والصالقة، والشاقة)[17].




فالحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة.

والصالقة: التي ترفع صوتها بالويل والثبور ونحوه.

والشاقة: التي تشق ثيابها.

وأما الرجل فحلقه لذلك بدعةٌ قبيحة، يكرهها الله ورسوله.




الرابع: ورخصة وحاجة: وهو كالحلق لوجع، أو قمل، أو أذى في رأسه من بثور ونحوها، فهذا لا بأس به"[18].





[1] إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان (1 /43).



[2] زاد المعاد (5 /526) باختصار.



[3] إعلام الموقعين عن رب العالمين (4 /218).



[4] التبيان في أقسام القرآن (ص: 150-151).



[5] كذا لم يذكر - رحمه الله - إلا وجهًا واحدًا، ولعله لأمرين:
الأول: أنه يتضح منه الوجه الآخر، وهو المنع.
والثاني: أن هذا هو الراجح عنده، والله أعلم.



[6] بدائع الفوائد (3 /668).



[7] تقدم معنا في السلسلة الأولى من رباعيات العلامة ابن القيم - رحمه الله -: أن الأسباب مع مسبباتها أربعة أنواع.



[8] بدائع الفوائد (3 /698)، وانظر للفائدة: مقال رباعيات ابن القيم (رحمه الله) 3، الوسائل والمقاصد.



[9] شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (ص:181).



[10] طريق الهجرتين وباب السعادتين (ص:203).



[11] عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (ص:210).



[12] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2 /81).



[13] مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1 /179).



[14] تقدم معنا في السلسلة الأولى من رباعيات العلامة ابن القيم - رحمه الله -: القزع، وأنه أربعة أنواع.



[15] أخرجه البخاري رقم: (7123)، وغيره، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه.



[16] تاريخ دمشق (23 /412) لابن عساكر، وقال شيخ الإسلام في الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص:195): " وهو مشهور " وقال - أيضًا -: " رواه الأموي وغيره بإسناد صحيح "، وبمثله قال محمد أنور شاه في إكفار الملحدين في ضروريات الدِّين (ص:99).



[17] أخرجه البخاري رقم: (1234) ومسلم رقم: (104)، وغيرهما، عن أبي موسى - رضي الله عنه.




[18] أحكام أهل الذمة (3 /1291-1294)




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27-07-2020, 02:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,149
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله

رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله (3)
بكر البعداني


أحمد الله بمحامده التي هو لها أهل، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد:

فقد سبق معنا في مقالتين: السلسلة الأولى والثانية، ذكر جملة من رباعيات العلامة ابن القيم (رحمه الله)، وسنذكر في هذا المقال السلسلة الثالثة، ومنها:

المخالطة:

قال - رحمه الله -: "الناس فيها أربعة أقسام، متى خلط أحد الأقسام بالآخر ولم يميز بينهما، دخل عليه الشر:

أحدها: مَن مخالطته كالغذاء، لا يستغنى عنه في اليوم والليلة؛ فإذا أخذ حاجته منه ترك الخلطة، ثم إذا احتاج إليه خالطه، هكذا على الدوام، وهذا الضرب أعز من الكبريت الأحمر، وهم العلماء بالله -تعالى- وأمره، ومكايد عدوه، وأمراض القلوب وأدويتها، الناصحون لله -تعالى- ولكتابه ولرسوله، ولخلقه، فهذا الضرب في مخالطتهم الربح كله.




القسم الثاني: من مخالطته كالدواء، يحتاج إليه عند المرض، فما دمت صحيحًا فلا حاجة لك في خلطته، وهم من لا يستغنى عن مخالطتهم في مصلحة المعاش، وقيام ما أنت محتاج إليه من أنواع المعاملات والمشاركات، والاستشارة والعلاج للأدواء ونحوها، فإذا قضيت حاجتك من مخالطة هذا الضرب بقيت مخالطتهم من:

القسم الثالث: وهم من مخالطته كالداء، على اختلاف مراتبه وأنواعه، وقوته وضعفه.




فمنهم: من مخالطته كالداء العضال والمرض المزمن، وهو من لا تربح عليه في دين ولا دنيا، ومع ذلك فلا بد من أن تخسر عليه الدين والدنيا، أو أحدهما، فهذا إذا تمكنت مخالطته واتصلت فهي مرض الموت المخوف.




ومنهم: من مخالطته كوجع الضرس، يشتد ضربًا عليك، فإذا فارقك سكن الألم.




ومنهم: من مخالطته حمى الروح، وهو الثقيل البغيض العَثِل، الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك، ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك، ولا يعرف نفسه فيضعها في منزلتها، بل إن تكلم فكلامه كالعصي تنزل على قلوب السامعين مع إعجابه بكلامه وفرحه به، فهو يحدث من فيه كلما تحدث، ويظن أنه مسك يطيب به المجلس، وإن سكت فأثقل من نصف الرحا العظيمة، التي لا يطاق حملها ولا جرها على الأرض، ويذكر عن الشافعي - رحمه الله - أنه قال: "ما جلس إلى جانبي ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الجانب الآخر!"[1].




ورأيت يومًا عند شيخنا - قدس الله روحه - رجلًا من هذا الضرب، والشيخ يحمله، وقد ضعفت القوى عن حمله، فالتفت إلي وقال: مجالسة الثقيل حمى الربع، ثم قال: لكن قد أدمنت أرواحنا على الحمى، فصارت لها عادة، أو كما قال.




وبالجملة: فمخالطة كل مخالف حمى للروح فعرضية ولازمة.




ومن نكد الدنيا على العبد: أن يبتلى بواحد من هذا الضرب، وليس له بد من معاشرته ومخالطته؛ فليعاشره بالمعروف، حتى يجعل الله له فرجًا ومخرجًا.




القسم الرابع: من مخالطته الهلاك كله، ومخالطته بمنزلة أكل السم، فإن اتفق لأكله ترياق، وإلا فأحسن الله فيه العزاء، وما أكثر هذا الضرب في الناس - لا كثَّرهم الله - وهم أهل البدع والضلالة، الصادون عن سنة رسول الله، الداعون إلى خلافها، ﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ [الأعراف: 45] فيجعلون البدعة سنة، والسنة بدعة، والمعروف منكرًا، والمنكر معروفًا:

إن جردت التوحيد بينهم قالوا: تنقصت جناب الأولياء والصالحين.

وإن جردت المتابعة لرسول الله قالوا: أهدرت الأئمة المتبوعين.




وإن وصفت الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله من غير غلو ولا تقصير، قالوا: أنت من المشبهين.




وإن أمرت بما أمر الله به ورسوله، من المعروف، ونهيت عما نهى الله عنه ورسوله من المنكر، قالوا: أنت من المفتنين.




وإن اتبعت السنة، وتركت ما خالفها، قالوا: أنت من أهل البدع المضلين.




وإن انقطعت إلى الله تعالى، وخليت بينهم وبين جيفة الدنيا، قالوا: أنت من الملبِّسين.




وإن تركت ما أنت عليه واتبعت أهواءهم، فأنت عند الله تعالى من الخاسرين، وعندهم من المنافقين.




فالحزمُ كل الحزم التماس مرضاة الله تعالى ورسوله بإغضابهم، وألا تشتغل بإعتابهم، ولا باستعتابهم، ولا تبالي بذمهم ولا بغضبهم؛ فإنه عينُ كمالِك، كما قال:



وإذا أَتَتْك مَذَمَّتي مِن ناقصٍ

فهي الشَّهادةُ لي بأنِّيَ كاملُ






وقال آخر:



وقد زادني حبًّا لنفسيَ أنَّني

بغيضٌ إلى كل امرئ غير طائل[2]






الروابط بين جملتين:

وقال - رحمه الله -: "الروابط بين جملتين هي الأدوات التي تجعل بينهما تلازمًا لم يفهم قبل دخولها، وهي أربعة أقسام:

أحدها: ما يوجب تلازمًا مطلقًا بين الجملتين، إما بين ثبوت وثبوت، أو بين نفي ونفي، أو بين نفي وثبوت، وعكسه في المستقبل خاصة، وهو حرف الشرط البسيط كـ: (إن)؛ فإنها تلازم بين هذه الصور كلها، تقول: إن اتقيت الله أفلحت، وإن لم تتق الله لم تفلح، وإن أطعت الله لم تخب، وإن لم تطع الله خسرت؛ ولهذا كانت أم الباب وأعم أدواته تصرفًا.



القسم الثاني: أداة تلازم بين هذه الأقسام الأربعة تكون في الماضي خاصة، وهي: (لما)، تقول: لما قام أكرمته، وكثير من النحاة يجعلها ظرف زمان، وتقول: إذا دخلت على الفعل الماضي فهي اسم، وإن دخلت على المستقبل فهي حرف، ونص سيبويه على خلاف ذلك، وجعلها من أقسام الحروف التي تربط بين الجملتين، ومثال الأقسام الأربعة: لما قام أكرمته، ولما لم يقم لم أكرمه، ولما لم يقم أكرمته، ولما قام لم أكرمه.



القسم الثالث: أداة تلازم بين امتناع الشيء، لامتناع غيره، وهي: (لو)، نحو: لو أسلم الكافر نجا من عذاب الله.



القسم الرابع: أداة تلازم بين امتناع الشيء ووجود غيره، وهي: (لولا)، نحو: لولا أن هدانا الله لضللنا"[3].



مراتب الصبر:

وقال - رحمه الله -: "المراتب أربعة:

إحداها: مرتبة الكمال، وهي مرتبة أولي العزائم، وهي: الصبر لله وبالله، فيكون في صبره مبتغيًا وجه الله، صابرًا به، متبرئًا من حوله وقوته، فهذا أقوى المراتب وأرفعها وأفضلها.




الثانية: ألا يكون فيه لا هذا ولا هذا؛ فهو أخس المراتب، وأردأ الخلق، وهو جدير بكل خذلان، وبكل حرمان.




الثالثة: مرتبة من فيه صبر بالله، وهو مستعين متوكل على حوله وقوته، متبرئ من حوله هو وقوته، ولكن صبره ليس لله؛ إذ ليس صبره فيما هو مراد الله الديني منه، فهذا ينال مطلوبه، ويظفر به، ولكن لا عاقبة له، وربما كانت عاقبته شر العواقب، وفي هذا المقام خفراء الكفار، وأرباب الأحوال الشيطانية؛ فإن صبرهم بالله، لا لله، ولا في الله، ولهم من الكشف والتأثير بحسب قوة أحوالهم، وهم من جنس الملوك الظلمة؛ فإن الحال كالمُلك يعطاه البر والفاجر، والمؤمن والكافر.




الرابع: من فيه صبر لله، لكنه ضعيف النصيب من الصبر به، والتوكل عليه، والثقة به، والاعتماد عليه، فهذا له عاقبة حميدة، ولكنه ضعيف عاجز مخذول في كثير من مطالبه؛ لضعف نصيبه من: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، فنصيبه من الله: أقوى من نصيبه بالله، فهذا حال المؤمن الضعيف، وصابر بالله لا لله: حال الفاجر القوي، وصابر لله وبالله: حال المؤمن القوي، ((والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف))[4]، فصابر لله وبالله عزيز حميد، ومن ليس لله ولا بالله مذموم مخذول، ومن هو بالله لا لله قادر مذموم، ومن هو لله لا بالله عاجز محمود، فبهذا التفصيل يزول الاشتباه في هذا الباب، ويتبين فيه الخطأ من الصواب، والله سبحانه وتعالى أعلم"[5].




الهدى والشقاوة:

وقال - رحمه الله -: في قوله - عز وجل -: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123] "فنفى عن متبع هداه أمرين: الضلال والشقاء.



قال عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما -: "تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه: ألا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123]"[6].



والآية نفت مسمى الضلال والشقاء عن متبع الهدى مطلقًا، فاقتضت الآية: أنه لا يضل في الدنيا ولا يشقى، ولا يضل في الآخرة ولا يشقى فيها، فإن المراتب أربعة:

هدى وشقاوة في الدنيا، وهدى وشقاوة في الآخرة، لكن ذكر ابن عباس - رضي الله عنهما - في كل دار أظهر مرتبتيها، فذكر الضلال في الدنيا؛ إذ هو: أظهر لنا وأقرب من ذكر الضلال في الآخرة، وأيضًا: فضلال الدنيا أضل ضلال في الآخرة، وشقاء الآخرة مستلزم للضلال فيها، فنبه بكل مرتبة على الأخرى، فنبه بنفي ضلال الدنيا على نفي ضلال الآخرة؛ فإن العبد يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه[7]..."[8].



تفسير:

وقال - رحمه الله -: في قوله - عز وجل -: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]: "فالأقسام أربعة:

أحدها: استواء حالتهم وقت أخذ العهد ووقت سقوطهم في العلم والمعرفة.




الثاني: استواء الوقتين في عدم ذلك.




الثالث: حصول المعرفة عند السقوط، وعدمها عند أخذ العهد، وهذه الأقسام الثلاثة باطلة، لا يقول بواحد منها.




الرابع: معرفتهم وفهمهم وقت أخذ العهد، دون وقت السقوط، وهذا يقوله كل من يقول: إنه أخرجهم من صلب أبيهم آدم، وكلمهم وخاطبهم، وأشهد عليهم ملائكته، وأشهدهم على أنفسهم، ثم ردهم في صلبه، وهذا قول جماهير من السلف والخلف، واعتمدوا على ما ذكرنا من هذه الآثار، مرفوعها وموقوفها"[9].



الوسائل والمقاصد:

وقال - رحمه الله -: "... فالأقسام أربعة لا خامس لها:

أحدها: معطل الأسباب، معرض عنها.




الثاني: مكب عليها، واقف مع جمعها وتحصيلها.




الثالث: متوصل بها إلى ما يضره ولا ينفعه، في معاشه ومعاده، فهؤلاء الثلاثة في الخسران.




الرابع: متوصل بها إلى ما ينفعه في معاشه ومعاده، وهو الرابح؛ قال -تعالى-: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 15، 16]"[10].




مر السهم على اليد:

وقال - رحمه الله -: "وهو على أربعة أنواع:

[الأول]: منهم: من يجريه على عقدة إبهامه.




[الثاني]: ومنهم: من يجريه على سبابته، ويميل إبهامه عن السهم.




[الثالث]: ومنهم: من يرفع إبهامه، ويجعل سبابته تحتها، فيصير كأنه عاقد ثلاثة عشر[11]، فيجري السهم على ظفر إبهامه.




[الرابع]: ومنهم: من يجريها على طرفي أصبعيه السبابة والإبهام، فيكون كأنه عاقد ثلاثين[12].




فمن أجراها على عقدة إبهامه فهو عيب عند الحذاق؛ لأنه لا يخلو أن يضربه فيه الريش، فيجرحه، وربما ضربه السهم فعقر أصبعه.




وأما من يجريها على سبابته، وهو أحسن قليلًا من الأول، وكلاهما مذهب أهل الاستواء في قبضته، وليسا بجيدين.




وأما من يجريها على أصل ظفري أصبعيه الإبهام والسبابة، كعاقد ثلاثين، فهو مذهب التوسط، وهو أحمد المذاهب.




وأما من وقف إبهامه، فيجريها على طرف ظفره، كعاقد ثلاث عشرة فهو مذهب أهل التحريف، وهو رديء جدًّا؛ لأن صاحبه يحرف قبضته تحريفًا شديدًا، ويوقف إبهامه، فإن هو أمال قوسه قليلًا سقط السهم من على ظفره، وهو رديء في الحرب، لا يكاد يستقيم له رمي؛ لسرعة سقوط سهمه"[13].



الذرائع:

وقال - رحمه الله -: "القسم من الذرائع نوعان:

أحدهما: أن تكون مصلحة الفعل أرجح من مفسدته.




والثاني: أن تكون مفسدته راجحة على مصلحته، فها هنا أربعة أقسام:

الأول: وسيلة موضوعة للإفضاء إلى المفسدة.




الثاني: وسيلة موضوعة للمباح؛ قصد بها التوسل إلى المفسدة.




الثالث: وسيلة موضوعة للمباح، لم يقصد بها التوسل إلى المفسدة، لكنها مفضية إليها غالبًا، ومفسدتها أرجح من مصلحتها.




الرابع: وسيلة موضوعة للمباح، وقد تفضي إلى المفسدة، ومصلحتها أرجح من مفسدتها.




فمثال القسم الأول والثاني: قد تقدم.




ومثال الثالث: الصلاة في أوقات النهي، ومسبة آلهة المشركين بين ظهرانَيْهم، وتزين المتوفى عنها في زمن عدتها، وأمثال ذلك.




ومثال الرابع: النظر إلى المخطوبة، والمستامة، والمشهود عليها، ومن يطؤها، ويعاملها، وفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، وكلمة الحق عند ذي سلطان جائر، ونحو ذلك"[14].




إدراك الحق وتنفيذه:

وقال - رحمه الله -: "في قوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ﴾ [ص: 45]، فالأيدي: القوة في تنفيذ الحق، والأبصار: البصائر في الدين، فوصفهم بكمال إدراك الحق، وكمال تنفيذه، وانقسم الناس في هذا المقام أربعة أقسام:

[الأول]: فهؤلاء أشرف الأقسام من الخلق، وأكرمهم على الله تعالى.




القسم الثاني: عكس هؤلاء، من لا بصيرة له في الدين، ولا قوة على تنفيذ الحق، وهم أكثر هذا الخلق، الذين رؤيتهم قذى للعيون، وحمى الأرواح، وسقم القلوب، يضيقون الديار، ويغلون الأسعار، ولا يستفاد من صحبتهم إلا العار والشنار.




القسم الثالث: من له بصيرة في الهدى، ومعرفة به، لكنه ضعيف لا قوة له على تنفيذه، ولا الدعوة إليه، وهذا حال المؤمن الضعيف، ((والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله منه))[15].




القسم الرابع: من له قوة وهمة وعزيمة، لكنه ضعيف البصيرة في الدين، لا يكاد يميز بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، بل يحسب كل سوداء تمرة، وكل بيضاء شحمة، يحسب الورم شحمًا، والدواء النافع سمًّا، وليس في هؤلاء من يصلح للإمامة في الدين، ولا هو موضعًا لها سوى القسم الأول.




قال الله -تعالى-: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]، فأخبر سبحانه أن بالصبر واليقين نالوا الإمامة في الدين، وهؤلاء هم الذين استثناهم الله - سبحانه - من جملة الخاسرين، وأقسم بالعصر - الذي هو زمن سعي الخاسرين والرابحين - على أن من عداهم فهو من الخاسرين، فقال -تعالى-: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3]، فلم يكتفِ منهم بمعرفة الحق والصبر عليه، حتى يوصي بعضهم بعضًا، ويرشده إليه، ويحثه عليه؛ وإذا كان مَن عدا هؤلاء خاسرًا، فمعلوم أن المعاصي والذنوب تعمي بصيرة القلب، فلا يدرك الحق كما ينبغي، وتضعف قوته وعزيمته، فلا يصبر عليه، بل قد تتوارد على القلب حتى ينعكس إدراكه كما ينعكس سيره، فيدرك الباطل حقًّا، والحق باطلًا، والمعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، فينتكس في سيره، ويرجع عن سفره، إلى مستقر النفوس المبطلة التي رضيت بالحياة الدنيا، واطمأنت بها، وغفلت عن الله وآياته، وتركت الاستعداد للقائه.




ولو لم يكن في عقوبة الذنوب إلا هذه وحدها، لكانت كافية داعية إلى تركها، والبعد منها، والله المستعان"[16].




حال الزوجين مع الأبناء:

وقال - رحمه الله - في قوله -تعالى-: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 49، 50] "فقسم سبحانه حال الزوجين إلى أربعة أقسام، اشتمل عليها الوجود..."[17].





[1] لم أجده مع كثرة ما بحثت عنه.



[2] بدائع الفوائد (2/ 498).



[3] بدائع الفوائد (1/ 47).



[4] أخرجه مسلم رقم: (2664) عن أبي هريرة - رضي الله عنه.



[5] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2/ 169-170).



[6] أخرجه الحاكم (2/ 381) بنحوه، وابن أبي شيبة في المصنف (7/ 136)، ولفظه: "ضمن الله لمن اتبع القرآن: ألا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة"، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي: "صحيح"، والأثر له طرق عن ابن عباس - رضي الله عنهما - موقوفًا، وقد روي مرفوعًا ولا يصح؛ انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة (10/ 34) رقم: (4532)، وانظر: الدر المنثور (4/ 311)، وللفائدة انظر: مجموع الفتاوى (19/ 77)، ودرء تعارض العقل والنقل (1/ 89) لابن تيمية، والصواعق المرسلة (3/ 845) لابن القيم.



[7] أخرج أحمد (3/ 314)، والحاكم (4/ 348) واللفظ له، عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من مات على شيء، بعثه الله عليه))، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في التلخيص: "على شرط مسلم"، وقال الألباني: "وهو كما قالا"؛ السلسلة الصحيحة (1/ 510) رقم: (283)، وصححه شعيب الأرناؤوط، مع تضعيفه لإسناد أحمد؛ لأن فيه راويًا مبهمًا.



[8] مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 35).



[9] أحكام أهل الذمة (2/ 1001).



[10] عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (ص:135)، وانظر للفائدة: مقال رباعيات ابن القيم (رحمه الله) 3، أقسام الناس في طلب الأسباب.



[11] وهذه إشارة إلى طريقة معروفة تواطأت عليها العرب في عقود الحساب، وهي أنواع من: الآحاد، والعشرات، والمئين، والألوف، وانظر للفائدة: سبل السلام شرح بلوغ المرام (1/ 189) لمحمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني - رحمه الله.



[12] وهذه إشارة إلى طريقة معروفة تواطأت عليها العرب في عقود الحساب، وهي أنواع من: الآحاد، والعشرات، والمئين، والألوف، وانظر للفائدة: سبل السلام شرح بلوغ المرام (1/ 189) لمحمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني - رحمه الله.



[13] الفروسية (ص: 486).



[14] إعلام الموقعين عن رب العالمين (3/ 165).



[15] تقدم.



[16] الجواب الكافي (ص: 63).



[17] تحفة المودود بأحكام المولود (ص:20).







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27-07-2020, 02:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,149
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله

رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله (4)
بكر البعداني



أحمد اللهَ بمحامده التي هو لها أهل، والصلاة والسلام على خاتم رسلِه وأنبيائه محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

وبعد:
فقد سبق معنا السلسلة الأولى، والثانية، والثالثة، من رباعيَّات العلاَّمة ابن القيِّم (رحمه الله)، وسنذكر في هذا المقال السلسلة الرابعة، ومنها:
أقسام الصبر باعتبار محله[1]:
قال رحمه الله: "البابُ الخامس في انقسامه - يعني: الصبر - باعتبار محلِّه:
الصبر ضربان:
ضرب بدني.
وضرب نفساني.

وكل منهما نوعان:
اختياري.
واضطراري.

فهذه أربعة أقسام:
الأول: البدني الاختياري؛ كتعاطي الأعمال الشاقَّة على البدن اختيارًا وإرادة.
الثاني: البدني الاضطراري؛ كالصبر على ألم الضربِ والمرض والجراحاتِ والبرد والحَرِّ وغير ذلك.
الثالث: النفساني الاختياري؛ كصبر النَّفس عن فعل ما لا يحسن فعله شرعًا ولا عقلاً.
الرابع: النفساني الاضطراري؛ كصبر النفس عن محبوبها قهرًا إذا حِيل بينها وبينه.

فإذا عرفتَ هذه الأقسام، فهي مختصَّة بنوع الإنسان دون البهائم، ومشاركة للبهائم في نوعين منها:
وهما صبر البدن والنَّفس الاضطراريَّين، وقد يكون بعضها أقوى صبرًا من الإنسان، وإنَّما يتميَّز الإنسانُ عنها بالنوعين الاختياريين، وكثير من النَّاس تكون قوَّة صبرِه في النوع الذي يشارِك فيه البهائم لا في النوع الذي يخصُّ الإنسان، فيعدُّ صابرًا وليس من الصابرين"[2].

أهل الصبر والمرحمة:
قال رحمه الله: "الحادي والعشرون: أنَّه سبحانه خصَّ أهل الميمنة بأنهم:
[الأول]: أهل الصبر والمرحمة الذين قامَت بهم هاتان الخصلتان ووصوا بهما غيرَهم، فقال تعالى: ﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ﴾ [البلد: 17، 18]، وهذا حصرٌ لأصحاب المَيمنة فيمن قام به هذان الوصفان، والنَّاس بالنسبة إليهما أربعةُ أقسام، هؤلاء خيرُ الأقسام.
[الثاني]: وشرُّهم من لا صبر له ولا رحمة فيه، ويليه:
[الثالث]: من له صبرٌ ولا رحمة عنده، ويليه:
القسم الرابع: وهو من له رحمة ورِقَّة ولكن لا صبر له"[3].

أقسام الناس في الإخلاص للمعبود، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
وقال رحمه الله: "لا يكون العبد متحققا ب﴿ ـإِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ [الفاتحة: 5]، إلاَّ بأصلين عظيمين:
أحدهما: متابعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
والثاني: الإخلاص للمعبود؛ فهذا تحقيق﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾.

والناس منقسمون بحسب هذين الأصلين - أيضًا - إلى أربعة أقسام:
أحدها: أهل الإخلاص للمعبود والمتابعة، وهم أهل: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ حقيقة؛ فأعمالهم كلُّها لله، وأقوالُهم لله، وعطاؤهم لله، ومَنْعهم لله، وحبُّهم لله، وبُغضهم لله، فمعاملتهم ظاهرًا وباطنًا لوجه الله وحده، لا يريدون بذلك من الناس جزاءً ولا شكورًا، ولا ابتغاء الجاه عندهم، ولا طلبَ المحمدةِ والمنزلة في قلوبهم، ولا هربًا من ذمِّهم...، وكذلك أعمالهم كلُّها وعبادتهم موافِقة لأمر الله، ولما يحبُّه ويرضاه، وهذا هو العمل الذي لا يقبل الله من عامل سواه...

الضرب الثاني: مَن لا إخلاص له ولا متابعة؛ فليس عمله موافقًا لشرع، وليس هو خالصًا للمعبود؛ كأعمال المتزيِّنين للناس، المرائين لهم بما لم يشرعه اللهُ ورسوله، وهؤلاء شِرار الخلق وأَمْقتهم إلى الله عزَّ وجل...

الضرب الثالث: من هو مخلِص في أعماله لكنَّها على غير متابعة الأمر؛ كجهَّال العبَّاد، والمنتسبين إلى طريق الزُّهد والفقر، وكل من عبَدَ اللهَ بغير أمره واعتقد عبادته هذه قُربة إلى الله...

الضرب الرابع: مَن أعمالُه على متابعة الأمر لكنَّها لغير الله؛ كطاعة المرائين، وكالرَّجل يقاتل رياءً وحميَّة وشجاعة، ويحجُّ ليقال، ويقرأ القرآن ليقال، فهؤلاء أَعمالهم ظاهرها أعمال صالحة مأمور بها؛ لكنَّها غير صالحة فلا تُقبل..."[4].

أقسام الصوفية:
وقال رحمه الله: "الصوفية أربعة أقسام:
[الأول]: أصحاب السوابق.
[الثاني]: وأصحاب العواقب.
[الثالث]: وأصحاب الوقت.
[الرابع]: وأصحاب الحقِّ"[5].

الحقوق المالية الواجبة لله تعالى:
وقال رحمه الله: "الحقوق المالية الواجبة لله تعالى أربعة قسام:
أحدها: حقوق المال؛ كالزَّكاة، فهذا يثبت في الذِّمَّة بعد التمكُّن من أدائه، فلو عجز عنه بعد ذلك لم يسقط، ولا يثبت في الذِّمَّة إذا عجز عنه وقت الوجوب، وألحق بهذا زكاة الفِطر.

القسم الثاني: ما يجب بسبب الكفَّارة؛ ككفارة الأَيْمان والظهار والوَطء في رمضان وكفَّارة القتل، فإذا عجز عنها وقت انعقادِ أسبابها، ففي ثبوتها في ذمَّته إلى الميسرة أو سقوطها قولان مشهوران في مذهب الشافعي وأحمد.

القسم الثالث: ما فيه معنى ضمان المتلف؛ كجزاء الصَّيد، وأُلحق به فِدية الحَلق والطِّيب واللِّباس في الإحرام، فإذا عجز عنه وقت وجوبِه ثبت في ذمَّته؛ تغليبًا لمعنى الغرامة وجزاء المتلَف، وهذا في الصيد ظاهر، وأمَّا في الطِّيب وبابِه، فليس كذلك؛ لأنَّه ترفُّه لا إتلاف؛ إذ الشَّعر والظُّفر ليسا بمتلفين، ولم تجب الفِدية في إزالتها في مقابلة الإتلاف؛ لأنَّها لو وجبَت لكونها إتلافًا، لتقيَّدَت بالقيمة، ولا قيمة لها؛ وإنَّما هي من باب الترفُّه المحض كتغطية الرَّأس واللباس، فأي إتلاف ها هنا؟ وعلى هذا فالراجح من الأقوال أنَّ الفدية لا تجب مع النِّسيان والجهل.

القسم الرابع: دم النُّسك؛ كالمتعة والقِرَان، فهذه إذا عجز عنها وجب عليه بدلُها من الصِّيام، فإن عجز عنها ترتَّب في ذِمَّته أحدهما، فمتى قدر عليه لَزِمه، وهل الاعتبار بحال الوجوب أو بأغلظ الأحوال؟ فيه خلاف"[6].

الإيمان والقرآن:
وقال رحمه الله: "فجعل النَّاس أربعة أقسام:
[الأول]: أهل الإيمان والقرآن، وهم خِيار الناس.
الثاني: أهل الإيمان الذين لا يقرؤون القرآن، وهم دونهم؛ فهؤلاء هم السُّعداء.

والأشقياء قسمان:
أحدهما: من أُوتي قرآنًا بلا إيمانٍ؛ فهو منافق.
والثاني: من لا أوتي قرآنًا ولا إيمانًا"[7].

فوائد عيادة المرضى:
وقال رحمه الله: "فيها أربعة أنواع من الفوائد:
[الأول:] نوع يرجع إلى المريض.
[الثاني:] ونوع يعود على العائد.
[الثالث:] ونوع يعود على أهل المرِيض.
[الرابع:] ونوع يعود على العامَّة"[8].

أنواع المُفتين:
وقال رحمه الله: "المفتون الذين نصبوا أنفسَهم للفتوى أربعة أقسام:
النوع الأول: العالِم بكتاب الله وسُنَّة رسوله وأقوالِ الصحابة، فهو المجتهد في أحكام النوازِل، يقصد فيها موافقةَ الأدلَّة الشرعية حيث كانت، ولا ينافي اجتهاده تقليده لغيره أحيانًا...

النوع الثاني:مجتهد مقيَّد في مذهب من ائتمَّ به، فهو مجتهدٌ في معرفة فتاويه وأقواله ومأخذِه وأصولِه، عارف بها، متمكِّن من التخريج عليها، وقياسِ ما لم ينص من ائتمَّ به عليه على منصوصه من غير أن يكون مقلِّدًا لإمامه لا في الحكم ولا في الدَّليل، لكن سلَك طريقَه في الاجتهاد والفتيا، ودعا إلى مذهبه ورتَّبه وقرَّره، فهو موافِق له في مقصده وطريقه معًا...

النوع الثالث:من هو مجتهدٌ في مذهبِ من انتسب إليه، مقرِّر له بالدليل، متقِن لفتاويه عالم بها، لا يتعدَّى أقوالَه وفتاويه ولا يخالفها، وإذا وجد نصَّ إمامه لم يعدِل عنه إلى غيره ألبتة...

النوع الرابع:طائفة تفقَّهَت في مذاهب من انتسبَت إليه، وحفظَت فتاويه وفروعه، وأقرَّت على أنفسها بالتقليد المحض من جميع الوجوه، فإن ذكروا الكتابَ والسنَّة يومًا في مسألة، فعلى وجه التبرُّك والفضِيلة، لا على وجه الاحتجاجِ والعمل، وإذا رأوا حديثًا صحيحًا مخالفًا لقول مَن انتسبوا إليه أَخَذوا بقوله وتركوا الحديثَ...
ففتاوى القسم الأول: من جنس توقيعات الملوكِ وعلمائهم.
وفتاوى النوع الثاني: من جنس توقيعات نوَّابهم وخلفائهم.
وفتاوى النَّوع الثالث والرابع: من جنس توقيعات خلفاء نوَّابهم.

ومَن عداهم فمتشبِّع بما لم يُعط، متشبِّه بالعلماء، محاكٍ للفضلاء، وفي كل طائفة من الطوائف متحقق فقيه، ومحاكٍ له، متشبِّه به، والله المستعان"[9].

أقسام الذنوب:
وقال رحمه الله: "الذُّنوب تنقسم إلى أربعة أقسام:
[الأول]: ملَكيَّة.
[الثاني]: وشيطانيَّة.
[الثالث]: وسبعيَّة.
[الرابع]: وبهيميَّة..."[10].



[1] وتقدم معنا في "رباعيات العلامة ابن القيم (رحمه الله) 3" مراتب الصبر.

[2] عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (ص:13).

[3] عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (ص:60).

[4] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (1/ 83).

[5] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (3/ 130).

[6] بدائع الفوائد (4/ 836).

[7] مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 55).

[8] زاد المعاد (4/ 106).

[9] إعلام الموقعين عن رب العالمين (4/ 232).

[10] الجواب الكافي (86).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 164.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 161.85 كيلو بايت... تم توفير 3.05 كيلو بايت...بمعدل (1.85%)]