تناول ابن تيمية لقضية التجسيم من الناحية اللغوية والكلامية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 188 - عددالزوار : 111925 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 106 - عددالزوار : 67588 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 54 - عددالزوار : 6195 )           »          الشباب والإصابات الروحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          من مائدة السيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 2073 )           »          همسة حاضر في ذكرى غائب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          { ومأواهم النار } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تفسير سورة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          تسبيح الجمادات والمخلوقات غير العاقلة: حقيقة أم مجاز؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 6 )           »          العقل وواجب المحافظة عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-07-2020, 02:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,173
الدولة : Egypt
افتراضي تناول ابن تيمية لقضية التجسيم من الناحية اللغوية والكلامية

تناول ابن تيمية لقضية التجسيم من الناحية اللغوية والكلامية
أ. د. مصطفى حلمي






لابن تيمية بحث في الجسم يتناول الناحيتين اللغوية والكلامية، فمن حيث اللغة فإن الجسم عند أهلها هو الجسد[1]، واللفظ يتضمن الغلظ والكثافة. ولكنهم لا يسمون الأشياء اللطيفة كالهواء وروح الإنسان القائمة بنفسها جسمًا ولا جسدًا[2].


أما المتكلمون فقد استعملوا لفظ الجسد في أعم من المعنى اللغوي الآنف الذكر فاستعملوه فيما يقوم بنفسه. ويقصد بعضهم بالجسم ما هو مركب من الجواهر المفردة، أو من المادة والصورة، والبعض يتنازع في خلق الأجسام منهما "بل أكثر العقلاء من بني آدم عندهم أن السموات ليست مركبة لا من الجواهر المفردة، ولا من المادة والصورة، فكيف يكون رب العالمين مركبًا من هذا وهذا"[3].


ونلاحظ أنه لا يوافق على ما ذهب إليه الكرامية في هذه النقطة، سواء كان مرادهم بالجسم أنه سبحانه جسم، أم المراد من قولهم أنه قائم بنفسه يشار إليه "والتحقيق أن كلا الطائفتين مخطئة على اللغة أولئك الذين يسمون كل ما هو قائم بنفسه جسمًا، وهؤلاء الذين سموا كل ما يشار إليه وترفع الأيدي إليه جسمًا"[4].


وهذا دليل جديد نشوقه لقطع الصلة بين التشابه في الرأي بين الكرامية - باعتبارهم من المجسمة - وابن تيمية، فضلًا عن نقده لهم في موضوعات سابقة.


ويكاد يتفق موقف ابن تيمية من حيث اعتباره - افتراءً - مجسمًا مع موقف سلفه الإمام أحمد.. يحدثنا اشليخ السلفي عما بدر من مخالفيه أثناء مناقشته في "العقيدة الواسطية" فيقول: (وقال أحد كبار المخالفين: فحينئذ يجوز أن يقال: هو جسم لا كالأجسام.. فقلت له - وبعض الفضلاء الحاضرين - إنما قيل أنه لو وصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- وليس في الكتاب والسنة أن الله جسم حتى يلزم هذا السؤال"[5].


وبنظرة مقارنة لما حدث في امتحان الإمام أحمد، نعثر على ألفاظ مشابهة، إذ لما ناظروه وذكروا أمامه الجسم أجابهم بقوله تعالى: (الله أحد، الله الصمد) "وإنما لفظ الجسم فلفظ مبتدع محدث ليس على أحد أن يتكلم به ألبتة"[6]. وهذا لا يمنع من اتخاذ موقف التشدد إزاء المجسمة أمثال هشام وأتباعه الذين وصفوا الله بما تنزه عنه من المماثلة للمخلوقات والاتصاف بالنقائص[7].


وربما يتطلب منا إثبات الاتجاه السلفي لابن تيمية أن نأتي بنص عن الدارمي (282 هـ) أيضًا، فقد نفى عن نفسه قصد معنى الجوار (والتركيب، ونزه الله عن ذلك واعتبره من قبيل الادعاء الكاذب[8] وصرح في وجه معارضه بأنه يعلن تمسكه بما قاله ابن عباس "ليس لله مثل ولا شبه،. ولا كمثله شيء. ولا كصفاته صفة"[9].


ويبقى أخيرًا من موضوع التجسيم، شرح ابن تيمية لمعنى التركيب لإزالة الشبهة القائمة على أن كل ما تقوم به الصفات. فهو مركب من أجزاء[10].، فقد يقصد به تركيب الجسم من أجزاء متفرقة فاجتمعت مثل الأطعمة والأشربة والملابس والمساكن وغيرها فصارت مركبة بعد أن كانت متفرقة والتركيب هنا يراد به التأليف بين الأجزاء. والمعنى الأخص للتركيب هو ما يطلق على المركب الذي لا يمتزج فيه أحد الطرفين في الآخر كتركيب الباب في مواضعه مثلًا "ومعلوم أن عاقلًا لا يقول إن الله تعالى مركب بهذا المعنى الأول ولا بالثاني"[11].


إن تنزيه الله عن التجسيم قائم على نفي التركيب - أيا كان معناه - "لأن المركب مفتقر إلى ما تركب منه وما تركب منه غيره، وواجب الوجود لا يفتقر إلى غيره، فواجب الوجود لا تركيب فيه"[12].


وعلى هذا، فهو يقرر في جزم وقطع أن الرب موصوف بالصفات "وليس جسمًا مركبًا لا من الجواهر المفردة، ولا من المادة والصورة"[13].


من هذا يتبين لنا أن الإلزام بالتشبيه والتجسيم مرفوض عنده لأن كنه الباري غير معلوم للبشر وكذلك صفاته وأفعاله. ويربط ابن تيمية هنا بين إثبات الذات والصفات من حيث الجملة على الوجه الذي ينبغى لله تعالى، وبين المخلوقات في الجنة. وربما أدى هذا إلى الظن بأنه يذهب إلى أن الرؤية في الجنة هي رؤية حسية.


ولكننا إذا عدنا إلى مراجعة أدلته على إثبات التنزيه، مع الأخذ في الحسبان أن ما ورد بالقرآن من صفات الجنة لا يتصل إطلاقًا بما هو معروف في الدنيا، أمكننا أن نستبعد هذه الرؤية الحسية، لأنه ينفي الكيفية عن صفات الله وأفعاله فيثبتها بلا كيف لأنها من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله وحده.


وفي الحديث عن الجنة، يستشهد بقول ابن عباس "ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء"[14].


[1] الجواب الصحيح ج 3 ص 145.

[2] نفس المصدر الصفحة وتفسير سورة الإخلاص وما بعدها.

[3] شرح حديث النزول ص 73.

[4] شرح حديث النزول ص 82.

[5] غاية الأماني في الرد على النبهاني ج 1 ص 282.

[6] تفسير سورة الإخلاص ص 68 وينظر أيضًا شرح حديث النزول ص 83.

[7] نفس المصدر ص 59/ 60.

[8] الدارمي. الرد على الجهمية ص 545 (عقائد السلف).

[9] نفس المصدر ص 564.

[10] شرح حديث النزول ص 39.

[11] الرد على المنطقيين ص 223.

[12] شرح العقيدة الأصفهانية ص 21.

[13] شرح حديث النزول ص 39.

[14] الرسائل الكبرى ج 1 ص 474 وج 2 ص 11 وينظر أيضًا تفسير القرطبي (العدد 76 مطابع الشعب).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.15 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]