|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هل للحب عيد؟ رؤوف بن الجودي أمضيتُ سنوات عديدة وأنا أتنزَّه بين دواوين الشعر، وكتب الأدب؛ أصقل - من خلال ما أقرأ - قريحتي الأدبية والشعرية معًا، وأطَّلع على تاريخ الأدب في عصوره الذهبية وغير الذهبية، من شعراء جاهليِّين وأمويين وعباسيِّين، مرورًا بشعراء الموشَّح، وصولاً إلى الشُّعراء المُحدَثين، واقفًا على ما ألَّفوه من العصر الجاهلي إلى يوم الناس هذا. فرأيتُ أن للغزلِ في هذا التاريخ الأدبي الزاخر نصيبًا مفروضًا، كحظِّ الأسد أو أكثر؛ ولعلَّ أساطير العُشاقِ لولا الشعرُ لاندَثرَت، ودخلَت في طيِّ النسيان، ولم يبقَ لذِكرِها صيتٌ. فكيف لنا أن ننسى مجنون ليلى "قيسًا" ومجنون عبلة "عنترة بن شداد"، وجميلاً ومُسلمًا "صريع الغواني" وغيرهم ممن اشتهروا بالعِشق وأدوائه، فعلى رغم ما كانوا فيه من وجْدٍ وهُيام مُتراحِب، وشوق وصبابة حالقة، لم نَسمع فيما نُقل إلينا من شِعرهم أنهم أثبَتوا أن للحبِّ عيدًا، حتى أتت هذه السنَواتُ الخدَّاعات، فسَمِعنا الترهات، ورأينا الخُزعبِلات، وتفرَّحنا على الشطحات، وصفَّقنا على ضياع الهُوية إثر ضَياع الثقافة، ونالَنا من الانتِكاس والمذلة ما الله به عليم؛ فخرَجَ مِن بينِنا من يَحتفِل بأعياد ليست أعيادنا، وليسَت كأعيادنا في شيء؛ لا في التوقيت لها، ولا في طريقة الاحتِفال بها، فلا تتَّفق مع دينِنا، فضلاً أن تتَّفق مع عاداتنا ولا تقاليدنا وتاريخِنا. "سان فالنتان" أو ما ترجَموه زورًا بـ" عيد الحبِّ"، وهي ترجمة مقصودة، ففي التسمية الأولى نكهة النصرانيَّة في طابعها العصبي القبَلي المُطبق؛ وفي التسمية الثانية طابع العالميَّة، فاختَر ما تشاء من الأسماء فالمُسمَّى واحد. ولستُ هنا بصدد الردِّ على الغرب إذ أحدَثوا ما أحدثوا من أعياد لا ناقةَ لنا فيها ولا جمل، بل نحن بصدد الردِّ على بني جلدتنا الذين يتكلَّمون بألسنتِنا، الذين باعوا دينهم وثقافتَهم ولُغتهم بعرَضٍ مِن الدنيا قليل. ولا يعني هنا أن أسرد قصة بداية الاحتِفال بهذا العيد، بقدرِ ما يهمُّني متى وكيف تفشَّى هذا الداء بينَنا، وبثَّ سمومَه في جسدِ الأمة، ولم يُسمع صوتًا حتى بدأت الطامَّة بالاحتفال بعيد رأس السنَة النصرانيَّة، ومضَت الأمة الإسلامية في ضَلالها حتى أصبح العيدُ عيدَنا، والصليب صليبَنا، ولن أسردَ عليكَ ما يَحدُث في ليلة الاحتفال؛ لكي لا أنجِّس هذا المكان الطاهِر من المقال. قلتُ: يا بني جلدتنا، هل يُعقَل - ولو جدلاً - أن ترى نَصرانيًّا يعلم من دينه وعقيدته في النصرانية ما يعلم المسلمُ في دينه وعقيدته الإسلامية - يُقبِل على الاحتفال بعيد من أعياد المسلم، ويتقرَّب بالنحر والزكاة والشعائر الدينية الإسلامية؟! هل هذا معقول يا أولي الألباب؟! هذا من جهة التقليد، ومِن جهة رأي الشريعة الصحيح، فإنَّ للمُسلم عيدين لا ثالثَ لهما: عيد الفطر وعيد الأضحى؛ ففيهما القدر الكافي، وما أُحدث مِن بعد فليس من الشرع والدين في شيء؛ ﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ﴾ [النجم: 23]، أفلا أطرَحُ على من عنده بقية عقلٍ: هل حقًّا للحبِّ عيدٌ؟ وهل نَحتاج إلى يوم مُعيَّن لنُشعِرَ مَن نحب أنَّنا نحبه، أليس هذا بخلاً عاطفيًّا؟ أليست هذه أنانية الإحساس؟ وهل تخصيص هذا اليوم بالهدايا، سيُنزل البركة، ويُرسي المَحبة كما هي في غيرها من الأيام؟ أم أنها تحت إشراف ذلك القسِّ "فالنتان"؟
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |