أسلوب الحوار وآدابه وقواعده وآفاته - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 616 - عددالزوار : 66341 )           »          رحلات البالون الطائر ومعابد الأقصر.. سحر لا يقاوم يخطف قلوب سياح العالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14372 - عددالزوار : 758168 )           »          ركعتا الفجر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          فوائد قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          شهر الله المحرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          الأب السبب والسند (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          التربية بالموقف نماذج وتعليق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          حقوق الوالدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          هل تندلع الحرب الكبرى؟ سقوط إيران يمهد لصدام إسرائيلي-تركي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 21-07-2020, 04:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,935
الدولة : Egypt
افتراضي أسلوب الحوار وآدابه وقواعده وآفاته

أسلوب الحوار وآدابه وقواعده وآفاته


محمد فقهاء








الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمدٍ، وعلى آله وصحْبه، ومَن اتَّبَع هُداه بإحسان إلى يوم الدين.













وبعدُ:



فإنَّ من الأساليب التي استخَدمها القرآن الكريم؛ من أجْل إقامة الحُجَّة على العباد، والدَّلالة على وحدانيَّته تعالى، وعلى صِدْق ما جاؤوا به من رسالات، وبلَّغوا به دينَ الله في الأرض، هو الحوار، أو ما يُسمَّى بالحوار القرآني، الذي يتوصَّل به المرسلون إلى إيصال الحقِّ.








وبهذا نرى أن القرآن استعمَله لإظهار الحق على الخَلْق، وهو من أحكم الأساليب التي تُقنع العقول بعد إقامة الحُجة عليها، فترضَخ القلوب.







المحور الأول: الحوار في اللغة:



الحوار في اللغة: مأخوذ من الحَوْر؛ أي: الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، والمحاورة: هي المجاوبة، والتحاور: هو التجاوب[1].








المحور الثاني: الحوار في الاصطلاح:



هو نوع من الحديث بين شخصين، يتمُّ فيه تداول الكلام بينهما بطريقة ما، فلا يتأثَّر به أحدهما دون الآخر، ويغلب عليه الهدوء والبُعد عن الخصومة والتعصُّب[2].







وبهذا المعنى ورَد في القرآن في عدة مواضع:



الأوَّل في قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴾ [الكهف: 34].



الثاني في قوله: ﴿ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ﴾ [الكهف: 37].



والثالث في قوله: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [المجادلة: 1].







ومن هذا نَستنتج أنَّ الحوار بهذا المعنى هو عبارة عن نِقاش؛ إمَّا بين طرفين، أو عدة أطراف، ويَهدف إلى الوصول إلى حقيقة، أو من أجْل إقامة الحُجَّة على أحد الطرفين، وقد يُستخدَم الحوار لدفْع شُبهة ما، أو تُهمة وغيره.







وفي القرآن الكريم يوجَد الكثير من النماذج التي تبيِّن لنا ما هو الحوار، وبأنه يكون بين عدَّة أطراف، كالحوار الذي حصَل بين الله والملائكة في موضوع خلْق الله لأدمَ؛ كما جاء في سورة البقرة: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30].







وكذلك الحوار بين الله وإبراهيم - عليه السلام -: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 260].







وكذلك حوار الله وموسى - عليه السلام -: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 143].







وغيرها من الحوارات التي ورَدت في القرآن؛ كحوار الله مع عيسى، وقصة أصحاب الجنَّتين، وقصة قارون، وداود - عليه السلام - مع الخَصْمين، والأمثلة على ذلك في القرآن الكريم، وهذا يدلُّنا على أهميَّة الحوار في الدعوة وإقامة الحُجَّة على الآخرين.







المحور الثالث: الفرق بين الحوار والجدال:



من الأمور الواضحة عندنا أنه يوجد فرْقٌ بين الحوار والجدال؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما له مَدلولاته وأهدافه، والفرق بينهما في أنَّ الجدال في اللغة هو اللَّدَد في الخصومة، والقدرة عليها، وإقامة الحُجة بحجة أخرى[3].







أما في الاصطلاح، فهو: المقاومة على سبيل المنازعة والمُغالبة، وقيل: الأصل في الجدال الصراع وإسقاط الإنسان صاحبَه على الجَدَالة، وهي الأرض الصُّلبة[4].







والحوار قد ينقل المحاور إلى الجَدَل المذموم إذا تخلَّلتْه العصبيَّة في الحوار والتمسُّك بالرأي بتعصُّب، ومن خلال هذا نستنتج أنه حوار بين طرفين على سبيل المنازعة والتعصُّب للرأي الشخصي.







وورَد في القرآن في أكثر من موضع يبيِّن الجدل بمعناه المذموم، باستثناء عددٍ قليل منها، مثل قوله تعالى: ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125]، وكقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 46]، وكما في سورة المجادلة.








فالجدال لَم نؤمَر به لا في القرآن ولا في السُّنة، وإنما أُمِرنا فقط بالمحاورة بالتي هي أحسن، والتي هدَفُها: إيصال الحق إلى الخلْق، والابتعاد عن الجدال والمِراء الذي نهانا عنه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.







المحور الرابع: آداب الحوار:



1 - الابتعاد عن التعصُّب للفكرة أو للأمر الذي أدعو إليه؛ لأنَّ هذا المحاور إن كان معه الحقُّ، فلا بد أن يوصِّله إلى الآخرين بعيدًا عن الأهواء الشخصيَّة، وإنما هدفه يكون نشْر الحقِّ.



2 - استخدام الألفاظ الحَسَنة، مع البُعد عن جرْح الآخرين بمجرَّد طرْح فكرة تُعارض فكرته[5].



3 - الحوار من خلال الاعتماد على حُجج صحيحة، ومن خلال الاعتماد على الدليل الصحيح.



4 - البُعد عن التناقُض في الردِّ على أقوال الآخر، والثبات على مَبْدأ ونقطة الحوار.



5 - أن يكون الهدف الوصول للحقِّ، وليس الانتصار للنفس[6].



6 - التواضُع بالقول والفعل؛ قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الكبر بَطَرُ الحق، وغَمْطُ الناس))، الإنكار - الاحتقار.



7 - الإصغاء وحُسن الاستماع.







المحور الخامس: سمات لا بد أن تكون في المحاور الناجح:



إنَّ المحاور الناجح هو الذي يكون على قدْرٍ من العلم والاطِّلاع، فلا بدَّ من أن يكون على علمٍ؛ حتى يستطيع إقامة الحُجة الحقَّة على الآخر، معتمدًا على الأدلة الصحيحة، والبُعد عن الاعتماد على الأقوال التافهة البعيدة عن الصحة والحق، ولا بد أن يكون قد قام بالبحث وتوصَّل بعدها إلى القناعة المعتمدة على الدليل، بعد أن قامَ بالبحث والمقارنة والترجيح بين الأقوال الموجودة أمامنا.








ولا بد للمحاور من أن توجَد فيه سِمة فقه الحوار والكفاءة في الحوار[7]، وكذلك لا بد للمحاور من أن يكون على قدْرٍ من القدرة على إبطال الفكرة، باستخدام كلمات وعبارات جذابة وواضحة، لا لبْسَ فيها، بعيدة عن احتمال ورُود أكثر من معنًى فيها، وأن يكون قويَّ التعبير وفصيحَ اللسان، ويُحسن البَيان[8].







وهذا نستنتجه من خلال حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي قال فيه: ((إنما أنا بشرٌ، وإنكم تختصمون إليّ، ولعلَّ بعضكم أن يكون ألحن بحُجته من بعض، فأقْضي له على نحوٍ مما أسْمَع منه...)) الحديث[9]، والشاهد في هذا الحديث هي كلمة "ألْحَن"، وهو الذي يُحسن التعبير، فقد يزيِّن الباطل على صورة حقٍّ، وقد شرَح هذا الحديث ابن حجر العسقلاني في "الفتح"، وعلَّق عليه قائلاً:







"ففي هذا الحديث الشريف أن التعمُّق في البلاغة - بحيث يحصل اقتدار صاحبِها على تزيين الباطل في صورة الحقِّ وعكسه - مذمومٌ، فإن المراد بقوله: أبْلَغ: أي أكثر بلاغةً، ولو كان ذلك في التوصُّل إلى الحق، لَم يُذَمَّ، وإنما يُذَمُّ من ذلك ما يتوصَّل به إلى الباطل في صورة الحق"[10].







ومن خلال هذا أيضًا نرى أنه لا بدَّ من توجيه الخطاب والحوار إلى الناس، مع مُراعاة مستوياتهم، وألاَّ نُحَدِّثهم بما يَعسُر عليهم فَهْمه.







ونلخص:



جودة الإلقاء، وحُسن العرْض، وسلاسة العبارة.



حسن التصوير.



ترتيب الأفكار.



العلم.



الفهم مع العلم، قد تخذُل الحقَّ بضَعْف عِلْمك، أو تقتنع بالباطل لجَهْلك بالحقِّ.



الإخلاص.



التواضع.







المحور السادس: مثال على الحوار في القرآن:



قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأعراف: 59]، فالله تعالى بعَث نوحًا إلى قوْمه يدعوهم، طالبًا منهم عبادة الله وحْده، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ﴾ [هود: 25 - 26].








فها هو نوح - عليه السلام - بُعِث إليهم؛ ليُنذرهم ويُرشدهم إلى عبادة الله دون سواه، وهذه هي رسالة كل الأنبياء - عليهم السلام - فما بُعِثوا في قوم إلاَّ وأرْشَدوا أقوامَهم إلى عبادته - سبحانه - وحْده لا شريكَ له، وهي توحيد الألوهيَّة، وتعريف أقوامهم لصفات الله تعالى وأفعاله[11].





يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 139.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 137.89 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.23%)]