
21-07-2020, 03:53 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,699
الدولة :
|
|
فضل حفظ القرآن
فضل حفظ القرآن
محمد حباش
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أمَّا بعد:
فإن ذكر الله - جل وعلا - من العبادات الميسورة التي لا عَناء فيها ولا تعَب، وتتأتَّى للعبد في معظم أحواله، ومع سهولتها ويُسرها فهي عظيمة الأجر، جليلة القدر؛ فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مَليككم، وأرفعِها في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذَّهب والوَرِق، وخيرٍ لكم من أن تلقَوْا عدوَّكم فتَضرِبوا أعناقهم ويَضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذِكْر الله))؛ صحيح الترمذي.
ومن فضائل الذِّكر: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئل: أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ فقال: ((أن تموت ولسانُك رَطْبٌ من ذكر الله))؛ أخرجه البخاري.
ومنها: أنَّ الذاكر له السَّبق على غيره؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سبَق المُفرِّدون)) قالوا: وما المفرِّدون يا رسول الله؟ قال: ((الذاكرون الله كثيرًا، والذاكرات))؛ رواه مسلم.
ومنها: أنه يُحْيي القلب؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثَلُ الذي يَذكر ربَّه والذي لا يَذكر ربه، مثلُ الحي والميت))؛ رواه البخاري.
وليس هذا فحسب؛ بل إن الذِّكر مِن أنجى الأعمال مِن عذاب الله؛ فعن عبدالله بن عمرٍو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ((إنَّ لكل شيءٍ صَقالةً، وإن صَقالة القلوب ذكرُ الله عز وجل، وما من شيءٍ أنجى من عذاب الله من ذكر الله))، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ((ولا الجهاد، إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع))؛ صحيح الترغيب والترهيب.
وبما أن القرآن أفضلُ الذكر مطلقًا، ولما كانت سورة الرحمن لتعديد نِعَم الله التي أنعم بها على عباده؛ قدَّم النعمة الكبرى والمنَّة العظمى التي هي أجلُّها قدرًا، وأكثرُها نفعًا، وأعلاها رتبة، وأتمُّها فائدة، وأعظمها عائدة، وهي نعمة تعليم القرآن، فقال: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾ [الرحمن: 1، 2]؛ فإنها مدار سعادة الدارين، وقطب رحى الخيرين، وعماد الأمرين، وسنام الكتب السماوية، المنزل على أفضل البرية.
فاحرص أيها المؤمن اللبيب على حفظ كتاب الله تعالى وتلاوته وتدبره؛ فقد أثنى الله عز وجل على حُفَّاظ القرآن، ووصفَهم بأنهم هم الذين أوتوا العلم؛ قال سبحانه: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ [العنكبوت: 49]، والتزم بما فيه من أوامر ونواهٍ؛ تسعدك في دنياك، وتقربك من مولاك، وتسرك في مثواك، وتنجيك في أخراك.
ولما كانت حِلَقُ القرآن تقام في المساجد عادة ما بين المغرب والعشاء، أضفتُ إليها فضل انتظار الصلاة؛ ليَعلَم طالبُ العلم الأجرَ الذي يَجنيه بملازمة هذا الأمر، وليكون ذلك أجمعَ لنيَّتِه، وحاولتُ فيها أن أتبع تسلسل الأحداث بالنسبة لمريد الحفظ؛ من حين خروجه من بيته إلى مبعثه من قبره.
وهذه بعض فضائل طالب العلم عمومًا، وحافظ القرآن خاصة:
1- يخرج من بيته تحت راية الملَك: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من خارجٍ يخرج من بيته إلا بِبابه رايتان، رايةٌ بيد ملَكٍ، ورايةٌ بيد شيطانٍ، فإن خرَج لما يحبُّ الله اتبعَه الملَكُ برايته، فلم يزَل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته، وإن خرج لما يسخط الله اتبعه الشيطانُ برايته، فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع إلى بيته))؛ رواه أحمد، وصححه شعيب الأرناؤوط.
2- له كأجر حاج: عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلَّم خيرًا أو يُعلِّمه كان له كأجر حاجٍّ تامًّا حجَّتُه))؛ صحيح الترغيب والترهيب.
3- تواضع الملائكة له: عن صفوان بن عسَّال قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من خارجٍ خرج من بيته في طلب العلم، إلا وضَعَت له الملائكة أجنحتها؛ رضًا بما يصنع))؛ صحيح ابن ماجه.
4- تسهيل الله له طريق الجنة: عن عائشة أنها قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل أوحى إليَّ أنه مَن سلك مسلكًا في طلب العلم سهلت له طريق الجنة، ومن سَلَبتُ كريمتَيه أثبتُه عليهما الجنة، وفضلٌ في علمٍ خيرٌ من فضلٍ في عبادة، ومِلاك الدِّين الورع))؛ صحيح الجامع.
5- طلبه للعلم فريضة: عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طلب العلم فريضةٌ على كل مسلمٍ، وطالب العلم يستغفر له كلُّ شيء، حتى الحيتانُ في البحر))؛ صحيح الجامع.
6- طلبه للعلم أفضل من النوافل:عن حذيفة بن اليمان قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فضل العلم خيرٌ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع))؛ صحيح الترغيب والترهيب.
7- هو ضامنٌ على الله: عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ كلهم ضامنٌ على الله، إن عاش كُفِيَ، وإن مات دخل الجنة: مَن دخل بيته بسلامٍ فهو ضامنٌ على الله عز وجل، ومن خرج إلى المسجد فهو ضامنٌ على الله، ومَن خرج في سبيل الله فهو ضامنٌ على الله))؛ صحيح الترغيب والترهيب.
8- هو في سبيل الله حتى يرجع: عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع))؛ صحيح الترغيب والترهيب.
9- هو في صلاة منذ خروجه من بيته حتى رجوعه إليه: عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا تطهَّر الرجلُ، ثم أتى المسجد يَرْعى الصلاة، كتب له كاتباه - أو كاتبه - بكلِّ خَطوةٍ يخطوها إلى المسجد عشرَ حسنات، والقاعدُ يَرعى الصلاة كالقانِت، ويُكتَب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه))؛ صحيح الترغيب والترهيب.
10- يُعِد الله له نُزلًا: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلًا من الجنة كلَّما غَدا أو راح))؛ متفق عليه.
11- يكون في انتظار الصلاة: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاني الليلة ربِّي (في أحسنِ صورة) فقال: يا محمد، أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلتُ: نعم في الكفَّارات والدَّرجات، ونقلِ الأقدام للجماعات، وإسباغ الوضوء في السَّبَرات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ومَن حافظ عليهن عاش بخير ومات بخير، وكان من ذنوبه كيومِ ولَدَته أمُّه))؛ صحيح الترغيب والترهيب.
12- استغفار الملائكة له: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((... فإذا دخل المسجد كان في صلاةٍ ما كانت الصلاة هي تَحبِسه، والملائكة يُصلُّون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه؛ يقولون: اللهمَّ ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يُؤذِ فيه، ما لم يُحْدِث فيه))؛ صحيح مسلم.
13- هو في الرباط الأكبر: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((منتظرُ الصلاة مِن بعد الصلاة كفارسٍ اشتدَّ به فرسُه في سبيل الله على كشحه، وهو في الرِّباط الأكبر))؛ صحيح الترغيب والترهيب.
14- هو من المذكورين في هذه الآية: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾: عن أنس بن مالكٍ: أن هذه الآيةَ ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16] نزلَت في انتظار هذه الصلاة التي تُدعَى العتمة))؛ صحيح أبي داود.
15- كتابه في عليِّين: عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صلاةٌ في إثر صلاةٍ، لا لغوَ بينهما، كتابٌ في عليِّين))؛ صحيح أبي داود.
16- هو في حصن من الشيطان: عن الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلماتٍ؛ أن يعمَل بها، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها... وآمركم أن تَذْكروا الله؛ فإن مثَل ذلك كمثَل رجلٍ خرج العدوِّ في أثره سراعًا، حتى إذا أتى على حصنٍ حَصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يُحرِز نفسه من الشيطان إلا بذِكر الله))؛ صحيح الترمذي.
17- قراءته خير الحديث وخير الكلام: عن جابر بن عبدالله قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب قال: ((... أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمور مُحدَثاتها، وكل محدَثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار))؛ صحيح مسلم.
18- قراءته تَزيده إيمانًا: عن الأسود بن هلالٍ المحاربي قال: قال لي معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه: "اجلَسْ بنا نُؤمِنْ ساعةً"؛ يَعني: نَذْكر الله؛ صحيح البخاري.
19- قراءته تورثه حبَّ الله ورسولِه: عن عبدالله بن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سرَّه أن يحبَّ الله ورسولَه، فليقرَأ في المصحف))؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة.
20- حِفْظه لكلام رب العالمين له تأثيرٌ في ظاهره وباطنه: عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثَل المؤمن الذي يَقْرأ القرآن مثَل الأَترُجَّة؛ ريحها طيبٌ، وطعمها طيبٌ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثَل التَّمْرة؛ طعمها طيبٌ، ولا ريحَ لها، ومثَل الفاجر الذي يَقرأ القرآن كمثل الرَّيحانة؛ ريحها طيبٌ، وطعمها مرٌّ، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة؛ طعمها مُرٌّ، ولا ريح لها، ومثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك، إن لم يُصِبك منه شيءٌ أصابك من ريحه، ومثَل جليس السوء كمثل صاحب الكير، إن لم يُصِبك من سَواده أصابك من دخانه))؛ صحيح أبي داود.
21- تعلمه خير من متاع الدنيا: عن عقبة بن عامرٍ الجهنيِّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فلأَنْ يَغدُوَ أحدكم إلى المسجد فيتَعلَّمَ آيتين من كتاب الله خيرٌ له من ناقتَين، وإنْ ثلاثٌ فثلاثٌ، مثل أعدادهن من الإبل))؛ صحيح أبي داود.
22- هو في كنَفِ الله وإيوائه: عن أبي واقدٍ الليثي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالسٌ في المسجد والناسُ معه إذ أقبل ثلاثةُ نفرٍ، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحدٌ، فلما وقَفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلَّما، فأما أحدهما فرأى فُرْجةً في الحلقة فجلَس فيها، وأما الآخر فجلَس خلفَهم، وأما الآخرُ فأدبَر ذاهبًا، فلما فرَغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أُخبركم عن النفر الثلاثة؟! أمَّا أحدهم فأوى إلى الله، فأواه الله، وأما الآخر فاستحيا، فاستحيا اللهُ منه، وأما الآخرُ فأعرَض، فأعرض الله عنه))؛ صحيح الترمذي.
23- مباهاة الله به الملائكةَ: عن معاوية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرَج على حلقةٍ من أصحابه، فقال: ((ما أجلَسَكم؟)) قالوا: جلَسْنا نذكر الله ونحمَدُه على ما هدانا للإسلام، ومنَّ به علينا، قال: ((آللهِ ما أجلَسَكم إلا ذاك؟)) قالوا: والله ما أجلسَنا إلا ذاك، قال: ((أمَا إني لم أستَحلِفْكم تهمةً لكم، ولكنه أتاني جبريلُ فأخبرني أن الله عز وجل يُباهي بكم الملائكة))؛ رواه مسلم.
24- مغفرة ذنوبه وتبديلها حسَنات: عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من قومٍ اجتمَعوا يذكرون الله، لا يريدون بذلك إلا وجهه، إلا ناداهم منادٍ من السماء: أن قوموا مغفورًا لكم، قد بُدِّلَت سيئاتكم حسناتٍ))؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة.
25- نزول السكينة عليه: عن البراء بن عازب قال: بينما رجلٌ يقرأ سورة الكهف إذ رأى دابَّته تركض، فنظر فإذا مثلُ الغمامة أو السحابة، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((تلك السَّكينة نزلَت مع القرآن، أو نزَلت على القرآن))؛ صحيح الترمذي.
26- تغشاه الرحمة وتحفُّه الملائكة: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتابَ الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلَت عليهم السكينة، وغَشِيَتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكَرَهم الله عز وجل فيمن عنده))؛ صحيح مسلم.
27- ذكر الله له أكبر: قال تعالى: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: أنا عندَ ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكَرني، فإن ذكَرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٍ منهم، وإن تقرَّب إليَّ بشبرٍ تقربتُ إليه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا تقربتُ إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيتُه هرولةً))؛ صحيح البخاري.
28- استجابة دعائه لبركة المجلس الذي هو فيه: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لله تبارك وتعالى ملائكةً سيَّارةً فُضلًا، يتتبَّعون مجالسَ الذكر، فإذا وجَدوا مجلسًا فيه ذكرٌ قعدوا معهم، وحفَّ بعضُهم بعضًا بأجنحتهم، حتى يَملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرَجوا وصعدوا إلى السماء، قال: فيسألهم الله عز وجل، وهو أعلمُ بهم: مِن أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عبادٍ لك في الأرض، يُسبِّحونك ويكبرونك ويهلِّلونك ويحمدونك ويسألونك، قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتَك، قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا، أي رب، قال: فكيف لو رأوا جنتي؟! قالوا: ويستجيرونك، قال: وممَّ يستجيرونني؟ قالوا: مِن نارك يا رب، قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟! قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول: قد غفرتُ لهم، فأعطيتُهم ما سألوا، وأجَرتُهم مما استجاروا، قال: فيقولون: ربِّ فيهم فلانٌ، عبدٌ خطَّاء، إنما مر فجلس معهم))، قال: ((فيقول: وله غفَرتُ، هم القوم لا يَشقى بهم جليسهم))؛ متفق عليه، واللفظ لمسلم.
29- مجلسه روضةٌ من رياض الجنة: عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مرَرتُم برياض الجنة، فارتَعوا))، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: ((حلق الذِّكر))؛ صحيح الترمذي.
30- وغنيمته الجنة: عن عبدالله بن عمرٍو رضي الله عنهما قال: قلتُ: يا رسول الله، ما غنيمة مجالس الذكر؟ قال: ((غنيمة مجالس الذكر الجنة)).
31- أجر المجلس الذي هو فيه أفضل من العتق: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأَن أقعد مع قومٍ يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة، حتى تطلع الشمس - أحبُّ إليَّ مِن أن أُعتق أربعةً من ولد إسماعيل، ولأَن أقعد مع قومٍ يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس، أحبُّ إليَّ من أن أعتق أربعةً))؛ صحيح أبي داود.
32- يكون له بكل حرف عشرُ حسنات: عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنةٌ، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ﴿ الم ﴾ حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ))؛ صحيح الترمذي.
33- في أخذه للقرآن نيله لكنز لا يقدر بثمن: عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت هذه الآيات - مِن آخر سورة البقرة - مِن كنزٍ تحت العرش لم يُعطَها نبيٌّ قبلي))؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة.
34- إذا قرأ سورة الإخلاص يُضاعَف له الأجر أكثر، وكأنه قرأ ثُلث القرآن: عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((أيَعْجز أحدكم أن يقرأ في ليلةٍ ثلثَ القرآن؟)) قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: ((﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ تَعدِل ثلث القرآن))؛ صحيح مسلم.
وهذا التضعيف على الحقيقة، لا على التشبيه؛ فالله فضَّل بعض الذكر على غيره، ويُضاعف عليه الأجر ما لا يضاعف لغيره؛ فعن ابن عباسٍ، عن جويرية، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرَج من عندها بُكْرةً حين صلَّى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسةٌ، فقال: ((ما زِلتِ على الحال التي فارقتُكِ عليها؟)) قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لقد قلتُ بعدَك أربعَ كلمات، ثلاثَ مرات، لو وُزِنَت بما قلتِ منذ اليوم لوزَنَتْهن: سبحان الله وبحمده، عددَ خلقه ورضا نفسه وزِنةَ عرشه ومدادَ كلماته))؛ رواه مسلم، وفي هذا أيضًا أن الأجر لا يكون دائمًا على قدر المشقة.
35- الحواميم شعار المسلمين في الحرب، وفيها النصر من عند الله: عن المهلِّب بن أبي صُفْرة عمَّن سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنْ بيَّتَكم العدوُّ، فقولوا: ﴿ حم ﴾ لا ينصرون))؛ صحيح الترمذي.
36- تلاوته نورٌ وذخر: عن أبي ذر قال: قلتُ: يا رسول الله أوصني، قال: ((أوصيك بتقوى الله؛ فإنه رأس الأمر كله))، قلتُ: يا رسول الله، زدني، قال: ((عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله؛ فإنه نورٌ لك في الأرض، وذخرٌ لك في السماء))؛ صحيح الترغيب والترهيب.
37- تلاوته راحة بعد الموت، وثناءٌ من أهل الأرض: عن أبي سعيدٍ الخدري، أن رجلًا جاءه فقال: أوصني، فقال: سألتُ عما سألتَ عنه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من قبلِك؛ ((أوصيك بتقوى الله؛ فإنه رأس كل شيءٍ، وعليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذِكْر الله وتلاوة القرآن؛ فإنه روحك في السماء، وذكرك في الأرض))؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة.
38- تلاوته نور يتراءى من السماء: عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اجعَلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها عليكم قبورًا، كما اتخذَت اليهود والنصارى في بيوتهم قبورًا، وإن البيت ليتلى فيه القرآن؛ فيتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض))؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة.
39- من تعلم القرآن فعنده اسم الله الأعظم: عن أبي أمامة مرفوعًا، قال: ((اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب في سورٍ ثلاثٍ: في البقرة، وآل عمران، وطه))؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة.
40- في حفظه للقرآن حفظٌ لأسماء الله الحسنى: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لله تسعةٌ وتسعون اسمًا، مَن حفظها دخل الجنة، وإن الله وترٌ، يحب الوتر))؛ رواه مسلم، ومعظمها موجود في القرآن.
41- في حفظه للقرآن حفظٌ للكتب السماوية السابقة: عن واثلة بن الأسقع، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((أُعطيتُ مكانَ التوراةِ السبعَ، ومكانَ الزَّبورِ المئين، ومكان الإنجيل المثانيَ، وفُضِّلتُ بالمفصَّل))؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة.
42- في حفظه علم الأولين والآخرين: قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ((مَن أراد العلم فليُثوِّر القرآن؛ فإنَّ فيه علمَ الأولين والآخرين))؛ الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين.
43- مَن حفظه يستطيع أن يقرَأه في كلِّ أحيانه: عن عائشة قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَذكر الله عز وجل على كل أحيانه؛ رواه مسلمٌ، ومن الذكر بل من أفضله القرآن الكريم.
44- الحافظ ممن أراد الله به خيرًا: عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يُرِد الله به خيرًا يفقِّهه في الدين))؛ متفق عليه.
45- حبه للقرآن حبٌّ لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم: عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "لا يضرُّ الرجلَ أن لا يَسأل عن نفسه إلا القرآنَ، فإن كان يحب القرآنَ فإنه يحبُّ اللهَ عز وجل ورسولَه صلى الله عليه وسلم"؛ الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين.
46- حبه للقرآن سببٌ لدخول الجنة: عن أنس بن مالكٍ أن رجلًا قال: يا رسول الله إني أحب ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((حبُّك إياها أدخَلَك الجنة))؛ صحيح، مشكاة المصابيح.
47- القرآن مأدُبة الله، فليأخذ منه ما استطاع: عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: "إن هذا القرآن مأدبة الله، فخُذوا منه ما استطعتم؛ فإنِّي لا أعلم شيئًا أصفر من خيرٍ، من بيتٍ ليس فيه من كتاب الله شيءٌ، وإن القلب الذي ليس فيه من كتاب الله شيءٌ، خرِبٌ كخراب البيت الذي لا ساكن له"؛ الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين.
48- تعلُّمه طاعة: عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعلَّموا كتاب الله وتعاهَدوه، وتغنَّوا به واقتنوه؛ فوالذي نفسي بيده، لهو أشدُّ تفلُّتًا من المخاض في العقَل))؛ صحيح الجامع.
49- تعلُّمه من أهم القربات: عن فروةِ بن نوفلٍ الأشجعي، قال: كنت جارًا لخبَّابٍ فخرجنا يومًا من المسجد وهو آخِذٌ بيدي، فقال: "يا هَناه، تقرَّبْ إلى الله ما استطعت؛ فإنَّك لن تتقرب إليه بشيءٍ أحبَّ إليه من كلامه"؛ الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين.
50- حافظه بمنزلة الحَبْر من أحبار بني إسرائيل:عن عروة بن الزبير عن عائشة مرفوعًا: ((من أخذ السبع الأول من القرآن، فهو حبرٌ))؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|