|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() السلبية محمد ضاوي العصيمي الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يشكو كثير من الناس من مرض عضال وداءٍ قاتل، أعني به ذلك الفراغ القاتل والتخبط في حسن استغلال الأوقات وصرفها وتوجيهها توجيهاً سليماً يناسب الغاية التي لأجلها خلق الله الخلق واستعمرهم في هذه الأرض. وعند النظر والتأمل نجد أن كثيراً من الناس يعيشون في هذه الدنيا دون هدف أو غاية يريدون أن يصلوا إليها، فنجدهم يخبطون خبط عشواء لا يدرون إلى أين يسيرون وإلى أي مكان يذهبون! وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وجود خلل واضطراب في وضع الهدف ثم السير لتحقيقه, ويجب أن يعلم المرء أن الحرص لتحقيق الهدف يجب أن يكون في مستوى هذا الهدف، فإذا علمنا أن الهدف هو رضا الله -سبحانه وتعالى-، ونيل دار كرامته فيجب حينئذٍ أن يكون الجهد في بذل الأسباب والوسائل على قدر الغاية والهدف. وهذا يصدقه قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((حفت الجنة بالمكاره)) ولهذا علق الإمام النووي -رحمه الله تعالى- بقوله: فيه أن طريق الجنة مليء بالأشواك والصعاب. وصدق -رحمه الله- وصدق القائل: وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا - إن أعظم ما أعجز الناس وأقعدهم عن البذل والعمل والحرص على الخير أمور منها:- الركون إلى الدنيا، وإيثار الدعة والكسل، وتسلط الوهن، والترف والإغراق في المباحات، والأنانية، والاغترار بحلم الله وعفوه كل هذه العوامل ولدت وللأسف مرضاً يصلح أن يسمى بـ(السلبية). - والسلبيون على أقسام بعضهم أحسن من بعض وبعضهم أسوء من بعض. 1- فأفضلهم: من يقر بأنه مقصر ويجاهد نفسه المرة والمرتين والثلاثة في سبيل إصلاحها وتعديل اعوجاجها فهذا على خير وإلى خير. 2- والثاني من يقر بأنه مقصر، لكنه مصاب بتبلد الإحساس وبرود الأعضاء فهو لا يسعى إلى إصلاح نفسه ولا لتقويم اعوجاجه، فهذا لا ينفعه إقراره بتقصيره. 3- أما أسوء السلبيين: فهو المكابر سواءٌ بلسان الحال أو المقال ممن لا يقر بتقصيره وسلبيته فهو يشعر بأنه قد أوتي كمال الأخلاق وغاية العبادة ومنتهى العلم والخشية ، فهذا هو المتشبع بما لم يعط ، فبئس ما سولت له نفسه، وقبح ما غره هواه وأغواه شيطانه. ولأن مثل هذا بطبيعة الحال سيؤدي به إعجابه بنفسه وغروره إلى ترك العلم والعمل والدعوة والخير، فإذا كان يظن أنه قد أوتي كل هذا ففيم العمل؟ وليعلم أن هذا هو أعظم البلاء، وأعني أن يكون المرء مقصراً لكنه لا يقر ولا يعترف. ورحم الله ابن الجوزي حين قال: "رحم الله امرأً ًتدبر صبر يوسف، وعجلة ماعز". فهذا نبي الله يوسف -عليه السلام- لم يقبل بأي حياة , بل إنه مع شدة بلائه وسجنه بضع سنين حين طلب منه أن يخرج من السجن أبى وأصر أن يثبت براءته حتى يخرج وهو مرفوع الرأس عالي الهمة فقال للرسول: وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) يوسف50. فهل هناك صبرٌ أعظم من هذا؟. وهذا ماعز رغم علمه بشدة العقوبة وهي الرجم حتى الموت أصر في عجلة محمودة أن يقام عليه الحد لأنه يعلم أن ألم الدنيا إن كان في طاعة الله فيعقبه لذة الآخرة ونعيم الجنة جعلنا الله من أهلها.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |