|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الاعتدال في الإنفاق على مراسم الزواج أحمد المراغي تتعدَّدُ صور الاعتدالِ والوسطية في الدِّين الإسلامي؛ لتدلَّ دلالةً قاطعة على يسرِه وسماحته التي يتميزُ بها دون سواه، وهذا الاعتدالُ لا يقتصر على شكلٍ واحد من الأشكال، بل إنَّه يعمُّ حياتَنا جميعها لتتسمَ بالوسطية، ومن خلال ذلك تبرزُ ملامح الدِّينِ الإسلامي، وكما أنَّه دعا إلى الوسطيةِ والاعتدال في كلِّ شيء، فإنَّه نبذ ونهى عن الإسرافِ والتبذير وما يؤدِّي إلى ذلك، وتلك هي صورةٌ من الصُّور: الإنفاقُ على الزَّواج ومراسمه، وذلك اللَّون من ألوان الإنفاق الممقوتِ الذي يورِثُ الحقدَ في قلوب كثيرٍ من النَّاس الذين لا يجدون ما ينفقون، وتلك الصور الباهرة التي نراها في كثير من النَّاس، وهذا الإنفاق المبالَغ فيه فيما يتخذونهُ من البزخِ في الإنفاق على: (الزينةِ واللهو، والعبثِ والمجون، والفرق والمعازف والرَّاقصات، والمأكولات والمشروبات...)، وما إلى غيرِ ذلك مما نهى عنه الشَّرعُ، والنهي عن ذلك يصلُ إلى درجة التَّحريم، (وما خفي كان أعظم)، وأسباب تحريمِه: 1- الإسرافُ والتبذير فيما كان مخالفًا للشَّرع. 2- مخالفة شرعية لتحريمِ المعازف والقينات. 3- أنَّ في هذه الأفراحِ اختلاطًا محرمًا بين الجنسين، وتترتَّبُ عليه المفاسدُ المحرمة شرعًا. 4- عرضُ الزوجة حتَّى ينظرَ النَّاسُ إليها، وفي ذلك تحريمٌ قاطع. 5- مجالسةٌ للشَّيطانِ، لما فيه من أدوات وأسلحة الشَّيطان. 6- البعدُ عن الله - تعالى - ومن كان بعيدًا عن الله، فكيف يرجو منه الخيرَ والبركة؟! 7- إهدارٌ وتضييع لحقوقِ الغير والجيران. وكلُّ ذلك إسرافٌ لا فائدةَ منه، وما قُصد به إلا التباهي والافتخار، والحقيقة أنَّ ما أُنفق على ذلك مالٌ مهدَر، أُنفق في غيرِ محلِّه، أَثِمَ صاحبُه، ولو أُنفق هذا المالُ في وجهٍ من وجوه الخير لكان أفضل، ولأُجِر على ذلك صاحبُه، ولقد نهى الله - سبحانه وتعالى - عن الإسرافِ والتبذير فيا أحلَّه اللهُ، فما بالُنا إذا كان الإسرافُ والتبذير فيما حرَّمه اللهُ - تعالى؟ فقال - تعالى -: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف : 31]، وقال - تعالى -: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء : 26 ، 27]، وفي سورة الفرقان قال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان : 67] إذاً الكلُّ محاسَبٌ على هذا المال، وفي الحديث الشَّريف: ((لن تزولا قدما عبدٍ يومَ القيامة حتَّى يُسأل عن أربع: عن عمرِه فيم أفناه، وعن شبابِه فيم أبلاه، وعن مالِه من أين اكتسبَهُ وفيم أنفقَهُ، وعن علمِه ماذا فعل به))؛ رواه التِّرمذي، وقال: حديث حسن صحيح. فليس بهذا يكونُ الفرحُ والسُّرور يا صاحبَ الفرحِ، وإنَّما يكون الفرحُ والسُّرور بما يُرضي اللهَ - تعالى - أن تولم (تصنع طعامًا) وتدعو إليه الفقراءَ والمساكين ممن يستحقُّون الإطعامَ والصَّدقة، وغيرهم من الأصدقاءِ والأقارب والجيران والأهل والأحبَّة، بهذا - والله - يكونُ الفرحُ والسُّرور، وكما قال - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الإنسان : 9]، وانظرْ إلى هذا الجانبِ من الإسراف والبزخِ، وفي الجانبِ الآخر من الفقراءِ من يجد قوتَ يومِه بالكاد أو لا يجد أصلاً، وربَّما يكون في حاجةٍ إلى اليسيرِ من المال ليتداوى به أو أحدٌ ممن يعول، أو للطَّعامِ اليسير، ومن ملكَ المال يُنفق يمينًا ويسارًا، وربَّما إذا قيل له أنفقْ في سبيل الله أو أعطِ الفقراء والمحتاجين يبخل، ونسي أنَّه مؤتمنٌ على هذا المال، وأنَّ المال مال الله، علمًا بأنَّه لو أنفقَ في سبيلِ الله لادَّخَرَ مالَه عند الله، ومَنْ يدخرْ مالَه عند الله فلن يضيعَ أبدًا بل في زيادة، وهذا مما يرضي الله - تعالى - وأقول: أبوابُ الخير كثيرةٌ فاخترْ ما شئتَ منها، واحرصْ على أن يكونَ إنفاقُك خالصًا لوجِه الله بعيدًا عن الرِّياء والسُّمعة.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |