|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الأربعون الخيرية (1 / 4) أ. محمد خير رمضان يوسف بسم الله الرحمن الرحيم مقدِّمة: الحمدُ للهِ الذي بيدهِ الخيرُ كلُّه، والصلاةُ والسلامُ على معلِّمِ الناسِ الخير، وعلى آلهِ وأصحابهِ أهلِ المحبَّةِ والخير، وبعد: فقد جمعتُ في هذه الأربعينَ أحاديثَ من صحيحي البخاريِّ ومسلم، مما وردَ فيها لفظُ (الخير) تعريفًا وتنكيرًا، ولم أزدْ على هذا المصدرِ تصريفًا آخر. وهي مختاراتٌ متنوِّعةٌ في موضوعاتٍ شتَّى، يربطُ بينها ما كان فيها لفظُ (الخير). وابتغيتُ بذلك الخير، ولتكونَ لبنةً فيه، من بين لبناتٍ يضعُها أهلُ الإسلام، من كتابِ الله تعالى، وسنَّةِ رسولهِ صلَّى الله عليه وسلَّم. ونقلتُ من شروحِ الأحاديثِ تفسيرَ الغريبِ الواردِ فيها، مع تعليقاتٍ وفوائدَ واستنباطاتٍ تفيدُ القارئَ إنْ شاءَ الله. والله وليُّ التوفيق. محمد خير يوسف محرم 1437 هـ (1) خير أهل الأرض عن جابر بنِ عبدالله رضيَ الله عنهما قال: قالَ لنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ الحُدَيْبيَة: "أنتم خيرُ أهلِ الأرض". وكنا ألفًا وأربعَمائة، ولو كنتُ أُبصِرُ اليومَ لأَرَيتُكم مكانَ الشجرة. صحيح البخاري (3923) واللفظُ له، صحيح مسلم (1856). الشجرةُ المقصودةُ هي الشجرةُ التي بايعَ الصحابةُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ تحتها على مناجزةِ قُرَيشٍ وعدمِ الفرارِ مِن المعركةِ إذا حدَثتِ الحرب، وكانت بأرضِ الحُدَيبيَة، وقد ذكرها ربُّنا في الآيةِ (18) من سورةِ الفتح: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ﴾ [الفتح: 18]، وقطعَها عمرُ رضيَ الله عنه عندما بلغَهُ أن الناسَ يَقصدونها ويصلُّون عندها. (2) خير القرون عن عبدالله [بن مسعود] رضيَ الله عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "خيرُ الناسِ قرني، ثم الذين يَلُونَهم، ثم يجيءُ أقوامٌ تَسبِقُ شهادةُ أحدِهم يمينَه، ويمينُهُ شهادتَه". صحيح البخاري (2509) واللفظُ له، صحيح مسلم (2533). اتفقَ العلماءُ على أن خيرَ القرونِ قرنهُ صلَّى الله عليه وسلَّم، والمرادُ أصحابه. "ثم يجيءُ أقوام...": هذا ذمٌّ لمن يشهدُ ويحلفُ مع شهادته. ومعنَى الحديث، أنه يجمعُ بين اليمينِ والشهادة، فتارةً تَسبقُ هذه، وتارةً هذه[1]. (3) نعيم الجنة عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "لَقابُ قوسٍ في الجنة، خيرٌ مما تَطلعُ عليه الشمسُ وتَغرب". صحيح البخاري (2640). قابَ الرجلُ: قَرُبَ. وقابُ قوس: كنايةٌ عن القرب[2]. ويعني: خيرٌ من الدنيا وما فيها[3]. (4) الجنة والنار عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: صلَّى لنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم رَقِيَ المنبر، فأشارَ بيدَيهِ قِبَلَ قِبلَةِ المسجد، ثم قال: "لقد رأيتُ الآن، منذُ صلَّيتُ لكمُ الصلاة، الجنَّةَ والنَّار، ممثَّلتَينِ في قِبلَةِ هذا الجدار، فلم أَرَكاليومِ فيالخيرِوالشرّ". ثلاثًا. صحيح البخاري (716) واللفظُ له، صحيح مسلم (2359). ويأني الحديثُ مطوَّلًا. ممثَّلتين: مصوَّرتين، أو مثالُهما[4]. (5) الاستخارة عن جابر بنِ عبدالله رضيَ الله عنهما قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعلِّمُنا الاستخارةَ في الأمورِ كما يُعلِّمُنا السورةَ من القرآنِ، يقول: "إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركَعْ ركعتينِ مِن غيرِ الفريضة، ثم ليقُل: اللهمَّ إني أستَخيرُكَ بعِلمِك، وأستَقدِرُكَ بقُدرَتِك، وأسألُكَ مِن فضلِكَ العظيم، فإنك تَقدِرُ ولا أَقدِر، وتَعلَمُ ولا أَعلَم، وأنتَ علَّامُ الغيوب. اللهمَّ إنْ كنتَ تَعلَمُ أنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لي في ديني ومَعاشي وعاقبةِ أمري، أو قال: عاجلِ أمري وآجِلهِ، فاقدُرْهُ لي، ويسِّرْهُ لي، ثم بارِكْ لي فيه، وإنْ كنتَ تَعلَمُ أنَّ هذا الأمرَ شرٌّ لي، في ديني ومَعاشي وعاقبةِ أمري، أوقال: في عاجِلِ أمري وآجِلِه، فاصرِفْهُ عنِّي، واصرِفْني عنه، واقدُرْ لي الخيرَ حيثُ كان، ثم أَرْضِني به". قال: "ويُسَمِّي حاجتَه". صحيح البخاري (1109). أستخيرُكَ بعلمك: أي: أطلبُ خيركَ مستعينًا بعلمك. وأستقدرك: أي: أطلبُ منكَ أن تجعلَ لي قدرةً عليه[5]. (6) الهداية عن سهلِ بن سعد، أن رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لعليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ الله عنه: "لأنْ يَهديَ اللهُ بكَ رجلًا واحدًا، خيرٌ لكَ مِن أنْ يكونَ لكَ حُمرُ النَّعَم". جزءٌ من حديثٍ رواهُ البخاريُّ في صحيحه (3498)، ومسلم كذلك (2406)، ولفظهما سواء. حمرُ النَّعَم: هي الإبلُ الحمُر، وهي أنفسُ أموالِ العرب، يضربون بها المثلَ في نفاسةِ الشيء، وأنه ليس هناكَ أعظمُ منه[6]. (7) خير الناس عن أبي سعيد الخُدريِّ رضيَ الله عنه قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ الله، أيُّ الناسِ خير؟ قال: "رجلٌ جاهدَ بنفسهِ ومالِه، ورجلٌ في شِعْبٍ منَ الشِّعابِ يَعبدُ ربَّه، ويدَعُ الناسَ من شرِّه". صحيح البخاري (6129) واللفظُ له، صحيح مسلم (1888). قالَ الإمامُ النوويُّ رحمَهُ اللهُ تعالَى: فيه دليلٌ لمن قالَ بتفضيلِ العزلةِ على الاختلاط، وفي ذلك خلافٌ مشهور، فمذهبُ الشافعيِّ وأكثرِ العلماءِ أن الاختلاطَ أفضل، بشرطِ رجاءِ السلامةِ من الفتن، ومذهبُ طوائفَ أن الاعتزالَ أفضل، وأجابَ الجمهورُ عن هذا الحديثِ بأنه محمولٌ على الاعتزالِ في زمنِ الفتنِ والحروب، أو هو فيمن لا يَسلَمُ الناسُ منه، ولا يصبرُ عليهم، أو نحوُ ذلك من الخصوص. وقد كانت الأنبياءُ صلواتُ الله وسلامهُ عليهم، وجماهيرُ الصحابةِ والتابعين والعلماءِ والزهادِ مختلطين، فيحصلون منافعَ الاختلاط، كشهودِ الجمعةِ والجماعةِ والجنائز، وعيادةِ المرضَى، وحِلَقِ الذِّكر، وغيرِ ذلك. وأما الشِّعْب، فهو ما انفرجَ بين جبلين، وليس المرادُ نفسَ الشِّعبِ خصوصًا، بل المرادُ الانفرادُ والاعتزال، وذكرَ الشِّعبَ مثالًا؛ لأنه خالٍ عن الناسِ غالبًا[7]. (8) الجهاد عن أنس بنِ مالكٍ رضيَ الله عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "لَغَدوةٌ في سبيلِ اللهِ أو رَوحة، خيرٌ من الدنيا وما فيها". صحيح البخاري (2639)، صحيح مسلم (1881، 1883)، واللفظُ للأول. الغَدوة: السيرُ أولَ النهارِ إلى الزوال، والرَّوحة: السيرُ من الزوالِ إلى آخرِ النهار. ومعنَى الحديث: أن فضلَ الغدوةِ والروحةِ في سبيلِ الله وثوابهما، خيرٌ من نعيمِ الدنيا كلِّها لو ملَكها إنسانٌ وتصوَّرَ تنعُّمَهُ بها كلِّها؛ لأنه زائل، ونعيمُ الآخرةِ باق[8]. (9) الشهيد عن أنس بنِ مالكٍ رضيَ الله عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: "ما من عبدٍ يموت، له عند اللهِ خير، يَسُرُّهُ أنْ يَرجِعَ إلى الدُّنيا وأنَّ له الدُّنيا وما فيها، إلَّا الشَّهيد، لِمَا يرَى مِن فضلِ الشَّهادة، فإنَّه يَسرُّهُ أن يَرجِعَ إلى الدُّنيا فيُقتَلَ مرَّةً أخرَى". صحيح البخاري (2642)، صحيح مسلم (1877)، واللفظُ للأول. هذا لما يرَى من فضلِ الشهادة. قالَ ابنُ بطّالٍ رحمَهُ الله: ليس في أعمالِ البرِّ ما تُبذَلُ فيه النفسُ غيرُ الجهاد، فلذلك عظمَ فيه الثواب[9]. (10) التزكية عن خارجةَ بنِ زيد بنِ ثابت، أن أمَّ العلاءِ - امرأةٌ من الأنصارِ بايعتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلَّم -: أنَّهُ اقتَسمَ المهاجرونَ قُرعَةً، فطارَ لنا عثمانُ بنُ مظعون، فأنزلناهُ في أبياتنا، فوجعَ وجعَهُ الذي تُوفِّيَ فيه، فلمَّا توفِّيَ وغُسِّلَ وكُفِّنَ في أثوابِه، دخلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فقلتُ: رحمةُ اللهِ عليكَ يا أبا السائب، فشهادتي عليك: لقد أكرمكَ الله. فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "وما يُدريكِ أنَّ اللهَ أكرمَه"؟ فقلتُ: بأبي أنتَ يا رسولَ الله، فمن يُكرِمهُ الله؟ فقال: "أمَّا هو فقد جاءَهُ اليقينُ، واللهِ إني لأرجو لهُ الخير، واللهِ ما أدري، وأنا رسولُ الله، ما يُفعَلُ بي". قالت: فواللهِ لا أُزكِّي أَحدًا بعدَهُ أبدًا. (صحيح البخاري 1186). طارَ لنا عثمانُ بنُ مظعون: أي: حصلَ في نصيبنا من المهاجرين. وطيرُ كلِّ إنسانٍ نصيبه. وكات وفاةُ ابنِ مظعونٍ رضيَ الله عنه سنةَ ثلاثٍ للهجرة. وكان من الأغنياء[10]. [1] ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 16/ 85. [2] لسان العرب، باب قوب. [3] فتح الباري 6/ 14. [4] النهاية في غريب الحديث 4/ 295. [5] ينظر تحفة الأحوذي 2/ 483. [6] شرح النووي على صحيح مسلم 15/ 178. [7] شرح النووي على صحيح مسلم 13/ 34. [8] ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 13/ 26. [9] فتح الباري 6/ 32. [10] ينظر فتح الباري 9/ 311، 12/ 411.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |