تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 76 - عددالزوار : 42799 )           »          الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن الظلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          تجديد الحياة مع تجدد الأعوام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          المرأة بين حضارتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          رجل يداين ويسامح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          سلسلة شرح الأربعين النووية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 5279 )           »          أهمية العمل التطوعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أفشوا السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          خطورة إنكار البعث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 07-07-2020, 11:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,538
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم)

تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم)
محمد حسن نور الدين إسماعيل



تفسير قول الله تعالى

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ

قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ[1] فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا[2] يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11].

﴿ تَفسَّحُوا ﴾: الفسح والفسيح: الواسع من المكان، والتفسُّح: التوسيع، يقال: فسحت مجلسه فتفسح فيه، ومنه قيل: فسحت لفلان أن يفعل كذا، كقولك: وسعت له، وهو في فسحة من هذا الأمر[3].

﴿ انْشُزُوا ﴾: النشز المرتفع من الأرض، ونشز فلان إذا قصد نشزًا، ومنه نشز فلان عن مقره: نبا، وكل نابٍ ناشزٌ، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ﴾، ونشوز المرأة بغضُها لزوجها، ورفع نفسها عن طاعته، وعينها عنه إلى غيره[4].

قوله تعالى: ﴿ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا ﴾؛ أي: إذا قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره: توسَّعوا[5] في المجلس؛ ليجد غيركم مكانًا بينكم، فتوسَّعوا ولا تَضَنُّوا بالقرب من الرسول صلى الله عليه وسلم، أو من العالم الذي يعلِّمكم، أو المذكِّر الذي يذكركم، وإن أنتم تفسحتم؛ أي: فإن الله تعالى يكافئكم فيوسع عليكم في الدنيا بسَعَة الرزق، وفي البرزخ وفي الآخرة في غرفات الجنان. وقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ﴾؛ أي: قوموا من المجلس لعلة أو للصلاة أو للقتال أو لفعل برٍّ وخير، فانشزوا يثبكم الله؛ فيرفع الذين آمنوا منكم درجات بالنصر والذكر الحسن في الدنيا، وفي غرف الجنة في الآخرة.

﴿ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾؛ أي: ويرفع الذين أوتوا العلم منكم أيها المؤمنون درجات عالية؛ لجمعِهم بين العلم والعمل، فهو سبحانه عليم بهم في جميع أحوالهم؛ ليراقبوه ويكثروا من طاعته، ويحافظوا على تقواه[6].

قال مقاتل بن حيان: أنزلت هذه الآية يوم الجمعة، وكان رسول الله يومئذٍ في الصُّفَّة، وفي المكان ضيقٌ، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء الناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجالس، فقاموا حيال رسول الله، فقالوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فردَّ النبي عليهم، ثم سلموا على القوم بعد ذلك، فردوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يُوسَّع لهم، فعرف النبي ما يحملهم على القيام، فلم يُفسَح لهم، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر: ((قم يا فلان، وأنت يا فلان)) فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام بين يديه من ا لمهاجرين والأنصار أهل بدر، فشقَّ ذلك على مَن أقيم من مجلسه، وعرف النبي صلى الله عليه وسلم الكراهة في وجوههم، فقال المنافقون: ألستم تزعمون أن صاحبكم يعدل بين الناس؟ والله ما رأيناه قبلُ عدل على هؤلاء، إن قومًا أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب من بينهم فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه، فبلغنا أن رسول الله قال: ((رحم الله رجلاً يفسح لأخيه))، فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعًا فيفسح القوم لإخوانهم، ونزلت هذه الآية يوم الجمعة[7].

وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء، على أقوال:
فمنهم: من رخَّص في ذلك محتجًّا بحديث: ((قوموا إلى سيدكم))[8]؛ يعني: سعد بن معاذ رضي الله عنه، ومنهم: من منع من ذلك محتجًّا بحديث: ((من أحب أن يتمثَّل له الرجال قيامًا، فليتبَوَّأْ مقعدَه من النار))[9]، ومنهم: مَن فصَّل فقال: يجوز القيام عند القدوم من سفر، وللحاكم في محل ولايته؛ كما دلَّ عليه قصة سعد بن معاذ؛ فإنه لما استقدمه النبي حاكمًا في بني قريظة، فرآه مقبلاً قال للمسلمين: ((قوموا إلى سيدكم))، وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحُكمه - والله أعلم - فأما اتخاذه ديدنًا، فإنه من شعار العجم، وقد جاء في السنن أنه لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله، وكان إذا جاء لا يقومون له؛ لما يعلمون من كراهته لذلك[10].

قال ابن كثير رحمه الله تعالى في قوله: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ... ﴾؛ أي: لا تعتقدوا أنه إذا أفسح أحد منكم لأخيه أن ذلك يكون نقصًا في حقه، بل هو رِفعة ورتبة عند الله، والله تعالى لا يضيع ذلك له؛ بل يجزيه بها في الدنيا والآخرة، فإن من تواضع لأمر الله رفع قدره، ونشر ذكره، فهو سبحانه خبير بمن يستحق ذلك وبمن لا يستحقه.

فصل في معنى العلم وفضله:
العلم: إدراك الشيء على حقيقته، وذلك ضربان: أحدهما: إدراك ذات الشيء، والثاني: الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود له، أو نفي شيء هو منفي عنه، فالأول هو المتعدي إلى مفعول واحد؛ نحو: ﴿ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ﴾ [الأنفال: 60]، والثاني: المتعدي إلى مفعولين نحو قوله: ﴿ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ ﴾ [الممتحنة: 10]، والعلم من وجهٍ ضربان: نظري وعملي؛ فالنظري: ما إذا علم فقد كمل؛ نحو العلم بموجودات العالم، والعملي: ما لا يتم إلا بأن يُعمَل، كالعلم بالعبادات، ومن وجه آخر ضربان: عقلي وسمعي، وأعلمته وعلمته في الأصل واحد إلا أن الإعلام اختصَّ بما كان بإخبار سريع، والتعلم اختص بما يكون بتكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المتعلم، قال بعضهم: التعليم تنبيه النفس لتصور المعاني، والتعلم تنبيه النفس لتصور ذلك، وربما استعمل في معنى الإعلام إذا كان فيه تكرير نحو: ﴿ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ ﴾ [الحجرات: 16]، فمن التعلم قوله: (﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾ [الرحمن: 1، 2] - ﴿ عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾ [العلق: 4] - ﴿ وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا ﴾ [الأنعام: 91] - ﴿ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ﴾ [النمل: 16])، ونحو ذلك، وقوله: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ﴾ [البقرة: 31]، فتعليمه الأسماء هو أن جعل له قوةً بها نطق، ووضع أسماء الأشياء، وذلك بإلقائه في روعه، وكتعليمه الحيوانات كل واحد منها فعلاً يتعاطاه، وصوتًا يتحرَّاه، قال: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ﴾ [الكهف: 65]، ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [الكهف: 66]، قيل: عنى العلم الخاص الخفي على البشر الذي يرونه ما لم يعرفهم الله منكرًا بدلالة ما رآه موسى لمَّا تَبِعه، فأنكره حتى عرَّفه سببه، قيل: وعلى هذا العلم في قوله: ﴿ قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ ﴾ [النمل: 40]، فتنبيه من الله تعالى على تفاوت منازل العلوم وتفاوت أربابها[11].

لذا اهتم الإسلام بطلب العلم من أجل معرفة التكاليف الشرعية، وما خلق الإنسان من أجله، قال تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19]، وقال سبحانه: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم، وإن طالب العلم يستغفر له كل شيء، حتى الحيتان في البحر))[12].

وسئل الفُضيل بن عياض عن هذا الحديث ((طلب العلم فريضة))، فقال: (كل عمل كان عليك فرضًا، فطلب علمه فرض، وما لم يكن العمل به عليك فرضًا، فليس طلب علمه عليك بواجب) ا.هـ.

حقيقة العلم:
حقيقة العلم الشرعي أنه يبحث فيما يتعلق بمعرفة الله عز وجل، ومعرفة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة؛ قال ابن حجر في فتح الباري: (والمراد بالعلم العلمُ الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلَّف في أمر دينه وعباداته ومعاملاته، والعلم بالله وصفاته وما يجب له من القيام بأمره وتنزيهه عن النقائص، ومدار ذلك على التفسير والحديث والفقه) ا. هـ.

ولذلك يجب على كل مسلم أن يتعلم من علوم الشريعة ما تصح به عبادته؛ من توحيد، وطهارة، وصلاة، وزكاة، وصيام، وحج، وما تصح به معاملاته؛ من بيع وشراء، ونكاح وطلاق، وما يحل له من المأكل والمشرب والملبس واللهو والمال، وغير ذلك مما لا يسع الجهلُ به أحدًا من الناس، وأما علوم القضاء والمواريث والحدود والجنايات والجهاد، فهي فرض كفاية، إذا قام بها البعض سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركها الجميع أثموا.

فضل العلم والعلماء:
وفي الإشادة بالعلم ونفي تسوية أهله بغيرهم قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9]، وفي فضل العلماء العاملين وردت نصوص شرعية تبين قدر العلم، والصفات والفضائل التي يتميز بها العلماء:
وأولها: الخشية: وهي الخوف من الله، وهذه من أعظم المنازل؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28].

وثانيها: اقتران شهادتهم بشهادة الله والملائكة، وهذا نوع من التزكية؛ لأن الله لا يستشهد لمن خلقه إلا العدول؛ قال تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾ [آل عمران: 18].

وثالثها: كونه فضلاً من الله يستحق الدعاء لزيادته؛ قال تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114].

ورابعها: ارتفاع درجات أهله إذا بنوه على الإيمان؛ قال تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، وفي فتح الباري: (ورفعتها تشمل المعنوية في الدنيا: بعلو المنزلة وحسن الصيت، والحسية في الآخرة: بعلو المنزلة في الجنة) ا.هـ.

وخامسها: أن العلم يسهل لهم الطريق إلى الجنة حيث يستغفر لهم من في السموات والأرض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ومَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وحفَّتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده))[13].

وسادسها: شفاعتهم يوم القيامة، مما يدل على علوِّ مكانتهم ومنزلتهم عند الله تعالى، وإليك هذا الحديث من أحاديث الشفاعة، والدال على عموم الشفاعة في الأنبياء وغيرهم، عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟... فذكر الحديث، حتى ذكر مرور المؤمنين على الصراط وشفاعتهم في إخوانهم الذين دخلوا النار، ولا شك أن العلماء من بينهم: ((يقولون: ربنا، إخواننا كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا! فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان، فأخرِجوه))[14].


وسابعها: حصولهم على الأجر العظيم؛ لحديث: ((مَن علَّم علمًا فله أجر من عمل به، لا ينقص من أجر العامل))[15].

وثامنها: دلالة العلم على خيرية أهله، وشهادته لهم بالفضل، فعن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من يرد الله به خيرًا يفقِّهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم مَن خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل))[16].

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: العالم أفضل من الصائم القائم المجاهد، وإذا مات العالم ثُلِم في الإسلام ثُلمة[17].

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: عليك بالعلم قبل أن يرفع، ورفعه موت رواته، فوالذي نفسي بيده، ليَودَّنَّ رجال قُتلوا في سبيل الله شهداء، أن يبعثهم الله علماء؛ لما يرون من كرامتهم، وإن أحدًا لم يولد عالمًا، وإنما العلم بالتعلم[18].

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب))[19].

وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، إن الله عز وجل وملائكته وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جُحرها، وحتى الحوت، لَيُصَلُّونَ على معلِّم الناس الخير))[20].

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فضل العلم أحبُّ إليَّ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع))[21].

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن سلك طريقًا يطلب فيه علمًا، سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر))[22].

ولا بد لطالب العلم من إحضار نية تقوم على رفع الجهل عن نفسه وعن الناس، قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: لا شيء يعدل العلم لمن حَسُنَتْ نيته، قيل: كيف ذلك؟ قال: ينوي به رفع الجهل عن نفسه وعن الناس؛ ا. هـ.

وعلى هذه النية مدار التقوى؛ قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]؛ ولأن طلب العلم عبادة، والإخلاص والعمل به هو سبيل الانتفاع به، وسبب التوفيق لبلوغ المراتب العليا في الدنيا والآخرة، وحينما يتعلم الإنسان العلم الذي يُبتغَى به وجه الله مما تُعرَف به الأحكام من حلال وحرام بقصد عرض دنيوي أو مادي يدفعه إلى ذلك، فهذا من القصد السيئ الذي يعاقب الله عليه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن تعلَّم علمًا مما يُبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيبَ به عَرَضًا من الدنيا، لم يجد به عَرف الجنة يوم القيامة))[23].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن تعلَّم العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، أدخله الله جهنم))[24].
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 117.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 116.03 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]