|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بين الرجل والنملة دعاء بيطار ذكَر أحدُ الكتاب الغربيين أن سلوكَ الإنسان الذي يحدِّد شخصيتَه ما هو إلا محاكاةٌ للآخرين، وتقليدٌ لما أحبَّه من تصرفات لأشخاصٍ معينين، كان قد جعلهم قدوةً له في حياته، فأصبح يحاكي ما يفعلون، سواءٌ بشكل مباشر أو غيرِ مباشر، مما يشكل شخصيةَ هذا الإنسان ليصبح مزيجًا من كل هؤلاء. وسواءٌ قبِلنا هذا الكلام أم لا، فمن المسلَّمات أن كلاًّ منا لديه قدوة في حياته، لها أكبر الأثر على اتجاهاته وآرائه، ومن ثَمَّ تصرفاته وأفعاله. والناظرُ في أحوال الأمة يجد أن الأشخاصَ الذين يستحقّون أن يكونوا قدوةً ما هم إلا قلةٌ قليلةٌ، وعَت دورَها وتحملَت الأمانة التي عجزت عن حملها السماوات والأرض والجبال، والتي خلقها الله وسخرها لخدمة هذا الإنسان، ولكنها الغاية التي جهِلها وغفل عنها الكثير، ولكن لم يغفل عنها "صاحب يس"، ذلك الرجل الإيجابي الذي سمعنا وما زلنا نسمع في مشارق الأرض ومغاربها قولتَه الخالدة إلى قيام الساعة: {إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} [يس: 25]. ليكتب له القرآن شجاعتَه وعزتَه بدينه، والذي استَحق بهذا أن يكون مُؤْثَرًا يُذكر، تمامًا مثلَ تلك النملة التي كانت مقالتُها أعلقَ بمقصود السورة، ومن ثمَّ اسمُها؛ لأنها تميزت بما قالته عن غيرها، فاستحقت أن تكون مُؤثَرةً يذكرُها القرآنُ: {يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل: 18]، فانتصار منهج الله والتمكينُ له في الأرض وتَعرُّفُ الناسِ إليه يحتاج إلى رجالٍ يرفعون أصواتَهم حتى يسمع الآخرون؛ لأن سنة الله اقتضت ألاَّ يُذكرَ أصحابُ النفوسِ المنهزمةِ، القابعون في الصفوف الأخيرةِ، ممن رَضوا بأن يكونوا مع الخوالف، فهم يركضون خلفَ كلِّ موضة، ويقلِّدون ويحاكون الآخرين دونَ وعيٍ منهم بحقيقة ما يفعلون، لا سيما إذا كان ما يقلدونه آتٍ من الغرب. فمتى نكون ممن يستحقُّ الذكرَ، ويُكتب له التأثيرُ في الأرض، كما استحق من ذُكروا في القرآن؟! هذا التكريم ابتداءً بصاحب يس، وانتهاءً بالنملة؛ ليتحقق مراد الله من الآية: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |