|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ﴾ د. أحمد خضر حسنين الحسن قال الله تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 37]. أولًا: سبب النزول: قال ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى مخبرًا عن المشركين أنهم كانوا يقولون: (لولا نزل عليه آية من ربه)؛ أي: خارق على مقتضى ما كانوا يريدون، ومما يتعنتون، كقولهم: ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ﴾ [الإسراء: 90]. ثانيًا: تضمنت الآيات بحسب سبب النزول طلب المشركين من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي بالمعجزات الحسية المشاهدة، وكان هذا منهم - كما قال ابن عاشور - تعنتًا بعد ظهور البراهين، وإقامة الحجة بالقرآن الذي عجزوا أن يأتوا بسورة مثله، وفي قولهم - كما حكى القرآن عنهم -: ﴿ لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ﴾ ببناء الفعل للمجهول وذكر لفظ الرب، للإشارة إلى أنهم لا يوجهون الطلب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يوجهونه إلى الله تعالى، لأنه إذا كان رسولًا من عنده، فليجب له هذا الطلب الذي نتمناه ونكون من بعده مؤمنين. وفي هذا الاقتراح دلالة مهمة، وهي أن هؤلاء المشركين لم يكتفوا بالقرآن معجزة خالدة للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون معجزات حسية من جنس معجزات الأنبياء السابقين. وإنما قالوا ذلك مع تكاثر ما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآيات، لتركهم الاعتداد بما أنزل عليه، حتى لكأنه لم ينزل عليه شيء عنادًا وجحودًا منهم. ثالثًا: جاء الرد من الله تعالى على هذه الشبهة التي طرحها المشركون، وتوجهوا بها إلى الله تعالى، وكان الرد على سبيل التلقين لسيد العالمين صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: ﴿ لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾، وإليك بيان ما فيها من الحكم والدلالات: 1- ﴿ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلَ آيَةً ﴾: قل لهم أيها الرسول الكريم على سبيل التوبيخ والتقريع، إن الله تعالى قادر على تنزيل ما اقترحوا من آيات؛ لأنه سبحانه لا يعجزه شيء، ولكنه سبحانه ينزل ما تقتضيه حكمته، إلا أنهم لجهلهم وعنادهم لا يعلمون شيئًا من حكم الله في أفعاله، ولا من سننه في خلقه؛ إذ حكمته تعالى تقتضي تأخير ذلك؛ لأنه لو أنزلها وفق ما طلبوا ثم لم يؤمنوا، لعاجلهم بالعقوبة، كما فعل بالأمم السالفة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59]، وقال تعالى: ﴿ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴾ [الشعراء: 4]. 2- وقوله تعالى: ﴿ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾: يفيد أنهم لا يؤمنون حتى ولو جاءتهم الآيات التي اقترحوها؛ لأن عدم إيمانهم ليس عن نقص في الدليل ولكنه عن تكبر وجحود. وقال ابن عاشور: (ولكنَّ أكثرهم لا يعلمون)؛ أي لا يعلمون ما وجه الارتباط بين دلالة الآية ومدلولها، ولذلك قال في الرد عليهم في سورة الرعد: (﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ ﴾ [الرعد: 7]، فهم جعلوا إيمانهم موقوفًا على أن تنزل آية من السماء، وهم يعنون أن تنزيل آية من السماء جملة واحدة، فقد قالوا: ﴿ لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ﴾ [الفرقان: 32]، وقالوا: ﴿ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ ﴾ [الإسراء: 93]، فردَّ الله عليهم بقوله: ﴿ إنَّما أَنتَ مُنذِرٌ ﴾؛ أي لا علاقة بين الإنذار وبين اشتراط كون الإنذار في كتاب ينزَّل من السماء؛ لأن الإنذار حاصل بكونه إنذارًا مفصلًا بليغًا دالًّا على أن المنذِر به ما اخترعه من تلقاء نفسه، ولذلك رد عليهم بما يبين هذا في قوله: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾ [العنكبوت: 48 - 51]؛ أي فما فائدة كونه ينزل في قرطاس من السماء مع أن المضمون واحد؟.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |