|
ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الشيخ الدكتور توفيق الشاوي رجل المشاريع الإسلامية العملية د. سعد بن مطر العتيبي هذه خاطرة ليس إلا أحببت أن أذكِّر من خلالها بفضل رجل كان له أثر إيجابي كبير في مسيرة الصحوة الإسلامية، توفي رحمه الله دون أن يعلم به الإعلام العربي اللاهي فضلا عن أن يُعلم به! وليس الغرض ذكر ترجمة حياته فتلك حياة حافلة تحتاج إلى كتب، فأنّى لخاطرة أن تختصر ما يقارب قرنا من الزمن.. ومن هنا أقول: مما جاء في سيرته رحمه الله: أنه: وُلِدَ عام 1918 بقرية الغنيمية بمركز فارسكور بدمياط، وحصل على الشهادة الابتدائية بتفوق، ثم التحق بالمدرسة الثانوية بالمنصورة، وحصل منها على الشهادة الثانوية، وكان ترتيبه الثاني على القطر المصري، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وحصل على ليسانس الحقوق بتفوق وكان ترتيبه الثاني، ليعيَّن بعد ذلك في النيابة بالمنصورة. وعندما فُتِحَ باب البعثات في عام 1945م سافر إلى فرنسا لدراسة الدكتوراه في جامعة باريس، وحصل عليها في نهاية عام 1949م ليعود إلى مصر، ويعيَّن مدرسًا بكلية الحقوق بجامعة القاهرة. ودرّس في عدد من الجامعات في عدد من البلدان العربية.. وإلى جانب مسيرته الطويلة أستاذاً جامعيَّاً فإن له دورًا كبيرًا في طريق العمل للصحوة الإسلامية في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي... انتقل بعد ذلك إلى المملكة العربية السعودية في عام 1965م، حينما تعاقدت معه وزارة البترول كمستشارٍ قانونيٍّ لإدارة الثروة المعدنية في جدة، ثم عيَّنه الملك فيصل رحمه الله عضوًا بالمجلس الأعلى لجامعة الرياض. وفي عام 1966م منحته المملكة العربية السعودية جنسيتها، كذلك عُيِّن أستاذًا للقانون والفقه المقارن بكلية الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، واستمر يتعاون مع الأمير "محمد الفيصل" في مشروعه لإنشاء مدارس المنارات وإدارتها، ابتداءً من عام 1971م، والاتحاد العالمي للمدارس العربية الإسلامية الدولية الذي أنشئ تحت إشراف منظمة المؤتمر الإسلامي وحكومة المملكة العربية السعودية عام 1976م. وبتكليفٍ من الملك "فيصل" رحمه الله تعاون مع "تنكو عبد الرحمن" عندما كان الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في إعداد اتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية، ثم شارك الأميرَ "محمد الفيصل" وأصدقاءه من دعاة الاقتصاد الإسلامي في تأسيس بنك فيصل الإسلامي بالخرطوم والقاهرة، وبقي عضوًا بمجلس إدارة هذا البنك عشر سنوات؛ مما أدى به إلى نشر 3 كتب عن الاقتصاد الإسلامي في التطبيق... ومن أقواله المهمة التي اعتبرها نتيجة تجاربه مع الفئات المتخلية عن وصف الإسلامية من أصحاب الاتجاهات الأخرى في العالم العربي: "ومما يؤلم النفس الحرة الأبيّة أن البعض يتسترون وراء شعار الوطنية القطرية، ويعملون لمصالحهم الأنانية الحزبية، ويتعاونون مع عملاء القوى الأجنبية لمطاردة ذوي الفكر الإسلامي والعاملين في طريق الحل الإسلامي، وهم يعلمون أنه طريق الجهاد والتضحية الذي لا ترضى عنه قوى أجنبية طامعة تخشى نهضة أمتنا ووحدتها وقوتها وتغري بعض أعوانها لمقاومة الصحوة الإسلامية، وحرمان الشعوب التي تختارها من حقها في (الانتخابات الحرة) التي هي أساس الديمقراطية.. لكن أمتنا الأصيلة العريقة ستظل صامدة مجاهدة ؛ لأنَّ الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة.." وحيث قد قرأت في سيرة الرجل أمراً يستحق التوقف عنده حتى تمنيت مقابلته أيام حياته، لأثير في نفسه كوامن أجوبة لأسئلة تشغلني حول الشريعة والقانون في مصر والمغرب العربي وذات مساء.. في قاعة تبعد عن ضفاف النيل أمتارا، وضمن تراتيب مؤتمر عالمي كبير - حضره مئات من العلماء والمفكرين، منهم الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ عبد الله بن سليمان المنيع والشيخ عبد الله المطلق وغيرهم - كانت لي مداخلة على إحدى أوراق العمل المقدمة، وكان مما جاء في المداخلة ما معناه: إضافة إلى الحاجة العظيمة إلى علماء كبار في الإسلام عقيدة وشريعة، كم نحن بحاجة إلى رجال يجمعون بين علم الشريعة وعلم القانون، رجال يفقهون الشريعة ويفهمون أصول القوانين، يتولون تقريب الشريعة وأصولها لعلماء القانون، وتقريب أصول القوانين لعلماء الشريعة... إلخ ولم أكد أنتهي من المداخلة حتى رأيت رجلا اختلط الشيب بشعره، يتخطى صفوف القاعة وهممت أن أفسح له ليتجاوز إلى حيث يريد، فوقف عندي قائلا: أنت فلان؟ قلت: نعم، فأبدا توافقه معي تماما في المداخلة شاكرا، وطلب نسخة من بطاقة التعريف للتواصل، موضحا أنه من المقربين من الأستاذ توفيق الشاوي الذي ورد ذكره في المداخلة.. ثم عرض عليّ عرضا لم يخطر ببالي، وهو: هل ترغب في زيارة الدكتور توفيق؟ قلت: بالتأكيد، لكن هل يستطيع أن يقابل أحدا الآن! لأنه حسب علمي مريض قعيد فراش؟ قال: لكن مع ذلك سيرحب جدا.. ولم تنته الجلسة إلا وقد رتبنا أمرنا لزيارة الدكتور توفيق الشاوي. ذهبنا إليه، وكان يسكن منزل والد زوجه د.نادية، الدكتور عبد الرزاق السنهوري رحمه الله وغفر لنا وله، ذلك الرجل العبقري الذي ظلم نفسه بجلب القوانين، وظلمه كثيرون في اتهامه في الدين.. دخلنا المنزل وصعدنا إلى حيث يجلس الدكتور توفيق بين أوراقه وكتبه! مع أنه كان يعاني من شلل لا يتمكن معه من القبض التام على القلم، لكنه كان يملي على كاتبه، ووجدناه يصحح أحد كتبه الأخيرة التي لم تطبع، وهو كتاب يتجاوز المائتي صفحة، أملاه إملاء على كاتبه حول موضوعات الشريعة والقانون.. سلمنا على الدكتور توفيق ونحن نراه من منعطف الدرج قبل أن نكمل صعودنا إليه، ورحب بنا ترحيبا أشعرنا بعافيته المعنوية التي تحولت إلى عطاء حال البلاء.. قلت له: يا شيخ توفيق، من حقك علينا أن نشكرك على جهودك الخيرة وأعمالك العظيمة، وجمعك بين التنظير والتطبيق في إيصال رسالة الإسلام، وتلك الأعمال التي لخصت بعضها في كتابك الذي كان مختلفا عن بقية كتب المذكرات: "نصف قرن من العمل الإسلامي".. فابتسم، وأعرب عن سروره بقراءة كتابه، ووصول نفعه للآخرين.. (وتجدون رابط تحميله رقميا آخر المقالة).. وبعد أن سألني عن تخصصي.. دار بيننا حديث عن صاحب الدار الأول، الدكتور السنهوري، وكيف أنه كان من عباقرة العصر، وقلت: ربما لو قدر للسنهوري باشا معرفة الشريعة والعلم بأصولها قبل تمكن القانون منه، لكان له في الشريعة شأن آخر أظن أنه لن يقل عن شأنه في القانون، وهو الرجل الذي كان يتمتع بتدين قد لا يصدقه من لا يعرفه، حتى إنه جعل موضوع أطروحته: الخلافة الإسلامية، إثر صدمته من التآمر على الخلافة العثمانية وإسقاطها بالتآمر مع الطابور الخامس.. وبينت أنني قرأت في مذكراته عبارات إيمانية رائعة، ( وأنا هنا أنقل منها بالمناسبة قوله: " كتبت اليوم لصديقي كتابا ختمته بهذه العبارة: إني أؤمن بالله إيمانا لا حدّ له، فآمن به بكل ما تستطيع من قوة، فإنَّ قلبا كقلبك لا يكون سعيدا بغير هذا الإيمان.. نعم! إني أؤمن بالله وليس لي غير هذا الإيمان من ملجأ فاللهم أدمه عليّ، وإني عينيّ تغرورقان بالدموع عند كتابتي هذا " أهـ كلام السنهوري باشا. والحديث عن السنهوري يطول.. ولدي من ردود أستاذنا د. عباس حسني عليه، ما لم ينشر! لكن يبقى النقد للمقولات الخاطئة شيء، والحكم على الأعيان شيء آخر.. من أهم مؤلفاته: ترجمة بالاشتراك مع زوجه نادية: فقه الخلافة الإسلامية وتطورها لتصبح عصبة أمم للعلامة السنهوري، الموسوعة العصرية للفقه الجنائي الإسلامي، نصف قرن من العمل الإسلامي، فقه الحكومة الإسلامية بين السنة والشيعة. ويبقى العلم والذكرى الحسنة والدعاء للأخيار.. لقد سجنه عبد الناصر، فهلك عبد الناصر وبقي الشاوي يشوي أهل الباطل.. حتى تذكرت قصة أستاذنا الجليل الدكتور عباس حسني أجزل الله مثوبته، حين أخبره اللواء قائد السجن الذي كان شيخنا مسجونا فيه: أن عبد الناصر حكم عليه بمدى الحياة! فرد شيخنا عباس: حياة مين؟ حياتي أو حياته؟ وما إن هلك عبد الناصر حتى خرج شيخنا في نفس الأسبوع! فكانت حياته! توفي الشيخ، وسار إلى الآخرة، دون عناية من إعلامنا العربي، الذي لا يعرف قدر الرجال، ويتلهى عنهم بتتبع أخبار الجواري والسفلة ؛ بل وتتبع كلاب بني الأصفر فضلا عن ذكورهم وإناثهم.. رحمك الله يا توفيق فلقد كنت موفقا حين ابتدعت أفكارا وطورت أخرى، من مثل: فكرة المدارس الإسلامية والبنوك الإسلامية في بلاد بني الأصفر والأغبر.. أما جهادك في شأن المسجد الأقصى وفلسطين المحتلة كلها، فذلك خبر لم يخل من أسرار أفصحت عنها في كتابك: نصف قرن من العمل الإسلامي.. وأخيرا أحب أن أقول: إنني مغرم بحب الأخيار، والجلوس مع من كان منهم من الكبار، لأن مجالسة الكبار من ذوي الخبرة، يورث اعتدالا وإنصافا ومزيد تجربة وصحة نظر.. كما أنه ليس من عادتي تقييم الناس أو تصنيفهم بحسب انتماءاتهم الحزبية أو الدعوية بشكل عام، ولكن معيار الاهتمام عندي: ما يظهر لي من مدى صدق الشخص في ولائه لدينه قبل أي ولاء، ومدى صدقه في العمل لهذا الدين، كما أنني لا أهتم كثيرا بمن هم تحت الأضواء، بقدر اهتمامي بمن قاموا بأعمالهم وتفرغوا لحياة عمل أخرى بعيدة عن الصخب والضوضاء وملاحقة الأضواء لهم فضلا عن ملاحقتهم للأضواء بقصد إيصال رسالتهم.. يمكنكم تحميل الكتاب من هذا الرابط: اضغط هنا لتحميل كتاب: نصف قرن من العمل الإسلامي للدكتور توفيق الشاوي رحمه الله.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |