حسين بن مُحْسِن الأنصاري اليماني - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تطبيق خرائط جوجل وسيلة لـ"اللصوص" لتنفيذ جرائمهم.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          هل يتجسس هاتفك عليك؟.. اختبار بسيط هيقولك الحقيقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          جوجل تطلق نسخه تجريبية من Google Drive لمستخدمى ويندوز 11 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الذكاء الاصطناعي واستخدام البيانات الضخمة.. مستقبل التعليم في عصر التكنولوجيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كل ماتريد معرفته عن تطبيق Android Switch لمستخدمي iOS (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تطبيق Google Maps لنظام iOS يحصل على تغيير جديد في التصميم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ليه بطارية الموبايل بتضعف بعد فترة من الاستخدام؟ دليلك الكامل لحمايتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          خدمة "شتوية" على موبايلك الآيفون تحميك من تقلبات الطقس السيئ.. جربها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          "شكلك مظبوط" بكاميرا اجتماعات الأون لاين لتطبيق Google Meet.. تفاصيل الميزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          إزاى تختار موبايل مناسب يلبى احتياجاتك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20-03-2020, 12:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,685
الدولة : Egypt
افتراضي حسين بن مُحْسِن الأنصاري اليماني

حسين بن مُحْسِن الأنصاري اليماني
محمد زياد التكلة




(1245-1327)




العالم العلامة القاضي المحدّث المسند المِفَنّ الأثري، من كبار علماء الحديث في وقته.




نسبه:
هو حسين بن محسن بن محمد بن مهدي بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن أحمد بن عثمان بن محمد بن عُمر بن محمد بن حسين بن أحمد بن حسين بن إبراهيم بن إدريس بن تقي الدين بن سُبيع بن عامر بن عَنْبَسة بن ثعلبة بن عَنْبَسة بن عوف بن مالك بن عمرو بن كعب بن الخزرج بن قيس بن سعد بن عُبادة بن دُليم بن حارثة بن حرام بن حَزِيمة بن ثعلبة بن طَريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر، الخزرجي السعدي الأنصاري[1]، الحُديدي اليماني وطنًا، السُّبْعي بيتًا.
أبو محمد، ويكنى أبا الرجال أيضًا.

ترجمته الذاتية[2]:
قال رحمه الله تعالى: ((وُلد الحقير بالحُديدة -بلدة على ساحل البحر، بين جدة وعدن- في شهر جمادى الأولى، لأربع عشرة خلت منه، سنة 1245 ألف ومائتين وخمسة وأربعين، وقرأت القرآن وأنا ابن اثني عشر سنة.

وفي السنة الثالثة عشر بعد موت والدي رحمه الله تعالى رحلت إلى قرية المراوعة -بينها وبين الحديدة عشرون ميلًا تقريبًا- لتحصيل علم الحديث والفقه على مذهب الإمام الشافعي، على شيخنا السيد العلامة ذي المنهج الأعدل حسن بن عبد الباري الأهدل الحسيني، وكانت مدة طلبي لعلم الحديث والفقه والنحو قدر ثمان سنين ونصف، ولازمت فيها شيخنا المذكور ملازمة طويلة، وببركة توجهه إليّ ودعائه لي فتح الله عليّ بأن وفقني لتحصيل علم لحديث والفقه والنحو على يده على أكمل الأحوال، مع المباحثة المفيدة، وحل الإشكالات الشديدة.

ثم بعد ذلك رجعت إلى وطني الحديدة، وأقمت بها مدة.

ورحلت إلى مدينة زَبيد -بلدة مشهورة من أرض اليمن، التي سكنها آخرًا المجد الشيرازي صاحب القاموس- ولازمت فيها السيد العلامة، محدّث زمانه، وفقيه أوانه، مفتي مدينة زبيد كأبيه وجدّه: سليمان بن محمد بن عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل؛ مدة سنين، وكنت أتردد إليه، وقرأت عليه أطرافًا من الأمهات الست وغيرها، وحزب الإمام النووي، وشرحه للعلامة عبد الله بن سليمان الجرهزي، وحزب ابن عربي وغيرهما، وأجازني بخطه إجازة خاصة وعامة.

ثم إني كنت أتردد إلى مكة المشرفة كل سنة، ولقيت فيها شيخنا السيد العلامة الحافظ محمد بن ناصر الحسني الحازمي، وكان يحج في كل سنة أيضًا، وكان يقدم مكة من ابتداء شهر رجب، ويقيم بها إلى آخر ذي الحجة، فلازمته كل سنة، وقرأت عليه الصحاح الست، ومسند الإمام الدارمي، ومسلسلات العلامة محمد بن أحمد المعروف بعقيلة المكي.

وكلٌّ من مشايخي الثلاثة المذكورون أجازوني إجازة شاملة كاملة، خاصة وعامة، مسطرة موجودة عندي.

وكلهم علماء محدّثون فقهاء نحويون، لكن الشريف محمد بن ناصر الحسني الحازمي أعلمهم في فن الحديث، وكلام العرب وأشعارها وبلاغتها، وكان له في التاريخ اليد الطولى، وحفظا عجيبا، بحيث إنه يملي كلام أئمة السلف والحديث وشروحه عن ظهر قلب، من غير مراجعة كتاب، وإذا راجعت إملاءه عليك وجدته بلفظه لا يخرم منه حرفا، والحاصل أنه نادرة زمانه، ومحدّث أوانه.

وأخذت أيضًا على يد شيخنا القاضي العلامة الإمام الرباني أحمد بن محمد بن علي الشوكاني أطرافا من الأمهات الست، وأجازني إجازة كاملة، فإنه رحمه الله وصل من مدينة صنعاء اليمن إلى الحديدة مع الإمام المتوكل محمد بن يحيى، فأقام بها مدة، فلازمته فيها، وأخذت عليه بحيث لم أفارقه إلا وقت النوم، بل كان أكلي وشربي معه رحمه الله تعالى، وهو إمام جليل، له حفظ وقدر جليل، فإن الصحاح الستة ومؤلفات والده وأقوال السلف وأئمة الحديث تجري على لسانه من غير توقف، وله خلق عظيم، ولسان مستقيم، ومرتبة عظيمة عند علماء اليمن، وكافة الرؤساء والأمراء، وهو القائم في صنعاء في عهدة قضاء بعد موت أبيه إلى أن مات رحمه الله.

وأما مدة عمري حال التاريخ فسبعون سنة، وتتم في شهر جمادى الأولى لأربع عشرة منه، وأرجو من الله حسن الختام عند موافاة الحمام، وأن يتجاوز عني ما اكتسبتُه من الآثام.

وسكوني الآن في بلدة بوبال من أرض الهند مع أهلي وأولادي وأولاد أولادي، وما أدري ما يكون وراء ذلك.

ومذهبي ومذهب آبائي وأجدادي: مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي، لكن بغير تعصب، بل متى صح الحديث والدليل في مسألة من مسائل الدين كان العمل به، من غير قدح [في][3] أئمة الدين، عليهم رحمة رب العالمين، عملًا بقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: إذا صح الحديث فهو مذهبي.

وأصل وطن أجدادي المدينة المنورة، وخرج والدي وأخوه زين العابدين من بلدهما قرية الرجيع إلى مدينة زبيد من أرض اليمن لطلب العلم، والرجيع قرية غربي مدينة صَبْيا من أرض اليمن، انتقل إليها جدي عمر بن محمد بن حسين من بغداد مع جملة من انتقل منها من السادات وغيرهم، منهم السيد علي بن عمر الأهدل جد السادة الأهدليين، فسكن جدي قرية الرجيع المذكورة، وتوفي بها، وانتشرت ذريته فيها إلى الآن.

فأما عمي زين العابدين فتوفي بمدينة زبيد من مرض الجدري.

وأما والدي محسن بن محمد فبعد فراغه من تحصيل العلوم العقلية والنقلية من حديث وفقه ونحو وأصول وغيرها على يد المشايخ الأجلاء الأعلام، كالسيد مفتي زبيد وابن مفتيها عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل، والشيخ عبد الله بن عمر الخليل، وغيرهما، رحل إلى مدينة صنعاء، وأخذ على شيخ الإسلام الحافظ الرباني القاضي محمد بن علي الشوكاني، ثم رجع إلى مدينة زبيد، وصار نائبا فيها عند قاضي زبيد، ثم بعد ذلك صار قاضيًا في بلدة اللُّحَيَّة من أرض اليمن مدة ثمان سنين، ثم صار قاضيًا في بلدة الحديدة مدة اثنين وثلاثين سنة، إلى أن مات فيها في شهر محرم الحرام سنة 1259 ألف ومائتين وتسعة وخمسين، رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري من تحتها الأنهار، آمين.

هذا خلاصة الكلام في هذا المقام، والحمد لله رب العالمين.

حرره الحقير حسين بن محسن بقلمه، صبح يوم الجمعة المبارك، لأربع خلون من شهر ربيع الآخر سنة 1315، ألف وثلاثمائة وخمسة عشر، والحمد لله رب العالمين)).

شيوخه:
تقدم في الترجمة الذاتية بعضهم، وهذا مسرد من وقفت عليه منهم:
1) حسن بن عبد الباري الأهدل: لازمه في المرواعة ثمان سنوات ونصف، وأخذ عنه عدة علوم، ومنها النحو، والفقه الشافعي، وأفاد عبد الحي الحسني أنه أتقنه حق الإتقان، وقال أيضا إن المترجم قرأ عليه الكتب الستة في الحديث وذكر أن قراءته كانت ((على الترتيب: أولًا سنن ابن ماجه، ثم النسائي، ثم أبي داود، ثم الترمذي، ثم الجامع الصحيح للبخاري، ومسلم))، وقال المترجم في ثبت أسانيد الستة وغيرها (خ) عن البخاري: ((أخبرني.. شيخي وعمدتي ومرشدي النور الساري السيد حسن بن عبد الباري قراءة وسماعا من أوله إلى آخره مرة بعد مرة، وكرة بعد كرة، قال: أخبرني شيخي السيد الجليل والعالم النبيل شيخ الإسلام ومفتي الأنام وجيه الإسلام عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن مقبول الأهدل رحمه الله تعالى..)) الخ، وأجازه إجازة عامة.

2) سليمان بن محمد بن عبد الرحمن الأهدل: نص المترجم أنه قرأ عليه في الحديث أطراف الكتب الستة وغيرها، وذلك في زبيد، وأنه أجازه عامة، وكذلك نقل عنه صديق خان في أبجد العلوم (3/212 وعنه الدهلوي في فيض الملك 1/405)، وقال عبد الحي الحسني: ولم يزل شيخنا حسين يتردد إليه كل سنة للأخذ عنه، فإذا تأخر استدعاه إليه.

3) محمد بن ناصر الحازمي: نص في ترجمته الذاتية الآنفة أنه قرأ عليه في مكة الأمات الست[4]، ومسند الإمام الدارمي، ومسلسلات ابن عقيلة، ونص في إجازته بالأوائل السنبلية للعطار (من مشيخته ق38) ولنور الحسن بن صديق خان (خ) أنه قرأها على الحازمي، ونص في ثبت كتبه سنة 1280 فيه مرويات ومسلسلات عن شيخه الحازمي (خ) قال: ((وقع لي الاتفاق والصحبة بشيخنا الشريف المحدث الفهامة محمد بن ناصر الحسني الحازمي بمكة المشرفة، في أعوام متعددة، من آخرها هذا العام في شهر ذي القعدة الحرام سنة ثمانين ومائتين [ثم خرم قدر كلمتين، أظن فيه بقية التاريخ]، وكنت قرأت عليه أوليات الشيخ محمد سعيد سنبل المدني من أولها إلى آخرها، وشمائل الإمام أبي عيسى الترمذي من أولها إلى آخرها، ومسند الإمام الدارمي، وبعضًا من الجامع الصغير للإمام السيوطي، وسمعت منه بعض الأحاديث المسلسلة[5] الآتي بيانها، وقد كتب لي الإجازة بخطه الشريف الخاصة والعامة بجميع مروياته ومسموعاته)).

وزاد العطار (ق37) من مقروءاته على الحازمي: شيئا من أول تفسير الإمامين الجلالين، وغيرها))، وساق العطار (ق42 و43) إجازتين من الحازمي للمترجم.

4) أحمد بن محمد الشوكاني: نص المترجم أنه قرأ عليه أطرافًا من الستة، وأجازه عامة.
فهؤلاء الأربعة نص على إجازته لهم.

5) محمد بن محسن الأنصاري: قال صديق حسن خان في أبجد العلوم (3/211 وعنه العظيم آبادي في غاية المقصود 1/68 والدهلوي في فيض الملك 1/404): ((وأخذ أيضا على أخيه وشقيقه الكبير القاضي العلامة محمد بن محسن الأنصاري، فقرأ عليه صحيح البخاري قراءة بحث وتحقيق من أوله إلى آخره، وفي كثير من علوم الحديث والفقه والفرائض وغيرها، والشيخ محمد بن محسن المذكور من الآخذين على شيخه السيد حسن بن عبد الباري)).

ونص شيخنا أحمد بن عبد الله الحازمي في كشف النقاب (229) أنه استجاز من أخيه، وهو ظاهر صنيع المترجم من رواية ما في إتحاف الأكابر من طريق أخيه.

6) محمد بن عثمان المرغني: أخذ عنه بعضًا من النحو في اليمن، وليست له منه إجازة، كما نص العطار في مشيخته (ق37 وعنه الدهلوي في الفيض 1/405).

توليه التدريس والقضاء:
بعد فراغه من القراءة تصدى للتدريس وإفادة الطلبة في بلاده، وأخذ عنه جمع في بلاده، كما في غاية المقصود (1/69).

وأما القضاء فقال في نزهة الخواطر (8/123): ((وشيخنا حسين ولي القضاء ببلدة لُحية- بضم اللام- بلدة من بلاد اليمن قريبة من الحديدة مسافة ثلاثة أيام أو أكثر، وتولى بها القضاء نحو أربع سنين، ثم استعفى منها لواقعة وقعت عليه، وهي أن رجلًا من نواب الحديدة ممن بيده الحل والعقد من الأتراك يقال له أحمد باشا طلب من تجار اللُحية مكسًا غير معين على اللؤلؤ الذي يستخرجونه من البحر من غير أن يعلم مقداره وثمنه، وأحضر العلماء على ذلك وأراد منهم الفتوى، فامتنع الشيخ حتى إن الباشا المذكور أحضر المدفع لتخويفه وقال له: إن لم تكتب على هذه الفتوى أرميك بهذا المدفع حتى يصير جسمك أوصالًا. فقال: افعل ما أردت هذا لا يضر قطعًا لا عند الله ولا عند الناس ولا في العرف ولا في الاصطلاح، ولا عندك من مولانا السلطان في ذلك حكم تحتج به علينا، ولو فرضنا أن عندك في ذلك حكمًا فطاعة السلطان إذا أمر بما أمر الله به فأمره مطاع، وإن أمر بخلاف الكتاب والسنة فلا طاعة له علينا، وحاشاه أن يحكم بغير كتاب أو سنة! وهذا الاستعفاء مقدم في خدمتكم من هذا المنصب. فشدد عليه ثلاثة أيام، ومنعه من الأكل والشرب، وأصهره في الشمس ثلاثة أيام حتى تغيرت صورته، وأنكره كل من عرفه، فتحمل هذه المشاق، ولم يرض أن يحكم بخلاف الكتاب والسنة وأقوال الأئمة، وترك وطنه ومسقط رأسه)).

رحلاته بين الهند واليمن:
بعد أن ترك القضاء توجه للهند لزيارة أخيه القاضي زين العابدين في بهوبال[6]، يقول الحسني: ((وذلك بعد خمس سنين من الفتنة العظيمة بالهند، فدخل بهوبال في عهد سكندر بيكم، وأقام بها سنتين، ثم رجع إلى وطنه، ثم عاد بعد خمس سنين في عهد شاهجهان بيكم، وأقام ببلدة بهوبال أربع سنوات، ثم رجع إلى وطنه، ثم عاد إلى الهند بعد خمس سنين، وتوطن ببلدة بهوبال))، فكانت مستقره إلى وفاته، وتخلل ذلك بعض رحلات إلى دهلي وغيرها من بلاد الهند واليمن، وكان في بهوبال شيخ الحديث ومدرسًا في مدرسة الرئاسة.

ولست أجد وصفا أعلى من قول مجيزنا الشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله حيث قال (في شخصيات وكتب 77): ((وكانت إقامة الشيخ حسين بن محسن في بوفال قد جعلتها مدرسة للحديث تضاهي شيراز واليمن، وظل ((موتى مسجد)) ببوفال مثل الأزهر الشريف، يدوي صوت: ((قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)) أكثر من ثلاثين سنة، وانتشر عبيره في أنحاء الهند المختلفة))[7].

قلت: وخلال رحلاته لليمن كان يجلب معه نفائس المخطوطات للهند، ونَشَر تراث وكتب عدد من العلماء في طرفي رحلته، فقال صديق خان في أبجد العلوم ( 3 / 213 ): جاءنا بمؤلفات علماء اليمن الميمون، وأمطر علينا نفائس الكتب كالغيث الهتون، كم قد ذهب في طلب كتب الحديث لنا إلى أرض الحجاز وغيرها، ورجع من هناك برسائل نفيسة، ومجاميع عزيزة، وكتب الشروح والمتون، ودواوين العلوم على الحقيقة دون المجاز، أحسن الله إليه كما أحسن إليّ وتفضل عليّ، وقد بذلنا في تحصيل هذه الكتب وتلك الصحف مالًا جمّا، وجمعناها على يده من بلاد شتى، نحو: صنعاء، وزَبيد، وأبي عَريش، واليمن، والحُديدة، والبصرة، ومصر، والحرمين الشريفين، وهو -عافاه الله تعالى- صرف همته العليا في إشاعة مؤلفاتنا أيضا، حتى بلغ بها إلى أقصى اليمن، وأبلغها إلى الأماكن البعيدة، سوى ما سارت بها الركبان إلى بلاد الله تعالى من هذه البلدة، ومن مكة المشرفة، ولله الحمد كل الحمد والمنة.

وقال الوشلي في نشر الثناء الحسن (3/180): إنه كان واسطة بين صديق خان وبين أهل اليمن من العلماء الأعلام بالمكاتبة، وصار إرسال الكتب التي ألّفها النواب إليهم على يديه، كتفسيره المفيد الذي تبع فيه الإمام الشوكاني في تفسيره فتح القدير بالرواية والدراية، وسماه فتح البيان، وغير ذلك من مؤلفاته، وكان صاحب الترجمة يجلب للنواب الكتب النفيسة من اليمن، يشتريها له بأغلى ثمن، وما زال يتردد من اليمن إلى الهند حتى توفاه الله.

العلاقة بين المترجم ونذير حسين:
كان هذان الإمامان المحدثان الأثريان على صلة قوية، وجهودهما متفقة في نشر السنة، بل كان كل منهما يشيد بالآخر ويحول إليه طلبته، كما قال لنا شيخنا العلامة محمد إسرائيل السلفي، وقال: كان من المعتاد أن الذي يدرس ويتخرج عند نذير حسين في دهلي يتوجه إلى حسين بن محسن في بهوبال، والعكس، وهو ظاهر في التراجم.

وقال عبد الحي الحسني في ترجمة نذير حسين (8/525): ((كان شيخنا حسين بن محسن الأنصاري اليماني يحبه حبًا مفرطًا ويثني عليه، وقد كتب في جواب عن سؤال ورد عليه في حق السيد نذير حسين المترجم له: إن الذي أعلمه وأعتقده وأتحققه في مولانا السيد الإمام والفرد الهمام نذير حسين الدهلوي: أنه فرد زمانه، ومسند وقته وأوانه، ومن أجل علماء العصر، بل لا ثاني له في إقليم الهند في علمه وحلمه وتقواه، وأنه من الهادين والمرشدين إلى العمل بالكتاب والسنة والمعلمين لهما، بل أجلُّ علماء هذا العصر المحققين في أرض الهند أكثرهم من تلامذته، وعقيدته موافقة لعقيدة السلف الموافقة للكتاب والسنة[8]، وفي رؤية الشمس ما يغنيك عن زحل.

فدع عنك قول الحاسد العذول، والأشر المخذول، فإن وبال حسده راجع إليه وآيل عليه: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله} فمن نال من هذا الإمام الهادي إلى سنة خير الأنام فقد باء بالخسران المبين، وما أحسن ما قال القائل:


ألا قُـلْ لـمـن كـان لـي حـاسـدًا أتـدري عـلـى مـن أسـأتَ الأدبْ؟
أسـأتَ عـلـى الله فـي مُـلـكــه لأنـك لـم تـرضَ لـي مـا وهــبْ




اللهم زد هذا الإمام شرفًا ومجدًا، واخذل شانئه ومعاديه، ولا تبق منهم أحدًا، هذا ما أعلمه وأتحققه في مولانا السيد نذير حسين أبقاه الله، والله يتولى السرائر. انتهى ما كتب شيخنا حسين بن محسن المذكور)).

آخر أيامه، ووفاته:
بعد وفاة تلميذه صديق حسن خان انقطعت جرايته للمترجم، وضاقت أحواله، ولا سيما أنه كان يصرف على أخواته في بلاده، وأصابه المرض، مع كبر سنه[9].

وقال عبد الحي الحسني في النزهة (8/125): ((وقد كان كثير التردد إلى بلدة لكهنو في آخر عمره، وكان ينزل عندي، ويحبني كحب الآباء للأبناء، وقد دخل لكهنو قبل موته بنحو أربعة أشهر، وأقام بها نحو شهر أو أقل، ثم رحل عنها إلى حبيب كنج قرية من أعمال عليكره، بعد طلب مولانا حبيب الرحمن بن محمد تقي الشرواني، فأقام عنده نحو أربعة أشهر، وفي آخر جمادى الأولى قوض خيام الارتحال منها إلى مدينة بهوبال فلم يمكث بها إلا نحو خمسة عشر يومًا، ثم انتقل إلى رحمة الله سبحانه، وقبل وفاته بنحو عشر ساعات خرج من البيت -وكان يوم الثلاثاء عاشر جمادى الآخرة- على أحسن حالة لملاقاة أحبابه، وطلب منهم الدعاء لحسن الختام عن حلول الحمام، ثم دار على بيوت أولاده كالمودع لهم، وكان ذلك بعد صلاة الظهر إلى بعد صلاة العصر في اليوم المذكور، وبعد أن صلى العصر ورجع إلى بيت ولده عبد الله بن حسين عرضت له مذاكرة معه في أن خديجة رضي الله عنها كان لها ولد في الجاهلية يسمى بعبد العزى أم لا، فأمر ولده المذكور بإحضار بعض الكتب التي كان يتخيل حل تلك المسألة منها فأحضرها، وأملى عليه ما شاء الله أن يملي منها، فقارب ذلك غروب الشمس، فنهض عبد الله للوضوء فتوضأ ورجع، وكان شيخنا متكئًا على وسادة له، وإذا برأسه قد خفق، وعلى تلك الوسادة قد أطرق، فاستلقى على ظهره ممدودة يديه ورجليه مغمضة بلا تغميض عينيه، وإن جبينه ليتفصد من العرق، فظنه عبد الله نائمًا، فحرّكه وإذا بروحه قد فارقت جسده، وكانت تلك الليلة ليلة الأربعاء، وفي صبيحتها، لعله قبيل الضحى، خرجوا بنعشه وأودعوه في رمسه، وكان ذلك في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وألف، رحمه الله ونفعنا ببركاته)).

ومصدره كلام محمد ابن المترجم في مقدمة الفتاوى (1/14-15) بتلخيص وتصرف، وزاد: أن الكتاب الذي كان يراجعه هو فتح الباري، وأن الذي صلى عليه ابنه عبد الله.

وأرّخ لوفاته الشيخ المفتي يحيى بن القاضي محمد أيوب بلفظة (غفورا).

ورثاه ابنه محمد بقصيدة مطلعها:


أحـقًّـا جـرى مـا يُـسْـبِـلُ الـعـبـراتِ ويُـذري دمـاء الـعـيـن لا الـدمـعــاتِ



يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 112.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 110.55 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.53%)]