ركائز العمل المؤسساتي في الإسلام: المصداقية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1329 - عددالزوار : 138242 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 57 - عددالزوار : 42220 )           »          حكم من تأخر في إخراج الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حكم من اكتشف أنه على غير وضوء في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 5466 )           »          يا ربيعة ألا تتزوج؟! وأنتم أيها الشباب ألا تتزوجون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فضائل الحسين بن علي عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - (صانعة البهجة في بيت النبوة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حجة الوداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          التشريع للحياة وتنظيمها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13-03-2020, 03:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,090
الدولة : Egypt
افتراضي ركائز العمل المؤسساتي في الإسلام: المصداقية

ركائز العمل المؤسساتي في الإسلام: المصداقية
عبدالستار المرسومي





الصدق في التعامل مع الآخرين هو أهمُّ قواعد العَلاقات الإنسانية على الإطلاق، ولعل هذا هو السرُّ وراء تركيز رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عليه، وضرورة التمسك به، وتعلق الكثير من أمور الحياة به، فعن عبدالله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الصدقَ يهدي إلى البرِّ، وإن البرَّ يهدي إلى الجنة، وإن الرجلَ ليَصدق حتى يكون صدِّيقًا، وإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجورَ يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذَّابًا))[1].


فالصدق مع الآخرين طريق الجنة، ونتيجته الهداية للأعمال الصالحة في المجتمع، بل وله نتيجة أخرى عظيمة، وهي الحصولُ على شرف مقام رفيعٍ، وهي مرتبة (صدِّيق)، وكما هو معلوم فإن مرتبة الصدِّيق هي دون النبيِّ وفوقَ الشهيد؛ لقول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69]، وكان أبو بكر رضي الله عنه صدِّيقًا، وكانت مريم بنت عمران عليها السلام كذلك صدِّيقةً، وعكس ذلك فإن الكذب سيجرُّ الفرد إلى متاهات الفجور، والفجورُ عواقبُه وخيمة.

وتكون العلاقاتُ مع الآخرين صادقةً عندما تكون في ذات الله جل جلاله، يأخذُ كلُّ فردٍ فيها حيِّزَه ومجالَه الطبيعي، وحقَّه منها، ولا يعني أن تكونَ في ذات الله جل جلاله أنها لا يمكنُ أن تكون هناك علاقات تتضمن تعاملات مادِّية، أو تجارية، أو مصالحَ مشتركة وما إلى ذلك، وتكون في الله جل جلاله، بل يمكن أن تكون كذلك إلى أبعدِ نقطة، ولكن شرطها أن تَنضبِط بضوابطِ شريعة الله جل جلاله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله: أنا ثالثُ الشريكَيْنِ، ما لم يَخُنْ أحدُهما صاحبَه، فإذا خانَ خرجتُ من بينهما))[2]، ولكنَّ رُقيَّ العَلاقة مع الآخرين وسُموَّها عندما تكون خالصة لله جل جلاله، ليس فيها شيء من مصالح الدنيا المادية، فستكونُ أكملَ وأجملَ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أن رجلاً زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصَد الله له على مدرجته ملكًا، فلما أتى عليه، قال: أين تريدُ؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تَربُّها؟ قال: لا، غير أني أحبَبْتُه في الله عز وجل، قال: فإني رسولُ الله إليك، بأن الله قد أحبَّك كما أحبَبْته فيه))[3].

يقول أبو صالح المزي: "المؤمنُ مَن يُعاشرك بالمعروف، ويَدلُّك على صلاح دينك ودنياك، والمنافقُ مَن يُعاشِرك بالمماذعة، ويدلُّك على ما تشتهيه، والمعصومُ مَن فرَّق بين الحالتين"[4]، وكما ذكرنا فإن العَلاقة التي تكونُ في ذات الله جل جلاله ليس فيها مصالحُ دنيويَّة، لها علو الكعب، وهي التي سيُكافِئُ اللهُ جل جلاله مَن سعى لها ومارسها بتجرُّد؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ لله عبادًا ليسوا بأنبياءَ ولا شهداء، يَغبِطُهم الشهداء والنبيون يوم القيامة؛ لقُرْبِهم من الله تعالى ومجلسِهم منه))، فجثا أعرابي على ركبتَيْه، فقال: يا رسول الله، صِفْهم لنا، وحلِّهم لنا! قال صلى الله عليه وسلم: ((قومٌ من أقناء الناس، من نزاع القبائل تصادقوا في الله، وتحابُّوا فيه، يضعُ الله عز وجل لهم يوم القيامة منابرَ من نور، يخاف الناس ولا يخافون، هم أولياء الله عز وجل الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون))[5].


وبعد أن تكون العَلاقة ذاتَ المصداقية في الله جل جلاله، فإن لها مجموعة من المواصفات التي ينبغي أن تتَّصف بها؛ لكي تتحقق فيها المصداقية، ومنها:
صدق العمل: ويكونُ فيه الولاءُ للقضيَّة التي يؤمنُ بها جميعُ الأطراف والانتصار لها من أولويات العمل، فكم وكم قال العلماء العاملون من الرعيل الأول: "إذا صحَّ الحديثُ فخذوا به، ودعوا قولي".
من منا لم يسمع بهذا الكلام؟
كلنا سمع، وكلنا نتحدث به، ولكن المصيبةَ في التطبيق.

فحين نتبنَّى فكرةً أو سلوكًا ويأتينا آخرون بالدليل، يبدأ عند تلك النقطة التأويلُ، وتغليب المصلحة الشخصية ولَيُّ أعناق النصوص والأدلة، والتكلم بفلسفة ربما لا نعيها نحن أنفسنا قبلَ الآخرين؛ كل ذلك من أجل الانتصار لتلك النفس الأمارة بالسوء، فمن صدقِ العمل الاعترافُ بضعف الإنسان أمام المغريات، يقول الله تعالى: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ [يوسف: 53].

الشفافية: وهي أن يتصرَّف الفردُ مع صاحبِه وكأنه كأس من زجاج يُرى السائل الذي فيه من خلاله، وبالمعنى الفكري: هو مساعدةُ الآخرين على فهم واستشراف التوجُّه الذهني والعملي للفردِ، بحيث لا يضطرُّون للتفسير السلبي، أو الفهم السيئ على الأقل لأي تصرُّفٍ يَبدُرُ منه؛ لأن التفسيرَ السيئ سيضرُّ بالنتيجة بالطرفين.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع إحدى نسائه، فمرَّ به رجل، فدعاه، فجاء، فقال: ((يا فلان، هذه زوجتي فلانة))، فقال: يا رسول الله، من كنت أظن به، فلم أكن أظنُّ بك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان يجري من الإنسان مجرَى الدم))[6].

ولقد عمل السلف الصالحُ بشفافية ليس لها مثيل؛ فلم يعلنوا عنها، بل شهد لهم بها غيرُهم، فولاؤهم لقضيتهم لم يكن يحتاجُ إلى دليلٍ، وهم من يقول الشاعر في أحدهم:
قومٌ إذا غسلوا ثيابَ جمالهم ♦♦♦ لبسوا البيوتَ إلى فراغ الغاسلِ

ومنهم من انشغل بقضيته بمصداقيَّة فاقت حدَّ التصور، حتى نسي كَسْبَه وعيشه، ومنهم من كان يجوعُ حتى يذهب ليَجلسَ قرب الخبَّاز يتقوَّى برائحة الخبز على الجوع!

قَبول النصيحة: فالعَلاقة الحقيقية الصادقة هي التي يُقبل فيها النصيحة، سواء وُجِّهت إلى عظيمِ الشأن، كبيرِ المقام، عليِّ القدر، أم إلى فقيرِ الحال، دنيِّ المنزل، قليلِ الشأن، فقد طلبَ هارون الرشيد وكان أميرًا للمؤمنين أن يقابل الفُضيلَ بنَ عِياض، (فقال لسفيان بن عيينة، أحبُّ أن أرى الفضيل.
قال: أذهب بك إليه إن شئت.
قال: قد شئتُ، فسارا، فلما وقفا بالباب، استأذن سفيانُ على الفُضيل.
قال: مَن هذا؟
قال: سفيان (ابن عُيَيْنة).
قال: يدخل.
قلت: ومن معي؟
فقال: ومن معك.
فلما دخلا قال سفيان: هذا أميرُ المؤمنين هارون الرشيد.
فقال له الفضيل: وإنك لهو يا جميل الوجه! أنت الذي ليس بين الله وبين خلقه أحد غيرك؟ أنت الذي يُسأل يوم القيامة كل إنسان عن نفسه، وتُسأل أنت عن هذه الأمة؟
قال: فبكى هارون الرشيد)[7].

والنصيحة تقدم لكل فرد، كبيرًا كان أم صغيرًا، عالمًا كان أم جاهلاً، فليس هناك أحد في غنًى عن النصيحة، وهذا ما كان يُؤكِّد عليه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حين يَطلُبُ من الصحابة أن يشيروا عليه في كثير من المواضع، يقول ابن حميدس:
لي صديقٌ محْضُ النصيحة كالمر
آةِ إذ لا تريك منها اختلالاَ

فَتُريكَ اليمينَ منك يمينًا
بالمحاذاةِ والشمالَ شمالاَ


ولا بد لمن يَنصَحُ أن يفهم أصولَ النصيحة؛ فليس كلُّ الناس يقبلون النصيحة بطريقة واحدة، ما يعني: أن نفهمَ طبائع الآخرين، وعلى ضوئها نتصرَّفُ، ويمكن تقسيمُ الناس في ضوء قبولهم للنصيحة إلى:
مَن يَتقبَّلُ النصيحة المباشرة، وباللين، وباللفظ الصريح، وبشكل واضح، ولا يتحرَّجُ من ذلك.

من يحب أن يُنصح تلميحًا وليس تصريحًا.

البعض يستحسن نصيحتهم بشكل غير مباشر؛ كأن نهديَهم كتابًا يتضمَّنُ تفاصيل الموضوع الذي نرغَبُ في الكلام عنه معهم.

منهم مَن يُؤثِّر فيه أسلوب الودِّ والرِّفق، ومنهم مَن لا ينفع معه إلا أسلوب القوة.

بعض الناس لا ينفع أن ينصحهم أشخاص بعينهم؛ بسبب نَزعة نفسية تجاههم، أو قضية شخصية، أو أن الناصح من النوع الذي لا يروقُ لهم؛ لذلك وجب تكليفُ آخرين لنصحهم.

والنصيحة بذاتها ينبغي أن تتوفَّر فيها مجموعة من الصفات؛ لتكون نصيحةً إيجابية ومؤثرة فيمن تقدم لهم، ومنها:
أن تكون لوجه الله جل جلاله: لأنها إن كانت لغير الله جلَّ جلاله، أصبحت (فضيحةً) وليس نصيحةً، فقد يستثمِرُ بعضُ الناس النصيحةَ للتجريح أو التشهير بالمنصوح، لحاجاتٍ نفسيَّة أو شخصية في نفس الناصح تجاه مَن يَنصَحُه، فإن نتائج النصيحة متعلِّقة بمدى صدق نية الناصح، يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))[8].
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 102.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 101.22 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.67%)]