الداعية بين اللين والشدة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1369 - عددالزوار : 139960 )           »          معالجات نبوية لداء الرياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          التربية بالحوار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          صور من فن معالجة أخطاء الأصدقاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          في صحوةِ الغائب: الذِّكر بوابة الحضور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          آيات السَّكِينة لطلب الطُّمأنينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم, العالم. علام الغيوب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          سبل إحياء الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          التساؤلات القلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الحب الذي لا نراه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-03-2020, 03:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,143
الدولة : Egypt
افتراضي الداعية بين اللين والشدة

الداعية بين اللين والشدة
د. هند بنت مصطفى شريفي





على الداعية إلى الله أن يعرف بوضوح أن رسالته التي يحملها إلى الناس، هي رسالة رحمة، كما أخبر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107][1]، وحين يستوعب الداعية ذلك، يتعمق في نفسه الإحساس بالتيسير على الناس والرفق بهم، فالله تعالى لا يريد بعباده إلا اليسر، كما قال تعالى﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185][2]، وهو تعالى رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على الشدة والعنف، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه))[3]. [4]

ولكن هذا الرفق المأمور به الداعية، لا يعني التساهل مع المدعوين أو مسايرتهم دائما فيما يريدون، بل إن مراعاة المدعو أحيانا ومصلحته تتعلق بمنعه من الخطأ، والأخذ على يديه بالشدة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (( انصر أخاك ظالما أو مظلوما)). قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلومًا فكيف ننصره ظالما؟ قال: (( تأخذ فوق يديه))[5].

كما بين النبي صلى الله عليه وسلم أن أقواما يجبرون على الدين، ويشدون إلى الجنة بالسلاسل، فقال(عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل))[6].

فإذا علم الداعية أن عامة مصالح النفوس في مكروهاتها، كما أن عامة مضارها وأسباب هلكتها في محبوباتها كان للمدعوين مثل الأب الشفيق على ولده، العالم بمصلحته، إذا رأى مصلحته في إخراج الدم الفاسد عنه، شق جلده، وقطع عروقه، وأذاقه الألم الشديد، وإن رأى شفاءه في قطع عضو من أعضائه، أبانه عنه[7]، كل ذلك رحمة به، وشفقة عليه، كذلك يمنعه كثيرا من شهواته، حمية له ومصلحة لا بخلا عليه[8].

ومراعاة المدعوين بين اللين والشدة، من واقعية الدين الإسلامي، فهو يقر التفاوت النظري والعملي بين الناس، فليس كل المدعوين على درجة واحدة من قوة الإيمان والالتزام بما أمر الله تعالى من أوامر، والانتهاء عما نهى عنه من نواه[9]، فبعض الناس يفتح الرفق مصارع قلوبهم، ويمتلكها الإحسان، وفي الوقت ذاته فإن (الهجر لبعض الناس أنفع من التأليف، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوما، ويهجر آخرين... كما أن المشروع في العدو، القتال تارة، والمهادنة تارة، وأخذ الجزية تارة، كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح)[10].

(والائتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم في وعظ أهل الجهل والمعاصي والرذائل واجب، فمن وعظ بالجفاء والاكفهرار، فقد أخطأ وتعدى طريقته صلى الله عليه وسلم،.. ومن وعظ ببشر وتبسم ولين، وكأنه مشير برأي، ومخبر عن غير الموعوظ، بما يستفتح من الموعوظ، فذلك أبلغ وأنجع في الموعظة.. وأما الغلظة والشدة، فإنما تجب في حد من حدود الله تعالى، فلا لين في ذلك للقادر على إقامة الحد خاصة)[11].

والمواقف التي تحلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق أكثر من أن تحصى، فهي الأغلب في أحواله، مقارنة بالمواقف التي تحلى فيها صلى الله عليه وسلم بالشدة، ومن شواهد ذلك في غزوة الفتح: إعراضه عن قبول إسلام ابن عمه أبي سفيان بن الحارث وصهره عبد الله بن أمية بادئ الأمر، حتى إذا استوثق من صدق رغبتهما في الإسلام وأشفق عليهما، قبل ذلك منهما[12]، وأمره بقتل ابن خطل وهو معلق بأستار الكعبة[13]، كذلك أمره بقتال من نقض الأمان من أهل مكة، حينما لم يرعوه وبادؤوا المسلمين بالقتال[14].


[1] سورة الأنبياء آية 107.

[2] سورة البقرة جزء من آية 185.

[3] صحيح مسلم كتاب البر والصلة والآداب باب فضل الرفق 4/2003 ح 2593.

[4] انظر الدعوة قواعد وأصول ص 56.

[5] صحيح البخاري كتاب المظالم باب أعن أخاك ظالما أو مظلوما 3/98.

[6] سبق تخريجه ص 163.

[7] أي: قطعه .الفوائد ص 120.

[8] بتصرف، الفوائد ص 120- 121.

[9] بتصرف، الخصائص العامة للإسلام ص 157.

[10] باختصار، الفتاوى: ابن تيمية 28/206.

[11] باختصار، الأخلاق والسير في مداواة النفوس ص 62.

[12] انظر قصتهما ص 113.

[13] الحديث سبق تخريجه ص 131.

[14] الحديث سبق تخريجه ص 123.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.24 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.34%)]