|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() فوضى الكرامات الشيخ طه محمد الساكت لا نزال من حين إلى حين تثورُ ثوائر الجدل في كرامات الأولياء، بين المُثْبِتِينَ والمنكرين، وليست هذه الثوائر بالأمر الجديد، ولا بالشيء العجيب حتى نفيض القول فيها، فقد فرغ العلماء والباحثون من إحقاق الحق، وإبطال الباطل، وأضحى القولُ في إثباتها حديثًا معادًا، غير أن الذي يستثير العجب، ويدعو إلى الدهشة! هذه الفوضى التي نجدُها ماثلةً في سير الشيوخ، ومناقب المتصوفة، لا تجد كتابًا من هذه الكتب - وما أكثرها - إلا أعياك إحصاء الكرامات فيها، ويأبى أصحاب هذه الكتب ومؤلفوها إلا أن تصدِّقَهم في كل ما جمعوا، وإلا كنت مبغضًا للأولياء، عدوًّا لهم، ولو أن الأمر قد وقف بهؤلاء عند حد الرواية والقصص لَهان الأمرُ، ولكنهم يتجاوزون الكرامات إلى المعجزات، بل إلى ما هو من خصائص الله في سلطانه! ولقد قرأتُ في بعض هذه المؤلفات: أن الشيخ الفلاني ما زال يرقَى، وينتقل من مقام إلى مقام، حتى أمات وأحيا، وأضحك وأبكى، وأفقر وأغنى! فإذا لم يكن هذا كفرًا صُراحًا، فما هو الكفر إذًا - والعياذ بالله -؟ منذ أيام أطلعني أحد الفضلاء على هذه العبارة في السيرة الخليلية "أن الشيخ أبا خليل يَصِحُّ أن يقال عنه: إنه نبي"، قالها أحد الأقباط الذين زاروا الشيخ من أجل مريض له أعيتْهم فيه الحيلُ، فبشرهم الشيخ بشفائه، فقال هذا القبطي - وهو من كتَّاب النيابة -: "إنه لا يفعل ذلك إلا نبي". نحن لا نُنكِرُ على الصالحين فضلَهم وبركتهم، ولا ما منحهم الله من فراسة صادقة، وكرامة طيبة، ولا ننكر على القبطي أن يقول: إن فلانًا نبي، أو يصحُّ أن يكون نبيًّا؛ فقد قال ما هو أعظم من ذلك وأشد، ولكننا ننكر أشد الإنكار على مريدٍ يستريح لهذا الكفرِ ويطمئنُّ إليه، ويقرُّه ولا ينكره، ينكر أن يكون في هذه المؤلفات الضالة هذا التغالي المقيت البغيض، الذي يصور المشايخ في صور الأنبياء، بل يعطيهم من الصفات ما هو خاص بالله العزيز القهار، ولقد كنا نقنع ممن يسمع أمثال هذا الكفر، وممن يؤلف هذه المناقب - بكلمة إنكار، بدل صحائف الإقرار، كنا نودُّ أن يقال لهذا القبطي: قِفْ عند حدِّك؛ فإن لكلٍّ مقامًا لا يعدوه، وطورًا لا يتجاوزه، ليس هناك نبي بعد خاتم النبيين محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، ومن اعتقد ذلك أو أجازه أو صححه، فقد كفر بما أنزل الله، وهو في الآخرة من الخاسرين، ألا إن أولياء الله - حقًّا - أول من ينكرون هذا التغالي، ولا يقرونه، ولا يرضون عن الكذابين المغالين، ولا يسمحون بنشر هذه القصص وأمثالها، ولا يَتَّجرون بالكرامات، بل يَفِرُّون منها، ويحذرون من التحدُّثِ بها، شغلتْهم تقوى الله والزلفى إلى الله عن كل ما سواه ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 62، 63]. على رِسْلِكم يا قوم، اتئِدُوا، وتبصَّروا، وتفقهوا في دين الله، فمن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، ثم اعلموا أن حب أولياء الله من الإيمان، وأن بغضهم ومعاداتهم من الكفر والطغيان، ومن بُغضِهم ومعاداتهم نسبةُ الكذب إليهم، وادِّعاءُ النبوة أو خصائصها لهم، مهما أوَّل المتأوِّلون، وكذب المتكلفون، وقديمًا أفرط فريق في عليٍّ كرم الله وجهه فكفروا، وفرَّط فريق فيه ففسقوا؛ فاحذروا ثم احذروا من أن تكونوا من هؤلاء وهؤلاء، واسلكوا سبيلَ الجدِّ والاستقامة، واسألوا الله وحدَه الفضل والكرامة، وقولوا: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 147]. المصدر: مجلة الإسلام، العدد 18، بتاريخ 16 رجب سنة 1363، 7 من يوليه سنة 1944
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |