|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() وجوب الاتباع وذم الابتداع محمد حلمي حمد دروس في الإيمان (1) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبِه أجمعين. روى الإمام أحمد في مُسنده عن الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: خطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا خطًّا وقال: ((هذا سبيل الله مستقيمًا))، ثم خطَّ خطوطًا عن يمين الخط ويساره وقال: ((هذه سُبُل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه))، ثم تلا: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153]. فبيَّنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن سُبُلَ الضلال كثيرة، ونهى عن اتِّباع تلكم السبل وحذَّرَنا إياها، وبيَّن في الحديث أن طريق الحق واحد؛ هو سبيل الله وصراطه المستقيم، وأمر باتِّباعه. وقد ذكر العلماءُ عند قوله تعالى: ﴿ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [البقرة: 257] أنه سبحانه وتعالى جَمَع الظُلمات وهي طُرُقُ الباطل فقال: (ظُلمات) ولم يقلْ (ظُلمة)، وأفرَدَ النور فجعله واحدًا، وهو طريق الحق، فدلَّ ذلك أن طرُق الباطل كثيرة، وطريق الحق واحدٌ. ولا نجاة للعبد إلا بتركه لطرق الباطل على كثرتها، واتِّباع سبيلِ الحقِّ على قلَّة أصحابه وغُربة أهله، وقد سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم: عن ذلك الطريق والسبيل بعد أن بيَّن لأمَّته أنها ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلُّها في النار إلا واحدة؛ فقال: ((ما أنا عليه وأصحابي))؛ رواه الترمذي؛ أي: الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، وأن من كان على ما كانوا عليه فهو من الفرقة الناجية من بين كل الفِرق. وصَحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أصدق الحديث كتاب الله عزَّ وجلَّ، وأحسن الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم))؛ رواه مسلم، فلا يشكُّ مُسلمٌ أنه لا أصدقَ مِن كتاب الله ولا أحسن هديًا من هدي نبي الهدى صلى الله عليه وسلم، وهذا فلاح العبد في الدارين؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴾ [النساء: 69]. ثمَّ حذَّرنا النبي صلى الله عليه وسلم الابتداع في الدين، وأظهَر لأمَّته مِن بعده أن الداء المُبيرَ المهلِكَ هو المُحدَثات، فقال: ((وشر الأمور مُحدثاتها، وكل مُحدثةٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار))؛ رواه مُسلم، والمُحدَثات في الدين تَشملُ الأعمال والأقوال والمعتقدات التي لا دليل عليها من الشرع، وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم - واصفًا حال الأمة بعده - أنه سيكون اختلافٌ كثيرٌ، وصَف لهم الدَّواء وهو قوله: ((فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين))، وقوله: ((وإن شرَّ الأمور مُحدثاتها...))، وبهذا يظهر أن أعظم أسباب التفرُّق هو ترك السُنَّة واتِّباعُ البِدعة. واعلم أنَّ الابتداع في الدين أمرٌ خطير، ليس باليَسير؛ وذلكَ أنَّ الدِّين قد كَمُل، لا نقصَ فيه، ولا شائبة تشوبه، وقد بلَّغ نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلَّم الرسالة، وأدَّى الأمانةَ، فمن ابتدع بدعة في الإسلام يراها حسنةً فكأنه يقول: إنَّ الدين ناقصٌ لم يَكتمِل، وإن محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يُبلِّغ الرسالة، حاشاه! قال الإمام مالك إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأعلام: مَن ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنةً فقد زعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خانَ الرسالة؛ لأنَّ اللهَ يقول: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [المائدة: 3]، فما لم يكن يومئذٍ دينًا فلا يكون اليوم دينًا؛ "الاعتصام للشاطبي". قال الإمام المفسِّر ابن كثير عند قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]؛ هذه الآية الكريمة حاكمة على كلِّ مَن ادَّعى محبَّة الله وليس هو على الطريقة المحمدية؛ فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتَّى يتَّبع الشرع المحمديَّ والدين النبويَّ في جميع أقواله وأحواله. وقد ذكرَ الآجُرِّيُّ في كتابه "الشريعة" قصةَ شيخٍ لقيَ ابنَ أبي دُؤاد - وهو مِن رؤوس المبتدعة - وكان ذلك أمام الخليفة الواثق - أحد خلفاء العباسيين، وكان الواثق من الذين تأثَّروا بعقيدة ابن أبي دؤاد الزائغة، والشيخ سجينٌ عند الخليفة بسبب ثباته على دينه وعقديته وعدم تأثُّرِه بعقيدة ابن أبي دؤاد، فأقبل الشيخ على ابن أبي دُؤاد - رأس المبتدعة - وسأله: أخبرني عن هذا الأمر الذي تدعو الناس إليه، أشيءٌ دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، قال: فشيءٌ دعا إليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعده؟ قال: لا .... إلى أن قال له الشيخ: فشيء لم يَدْعُ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان رضي الله عنهم؛ تدعو أنت إليه الناس؟! فبُهت رأسُ المبتدعة أمام الخليفة. وحاشا لله سبحانه صاحب صفات الكَمال والجَلال أن يُنزل دينًا وشرعةً خاتمة كافة للناس ثم يعتريها النقص. وخلاصة الكلام: أن مصدر المعرفة في مسائل الإيمان والدين هو كتاب الله القرآن العظيم وسنَّة نبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم، وأنَّ أيَّ خروج عنهما بدعةٌ وضلالةٌ، وأنَّ خيرَ مَن فهم كتاب الله وسنَّة نبيِّه هم سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، فما كان عندهم دينًا فهو الدِّين، والحمد لله ربِّ العالمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |