
01-03-2020, 02:11 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,603
الدولة :
|
|
العزلة والتفرغ للعلم
العزلة والتفرغ للعلم
بدر بن جزاع بن نايف النماصي
جاء في القاموس المحيط في فصل العين: "عزله يعزله وعزله فاعتزل وانعزل وتعزل: نحاه جانبًا فتنحى، وتعازلوا: انعزل بعضهم عن بعض، والعُزلة، بالضم: الاعتزال"[1].
قال ابن مفلح المقدسي - رحمه الله -: "وقال الحسن بن محمد بن الحارث: قلت لأبي عبدالله: التخلي أعجب إليك؟ فقال: التخلي على علم، وقال: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم))، ثم قال أبو عبدالله: رواية شعبة عن الأعمش ثم قال: من يصبر على أذاهم؟!"[2].
ونقل ابن مفلح المقدسي في موضع آخر فقال: "قال القاضي أبو الحسين: إنه نقل من الجزء الثالث من الأدب تأليف المروذي قال: قال أبو عبدالله أحمد بن حنبل: كفى بالعزلة علمًا، وإنما الفقيهُ الذي يخشى اللهَ، وهي اختيار أبي عبدالله بن بطة"[3].
ثم نقل ابن مفلح - رحمه الله - عن ابن الجوزي فقال: "وقال أبو الفرج بن الجوزي: ليس في الدنيا أطيب من تنزُّهِ العالم بالعلم، فهو أنيسه وجليسه، وقد قنع بما يسلَمُ به دِينه من المباحات الحاصلة، لا عن تكلف ولا عن تضييع دِين، وارتدى بالعزلة عن الذل للدنيا وأهلها، والتحف بالقناعة باليسير إذا لم يقدر على الكثير، فيسلَم دِينه ودنياه، واشتغاله بالعلم يدله على الفضائل، ويفرجه في البساتين؛ فهو يسلم من الشيطان والسلطان والعوام بالعزلة".
واشترط ابن الجوزي - رحمه الله - شرطًا أساسيًّا لمن اختار اعتزال الناس، وهو التفرغ للعلم، فقال: "ولكن لا يصح هذا إلا للعالم؛ فإنه إذا اعتزل الجاهلُ فاته العلمُ فتخبَّط" [4].
وينبغي على المتعلم أن يحرص على اغتنام وقت الفراغ بتحصيل العلوم النافعة، التي تزيد من تحصيله العلمي، أشار إلى ذلك ابن مفلح فقال: "ولكن ينبغي اغتنام أوقات الفراغ؛ فإنه أقرب إلى حصول المقصود، وقد صح عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس؛ الصحة والفراغ))؛ رواه البخاري من حديث ابن عباس، وذكر أبو حفص النحاس قول بعض الحكماء:
بادِرْ إذا الحاجاتُ يومًا أمكَنَتْ 
بورودِهنَّ مواردَ الآفات"[5] 
[1] الفيروز آبادي، مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب. القاموس المحيط. تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف: محمد نعيم العرقسوسي. مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان. ط8. 1426 هـ - 2005 م. فصل العين. ج1. ص1031.
[2] المقدسي، محمد بن مفلح. الآداب الشرعية. (مرجع سابق). ج4. ص118 - 119.
[3] (المرجع السابق): ج4. ص119.
[4] (المرجع السابق): ج4. ص120.
[5] المقدسي، محمد بن مفلح. الآداب الشرعية. (مرجع سابق). ج1. ص285.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|