حتى يميز الخبيث من الطيب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1430 - عددالزوار : 141365 )           »          معالجات نبوية لداء الرياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          التربية بالحوار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          صور من فن معالجة أخطاء الأصدقاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          في صحوةِ الغائب: الذِّكر بوابة الحضور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          آيات السَّكِينة لطلب الطُّمأنينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم, العالم. علام الغيوب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          سبل إحياء الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          التساؤلات القلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الحب الذي لا نراه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-02-2020, 01:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,204
الدولة : Egypt
افتراضي حتى يميز الخبيث من الطيب

حتى يميز الخبيث من الطيب


د. حسام الدين السامرائي




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلِّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم في الصحيح من حديث أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إني لم أومر أن أُنقِّب عن قلوب الناس ولا أشقَّ بطونهم))، رسالة يُوجِّهها النبي عليه الصلاة والسلام لخيرة أصحابه وللأمة من بعدهم، أنه ليس من مهمَّتكم التفتيش عما في السرائر، والبحث عن مكنونات الصدور، وإصدار الأحكام على هذا أو ذاك، فتَصِفونه تارة بالمنافق، وتارة بالخائن، وأخرى بالعميل، ورابعة بالمأجور، حتى قال صلى الله عليه وسلم لحِبِّه وابن حِبِّه أسامة بن زيد يوم أن قتَل رجلاً لاذ بكلمة التوحيد، فقال: ((أشققتَ عن قلبه؟))، وكأنه عليه الصلاة والسلام يؤكِّد أن مفهومَ الحُكْم على الأمور لا بد أن يبقى على ظاهره، وليس للظن ولا غالبه مَحلٌّ في بيان تصنيف الناس مهما كان تقوى وورَع وعِلْم الحاكم بالأمور، فخير جيل وصَف حاطبَ بن أبي بلتعة رضي الله عنه بالمنافق بالقرينة التي رأوها، ومع ذلك فقد كان الحُكْم خاطئًا؛ فقال صلى الله عليه وسلم مصوِّبًا لذلك الحكم: ((وما يُدريك لعل الله اطَّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتُم، إني قد غفرتُ لكم))، فما بالك لو تُرِك الأمر لحُكْم مَن يحكم من بعدهم في وصْف الناس وتصنيفهم على أساس الخيانة والنفاق وغير ذلك من مصطلحات التسقيط؟

إن ظاهرة النفاق والعمالة والخيانة لم تكن معروفة في الأمة قبل معركة بدر، فكانت هذه المعركة هي الفُرْقان بين الحق والباطل، وعلى إثرها برَز مشروعُ النفاق، وبدتْ بوادر صراع من نوع جديد، لم تَعرِفه الأمة مُسبقًا، ورغم الكثير مما كشفه ربنا - سبحانه وتعالى - لرسوله من أمور الغيب، فتعرَّف على ما في القبر وحذَّر أمتَه، وما في الجنة ورغَّب أمته، وما في النار فزجر ونهى، وغير ذلك من أمور الغيب التي أَطلَعه الله عليها؛ فإن معرفة النفاق وبيانه جعله الله خصوصية من خصوصياته هو - سبحانه - فحسب، فقال - جل في علاه -: ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ﴾ [التوبة: 101]، وضَعْ إشاراتٍ كثيرة تحت قوله - سبحانه -: ﴿ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ﴾ [التوبة: 101]، رغم أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام كانت عنده قائمة بأسماء المشهورين بالنفاق، فخصَّ بها حذيفةَ بن اليمان رضي الله عنه صاحب سرِّه، حتى كان بعض الصحابة يسألون حذيفة رضي الله عنه: هل سماهم رسولُ الله عليه الصلاة والسلام ضِمْن المنافقين أم لا؟

وبعد هذه المقدمة لا بد من سؤال مهم، وهو: هل المطلوب أن يبقى النفاقُ في داخل صفوف الأمة دون أن نُميِّزه؟ هل المراد أن يبقى المرجِفون والمأجورون وأصحاب المشاريع الخارجية يعيشون بيننا دون أن نُفشِل مشاريعَهم أو نفضح مخططاتِهم؟

وهنا يأتي الجواب الرباني الإلهي فيقول - جل في علاه -: ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ ﴾ [آل عمران: 179]، تأمَّل في تَكرار عبارة ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ ﴾ في الآية السابقة لتعلمَ أن الأمر بيده هو - جل في علاه - فالله عز وجل هو مَن تكفَّل بفضح وكَشْف وبيان زيف المنافقين والمخذِّلين والخائنين والمأجورين، وذلك بنصب غرابيل القَدَر التي يُحكِمها - سبحانه - عند المحن والفتن؛ لتتمايز الصفوف، ويزول الغَبَشُ، وتتَّضِح المواقف والصور.

قال - جل وعلا -: ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 1 - 3]، وقال - سبحانه -: ﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ﴾ [محمد: 30]، وقال - عز من قائل -: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾ [آل عمران: 166، 167].

أيها الأحبة، أمتُنا اليوم تَمُر بهذه المرحلة، مرحلة التصفية والتمايز والاصطفاف الواضح، وكأن غربال القَدَر قد نُصِب لتتمايز الصفوف بين الصحيح والمعطوب، أو السليم والمضروب، أو الصالح والطالح، أو النافع والضار، أو الصادق والكاذب.

مرحلة التمايز التي نعيش أيامها هذا الزمان، ربما ستكون طويلة، وربما ستكون باهظة الثمن، وربما ستكون لها آثارٌ مؤلِمة وجروح غائرة، لكن لنكن على يقين أن نتائجَها على مشروع الأمة عظيمة وكبيرة، وهي مرحلة لا بد منها، فلو تأمَّلنا ما نزل من آيات في غزوة أحد (معركة الجراح والآلام)؛ حيث قال - جل في علاه -: ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ﴾ [آل عمران: 172]، فسمَّاه ربنا - سبحانه - قَرْحًا وجرحًا وألَمًا، وفيها تمايزت الصفوف ففريق: ﴿ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ ﴾ [آل عمران: 167]، وقالوا: ﴿ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ﴾ [آل عمران: 168]، وفريق آخر: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ﴾ [الأحزاب: 23].

وفي غزوة الأحزاب وقد كان المشهد مؤلِمًا كذلك، ويُصوِّره القرآنُ الكريم بقوله - سبحانه -: ﴿ إِذْ جَاؤُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 10، 11]، وفيها تمايزت الصفوف؛ ففريق قال: ﴿ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الأحزاب: 12]، وفريق: ﴿ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].

وفي غزوة تبوك تتنزَّل سورة التوبة، والتي تُسمَّى بـ: (الفاضحة)، التي فضحتْ كلَّ أولئك المتخاذِلين المنافقين الخائنين، رُغْم قلة عددهم مقارنةً بجَمْع المجاهدين المقاتلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى أهلُ السير أن عدد الصحابة قريبٌ من ثلاثين ألف مقاتل، بينما لا يزيد عدد المخلَّفين عن مائة، لكن قليل النجاسة قد يؤثِّر على كثير الطهارة؛ فقال - جل في علاه -: ﴿ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [التوبة: 47]، فأراد الله أن يُميِّزهم عن غيرهم، فقال - عز من قائل -: ﴿ وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾ [التوبة: 46].

لا يأتي نصرٌ ولا يتنزَّل في صفوف مختلِطة؛ خبيثها بطيبها، وطالحها بصالحها، وسقيمها بصحيحها، هكذا تُعلِّمنا قصة طالوت؛ قال الله - سبحانه -: ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [البقرة: 249 - 252]، حتى يأتيَ زمان يكون الناس فيه على فُسطاطين، فُسطاط إيمانٍ لا نفاقَ فيه، وفُسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان كذلك، فانتظر الدَّجَّالَ من يومه أو غده، أو كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم.


هذا، والله من وراء القصد، وصلى اللهُ على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.08 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.16%)]